مذنب هارتلي يسقط على المنطقة الخضراء .!
 



مصطفى كامل الكاظمي
mkadumi@hotmail.com

مذنب هارتلي، قالوا انه سيقترب من الارض الاربعاء القادم. وهكذا توقع فلكيون حينما رصدوه في شمال صنعاء/اليمن. وصنعاء اليوم هائجة عن بكرة أبيها يؤازرها ابناء الجنوب والشمال ومناطق اليمن زحفاً نحو الحزام الأخضر الذي يختبئ خلف سوره طاغية اليمن علي عبد الله صالح.

هارتلي، من المذنبات قصيرة الدورة حيث يدور مرة كل ست سنوات حول الشمس في تناغم عجيب مع مصائر حكام العرب الذين تتلاقفهم ثورات شعوبهم كل ستة أعوام بظهور هذا المذنب على توالي تهاويهم وأفول أنظمتهم.

في العراق الحديث مثلاً: تهاوت ملوك، وسقط حكام لم يتعظوا بسالف ما مرّ في زمن العراق.. ففي عام 1958 أطاح الثائر عبد الكريم قاسم بالحكم الملكي وإجتثّه من العراق الى الأبد. وبعد ست سنوات (1963) نهضت خيانة القومجية العارفية لتطيح بقاسم في مأساة أنهت حياته وحكمه.

هذا فيما بدا أن المذنب هارتلي يعمل بقوة وفاعلية ضد أنظمة حكم بغداد وعواصم عربية. فبعد ست سنوات أيضاً (1968) اُطيح بالحكم العارفي بمؤامرة البعث العفلقي وفيه اطيح بحكم الملكية بليبيا بعملية انقلابية قادها معمر القذافي ولا يزال يحكم في خضراء طرابلس حتى اللحظة. وبعد ست سنوات (1973) تمت تصفية أحزاب يسارية وكردية بمصيدة الجبهة القومية التقدمية وصرع فيها الشيوعيون.

وبعد ست، عام (1979) إنقلب صدام على البكر غادراً به ليتفرد في منطقة خضراء بغداد. وفي ذات السنة أنهى السيد الخميني حياة أطول إمبراطورية شاهنشاهية حكمت إيران واقتلع اصولها من خضراء طهران. فيما أنهى الثائر المصري خالد الإسلامبولي حياة الرئيس المصري محمد انور السادات وإقتلعه من خضراء القاهرة.

بعد ست سنوات (1985) سقط نظام المشير جعفر النميري في السودان في انتفاضة ابريل/ نيسان بزعامة الثائر عبد الرحمن سوار الذهب، والذي تخلى عنها وحولها بدوره الى الشعب.

وبعد ست سنوات (1990) فرّ النظام الأميري من الكويت بغزو النظام الصدامي له. تلته في شهر(آذار) ثورة العراق كله ضد نظام وحزب صدام إحصين التكريتي الدموي فكاد ينهيه لولا العهر الاميركي والنفاق العروبوي والاقليمي الذي أعاد الحياة لصدام في لحظته الأخيرة.

وبعد ست سنوات (1996) نشب إنقلابان كادا يطيحان بملك البحرين وأمير قطر. وابانهما خلع البشير خصومه الترابي والصادق المهدي وحركة الجنوب السوداني بزعامة الراحل جون قرنق. وبعد ست سنوات جاءت احداث ايلول/ سبتمبر 2001 لتهز العالم بانهيار برجي التجارة في امريكا.

وبعد ست سنوات تقريبا في عام 2006 تم إعدام الطاغية صدام إحصين في بغداد.

وبعد ست سنوات (2011):

شهدنا ونشهد ثورات الشعوب العربية العارمة ضد مناطق عواصمها الخضراء حيث مرتع الحكام. اطيح بنظام حسني مبارك كلياً في القاهرة. بعد ان اطيح بنظام زين العابدين بن علي تماماً في تونس وفراره من الزحف الجماهيري. ولما تزل جماهير ليبيا تنظف شوارع مدنها ومحافظاتها من مخلفات حكم الكذافي الايل الى الهلاك عما قريب. وتشهد صنعاء حيث تحاصر الجماهير اليمنية بن صالح ونظامه. فيما تشهد المنامة اكبر تظاهرة حاشدة ضد رموز الحكم الملكي في البحرين. وكذا تظاهرات الجزائر ولبنان والاردن والسعودية والسودان.. وسيتفاجأ العرب بثورة كبيرة في دمشق تقتلع خضرائها وتتهاوى معها كل خضراوات العواصم العربية الاخرى.

والعراق عام 2011 شهدت بمجمله تظاهرات كبرى سحقت انظمة الحكم المحلي في المحافظات وارعبت كل اصحاب الكراسي إن في مجلس التشريع او دوائر التنفيذ وصولا الى رأس الهرم في الحكومة المركزية.

لم تستثن الا الصومال من قادة الست سنوات، ففي الصومال يحدث انقلاب كل ست ساعات، فهناك اربع انقلابات وثورات في اليوم الواحد.

هذا فيما تم رصد المذنب بالعين المجردة خلال الشهر الجاري وهو يظهر بلون أخضر متميز وكأنه يغازل المناطق الخضراء في العواصم العربية ليقترن باحداها هذه المرة. ومن خلال رقصاته في الفضاء وتموجات مسيره انه متردد بين اختياره خضراء طرابلس الغرب وخضراء صنعاء وخضراء بغداد..! ولا تستبعد القراءات نية هارتلي في اقترانه وانصهاره وجمعه الثلاثة على الترتيب والتوالي مع خضراء الجزائر ليشكل له عائلة من اربع زيجات زواجا جهنمياً ينقلهن الى عالم اخر لا رجعة فيه.

وتؤيد هذا الزواج الجمعي المخيف، قلوب ابناء شعوب مسبية من قبل المناطق الخضراء، تتمنى وتدعو:يا رب دعه يسقط في قلب المدينة الخضراء

 ببغداد او خضراء دمشق او خضراء الرياض او خضراء طرابلس ليبيا او في خضراء صنعاء اليمن وخضراء البحرين. او كلهن معا في آن واحد بنيازك وشهب مسومة ومسددة.

لابد للحكام من اعادة النظر في الخضراء وهدمها او اخلائها وتسليمها للشعب كملك عام والنزول الى الشارع العام والتعايش مع الناس دون تمايز ودون مرتبات عالية جدا ودون امتيازات ومخصصات باهضة تثور الغضب لدى الشعوب المقهورة المحرومة. لابد للحاكم من الايمان بان كرسي الحكم تكليف لا تشريف وانه انما جيء به ليخدم الناس وينظم حياتهم ويتعامل معهم بالرأفة والسوية والعدل ومنحهم حرياتهم بعيدا عن التمترس بخنادق الخضراء.

معلومة: إن أول من بنى المدينة الخضراء بقصورها الفريدة هو معاوية بن أبي سفيان في عاصمة امبراطوريته بدمشق. وعليه جرت مواريث حكامنا وطواغيت التسلط على رقاب الشعوب الممتلئين خوفاً ورعباً دائما من انتفاضة الشعب. ولولا هذا الهلع والخوف ما كانت هناك منطقة خضراء أو حتى زريبة خضراء تحميهم وتحمي اسرهم وتقدم لهم العيش الرغيد الآمن بما لم تره عين ولم تسمع به اذن ولا خطر على قلب مواطن.
 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com