ولما أدرك شهرزاد الصباح
لم تسكت عن الكلام المباح

 

 


حامد كعيد الجبوري

قبل سقوط الدكتاتور الأهوج صدام حسين كنت ألعنه بسري كل يوم ثلاث مرات ، وأحرص جدا أن تكون بعد الأكل كوصفة طبية ولكي لا أحرم نفسي لذة التمتع بوجبات البطاقة التموينية التي كان يتصدق بها علينا ، أما اليوم بعد ذهابه سابقا أخوته الطغاة لعفن التاريخ ، صرت ألعنه كل يوم 303 لعنة ، مقسمة على ثلاثة وجبات ، بمعدل 101 لعنة وبعد الأكل طبعا ، وتبرير هذه اللعنات الإضافية ، لأنه المسبب الرئيسي لأحوال العراق التي نشهد أولا ، وبسببه صعد لسدة الحكم ( شعيط ومعيط ) ومن لف لفهم مزوري كل شئ ثانيا ، ولأني كثير الشك بحساب عدد اللعنات التي يجب عليّ أداءها ، صرت أبحث عن مخرج سليم لذلك ، ولأننا نحن العراقيون نمتلك من الازدواجية ما لا يملكه غيرنا ، بمعنى أننا نتقرب ونتمسح بأذيال السادة المسئولين ، لذا تقربت كثيرا من احد المتأسلمين الذي كان عضوا لقيادة فرقة للحزب المنحل ، واستعرت منه مسبحة لأداء مهمة اللعن الصدامي ، وعمدت لذقني وأطلقته رياء ، وتحدثت بما يتواءم فكريا وإسلاميا معه ، ولم ينفعني ذلك ويشفع لي للتقرب صوبهم كثيرا ، لأنهم أشطن وأبلس مني ومن غيري بكثير ، قررت الذهاب الى الديار المقدسة لأداء عمرة الإسلام وزيارة قبر الرسول الأعظم محمد ( ص ) ، وأغراني الذهاب بها لأنها عن طريق الجو ، الطيران من بغداد للمدينة المنورة ، والعودة من مطار جدة لبغداد ، أي أنني سأختصر الوقت والتعب كثيرا ، لا أريد التحدث عن إخلال الخطوط الجوية العراقية بدءا من إلغاء الطيران للمدينة المنورة وإبدالها بمطار جدة السعودي ، ولا الحديث عن الابتزاز المشرعن لوزارة النقل ، التي تستغل الظرف الأمني وعدم دخول حافلات النقل الى مطار بغداد ، لتجلب حافلات خاصة بها ، وتأخذ لقاء نقل المسافر الواحد من ساحة عباس بن فرناس لباحة الاستقبال بمطار بغداد مبلغا وقدره خمسة آلاف دينار لا غير – عين نفط لوزارة النقل - ، ناهيك عن الحديث عن الكلاب البوليسية التي تفتش حقائبنا بصحبة السيد الأمريكي البطل ، ولا أريد الخوض بالحديث عن ما وجدناه من أعمار واهتمام بكعبة الله المعظمة ، ولا الحديث عن الروضة المحمدية الزاهية ، ولا الخدمات التي تقدم للحاج والمعتمر ، ولا عن العمران الذي يضاهي أي دولة أوربية متقدمة ، بل سأختصر حديثي عما لاقيناه من صعاب ونحن بطريق العودة لعراقنا الذي بدأنا نكره ، ونكره من يسوسه ، ولكي نؤكد عودتنا للعراق علينا الذهاب لبعثة الحج العراقية الدائمة الوجود بمكة المكرمة ، شباب ربما لا يتجاوز عمر أحدهم خمسة وعشرون سنة ، ومؤكد أنهم من أقارب الصحابة المبشرة من الوقفين الشيعي والسني ، شباب لا يرتدون الزي الرسمي العراقي ، ولا الزي الرسمي السعودي ، بل يرتدون ( التراكسوت ) و ( الدشاديش ) ، ويحتذون ( النعل ) وهم أثناء دوام رسمي ، ويعلم الله والراسخون بالوساطات ما يتقاضوه من أجور أيفاد يومي ، حدد لنا الشاب المختص موعد عودتنا لبغداد من مطار جدة واستلمنا منه وثيقة رسمية تأمرنا بالتواجد بمطار جدة الساعة 12 ليلة 25 / 26 آذار 2011 م ، وموعد الطيران الساعة 2 فجر يوم 26 /3 ، وصلنا مطار جدة الساعة العاشرة لنتمكن من أنجاز معاملة المغادرة ، لم تحصل موافقة مدير سيطرة مطار جدة على دخول ( كروبنا ) المكون من 69 معتمرا لباحة المطار ، وقال لنا ليس لكم موعدا محددا للطيران هذه الليلة ، وعليكم الاتصال هاتفيا بالموظف العراقي وأسمه ( رياض ) وأعطانا رقم نقاله ، أتصلنا به وبعد أن تبرم بهذا الاتصال الذي أيقظه من نومه قال لنا أن الموظف السعودي لا يعرف ما يقول وعليكم أن تنتظروا بالمطار وستبلغون من الجهات الرسمية بموعد انطلاق رحلتكم ، علمنا أن هناك طائرة عراقية ستعود لأرض العراق ولا أقول الوطن الساعة الرابعة فجرا ، تحرينا عن ذلك وعلمنا صحة المصدر إلا أن الطائرة تعود لكردستان العراق ، ولا أقول لأقليمه ولأربيل تحديدا ، الآن الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، معنا نساء مسنات وشيوخ كبار وأطفال رضع وبرد الصحراء يلسع ليلا ، ونحن لا زلنا لم نستطع الدخول الى باحة مطار جدة ، بل تجمعنا بمكان قريب لمراب السيارات ، والظاهر أن إدارة المطار متهيئة لمثل حالتنا ، توجد حمامات للرجال والنساء ، مصلى ، مصاطب للجلوس ، وهناك أرضيات مفروشة بالسجاد ، جمعت خمسة رجال معي واتجهنا صوب ما توصلنا أقدامنا ، ومن الصدف الجميلة أن نلتقي المسيطر الجوي لمطار جدة وهو رجل هندي يتمتم بالعربية ويحسن اللغة الانكليزية ، ترجم حديثي معه أحد الأطباء وهو عميد كلية طب بابل ، قلت له سيدي نحن عراقيون تنكر لنا ممن يمثل سفارتنا ، أو هيئة حجنا وهو الموظف رياض ، ورويت له مشكلتنا بدقة ، قال أذهب وعد لي بعد نصف ساعة ، وفعلا عدت له الساعة الثالثة فجرا وصورت له بجهازي النقال نساء العراق وأطفاله ورضعه ورجاله كيف يفترشون ساحة الانتظار بمطار جده ، تحرك عنده الدم الهندي ولم تتحرك دماء صاحبنا اللا ( رياض ) العراقي ، أتصل برياض قائلا له ، أسمع رياض جيدا سأوقف الرحلة العراقية لأربيل وأعرف عدم إنسانية ذلك أن لم تجد حلا لهؤلاء ال 69 معتمر وسأتصل بك بعد نصف ساعة ، بعد نصف ساعة لم يستطع السيد الهندي الاتصال برياض لأنه أقفل نقاله ونام ، قال لنا لا عليكم سأخرج لكم حافلتين تقلكما لفندق خمسة نجوم في جدة ، الساعة السادسة والنصف صباح يوم السبت 26 /3 حضرت حافلتان أقلتنا لفندق من الطراز الأول بجدة ، الساعة الحادية عشر أبلغنا بالعودة من قبل السيد الهندي لإجراء ترتيب السفر والعودة لعراق الوقف الشيعي والسني ، عادت طائرتنا الى العراق من مطار جدة الساعة الثالثة بعد ظهر يوم السبت 26 / 3 / 2011 م ، بطريق عودتنا تحدثت مع مضيفتنا عن أسباب هذا الإرباك فصرحت لنا أن طائرتهم تعطلت بمحافظة نينوى بسبب عدم وجود غاز النتروجين ، قالت تصور أن العراق العظيم لا يملك غاز النتروجين ، قلت لها وما حاجة الطائرة للنتروجين ؟ ، أجابت لإطارات الطائرة ، تذكرت طرفة ال( steem) مع المقبور وزير الدفاع العراقي ورئيس دوائر التصنيع العسكري حسين كامل ، حينما سئل عن سبب تعطل إحدى الماكينات ، قيل له لا تتيسر مادة ( steem) ، أجابهم أجلبوها من أسواقنا وبسرعة ، ولأننا رجعنا نحو التخلف والخلف كثيرا بسبب أمثال هؤلاء ، والمثل الشعبي يقول ( ذاك الطاس وذاك الحمام ) ، أو ( صبيها كبيها) .

 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com