مبادرة المثقفين

 من اجل الدستور

 في بلد الثقافة .. دستور بلا ثقافة !

 

سلّمت رئاسة الجمعية الوطنية اخيرا النص النهائي لمشروع الدستور الدائم الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لغرض طباعتها وتوزيعها على الناخبين في ارجاء البلاد.

ونظرة سريعة الى هذا المشروع تبيّن ان الكثير مما كان الرأي العام في بلادنا يريد ارساءه في القانون الاساسي للدولة الديمقراطية المنشودة، قد وجد طريقه اليه بالفعل.

لكنها تظهر ما هو مغاير ايضاً.

فعديدة هي البنود السليمة فيه، التي جرى إثقالها باستدراكات واشتراطات تعطل مضمونها ومغزاها، ان لم تفرغها منهما.

وعديدة هي البنود والعبارات والصياغات، التي تم ادخالها في الوثيقة من دون مسوّغ منطقي ومقنع، ولمجرد ارضاء رغبة ذاتية او مطلب عاطفي لطرف معين نافذ في العملية الدستورية.

وعديدة كذلك هي الافكار والمقترحات والمطالب المبررة، التي كان ضروريا ان يستوعبها مشروع الدستور، ولكنها اصطدمت بدل ذلك بالرفض والاستبعاد، فخلا المشروع منها، وجاء افقر واضعف مما كنا نرجوه ونتطلع اليه سوية مع عامة المثقفين العراقيين والكثرة الكاثرة من ابناء الشعب.

وفي هذا الشأن الاخير يكفي ان نشير، على سبيل المثال لاغير، الى خلّو الوثيقة من اي اشارة الى المطالب العديدة المتعلقة بالابواب والفصول والمواد المختلفة في مسودة الدستور، التي حملتها "مذكرة المثقفين العراقيين حول الدستور".

ان مما يثير فينا الشعور بالاحباط الشديد ان لجنة اعداد الدستور، التي قدمنا المذكرة اليها استجابة للدعوة التي وجهتها الى عامة مكونات المجتمع المدني للاسهام في العملية الدستورية، اهملت المذكرة كليا، فجاءت مسودة الدستور في صيغتها الاخيرة متجاهلة تماما حتى موضوعة الثقافة والموروث الثقافي، وحتى لم ترد مرة واحدة في نصها بطوله كلمة " ثقافة " !!

نقول ذلك بأسف والم، بل وبأحتجاج شديد، ونعاهد مثقفينا على العمل بدأب ومثابرة، معهم وبدعم منهم، لتغيير هذا الواقع مستقبلا، ولاعادة الاعتبار للثقافة والحضارة في دستور مهد الحضارة وبلد الثقافة..

ان اهمال هذا الجانب في الدستور يؤدي الى اقصائه من مسؤوليات الدولة، ويعني التهرب من الاعباء التي يجب ان تتحملها ازاء الارث الثقافي وفي بناء ثقافة عصرية تساير التقدم الحضاري في العالم، وتفتح الافق الارحب للاجيال القادمة من دون تعصب او تمييز.

وتمهيدا لتنفيذ العهد اعلاه عقدت لجنتنا العزم على المباشرة في اعداد دراسة اولية عاجلة، واخرى تفصيلية مستفيضة، لجميع ابواب ومواد مسودة الدستور، او الدستور نفسه اذا اقرت مسودته في الاستفتاء المقبل، واعلانها لاحقا.

 

 لجنة بغداد- 18/9/2005 "مبادرة المثقفين من اجل الدستور"  

لجنة مبادرة المثقفين من اجل الدستور"