شعر

قيامة البلاد

سعد جاسم / شاعر عراقي /  كندا

saadjasim59@hotmail.com

طفل الأبدية

 

بعدَ أَعوامٍ

لاتُشبهُ قمصانَ الثعالبِ

بَلْ تُشبهُ ثيرانَ النواعيرِ

أَو تُشبهُ البلادَ وحروبها.

بعدَ أَعوامٍ

أَنفقها في :

* اللهاثِ من أَجلِ تدبيرِ لقمةِ الوجودِ المرِّ

* تصنيعِ الاطفال – هوَ يُدركُ أَنّهُ بصنعته هذهِ

يختارُ مرايا موتهِ .

* ارضاءِ الزوجةِ التي لم يستطعْ ارضاءها

ربُّ المنافي والجنود

وبعدَ ثلاثٍ وثلاثينَ ميتةٍ

كانَ يموتها كلَّ عامٍ في ذكرى لا دموزي

بَلْ تموزَ القتلِ والتشريدِ والخرابِ الذي لاينتهي .

وبعدَ ثلاثةِ أَحلامٍ ارتكبها ليفلتَ بقلبهِ

من مخالبِ الثعلبِ ومسدساتهِ وشعاراتهِ ووصاياه

ووعودهِ وأَكاذيبهِ و(انخساراتهِ) التي كانَ يبصقها ليلَ نهارٍ:

من اذاعاتهِ الخنانه

وتلفزيوناته الطنانه

وصحفه المهلكة الهلكانه .

بعدَ كلِّ هذا :

اكتشفَ في لحظةِ اشراقٍ غامضةٍ

اكتشفَ خطأَهُ الفادحَ

أَنَّهُ كانَ يعيشُ :

فكرةً

وامرأَةً

وحياةً لا يحبها ..

فقرَّر أَنْ :

* لايفكّرَ بلقمةِ الوجود

ولا بالوجودِ ذاتهِ..

* يتوقّفُ عن صناعةِ الأّطفالِ

لأَنهم أَبداً لاينفعونَ : (هذا ماقالهُ لهُ أَبوهُ مرَّتينِ)

مرةً عندما كبسهُ يمدُّ يدهُ خلسةً

في جيبِ سترتهِ الوحيدة ..

ومرةً عندما كبَسَهُ يتلصصُ عليهِ

وهوَ يحرثُ أُمّهُ في لحظةِ شبقٍ شتوي .

* لايسعى لارضاءِ أَيّما كائنٍ

الاّ الطفلَ الذي :

هوَ..

هواهُ...

وأهواؤهُ

وهواؤهُ

الذي يتنفسهُ الآنَ :

بلا لهاثٍ اسود

او تصنيع أحمق

وبلا مرايا تتشوف برأسهِ

وتنهشهُ شيبةًً شيبةًً

وبلا زوجةٍ أو فكرةٍ أو حياةٍ

لا يحبها ولا.. تحبهُ

وبلا أَخطاءٍ فادحةٍ

وبلا طاغيةٍ

يطاردهُ في الاحلام

أو في التلفزيون .

 

*******

 

هو الآنَ

 

يتوحدُ و.. الطفلَ

الذي هوَ

ويحلّقُ

في أعاليِ الأَبدية.

 

 

* ماوراء الألم *

 

مختنقاً في منفاهْ

وحزيناً كانَ

مثل نهرٍ يتعثَّرُ بجثثِ اخوتهِ الغرقى

في دموعِ فراتهِ الغريق

ووحيداً كانَ

مثلَ طائرٍ لاينام

فجأة............

أومضتْ في رأسهِ الفائرِ

فكرةُ أنْ:

- يكسرَ أقواسَ عزلتهِ

- ويغادرَ أسوارَ ضجرهِ

ذاهباً الى حانةٍ ... يحسُّها حانيةْ

وحينما دخلها

كانَ لايملكُ غيرَ :

* (خفَّةِ الكائن التي لاتحتمل)

- كتابه الاثير – انهُ يحبُّ كونديرا ولايحبُّ حكاياتِ نجيب محفوظ .

* حقيبةٍ شبهِ فارغةٍ الا من مديةٍ للأحتراسِ .

* قميصٍ يذكّرهُ بالبحرِ الذي لم يره سوى في الافلامِ وفي مرآةِ الطائرةِ

التي كانَ هارباً فيها الى ماوراء الالم واقيانوس الاتلانتك .

* ساعةِ جيبٍ عاطلةٍ تعوَّدَ نسيانها دائماً .

* ونقودٍ ما .... تكفيهِ لعبورِ

هذهِ الليلةِ الخانقةِ .

 

* * * * *

وفي الحانةِ التي كانتْ شاسعةً وغامضةً

مثلَ غابةٍ تزدهي باشجارها

اشجارُها : الرؤوسُ الدائخة

والقناني الشرسة

والنساءُ :

* النساءُ اللواتي بانتظار لا أحد .

* النساءُ الضجراتُ من دوراتهن الشهرية .

* النساءُ النافراتُ كلبؤاتٍ لا يستطيعُ ترويضهن َ

ربُّ الفياجرا والخمور ِ .

* النساءُ الحالماتُ باصطيادِ ضحايا الخمرةِ

والفكرةِ

وجنرالات الوهم ِ والاوبئة .

 

* * * * *

وفي الحانةِ

شربَ ...

وشربَ ....

وغنى مع روحهِ :

- كلُّ منفى لعنةٌ

كلُّ منفى خرابْ

معنايِ ياوطني

فوقَ ذاكَ الترابْ .

ثُمَّ رقصَ مثلَ طائرٍ مجروحٍ :

* بطلقةِ الفكرةِ

* ونونِ القسوةِ

* ومخالبِ تجارِ الهويةِ

وباعةِ الوطن .

 

* * * * *

وفي الحانة ِ

اندلعَ – فجأةً – شجارٌ ثملٌ

بينَ انثيين ِ

اختلفتا على مواعيدِ دورتيهما الشهريتينِ

هذا ماقالهُ اركولوجيُّ ثملٌ بمسلته ِ

التي نسيَ الواحا منها في (c- w )

وفجأةً ايضاً ...

أطفأَ نادلُ الحانةِ مصابيحها السكرى

ودخانها القزحي ّ وأنفاسَ زجاجاتها الشرسة ِ

أَطفأها ... ثم ... أَوقدها ... منقنقاً :