إصلاح... إسقاط.. تغيير..


 

  علي حتر

youth.thinker@gmail.com

ترتفع اصوات الجماهير العربية في ساحات الوطن العربي معلنة ثورتها على النظام العربي الرسمي ذي الحكم الفردي المطلق في كل هذه الساحات..

ولأن حراك الجماهير في البدايات كان سلميا، فإن هذه الجماهير كانت تعبر عن مطالبها بشعارات مباشرة وبريئة، تعتقد الجماهير نفسها أنها تعبر عما تريد..

ماذا تريد الحماهير؟؟

تريد وطنا عاديا.. يديره أناس وهيئات ساهمت الجماهير باختيارها، بسيادة كاملة مصدرها قرارات الشعب، لديها برامج وسياسات واضحة مدروسة، لا تبنى لحظيا كردود فعل على الأحداث، بل تبنى على إرادة تحقيق مصالح الجماهير في ظل سيادة وكرامة لا تهزهما التبعية والتدخل الأجنبي بالتهديد أو بالأموال أوالتهديد بالديون، وكل أنواع التهديد الأخرى، مع تكافؤ الفرص أمام الجميع، بدون نهب أو سلب لمقدرات هذا الوطن من الحكام وزوجاتهم واقربائهم والعائلات الموالية، المتوارثة لمراكز القرار، مع ضمان مستقبل بلا فقر ولا جوع ولا بطالة ولا معاناة ولا قمع للأولاد..

وفي الحالة العربية تريد الجماهير ايضا الحفاظ على العلاقة بالعمق العربي والحفاظ على الأرض

متى تتحرك الجماهير للتمرد على الحكم؟؟

عندما يستغل الحكام المناصب والصلاحيات التي اعطتهم إياها الحماهير، وعندما يعطي الحكام لأعوانهم صلاحيات محمية بإرادات سامية ، فيستغلون مع الحكام مناصبهم وصلاحياتهم، بطريقة تخل بما تريد الجماهير، جزئيا أو كليا.. تتحرك الجماهير..!!  

 

ولأن الحكام وأعوانهم أخلوا في وطننا العربي بكل ما سبق.. تراكمت إرادة الثورة لدى الجماهير، فانطلقت سيلا عارما جارفا،  لتفاجئ حكامها الذين كانت أنانيتهم وغباؤهم وفسادهم الشخصي وقساد من حولهم، وشعورهم بالحق الإلهي، وبالفوقية على تلك الحماهير التي أعطتهم ثقتها أو التي فُرضوا عليها فرضا.. بحكم التوريث غير العادل، أو الإرادة الأجنبية، والمشاريع الأجنبية..!

وتحرك من هذه الجماهير رأس حربتها.. وهُو الشباب..

وبعد مرور أيام على بداية الحراكات، وبعد ان تنبهت الأنظمة، وتنبهت القوى المساومة التي تجاوزها الشباب في حراكهم، وكذلك بعد أن فطن راكبو الموجات من ذوي الوجوه المحسنة اصطناعيا، جرت محاولات شارك فيها الجميع لتلويث الشعارات وحرفها عن مسارها، وهي التي بدأت بريئة مباشرة، ذات سقف مرتفع، بأهداف واضحة معبرة عن معاناة الجماهير والشباب ومطالبهم، وحاول الجميع، أي الحكام والأجنبي وراكبو الموجات من المستوزرين والانتهازيين، في محاولات تآمرية مقنّعة، لخلط الشعارات الأساس، بشعارات وكلمات هلامية تهدف إلى جعل الحراك حراكا ذا سقف منخفض عموديا ومحدود أفقيا، مساوما أو قابلا للتسويات وللحلول الوسط.. ليقطف كل طرف من النتائج حصة، حتى لو عادت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تضحية البوعزيري بنفسه معلنا إشعال الثورة على طريقة أن عود الكبريت يشعل غابة كاملة من الأشجار.. التي يصنع منها مليارات منه..

وابتدات الأنظمة تتخبط بعد ان رأت قوة الجماهير التي لم تكن تحترمها او تتوقع منها هذه القوة.. وراحت تحاول تقديم الرشوة تلو الرشوة والتنازل تلو التنازل... والوعد تلو الوعد..

ففي حين أصر التوانسة والمصريون على شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" ولم يتخلوا عنه حتى حققوه، بل إنهم تابعوه حتى بعد إسقاط النظامين الحاكمين في تونس ومصر، ليضمنوا يمتابعتهم  ديمومة سقوط الحاكم، بإسقاط ادواته ومؤسسات نظامه الضامنة، ومنع أدواته من القفز من السفينة الغارقة، ولاسترجاع ما نهب وسلب من مليارات تفوق عجز الميزانيات...

والطريق اليوم سالكة لإسقاط القذافي وزوجته صفية فركاش البرعصي وأولاده..

والخناق يشتد على النظام اليمني والعراقي والبحريني مع بدايات اشتداد الضغط على النظام السايكسبيكوي في شرق الأردن..

ولفهم معنى النظام من الناحية اللازمة لنا كمواطنين، تهمنا النتائج ولا تعنينا التعقيدات اللغوية والقانونية، أي بدون استخدام المصطلحات القانونية الدقيقة، التي لا تعني إلا القضاء والمحاكم والباحثين الأكاديميين، فإننا نفهم النظام على أنه:

النظام السياسي هو مجموعة المؤسسات والهيئات والأفراد الرسميين المترابطين والممارسين للحكم من مواقع مختلفة، بسلطاته المباشرة الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، والسلطة الرابعة غير المباشرة المتمثلة بمؤسسة الإعلام، ويشمل وسائل ممارسة السلطة، كذلك يشمل المؤسسات المدنية التي تعمل في ظله، مع القوانين والتعليمات والأعراف والأسس التي تنظم العلاقات بينها، والصلاحيات التي تمنح لكل من هذه  المؤسسات والهيئات والأفراد ليمارسوا ادوارهم داخل هذا النظام، مع مؤسسات الرقابة والمحاسبة والمساءلة للجميع، بدون استثناء بمراسل أو لملك أو رئيس او افراد العائلات الحاكمة..

والأصل في اي نظام، أن تكون كل مكوناته ومركباته، في خدمة مصلحة الوطن والشعب المقيم على أرضه، الذي يجب أن يعتبر المصدر الأول لكل السلطات والقوانين الناظمة للنظام وعلاقاته، لأنه أصلا قائما لخدمة حياته وتنظيمها.

الخلل في النظام:

الأنظمة انواع، كلها من المفروض ان تهدف، نظريا، لخدمة حياة الشعب وتنظيمها لصالحه..

وعند وصول أفراد وجماعات لهم برامجهم الخاصة، وفيهم استعداد للفساد، إلى المواقع السلطوية، حين تشمح موازين القوى، بطرق مختلفة تسمح بها الثغرات في القوانين والتعليمات والصلاحيات الناظمة للعلاقات داخل النظام، أو بالقوة الانقلابية، أو قوة الأجنبي، يلجأ هؤلاء من أجل تقنين ودسترة فسادهم وحمايته، للعمل على تقوية وتوسعة صلاحياتهم وسن القوانين وإيجاد المناصب وتكوين الجماعات والهيئات المرتبطة بهم، والتي يمارسون معها شتى أنواع الرشى الظاهرة والخفية، والعطايا وسياسات التثقيف المبرمجة لإنتاج وتكوين كتل تلتف حول السلطويين وتدافع عنهم.. إلخ..

ومن هذه الهيئات والإجراءات:

-       جمع السلطات في يد الحاكم الفرد.. ومن يفوضهم.   

-       إنشاء وتسليح وتدريب الأجهزة الأمنية السرية والعلنية..

-       نشر مفهوم وهمي يعرقل محاولات الكثيرين تبني فكرة الثورة على الحاكم، ويخيفهم من مجرد التفكير بعملية التغيير، وهو مفهوم ارتباط مصلحة الوطن بمصلحة الحاكم المطلق، الذي يمكن أن يؤدي تغييره إلى تدمير الوطن.. وكان الأمم لا تعيش إلا من خلال حياة ورئات وقلوب الأفراد الذين يحكمونها.. ويتم نشر هذه المفاهيم بين فئات الشعب، وبين مختلف قوى الأجهزة التي يجري العمل على أن يعتقد بعض شخوصها من الذين يريدون حماية الوطن، أن ذلك يتم فقط من خلال حمايتهم للحاكم..  ةنسأل: ناذا لو حدث زلزال وأودى بحياة المسؤولين وهم مجتمعون في مكان واحد أو خلال احتفالهم بعيد ميلاد أحدهم... هل ينتهي الوطن...

-       سن القوانين المقيدة للمبادئ الدستورية التي تكون عادة إنسانية (الدستور الأردني ملئ بالشروط القانونية اللاغية للمبادئ التي ينص عليها، لكنه يعود ويقيدها بضرورة تطابقها مع القانون، الذي يضعه الحاكم وادواته بطريقة تلغي فعل الدستور ذاته). 

-       الاستيلاء على المناصب الفاعلة ونعيين ودس الأعوان فيها.. وإغداق العطايا عليهم

-       إيجاد الهياكل الخادمة والمسهلة لعملهم مثل الدواوين الملكية او دواوين رئاسة الجمهورية، التي تمارس من خلالها كل المعاملات المتعلقة بالنهب والسلب وتقديم العطايا وشراء الذمم، وتقديم الخدمات للزوجات والأقارب والنسايب دون إزعاج الحاكم، وتصل أعداد موضفي هذه الدواوين أحيانا إلى آلاف الموظفين المنتفعين هم انفسهم أيضا..  كما تتعامل الدواوين مع المعاملات "التافهة" للمواطنين الذين، في ظل الأنظمة التي حولت حقوقهم إلى منح من الحاكم، يتذللون بتقديم شكواهم ويستجْدون حلولا لها، ولا يجد الحاكم، المتفرغ لاستثماراته، وقتا للتعامل معها..

-      السيطرة على الإعلام واستخدامه لتزوير الحقائق وتمجيد الحاكم حتى لو لم يكن له إنجارات، وتفريغ المجتمع من ثقافة الكرامة ومفاهيم حقوق الإنسان وضرورة محاسبة الحكام... الذين لا يخطئون.. وحين تظاهرت الملايين في تونس ومصر، اتهمها الإعلام أنها مجرد جماعات تهدد الأمن، وأنها لا تمثل الشعب.. أي هو الإلغاء الكامل للشعب مقابل الحاكم.. 

-  نشر ثقافة العنف الداخلي للمساعدة في نشر الفرقة والخلافات، وثقافة القبول والخنوع للأجنبي.. فنحن في الأردن نسمع كل يوم أغنية تقلع العين اللي لدت تلانا، طبعا إذا كانت عربية، في حين حكمنا بالمؤبد على الدقامسة الذي قلع العين المعتدية التي استهزأت به وهو يصلي.. وعنف الجامعات العشائري والجهوي في جامعاتنا لا يحتاج إلى تفصيل...

-   تفتيت المجتمع لتسهيل السيطرة عليها..

-  القمع وتكميم الأفواه إلا في أقبية التحقيق..وغعطاء الصلاحيات للحكام الإداريين والمحافظين لمنع النشاطات الشعبية، وهو أجهل من أن يفهموا ما يمنعونه..

-  نشر ثقافة الأب وسلطة شيخ القببلة (وتثبيتها إن وجدت) والتي يتمسك بها أكثر الملوك والرؤساء ادعاء بالمدنية والديموقراطية، مع أنهم يخجلون من الادعاء بذلك التمسك بمجرد أن يجلسوا مع غربي.. وهم يحولونها عمليا إلى أغان وأهازيج وخطابات فارغة لكنها مصاغة بطريقة أبوية حميمة لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد عاشت إحدى هذه الدول التجربة حديثا، أي قبل ايام فقط، بعد عودة أحد الملوك من العلاج.. بطريقة مذهلة.. شملت الأبوة مع توزيع الهبات والعطايا المليونية، بل حتى البليونية...

-  نشر صور واغاني الحاكم وكأنها خيارات شعبية..

-  إفشال المراقبة الشعبية ومنعها من شمول الحكام وأعوانهم وزوجاتهم وأنسبائهم إلخ.. وحتى لجان مكافحة الفساد التي تنشأ للرد على الحراك الجماهيري هذه الأيام، يوضع لها سقف بحيث لا تصل صلاحياتها إلى مساءلة الحاكم وأسرته وأقربائه!!!

- عقد التحالفات والعلاقات الخارجية، والتي تشكل في حالتنا العربية عوامل قاتلة، بسبب وجود الكيان الصهيوني ووجود الموارد مثل النفط الذي تطمع به الشركات المتعدية الجنسيات والأمريكية بشكل خاص..

-  مراكمة الديون الخارجية لتخويف كل من يفكر التغيير الكامل من عبء المسؤولية..

- محاولة الادعاء بصغر حجم التعارض بين مصالح القوى الحاكمة ومصلحة الفقراء، وحل التناقض وتمييعه لصالح القوى الحاكمة دائما..

-  محاولة إظهار الاهتمام الكافي بقضايا الطبقات الفقيرة، مثل البطالة وغلاء الأسعار والمواصلات العامة، وضعف الخدمات، وفقدان الأمن الوطني والاجتماعي والصحي والمجتمعي .. بإصدار الوعود والتعليمات التي لا تستند على أي اساس يحولها إلى حقيقة مادية على الأرض..

- صعوبة برهنة الفساد... وهو يعني ان الفاسدين السلطويين يلفون حول أنفسهم شرانق واقية ويحتمون خلف دروع من المؤسسات والقواني والأتباع والقوى، جاهزة دائما لحجب المعلومات ومنع الوصول إليها  بطرق مختلفة.. مع تجهيز التهم السهلة لمن يحاول الانتقاد، مثل إطالة اللسان والاعتداء على الشؤون الشخصية  او على الحريات الشخصية أو تعريض الممتلكات العامةو المن الوطني للخطر... إلخ..

  معنى مصطلح الإصلاح:

 عند التدقيق في ما سبق، يسأل السؤال التالي، ماذا يعني الإصلاح ومتى يتم اللجوء له؟؟

يلجأ إلى الإصلاح عندما يحصل خلل ما، محدود، في عضو من اعضاء جسم النظام.. أو عضوين او ثلاثة.. ويكون التدخل الطبي كافيا لمعالجته..

يحصل الخلل في موقع من مواقع النظام

-       عند حصول أخطاء في ممارسة من ممارسات شخوص النظام ومؤسساته، من نوع الخلل البسيط

-       عند حدوث ممارسات بتجاوزات محدودة، من شخوص قابلين للتغيير، مع توفر الأشخاص البدلاء الموثوقين.

-       عند حصول أخطاء غير مبرمجة، جزئية، في مناحي واجزاء، غير مدمرة للمجموع، ذات نتائج قابلة للإصلاح..

-       عند عدم وجود المحاسبة والرقابة على الجميع، لكن هناك قابلية للتطبيق من خلال المجالس الشعبية

-       عند وصول القوانين والأجهزة إلى مستوى الدروع الواقية للفاسدين مع إمكانية مراجعتها عمليا..

-       عند وجود قوى انتهازية تركب الموجة وتتطلب تحجيما ممكنا

-       عند توفر إرادة مثبتة ومبرهنة لدى الحاكم لخدمة الجماهير والوطن

-       عند توفر إرادة مثبتة ومبرهنة لدى الحاكم لإعطاء اولوية لبرامج الجماهير على برامج القوى الحارجية..

 وفي نفس الوقت، يجب ات تتوفر بوضوح تام غير مغلف ومزين بالإعلام المبرمج:

-       قابلية لتطبيق المراقبة والمحاسبة على الجميع، من خلال المجالس الشعبية

-       إمكانية مراجعة وتغيير القوانين والأجهزة التي تشكل الدروع الواقية للفاسدين..

-       عدم وجود جهات أو افراد فوق المساءلة والمحاسبة..

في حالة حصول خلل، مجرد خلل، يكون الإصلاح حلا ممكنا... لكن...... هل ما يحصل في عالمنا العربي خلل... مجرد خلل..؟؟ يجب أن يجاب على ذلك السؤال بعد فهم الشق الثاني من المسألة.!

معنى مصطلح إسقاط النظام:

حين ندرس الشروط اللازمة لعملية الإصلاح المذكورة أعلاه، في الفقرة المعنونة (معنى إصلاح النظام)، نجد أن الكثير من الشروط الموضوعية التي يعيشها وطننا العربي، أكبر من أي خلل مذكور في الفقرة السابقة....

وأن هناك قائمة كبيرة من الممارسات المتعارضة، بل المتناقضة مع مصالح الجماهير، وغير القابلة للإصلاح،

تقسم هذه الممارسات إلى قسم عام تشترك به كل الأنظمة العربية، وقسم خاص ببعضها ناتج عن شروط خاصة سنتناوله ادناه.. 

الصفات والممارسات المشتركة بين كل الأنظمة العربية

-  كل ما ذكر أعلاه

-  الحكم مطلق والحاكم دائم.. غير قابل للنقد، عدا لبنان السايكسبيكوي حيث يستبدل الحكم المطلق بوضع طائفي ينتج عفونة وتمزقا لا يقل وساخة عن الحكم المطلق.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

-   تغياب إرادة الشعب في فرض أي مسؤول في أي موقع، وتعقد الصفقات الفوقية، فتتغير الوزارات والوزراء وولاة العهد إلخ.. في غياب كامل للشعب الذي يُفرض عليه أن يقبل كل شيء ويصفق، ويُغنّى للمعيّنين الجدد وإنجازاتهم حتى قبل ان يبدأوا العمل.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

-   هيمنة الأقارب والزوجات والأخوات والنسايب والعائلات التي تتداول الثروات من خلال تقاسم الصلاحيات.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار..

-  تقاسم الأراضي والثروات المنهوبة.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

- تزوير انتخابات المجالس الممثلة للشعب لضمان مجالس تصف الجماهير وقياداتها بالدهماء والغوغاء والحقارة (وهناك نماذج حديثة في مصروالأردن).. وهذه ليست ممارسة قابلة للإصلاح بقرار..

شراء ذمم وولاءات الشخوص الانتهازيين والجماعات بالرشوات المختلفة، وما اكثرها..  وعند شراء ذمم مَن يقبلون العطايا المالية او غير المالية والباحثين عن الندومية، فقد تجد تالقوى الوطنية نفسها في مواجهة مع هؤلاء تذهل الجماهير وتهز ثقتها بهذه القوى ورموزها.. مثل المناصب الوزارية وعضوية مدلس الأعيان إلخ.. وهذه ليست صفة او ممارسة قابلة للإصلاح بقرار..

-  يلجا النظام العربرسمي دائما لتوجيه التهم إلى المعارضين، فهم إقليميون، أو لهم اجندة خارجية أو داعمون للإرهاب، أو جهويون وغير ذلك.. حسب توصيات مؤسسة راند المريكية للدراسات الاستراتيجية..  وهذه ليست ممارسة قابلة للإصلاح بقرار..

-   انتشار الفقر وغلاء الأسعار والبطالة.. وهذه ليست ممارسة قابلة للإصلاح بقرار..

-   يلجأ جل القمميين العرب غلى تثبت الدواة الإقلسمسة التي تضمن لهم السلطة ولعائلاتهم الوراثة، على حساب الانتماء القومي والتكامل العربي.. ليست ممارسة قابلة للإصلاح بقرار..

-  احتقار الحكام للشعب واعتباره مجرد أرقام لنفخ الحاكم، بكبر العدد الذي يسيطر عليه من شعبه.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

- اعتقاد الحكام ان كل شيء لهم، وأنهم إذا أعطوا، فهم يعطون الهبات والعطايا والمكرمات بدل الحقوق... وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

- إنشاء الأجهزة الأمنية التي يختارون رجالها ليكونوا شعْب الحاكم المختار في مواجهة الشعب المسحوق.. مثل الدرك والشرطة والمخابرات والأمن الوقائي، حين يجري توظيفهم لحماية أمن النظام وحده.. واين تختلف ممارسات الشرطة عن ممارسات شرطة مبارك في اي مكان عربي.. وخلال كتابة هذا المقال قتل شاب في البحرين وهو يشارك في جنازة شهيد آخر هو الشهيد علي المشيمع، الذي سيكون بوعزيزي البحرين حتما..! واستخدم في قتله سلاح محرم في الحروب، جديد، تنفجر طلقاته الانشطارية في جسد الضحية.. ورغم ما تقول سلطات البحرين عن ديموقراطيتها، وعن نيتها محاسبة المشؤول، نسألها: ما الذي تفعله بسلاح محرم دوليا في يد شرطتها، بغض النظر عمن استخدمه مخالفا أو غير مخالف.. هل وجود مثل هذا السلاح لدى شرطة البحرين بالتحديد، يشكل ضمانا لديموقراطية الحكم، ضد غزو نتنياهو، وهل يمكن لملك البحرين أن يشرح لنا كيف يكون ذلك؟؟  وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار..

- مراكمة الديون ونهب الخزنات والمال العام والخضوع للأمريكي ولصناديق الإقراض والهيمنة الدولية.. عدا دول النفط التي تشتري الحماية الأجنبية ضد شعبها بالاستثمارات الغربية ومنح حقوق النهب ببشركات الأجنبية ووضع الأرصدة في البنوك الغربية تحت تصرف الناهب الأجنبي، وتشتري صفقات الأسلحة التي لا تعرف كيف تستخدمها.. لكنها تخزنها على حساب شعبها ليستخدمها الأجنبي نفسه إذا احتاجها يوما في المنطقة.. أو لتستخدمها هي ضد شعبها كما رأينا في البحرين قبل ايام.!  وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار..

- تطبيق تعليمات الصناديق الدولية والخصخصة واستخدام القوانين لنهب المال العام من خلالها.. وبيع القطاع العام حتى الرابح منه لأنفثهم ولأعوانهم مع أخذ العمولات، وإنشاء الشركات الكبيرة لاستخدامها في تجميع الثروات وممارسة الفساد تحت غطاء المتنفذين.. والفساد في الشركات المخصخصة والشركات التي من المفروض انها مملوكة للشعب مثل مصافي النفط والإسمنت والاتصالات والمياه إلخ.. وتتوفر اليوم المعلومات عن ثروات الحكام وعائلاتهم، وهي تتجاوز كثيرا ديون بلادهم، وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار....

-ممارسة التفتيت الاجتماعي، بين شمالي وجنوبي، شرقي وغربي، مسلم ومسيحي ودرزي وسني وشيعي وعلوي، أمازيغي وعربي، كردي وأشوري..  وكل اسماء القبائل حسب المكان.. 

-  غياب البرامج.. واستبدالها بالوعود تلو الوعود، والعمل بسياسات رد الفعل والتعليمات الخارجية.. وكل البرامج الرسمية لا تتجاوز الوعود.. ولا يستطيع الحكام ان يقولوا "فعلنا".. بل دائما "سنفعل".. وحتى فعلهم الحقيقي الذي هو القمع لا يجرؤون أن يعلنوه.. وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار...

-  أما الجيوش العربية ففي معظم الحالات اصبحت مقزمة ولا تزيد مهامها أحيانا عن حماية الحدود مع الأعداء لخمايتهم من "الإرهابيين"، او عن قمع الحراكات الشعبية، رغم انها رفضت نسبيا، في بعض الساحات، تنفيذ هذا الدور.. ولا يسمح لها حتى بالتواجد في بعض مناطق الوطن كما في سيناء!!! وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار...

-  تعرض الأنظمة العربية للاختراق الأمني كما ثبت في لبنان حالسا وقبل شهور دون أن ننسى كوهين بعد حرب 1967، وعمليات التجسس التي اكتشفت في مصر، وعنلية اغتيال الشهيد المبحوح في قطر، ومحاولة اغتيال خالد مشعل في عمان، والحالات غير المكتشفة المتوقعة.. والاختراق يتيح التدخل بالقرار وتوجيهه..  وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار...

 كما أثبتت الأيام الأخيرة ان النظام العربي يحاول قبل خضوعه للجماهير ان يتآمر على حراكها بتصرفات كثيرة، اي ان النظام العربي لا يستسلم.... ومن هذه التصرفاتك:

- استبدال الشخوص (الفاسدين بفاسدين) دون تغيير النهج، وأفضل أمثلة على ذلك، أحمد شفيق وعمر سليمان والغنوشي الذين يعتبرون من ادوات الحاكمين الساقطين، وتغيير البخيت بالرفاعي في عمّان. وتعيين بعض الموثوقين في الوزارات الجديدة كما حصل في الوزارة الأخيرة ففي عمّان، والبدء بتوزيع المنح والعطايا (الكويت والبحرين) وزيادة عشرين دينارا في عمان والمليارات في السعودية وحتى البدون في الكويت نالوا بعض العناية....!!  

-   محاولة توجيه المطالب الشعبية لتصبح مطالب أقل ثورية

- المحاولات الحثيثة للحوار مع بعض الكتل المعارضة لتهدئة الأوضاع (والهدف لا يخفى على أحد.. وهو التفتيت والتمزيق.. وتأطير الشباب الذين لم يكن لهم إطار حين رفضوا التفاوض في تونس ومصر)..

- محاولات إثارة اهل المال والاقتصاد ضد القوى الشعبية واتهامها بتهديد مصالحهم واستثماراتهم وهذه ليست ممارسة أو صفة قابلة للإصلاح بقرار...

-البحث في المطالب الشعبية التي كانت مرفوضة سابقا، كما يحدث في صنعاء وعمان والبحرين مثل تغيير قانون الانتخابات، ونقابة المعلمين في عمّان..

- وباختصار: في كل مكان عربي: شعب بلا حقوق إلا حقوق الفقر والمرض والمعاناة والصمت والخوف.. والضرائب والعنف المجتمعي للتنفيس واننتشار البطالة والجرائم.. وكلها ليست ممارسات أو صفات قابلة للإصلاح بقرار...

الصفات والممارسات الخاصة ببعض الأنظمة العربية

- هناك محاولة مستمرة لتجاهل وتغييب المعارك الأساسية والصراع مع العدو الذي مزق بلادنا واغتصب أرضنا، ودمر علاقاتنا العربية بفرض المعاهدات على أب مواثيق عربية، وقيّد حكوماتنا باستحقاقات معاهدة وادي عربة المذلة.. ومعاهدة كامب ديفيد المدمرة وتفاهم أوسلو وكل التفاهمات السرية.. 

- تزعم الأنظمة العربية ومؤيدوها، أن المعاهدات مع العدو لا يمكن إبطالها لأن القانون الدولي لا يسمح بإسقاط المعاهدات الدولية.. وهذا قول مردود.. فمعاهدة وادي عربة مثلا، هي اصلا باطلة، لأنها تخالف الدستور الساري الذي لا يجيز التنازل عن ارض الوطن، ولا يجيز الانفراد عن الأمة العربية.. بالإضافة إلى الحقيقة الساطعة، وهي أن المعاهدة نفسها أسقطت كل المعاهدات السابقة لها واللاحقة لها بالنص الواضح، أي انها أسقطت وألغت مواثيق الجامعة العربية التي تعتبر معاهدات دولية عربية بينية..  فكيف يسمح القانون الدولي بمخالفة وإلغاء المواثيق العربية ولا يسمح ببطلان المعاهدة التي هي أصلا باطلة؟؟ دون ان ننسى أن المعاهدة هي التي عطّشتنا وسرقت مياهنا ومزارعنا وأضعفتنا!! 

- الارتباط بالمشروع الأمريكوصهيوني، والتطبيع والتنسيق الأمني مع العدو وأولوية الصهاينة على الشعب كما في مصر (توريد الغاز للصهاينة) وحصار غزة، وتصدير الزيتون والبندورة في عمّان والتمر إلى المغرب.. وفتح الموانئ العربية المجاورة للعدو الصهيوني عندما يُضرب عمال موانئه.. بل حتى توفير الغطاء لتحركات جيوشه كما كشف هو، حين غزا لبنان 1982.. ودعمه في حصار غزة، إلخ... والنشاطات الإسرائيلية في شمال العراق التي يغطي عليها النظام العراقي.. وهذه كلها ليست ممارسات أو صفات قابلة للإصلاح بقرار.. وأعفت الوزارة الحالية في عمّان، ألفين وخمسنائة سلعة صهيونية من الجمارك..

- ممارسات شخوص الحزب الحاكم في تونس ومصر، التي تجاوزت الحدود المحتملة في الفساد والاعتداء على الشعب... بحماية كاملة من النظام..

- الاستثمار بالمواطن، فبعض الأنظمة العربية، تؤجر أبناء الوطن للظالم الذي يدفع، في كل مكان وحيث يكون التأجير لمصلحة الظالم.. وآخر ذلك افغانستان.. تحت مسمى مكافحة الإرهاب.!!

- بل حتى انها تدرب في بلادها أدوات القمع ليستخدمها العدو في قمع الثوار والمقاومين مثل قوات دايتون لصالح عباس ونتنياهو.. بل حتى ان بعضها يدرب قوات سمير جعجع، لاستخدامها في الوقت المناسب لمواجهة المقاومة اللبنانية.. وهذه كلها ليست ممارسات أو صفات قابلة للإصلاح بقرار..

-      تهديد إسرائيل الدائم، دون تصدي النظام عمليا، مثل حالتنا في شرق الأردن، حسث يكتفي النظام بالاحتجاج والشكوى والتصريحات، التي سبقها التزام رسمي في معاهدة وادي عربة، بالتنازل عن المياه وتأجير المزارع والتنازل عن الأرض وهي ليست فقط الضفة الغربية بل حتى أم  الرشراش (إيلات)، (واتكلم هنا بمقاييس سايكس بيكو)كما يعزل نفسه عن العمق العربي الواقي، بنما يخرج الصهاينة دوريا علينا بمقولة إن الأردن هو بقية الوطن القومي البهودي.. ويتعلل بغض كبار النظام بضمانات الحماية الأمريكية التي ثبت فشلها امام الصهاينة تماما في مفاوضات عباس وعريقات..

- كذلك لا يمكن تناسي اتفاقات التنقيب عن اليورانيوم مع شركات لا تلتزم باي حماية لسلامة المواطنين، بقيادة شخوص في النظام، تبرهن في كل تصريحاتها انها غير معنية بسلامة المواطنين، بل فقط بمصالح  الشركة والأموال.. والأخطار الثابتة على صحة كل المواطنين على كامل التراب الوطني بل تتجاوزه إلى الجنوب السوري..

- الخطر المهدد للاقتصاد المصري، والذي تمثل عمليا بضرب المحاصيل مثل الأرز والقطن، وتحريض دول اعالي النيل عليها، وعزل سيناء من السلاح..  دون تصدي النظام الساقط بل التزامه بمعاهدة مع العدو الصهيوني مصدر التهديد..

-  الخطر على لبنان وشعبه ومياهه، وهذه الأيام على الغاز المكتشف امام شواطئه، مع عجز النظام عن التصدي له لولا المقاومة وسلاحها...

-  وامور أخرى وأخرى..

بعد كل هذه الصفات والممارسات المشتركة او الخاصة، في كل الأماكن العربية.. هل يمكن أن يقول لي أحد: نحن لسنا تونس أو مصر..؟ ولا يجب أن نفعل مثل تونس ومصر.. وإذا قال ذلك فليبرهن...!!!

بل كل الوطن العربي هو تونس وهو مصر في كل مكان عربي..

وقبل المفاضلة بين الإصلاح والإسقاط، يحب تعريف مفهوم إسقاط النظام سلميا كما فعل اهلنا في تونس ومصر....

 إسقاط النظام سلميا هو عملية إطاحة بالنظام كما حصل في تونس ومصر.. سلميا، بعملية محاصرته وشل قدراته وعدم التعامل معه وتوصيله إلى وضع معزول لا يمكنه من العمل أو مواصلة امتلاك وممارسة الصلاحيات والسلطة، حتى يعتزل وينسحب ويرحل..

إسقاط أم إصلاح.. الاختيار الاستراتيجي:

بعد دراسة هذه الممارسات والصفات والعلاقات والإجراءات المنتشرة في البلاد والأنظمة العربية.. تأتي عملية المفاضلة بين شعار إسقاط النظام أو الاكتفاء بإصلاحه  إذا كان ذلك ممكنا..

طبعا هناك شعار التغيير الذي هو شعار انتهازي، يمكن ان يفسره رافعه بالإسقاط أو بالإصلاح.. وقد ذكرته في بعض مقالاتي.. التي كنت فيها انتهازيا حتى لا يخسر الحراك أحدا من طالبي الإصلاح أو من طالبي الإسقاط، حيث أنني شخصيا لا أجد الإصلاح ممكنا في الحالة العربية، واجد أن الأهداف ليست مجرد اهداف مطلبية تتعلق بالخبز والبطالة فقط، أو سياسية فقط، أو كرامة وحرية فقط، أو حقوق إنسان وديموقراطية فقط، أوسيادة واستقلال فقط.. أو فساد ومحاسبة فاسدين فقط.. أو استرداد أموال منهوبة فقط.. بل هي كل ذلك مجتمعا وغيره.. ولأنها كل ذلك، لا يمكن تحقيقها بالإصلاح.. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google

 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com