لقد هرمنا بإنتظار هذه اللحظة التاريخية !

 

 

هادي جلو مرعي

hadeejalu@yahoo.com

ياه ماأوجعها من كلمات تدمي القلب وتطلق سراح دمعات حبيسة من زمن بإنتظار تاريخ يندفع ولايتاخر عن موعده.

لقد هرمنا بإنتظار هذه اللحظة التاريخية,كلمات كان أحمد الحفناوي,أو أحمد هرمة نسبة الى كلمته الشهيرة تلك قد أطلقها في واحد من شوارع تونس العاصمة إبان الثورة التي أطاحت بعرش واحد من ديناصورات العرب.

هذا الرجل الأشيب الذي تطارده عيون الكاميرات أين ما حل ,في مقهاه الذي كان يستقبل فيه منتقدي زين العابدين بن علي, أو في الشارع ,وعند الجلوس في أماكن منزوية بعيدا عن تلصص رجال الأمن الكريهين ,مايزال يتذكر تلك اللحظة التي كان ينتظرها حين تلقى وشعبه الجريح نبأ هروب الطاغية الى بلد ثان علم فيما بعد إنه السعودية .

وقف الحفناوي في مواجهة الكاميرا يغالب الدموع ,ويكشف سر فرح مكبوت,في ضاحية المحمدية بالعاصمة تونس ,حين إنبلج الصبح عن خلاص الشعب من دكتاتور أحمق غلب شعبه وأهانه ومشى في قافلة المنتفعين والمرتزقة من الاقارب وأهل الزوجة التي لم تكن تسمع لأنين التوانسة طوال ثلاثة وعشرين عاما تربع فيها زوجها السفاح على مقاليد الأمور وعلى رقاب المساكين الذين نهب خيرات بلادهم ,وحولهم الى عبيد لايملكون من الوطن سوى حق البقاء في حدوده,ولكن تحت سطوة الجلاد.

وقف يعبر عن إرادة مغيبة لشعب تونس,ثم إكتشف كغيره من الناس إنها إرادة العرب جميعا من المشرق الى المغرب,عرب يرون بلادهم يتنعم فيها الأجانب وأتباع السلطان ويرددون مع شاعرهم وفي سرهم ..

من يستطيع أن يأمر السلطان ويقول له.

إفتح فمك وأسكت الآن؟

غير طبيب الأسنان!

ولافرق إذن بين وصف الشاعر المتنبي لبلاد غريبة لكنها جميلة ومؤنسة غير إنه غريب فيها لايجد من أهله وصحبه ولغته أثرا ,وبين وصف بلاد سلبوا منه حق الشراكة فيها !

المتنبي يقول وهو يصف (شعبا) واديا,

مغاني الشعب طيبا في المغاني

بمنزلة الربيع من الزمان

ولكن الفتى العربي فيها

غريب الوجه واليد واللسان.

هكذا عاش أحمد وبقية العرب لعقود ينتظرون إنهيار أنظمتهم الظالمة,ليحققوا بعض الحلم, تراودهم بين الحين والآخر مخاوف إنقلاب ما قد يغير المعادلة ,ويحول الدماء والعذابات الى مجرد عناوين في الصحف وصورا في التلفاز,ولكن برغم تلك المخاوف يحق للعرب أن يشمتوا بحكام أذلوهم ,وأذاقوهم المرارة طوال عقود من الزمن.

يالها من لحظات أيها العرب.


 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com