دراسات نقدية

 

ألأفق نافذتي

"لمحات من الشعر الوطني"

عبد اللطيف الأرناؤوط / دمشق

  في ديوانه " الأفق نافذتي " ، يواصل الشاعر يحيى السماوي احتجاجه ضد برابرة العصر من طواغيت وغزاة محتلين وتجار حروب وأزمات وأصحاب حوانيت سياسية .فمنذ غادر وطنه ، ببراءة البدوي وانتفاضته لكرامة وطنه الذبيح ، وهولا يكف عن الصراخ ،داعيا أبناء شعبه في العراق ـ قبل سقوط الطاغية ـ أن يقوموا بأنفسهم بتحريره، وألآيكلوا أمره للدخلاء والطامعين ، ولم يكن يدورفي خَلده ، على صفاء سريرته ، أن يكون تحريرالوطن شمّاعة يعلّق عليها العملاء والمتاجرون بحرية الوطن ، معاطف أطماعهم ، وأن السياسة عالم أرحب من نقاء ضمير شاعر ينشد الحرية ...

 فوجئ السماوي أن الغزاة لم يكونوا أرحم من الحاكم المستبد.. وما كان الذي وقع لوطنه في حسبان شاعرلم يقرأ أبجدية السياسة ولا عرف خبثها .كان السماوي صاحب حلم نبيل ، وكان أدعياء الوطنية أصحاب مشاريع استثمارية في سوق السياسة، فليس غريبا أن بدا الشاعر السماوي في ديوانه هذا ، محبطا يائسا ضائع الخطى ، ولا يملك غير هذه الصفحات وقلمه الذي يجسد حلمه ببراءة البدوي ، فإذا به يكتشف أن القلم الذي ما خط حرفا إلآ لحرية الوطن ، يغدو جزءً من الإعلام السياسي الذي يخدم مصلحة الطامعين ممن يتنشقون رائحة النفط على بعد آلاف الكيلومترات ، وتتخطى شركاتهم كل الحدود لترسم للعالم المستقبل الأسود ...فالسماوي ، في كل دواوينه السابقة ، كان يعتقد أن نظام صدام حسين هو أسوأ الأنظمة ، قبل اكتشافه ، أن الإحتلال هو الأسوأ .

 

 يبدو أن صلة السماوي بالبداوة عريقة النسب ،ولا عجب في ذلك ، فهو ابن بادية السماوة التي احتضنت المتنبي الذي لم يجد في الآفاق التي طوّف فيها بديلا من عرارها ، فوقف امام شِعب بوان ليقول :

 

 مغاني الشعب طيبا في المغاني

 

 بمنزلة الربيع من الزمان

 

ولكن الفتى العربي فيها

 

 غريب الوجه واليد واللسان

 

 ومثله الشاعر يحيى السماوي في مغتربه يقول :

 

أنا البدوي لا يُغوي صداحي

 

 سوى عزف الربابة والسواني

 

ودلّة قهوة ٍ ووجاق جمر ٍ

 

 تحلّق حوله ليلا صحابي

 

وبي شوقٌ الى خبز ٍ وتمر ٍ

 

 كما شوق الضرير ِإلى شهاب ِ

 

وللبن ِ الخضيض وماء كوزٍ

 

 وظلّ حصيرة ٍ في حرّ " آب "

 

فطرنا قانعين بفقر ِ حال ٍ

 قناعة ثغر زق بالحباب

 

أب صلى وصام وحج خمسا

 

 وأم لا تقوم عن الكتاب

 

وأطفال ثمانية أنابوا

 

 عن