بحث منظمة السفراء حول  مؤسسات المجتمع المدني بين المكاسب الشخصية وأهداف التأسيس

 

عباس عبد الحسن

المنسق العام والمسئول الإعلامي منظمة سفراء الطف

rs_taff@yahoo.com

معظم الدساتير والتشريعات في دول العالم المتقدمة تضمن تشريعاً وتنفيذاً حقوق الأفراد في تنظيم عملهم وضم جهودهم لغيرهم في جمعية أو منظمة أو رابطة أو مؤسسة تهدف لتحقيق هدف تشترك به هذه المجموعة سواءً كان اجتماعي أو سياسي أو أخلاقي وبشكل طوعي  لايهدف إلى الربح المادي وبعيداً عن الانتهازية .

ونحن في بلدنا العراق .. وبعد عقود من الظلم والاضطهاد والقتل والتغيب لصوت الإنسان .. وبعد سقوط العصابة الدكتاتورية ظهر الكثير من منظمات المجتمع المدني حتى وصل العدد إلى أكثر من 3000 منظمة مجتمع مدني .

ولكن ؟؟ هل أن كل هذه المنظمات تتوفر فيها شروط وصفات منظمة المجتمع المدني ..؟؟

أم أن هناك تجمع عائلي ؟ أو كان تجاري ؟ أو شركة خاصة ؟ لجني الأرباح .. اختطفت أسم منظمة أو جمعية لتحقيق أهداف وغايات شخصية ضيقه .

وبهذا المحور سوف نناقش حقيقة منظمات المجتمع المدني وواقعها بين المكاسب الشخصية وأهداف التأسيس .

وسوف نتناولها بشيء من النقد والتقويم وليس النقد من أجل النقد بقدر مايكون هذا النقد هو تشخيص الأخطاء لمعالجتها جذرياً وتأهيل وتطوير ماهو صائب .. من أجل الوصول لمبادئ رئيسية وفق مفاهيم مشتركة للعمل على تحقيق الأهداف التي من أجلها توجهنا كناشطين ومتطوعين للعمل في المجتمع المدني.

فهنالك عدد كبير من ما يسما بالمنظمات (أو منظمات في الهواء الطلق) تكتب نظام داخلي وميزانية وهمية لغرض الحصول على ألأجازة وبالتالي الحصول على المنح المالية لغرض الربح لاغير وتبقى الأهداف حبراً على ورق .

فهنالك منظمات العائلة التي تتكون من الزوج والزوجة والأخ والأخت  والأم والأب وهكذا ... الخ .

وهناك أيضاً بعض المنظمات لها نظام داخلي وأهداف أيضا على الورق مع غياب الهيكلية الإدارية وعدم إطلاع أعضائها على النظام الداخلي إن وجدوا , وبعض المنظمات تعطي لمن يتطوع للعمل فيها بدرجة منتسب ويحضر عليه الاطلاع على النظام الداخلي أو قيمة المشاريع وطريقة تبويبها المالي أي غياب الشفافية والتنظيم والمشاركة والمسائلة .

أذاً هنا لاتعتمد أسس الكفاءة والخيرة .. ومبدأ الانتخاب لاوجود له ألا على الورق ورئيس المنظمة هو دكتاتور يمتاز بالغموض والاحتكار .

وهذا بدوره يؤدي إلى الرؤية والأهداف .. وسيادة مبدأ الانتهازية والمصلحة الشخصية الضيقة والأنانية والطمع المادي وهذا يؤدي  بالمنظمة إلى الانحراف وأتباع المال أين ماكان؟  وبأي شروط ؟ وبالتالي يؤدي إلى فقدان المنظمة لاستقلاليتها وهكذا أخلال بأنظمة وقوانين منظمات المجتمع المدني . هو مشكلة حقيقية علينا كمجتمع مدني أن نجد حلاً جذريا لهذه المشكلة ..

بالحوار البناء والنقاش المستفيض والتأمل العميق .

وبعض المنظمات أنشئت على أساس عشائري أو طائفي أو حزبي وتستغل المجتمع المدني المستقل كواجهة لعملها . وهذا خطراً كبير على المجتمع بصورة عامة .. لآن النهوض بهذا المجتمع وبنائه على أساس المواطنة واستهداف الإنسان لإنسانيته بغض النظر عن انتمائه العشائري أو الطائفي أو العرقي أو الجنسي أو اللون . وعلى أسس الديمقراطية والتسامح وحل المشكلات بالحوار والابتعاد عن العنف بكافة أشكاله .

ومنظمات أخرى اتخذت من المنظمة أو الجمعية كدكان أو مشروع تجاري والتفكير والأهداف والتخطيط ينحصر في طريقة جني الأرباح من المشاريع التي تكلف بها .. وهذا يتطلب المراقبة والتنسيق مع الجهات المانحة للقضاء على هذه الظاهرة .

وهنالك منظمات وجمعيات الهواء الطلق .. التي تتكون من شخصين ولا يوجد لها مقر ولا    عنوان .. التي هدفها المصلحة الشخصية والربح المادي وعملها يكون ليس على أساس أولويات المجتمع بل على أساس أولويات أصحابها .

وكل هذه المشكلات تحتاج إلى تضافي الجهود لتجميد وعزل هكذا منظمات من خلال التنسيق والتشابك والتحالف بين منظمات المجتمع المدني , ومحاولة أقناع الجهات المانحة اختيار منظمات تمتلك القدرة والإمكانيات والخبرة الميدانية والكفاءات العملية لمراقبة وإدارة مشاريع مشتركة بين مجموعة من المنظمات .. لتسهيل عملية المراقبة والتنسيق والمتابعة بتنفيذ المشاريع بما ينسجم وطموحاتنا لبناء مجتمع متقدم تسموا فيه القيم الديمقراطية والإنسانية . هذا من جهة

وهناك منظمات وجمعيات يعمل رؤساءها باقتطاع نسبة من مستحقات أعضاء المنظمة لتكون رصيداً للمنظمة ولكن هذه الاستقطاعات لاتذهب لرصيد المنظمة بل لجيب رئيسها . وهذا فرق أيضاً لمبادئ القوانين الواردة في الأنظمة الداخلية للمنظمات غير الحكومية .

ونحن في منظمة السفراء وبعد عملنا وأشرافنا على عدد من المشاريع من خلال التشابك وبناء التحالفات مع منظمات وجمعيات في عدة محافظات ومن خلال الرصد والمتابعة شخصنا الكثير من هذه المشاكل وعملنا على دراستها لنستفيد ونتعلم من ماهو ايجابي ونعالج ماهو سلبي ونرى أن المنظمة أو الجمعية الناجحة التي تستند على مبادئ وأسس علمية وعملية ناجحة أعتمدناها منهج لعملنا كإحدى المنظمات غير الحكومية وهي .

1- أن يكون هناك نظام داخلي قوي يحترم من قبل الجميع يسعى لتحقيق أهداف مشتركة لهيئة أدارية منتخبة على أساس الخبرة والكفاءة والاستقلالية التامة من حيث الأهداف والرؤيا والتنظيم .مع اعتماد مبدأ الشفافية والمشاركة والمسائلة داخل المنظمة . والابتعاد عن القرابة والمحسوبية في توزيع المسؤوليات .

2- وجود لجنة مالية ومحاسب وسجلات مالية دقيقة ووثائق توضح المخرجات والمدخلان  المالية مع وجود حساب مصرفي باسم المنظمة . وتحديد آليات الصرف بأشراف اللجنة المالية .

3- إطلاع جميع أعضاء الهيئة الإدارية على النظام الداخلي للمنظمة أو الجمعية .

4- أعداد تقارير فصلية لتقيم ومناقشة عمل المنظمة أو الجمعية لتشخيص الخطاء ومعالجتها ومعرفة الايجابيات وتعزيزها ومعرفة ماتم تحقيقه من أهداف .

5- وجود أرشيف يحوي جميع نشاطات المنظمة أو الجمعية .

6- تعزيز وتعميق وتشجيع قيم العمل الطوعي في المجتمع من خلال المشاركة الشعبية الواسعة في عمل منظمات وجمعيات المجتمع المدني .

7- التعاون والتشبيك مع منظمات المجتمع المدني ذات الأهداف المشابهة والجهات المانحة على أساس احتياجات المجتمع وليس على أساس أولويات المنظمة .

8- العمل على ترسيخ مبدأ الحيادية والاستقلال من خلال العمل الطوعي الميداني لتحقيق أهداف المنظمة وعدم الارتباط أو التثقيف لأي جهة حزبية أو دينية أو عشائرية .

9- التعاون والتنسيق مع المؤسسات والأجهزة الحكومية لتوعية وتثقيف كوادرها والتنسيق والمشاركة في السياسات والبرامج الحكومية التي تهدف إلى تنمية المجتمع وبنائه على أسس ديمقراطية تصان فيها الحقوق والحريات ويحترم الإنسان لإنسانيته .

10- ضرورة أشراك المرأة في أدارة ونشاط المنظمة , والقيام بعقد ندوات ومؤتمرات لتثقيف وتوعية المرأة وتعريفها بحقوقها وبالخصوص النهوض بواقع المرأة الريفية لتساهم في عملية تنمية وبناء المجتمع .

11- ضرورة تشكيل لجنة من المتخصصين للبحوث والدراسات وعمل الاستبيانات لمعرفة مايدور في الشارع ومعرفة توجهاته وأعداد المشاريع التي تساعد بحل هذه الظواهر مما يزيد من ثقة المواطن وبالتالي أتساع القاعة الجماهيرية التي تؤمن بعمل منظمات المجتمع المدني .

 وبتطبيق وأتباع هكذا مبادئ تستطيع كمنظمات غير حكومية ألنهوض بواقع مجتمعنا وبناءه على أسس الديمقراطية والتسامح واحترام الإنسان وصيانة حقوقه وحرياته بكافة انتماءاته .  

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com