دراسات نقدية

 

الفطحل: محاكاة ساخرة، كتاب جديد للدكتور زهير ياسين شليبه

 

 

 

إصدار مركز الحضارة العربية في القاهره

 

الشاعره رُلى اللحام تكتب عن رواية الفطحل للدكتور زهيرياسين شليبه 

ليس غريبا على الكاتب  زهير شليبه أن يحوّلنا إلى شخصيات تتحرك داخل الصفحات أو على الأقل نشبهها نوعاما.

هذا ما ألمسه كلما أغوص في كتابات هذا المؤلف القريبة إلى قلبي.

الفطحل رواية جعلتني أشعر بتلك الحميمية والدفء الذي افتقدناه وأصبح بعيدا عنا في غربتنا هذه.

حوارات وتصورات وخيالات أبدعَ فيها الكاتب وشدّني لأكون مع كل الشخصيات والأبطال الذين رسمهم بشكل دقيق وحقيقي بدون أن يفقد التلقائية والعفوية.

وأنا كقارئة لا اكتفي بمجرد قراءةقصة تقع بين يديّ أو لمجرد الهواية إنما أبحث عن هذا النوع الخاص المميز لهذه الحبكة والقدرة على التعبير والنسج الذي يوقعني في أسره و يجعلني أقلق لهذه المضامين الحيوية المحيرة والقصص الدافئة لأنها تسرح بخيالنا إلى ماضينا وذكرياتنا  وأحداثنا التي مضت ولم تمضِ.

فعادةً عندما أقرأ بعض القصص يعتريني شعور من الملل بسبب تكلف اللغة أو التصنع والمبالغات والمثاليات وكأن الكاتب يضع نصب عينيه هدف خاص به: أن يبرز كل مالديه من ثقافة عالية في لغة صعبه، رفيعه، منمّقة، مليئة بكلمات فصحى حتى في حديث الناس. 

على الضد من هذه الكتابات وجدت رواية الفطحل تتميز بلغة يسمونها السهل الممتنع والبساطه وباسلوبها الخاص بالكاتب، الذي يأخذ بيد القارىء ويجعله يعيش في أجوائها وبهذا يدخل المؤلف الى قلوب القراء.

أنا شخصيا فعلا كنت أحس بنفسي كأني أعيش هذا الجو وأتنفس هواءه، وبخاصة عند عودة البطل الفطحل في الحلم طبعا إلى أهله ودياره بعد غربة طويلة حيث الحوارات بين أفراد العائلة.

وهنا أحب أن أُبدي رأيي بشيء مهم في هذه الرواية وهو أني تعاطفت مع البطل كإنسان مسالم وغريب عن أهله رغم أن الكاتب يصوره على أنه طفيلي لكن بوديّه كما قلت. 

حالة الحلم هذه من اللحظات الرومانسية التي عشتها كقارئة للفطحل وأعتقد أن القارىء يستمتع بأجواء الرؤيا واللقاء العائلي الحميمي وتوزيع الهدايا.

مَنْ منا لم يعش هذه اللحظات في حياته الواقعيه.

من هنا شعرت أن الفطحل كتاب مشوق عندما يبدأ القارىء بقرائته يرغب بإنهائه. 

هذه الحوارات يمكن أن تحدث في كل العوائل العربية وأنا كفلسطينية لم أشعر بإستحالة فهم السخرية المكتوبة بالعراقية العامية.

هي في الحقيقة عامية مفهومة بالنسبة للكثير من العرب باستثناء مقاطع معينة.

تلك اللغة الهزلية الجدية بين الشخصيات والعامية العراقية والشامية والمصرية في بعض الأحيان تدخل أعماق القارىء بسرعة لكونها صادقه وحيويه وتساهم في رسم الصورة الحقيقيه للمشهد الذي تراه أمامك بالفعل. 

وفي كل مرة كنت أقرأ فيها مقطعا كنت أتفاجىء بمفردات معينة تجعلني ابتسم أو أضحك.  

أشعر بالفرح عند قرائتي لهذه النصوص لأني وبكل بساطه أجد نفسي فيها والكثير من الناس حوالينا يشبهون شخصياتها مع بعض الإختلافات.

لفت انتباهي وأنا اقرأ هذا الكتاب مابين السطور حيث هناك قوة الجذب المغناطيسي، إن أردنا أن نعبر مجازا، الذي يشدني إلى شيء أكثر من الإستمرارية، أريد أن أسميه اللاتوقف وإلى الضحك المفاجيء بصوت عال او الإبتسامة العريضة بعد كل جملة أو فقرة.

كل هذا تم بفضل الأسلوب وتكوّن المشاهد الرائعة عن مجتمعاتنا. إنها صورة جميلة لكنها ربما أليمه في نفس الوقت، صورة دقيقة ولا أريد أن أقول طبق الأصل عن واقعنا وناسنا ومكاننا وزماننا وكلامنا وحوارنا.

الحوار هنا فعلا قريب الى العامية اليومية لكنه مفهوم ومقبول في الكتابة وهذا أمر مهم في القصص. طبعا أصبحنا نفهم لهجاتنا العربيه بحكم المسرحيات والفضائيات والعلاقات. هناك حالات عصية الفهم لكنها في كل الأحوال قريبة الى القلب ويمكن فهمها واستلطافها بل واستخدامها فيما بعد.

 أخيرا أود أن أشير هنا إلى أن الكاتب صحيح ينتقد الزيف ويسخر من تصرفات بعض أبطال القصه لكنه يحيطهم جميعا بحب دافىء ويقدم انتقاده لهم بطريقه وديّه فهو كما قال في إهدائه:

إلى أبطالي، معكم أسخر لا منكم.


 

 

Google

 في بنت الرافدينفي الويب

 

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 © حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين

Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.

info@bentalrafedain.com