اطلالة على انتاجية قانون حماية الصحفيين
 

كريم الوائلي

kareemalwaaly@yahoo.com

 

 

 الاعلام في العراق يعد واحدا من المفاعيل المهمة التي يدار فيها حراك مركب من الثقافة والسياسة والقانون ، بل ، هو من اهم المفاعيل التي تؤشر مسار النظام السياسي الجديد في العراق وتجربة الديمقراطية ويتعين التعامل مع هذا الفاعل بدراية ومهنية بعيدا عن المصالح الخاصة والشخصية ، ولا بد من الاشارة الى عاملين مهمين يحددان حاضر ومستقبل الاعلام في العراق .

العامل الاول هو الاقرار بأن الاعلام العراقي يبقى متأثرا بالعامل السياسي ويصدق عليه ما يصدق على العملية السياسية وطبيعة التحولات الوطنية ولا يتوقع منه راهنا ان يتحلى بالموضوعية والحيادية ما لم تتشذب العملية السياسية وتتنقى من التجاذبات الساخنة بين الجهات السياسية المختلفة وتتجذر الديمقراطية وتترسخ المؤسسات الدستورية ويصان الدستور بشكل نهائي بعد تعديل المواد التي تتيح لكل طرف الاجتهاد في تفسيرها وفق مصالحه السياسية وهذ يتطلب المزيد من الوقت ، اما العامل الثاني فيكمن في منظومة الاعلام نفسها والجهات المتنفذة فيها والتي تمكنت بطريقة او بأخرى من مسك زمام منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالاعلام والتحكم فيها وفرض تمثيلها للاعلاميين ، ومن المؤسف ان تخرق تلك المنظمات الدستور عن دراية مسبقة او عدم دراية في وقت يعد الدستور فيه انه من اهم وسلئل حماية وصيانة الاعلام واكثرها شرعية وعلى ذلك فأنه من باب اولى ان تكون المنظمات والنقابات الاعلامية هي اول من تدافع عن الدستور وتتجنب خرقة قبل التفكير بكتابة قانون يراد منه حماية الافراد العاملين في الصحافة على اعتبار ان الصحفيين والاعلاميين عموما هم الجهة صاحبة المصلحة في صيانة الدستور من كل خرق وعلى ذلك فأن المادة 39 من الدستور وكذلك الفقرة المهمة 13 يشكلان حماية قانونية منتجة للاعلاميين وهذ ما تغافل عنه مشرعي قانون حماية الصحفيين الذي اعطى وصفا للصحفي على انه المنتمي حصريا لنقابة بعينها ، ومع احترامنا لتلك النقابة كائنا من تكون وتقديرنا لجهد العاملين فيها إلا انها تستطيع ان تكون معنية بذلك الوصف لو اعتمدت المعايير الدستورية في وصفها للصحقي وتبني قضايا الاعلام والاعلاميين بعيدا عن ثقافة الترويج للذات واعادة انتاج الثقافة البائدة .

ان اخطر ما يواجه الاعلام في المرحلة الراهنة هو ما يتعلق بجوهر عمل الاعلام واهم اهدافة ونعني به الحصول على المعلومة وايصالها الى المستفيدين منها وعلى ذلك يتعين على الاعلام ان يصدر قانونا يمنحه الحق في الحصول على المعلومة وحمايتها وضمان الاستفادة منها بدلا من استنفاد الوقت والجهد في اصدار قانون لحماية الصحفين على الرغم من اهمية امن المؤسسات الصحفية افرادا وادواتا ، كما ان حماية الصحفين لا تتحق بتوفير ارض سكنية او مكافأة مالية لا تستحق الاطراء كون ان ذلك حق مكتسب لكل مواطن عراقي ولا ينظر الى هذا الطلب إلا بمنظار يراد منه اغواء الاعلامي وكسب صوته على حساب المهام المهنية والوطنية المنوطة به وعلى حساب تطوير المهارات . اظهر الالحاح في اصدار قانون حماية الصحفيين الضعف في آليات اصدار هذا القانون او في اصدار اي تشريع آخر حيث اعد هذا القانون بعيدا عن انظار وعلم الاسرة الاعلامية العراقية بكل اتجاهاتها ومدارسها ولم يتم مناقشته والتصويت عليه من قبل الاعلاميين قبل الالحاح بقراءته في مجلس النواب والتصويت عليه وبات القانون وسيلة للدعاية الاعلامية من قبل السياسيين والجهات التي شرعته في وقت غابت فيه الاسرة الاعلامية صاحبة الحق في فهمه وتصحيحه والموافقة عليه وكان من نتيجة ذلك ان اغفل القانون تصنيف الاعلاميين وتحديد مواصفات الاعلامي والتذكير بمهام الاعلام في المرحلة الحالية وضرورة تطوير مهارات التعاطي الاعلامي مع الاشكالات الوطنية المصاحب للتحولات وتصحيح ما ورد في القانون بحسر الحماية التي يوفرها بمنتسبي الصحافة الورقية وهذا الجنس من الاعلام اصبح محدودا ومتراجعا عن غيره من الاجناس الاعلامية المهمة الاخرى كالاعلام الالكتروني والتلفزة والاذاعة وهي الاجناس المهيمنة على الساحة الاعلامية .
 

 

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com