دراسة إعادة ارتباط الشركة العامة لكبريت المشراق بوزارة النفط


عبد المنعم نايف عبوش الجبوري
watch_ngo@yahoo.com

بهدف النهوض بواقع القطــــاع الصناعي وخصوصاً(صناعة الكبريت)بشكل يؤهله وبما يتناسب مع أهميته في دعم الموارد المالية التي تمثل الرافد الوحيد والمحرك الأساسي لعجلة التنمية على مستوى الاقتصاد الوطني والمحلي، حيث أن هذا القطاع عانى لعقود طويلة من الإهمال والتدهور مما أدى إلى توقف قدراته الإنتاجية والتصديرية والذي سبب خسائر فادحة لواردات الدولة مما انعكس سلباً على الموازنة العامة للدولة من جهة والعجز عن سد احتياجات القطاع العام والخاص المستقبلية من جهة أخرى.

وفي ظل هذا الكم الهائل من المشاكل التي أصابت القطاع الصناعي ومنشأته الحيوية والأمر الذي لا يمكن إنكاره إن قطاع صناعة الكبريت بقي يعاني من الإهمال والتدهور منذ توقف استخراج وإنتاج الكبريت بسبب ظروف الاحتلال عام 2003، حيث تأسست المديرية العامة لشركة المعادن الوطنية العراقية – فرع المشراق عام 1969 وكانت ضمن المديريات المرتبطة بشركة المعادن الوطنية العراقية والتي تأسست بموجب القانون رقم (18) لسنة 1969 أسوةً بشركة النفط الوطنية وكان ارتباطها بوزارة النفط والمعادن حيث شرعت وزارة النفط والمعادن آنذاك بالتعاقد مع شركات عالمية لتطوير واستثمار حقول المشراق وخصوصاً مع مؤسسة (Centrozap) البولونية في 31/5/1969، في ضوء اتفاقية التعاون، المبرمة بين العراق وبولونية بتاريخ 26/4/،1969 وعلى أساس مبدأ الاستثمار الوطني المباشر،ووفقا لصيغة تسليم المفتاح الجاهز(Turn_Key)،وهي الصيغة التي حدد القانون رقم 18 لسنة1969 كافة مستلزمات نجاحها وتنفيذا لشروط عقد الاستثمار،فقد قام خبراء شركة( سنتروزاب)، في عام 1970 ،بدراسة جيولوجية وهيدروجيولوجية مفصلة،في حقل المشراق في مساحة 25 كم مربع،في عملية استكشاف نهائية شملت مسحا جيولوجيا تفصيليا للحقل حيث قامت بحفر 123 بئرا استكشافيا، توزعت على المنطقة، التي يتوقع وجود ترسبات احتياطي الكبريت فيها، بمسافات متساوية، ويشكل شبكة، غطت كامل منطقة حقل المشراق وفعلا بدأ إنتاج الكبريت لأول مرة، من حقل المشراق، بتاريخ 28/12/1971،على مرحلتين:
الأولى: وتسمى مرحلة الإنتاج الرائدPilot Plant) ) ، وتعمل بمعدل إنتاج حوالي ربع مليون طن منذ أول سنة 1972. واعتبر يوم 28/12/1971، عيد المناجم العراقي.

الثانية : وتسمى المرحلة الصناعية(Industrial Plant )، وبدأت في منتصف عام 1973 بإنتاج الكبريت المصفى بالطاقة المتاحة.
وقد تم تسليم الطرف العراقي العمل، بموجب شروط عقد الاستثمار، حيث تسلم الكادر الوطني في شركة المعادن، مسؤولية الإدارة الصناعية للاستثمار بكافة مفاصلها وحلقاتها بالكامل،حيث أن الحكومة العراقية آنذاك أصدرت قـرار مجلس قيادة الثورة المرقم (1330) في 18/12/1974 بفك ارتباط شركة المعادن الوطنية العراقية من وزارة النفط وإلحاقها بوزارة الصناعة والمعادن وقد سميت بالمؤسسة العامة للمعادن بعد إبـدال اسم المديرية العامة لشركة المعادن الوطنية العراقية – فرع المشراق إلى الشركة العامة لكبريت المشراق بتاريخ 30/3/1975 حيث وصلت معدلات الإنتاج المتاحة إلى أكثر من (مليون)طن سنوياً و أدى توقف الشركة عن العمل بشكل كامل بسبب احتلال العراق عام 2003 إلى انتكاسة كبيرة على مستوى قطاع صناعة الكبريت في العراق وانعكس سلباً على مستوى الصناعة الوطنية و الحق بالاقتصاد الوطني خسائر كبيرة تقدر بملايين الدولارات.
وفي ظل تزايد أهمية الكبريت، يوما بعد آخر،وذلك بتزايد وتعدد استخداماته، في مختلف المجالات ،الصناعية، والكيماوية، في مجال صناعة الأسمدة، والمبيدات الحشرية، والكبريت الزراعي، لعلاقتها المباشرة بالإنتاج الزراعي، وتامين الغذاء للناس، لاسيما وان الكبريت يعد احد موارد العراق الأساسية، التي تساهم بتنويع مصادر الدخل القومي، مما يعزز من قاعدة اقتصاد البلد، ويلغي أحاديته كاقتصاد شبه ريعي، يعتمد في عائداته على مبيعات النفط المصدر،لاسيما وان معظم إنتاج الكبريت ألمنجمي من المشراق، يستهلك محليا لتلبية متطلبات حاجة صناعة الأسمدة الفوسفاتية منه، والاستخدامات الصناعية المحلية، إضافة إلى ان الفائض منه، له أسواقه التقليدية، بحكم ميزة قرب الموقع الجغرافي.

وفي ضوء ما تقدم فأن استئناف عملية استخراج و إنتاج الكبريت، من حقل كبريت المشراق، في ظل الأوضاع الحالية المنهكة لهذه الصناعة، وما تعانيه من مصاعب جمة، طالتها بسبب التوقف، الذي فرض عليها بسبب أحداث عام 2003 يتطلب من الحكومة المركزية التحرك بخطى سريعة لتطوير واستثمار حقول الكبريت لذا فأن مجلس محافظة نينوى ومن واجب المسؤولية الوطنية نضع أمام جميع المعنيين بالموضوع المقترحات التي من شأنها ان تنهض بقطاع صناعة الكبريت بشكل الذي يتناسب مع أهمية هذه الصناعة وفق مايلي:-

1.إعادة ارتباط الشركة العامة لكبريت المشراق بوزارة النفط كما كانت عليه سابقاً حيث يعد نجاح وزارة النفط مؤخراً بإبرام عقود الخدمة لتطوير واستثمار حقول النفط العراقية في جولات الترخيص مؤشراً واضحاً على قدرة وإمكانية الوزارة من الناحية المالية والفنية ومستوى الخبرات بتطوير واستثمار حقول كبريت المشراق وأصبح مطلب من مطالب جميع العاملين في صناعة الكبريت وان بقاء ارتباط الشركة العامة لكبريت المشراق بوزارة الصناعة والمعادن سيحول دون إعطاء أي فرصة لاستثمار وتطوير حقول الكبريت في المشراق بسبب عدم إمكانية الوزارة توفير التخصيصات المالية المطلوبة، اللازمة لتغطية تمويل كلفة الاستثمار اللازم للتأهيل وإن الوعود التي قطعتها الشركات الاستثمارية العالمية والمحلية بخصوص تأهيل واستثمار حقول الكبريت منذ عام 2003 ولحد الآن كان مسألة إضاعة للوقت والحيلولة دون إجراء أي تقدم في استثمار وتطوير حقول الكبريت على مدى السنوات الماضية.

2. ان طريقة إنتاج الكبريت ألمنجمي من حقل المشراق، تعتمد على صهر الكبريت تحـــــــت الأرض (Under Ground Smelting)،وذلك بحفر آبار إنتاجية خاصة، إلى الطبقات الكبريتية، وبعمق يتراوح بين )140- 200م ) وحسب عمق الطبقة الحاملة للكبريت وبالتالي فأن هناك تقارب كبير بين عملية استخراج وإنتاج الكبريت وطريقة استخراج وإنتاج النفط وكذلك عملية استخلاص الكبريت المصاحب للغاز الطبيعي من الناحية الفنية والتكنولوجيا...الخ.

3. يمثل كبريت حقل المشراق، اكبر ترسب كبريت طباقي في العالم، حيث بلغ احتياطي العراق من الكبريت الخام، حوالي (500) مليون طن من الكبريت ذي المنشأ العضوي وتحديداً في محافظة نينوى وثلث الاحتياطي أعلاه موجود للكبريت المصاحب للغاز الطبيعي في حين بلغ الاحتياطي العالمي حوالي(600) مليون طن، وان الاحتياطي القابل للاستخراج منه(450)مليون طن ويشكل احتياطي الكبريت العراقي ألمنجمي، ما يقارب (36%) من احتياطي العالم، الممكن استخراجه، بطريقة فراش، وحوالي(17%) من إجمالي احتياطي الكبريت في العالم، من أشكال الكبريت الأخرى وبالتالي فأن عدم استغلال احتياطي خامات الكبريت يعتبر هدر للثروة المعدنية الوطنية التي تعد ملك لعامة الشعب في الوقت الذي تكون الحاجة ماسة للحصول على إيراد هذا المعدن للإعادة أعمار المحافظات التي تعاني من نقص شديد في الخدمات.

4.السيطرة على جميع مصادر الكبريت في العراق وبإشراف (مؤسسة حكومية واحدة) متخصصة تعمل على توحيد السياسة الإنتاجية والسعرية والتصديرية لمادة الكبريت بكل أشكاله وأنواعه حيث يمتلك العراق مصدرا آخراً للكبريت،غير الكبريت الرسوبي ألمنجمي، هو الغاز الطبيعي المصاحب للنفط، من حقول نفط كركوك، والذي يحتوي على نسب معينة من الكبريت واعتبار عملية استخراج الكبريت والنفط ضمن قطاع صناعي وتنظيمي واحد وهو ما معمول به في العديد من بلدان العالم ، مع التأكيد على إنشاء مؤسسة أكاديمية متخصصة بصناعة وإنتاج الكبريت وإقامة وفتح أفاق التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية العالمية المتخصصة بصناعة الكبريت.

5.يتطلب من الحكومة المحلية في محافظة نينوى العمل على دعم وإسناد تطوير واستثمار حقول الكبريت في المشراق وتدعو إلى استقطاب الكفاءات التي ساهمت في عمليات استثمار منجم الكبريت والاستفادة من جميع الخبرات الوطنية كما سيتم التحرك السريع لمفاتحة الشركات العالمية المتخصصة بصناعة الكبريت لغرض استثمار وتطوير و تفعيل هذا القطاع الحيوي والمهم بالنسبة لمحافظة نينوى خصوصاً ان الوضع الأمني مشجع للعمل في حقول المشراق وتقديم كافة الإمكانات المتاحة لذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية عملاً بإحكام المادة(12) الفقرة(4) من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم(21)لسنة 2008 والتي تنص(يختص مجلس المحافظة برسم السياسة العامة للمحافظة بالتنسيق مع الوزارات المعنية في مجال تطوير الخطط المتعلقة بالمحافظة) وان أهم الأهداف الأساسية التي ستفرزها عملية تطوير واستثمار حقول الكبريت والتي ستحدث نقلة كبيرة في تطوير الاقتصاد العراقي بعامة والاقتصاد في محافظة نينوى بخاصة فضلا عن تطوير المشاريع الخدمية من خلال تأهيل البنى التحتية للمحافظة بالاستفادة من واردات الكبريت التي ستحصل عليها المحافظة كما “سيشجع الشركات الأجنبية الأخرى للدخول بمشاريع لاستثمار بقية حقول الكبريت لكون المحافظة تملك مخزونا كبيرا من الكبريت ومن أهم هذه الأهداف:-

اولاً.تعظيم الموارد المالية للحكومة المركزية ومحافظة نينوى بشكل خاص من خلال تحقيق إنتاج مبكر وبمعدلات أعلى وتنشيط عجلة النشاط والنمو الاقتصادي والصناعي في المحافظة .

ثانياً.توفير التمويل الضروري لضمان المستوى والتوازن المطلوب من النشاطين الاستكشافي والإنتاجي لمصادر الكبريت في المحافظة ودعم المشاريع ذات الصلة من خلال الخبرات والإمكانيات للشركات المقاولة مما يعزز نشوء الكثير من المشروعات الصناعية والاقتصادية .
ثالثاً.نقل التكنولوجيا المتطورة ( فنية وإدارية ومالية ) وتطوير قدرات الملاكات الهندسية والفنية والمتخصصة في صناعة الكبريت في العراق بشكل عام و المحافظة وبشكل خاص ورفع مستوى أدائهم بالشكل الذي يؤهلهم لنقل هذه التكنولوجيا إلى ارض الواقع ووقف هجرة الكفاءات إلى خارج العراق من خلال تبادل الخبرات والتكنولوجيا مع الشركات المقاولة مما يعزز تطوير الصناعة والتكنولوجيا داخل العراق والمحافظة.

رابعاً.ضمان الإدارة المكمنية الحديثة وتطوير وسائل وطرق إنتاج الكبريت في العراق بشكل عام والمحافظة بشكل خاص باستخدام احدث الطرق والأساليب الحديثة في عمليات إنتاج وصناعة الكبريت ومواكبة التطورات العالمية .

خامساً.ترسيخ سوق مستقر للكبريت خصوصاً ان محافظة نينوى ضمن موقع جغرافي متميز من ناحية متطلبات السوق في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية طلباً متزايداً لمادة الكبريت .
سادساً.توفير فرص عمل وتطوير القوة العاملة الوطنية والقضاء على البطالة في المحافظة التي أصبحت تأخذ بعداً اجتماعياً خطيراً و النهوض بقدرة الجهد والكادر الوطني وتحسين المستوى ألمعاشي لجميع الموظفين والعاملين وسيعمل بإيجاد فرص عمل للعديد من الشركات العراقية.

سابعاً: سد احتياجات الأسواق المحلية والعالمية من مادة الكبريت خصوصاً وان الكبريت العراقي مرغوب في الأسواق العالمية لما يمتاز به من مواصفات عالية القياس وأسعار مناسبة.

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com