مواسم الزفاف العراقي تتحدى السيارات المفخخة.. وتحاصر الإرهابيين بالفرح

 

على مقربة من سيارة مفخخة في حي الكرادة، تعالت أصوات الزغاريد وارتفعت الأكف بالتصفيق ونثر الحلوى على الرؤوس إيذانا بخطوة فرح أعلنها الحبيبان سارة ومصطفى في زفافهما الذي تحدى كل أنواع الموت.

الحكاية ليست من نسج الخيال بل هي حقيقة اطلعت عليها «الشرق الأوسط» وهي ترقب الفرح على جهة اليمين من الشارع والسيارة التي انفجرت وقتلت ودمرت على جهة اليسار. وكان مصطفى وسارة يحاولان صنع بداية حياة جديدة وحكايتهما تتكرر كل يوم تقريبا هذه الأيام، فلم يعد يوم الخميس هو وحده من يتصدر قائمة الفرح، في نفس الوقت لم تعد الأيام ولا المناسبات الدينية او الوطنية تقف حائلا أمام الإرهابيين لاقتناص فرح العراقيين وان كان محفوفا بالخوف والحزن! يقول فارس ناجي، 32 عاما، انه قرر الزواج فجأة بعد ان يأس من انتهاء العمليات الإرهابية والتفجيرات التي تطال كل الناس، مشيرا الى ان خطيبته (نادية) وافقت على القرار. وعلى الرغم من ان منطقة الفرح هي اللطيفية التي تشهد على الدوام مداهمات واعتقالات ورمي بالرصاص، لكنهما قررا الفرح وسط هذا الكم من التفجيرات والموت المعلن. وتقول نادية ان زواجهما قد اجل لمرات عدة «ولكن هذه المرة قررنا ان نتمه وان كانت الدبابة بالقرب منا لان الحياة يجب ان تستمر وعلينا ان نستعد لها بكل ما نملك من قوة، وأعظم القوى هو الفرح».

أما العريس نبيل جبار الذي يتزوج للمرة الثانية حسبما يقول، فانه قرر الزواج الثاني وبموافقة زوجته الاولى التي حضرت مراسم الفرح، ويؤكد ان عبوة ناسفة انفجرت قبل يوم من زفافه الذي استمر من دون خسائر بل ان المحتفلين زادوا من رقصاتهم بعد سماعهم لصوت العبوة ولا يدري ان كان ما حصل فرحا ام انفعالا عكسيا للخوف.

وفي شارع حيفا الذي يشهد على الدوام انفجارات ومصادمات بين مسلحين وعناصر قوات الشرطة والحرس العراقيين، قالت ام فاضل لـ«الشرق الأوسط» انها اتمت زفاف ولدها فاضل وسط المواجهات وقد استضافت كل من حضر الحفل ليومين متتاليين لعدم تمكنهم من الخروج خطوة واحدة خارج البيت، وبذلك استمر الفرح ليومين. ايضا كان فيه كل الحضور يرقصون ويغنون بينما اصوات الرصاص تتعالى في الخارج. وقد اشترك في الفرح الطويل هذا كل ابناء الجيران الذين ساعدونا في تفاصيله وإعداد الطعام لأكثر من مائة شخص وقد كنا لا نعرف كيف نتصرف في طريقة منامهم وساعدنا في ذلك ابناء الجيران ايضا الذين استضافوا ليلا عددا منهم، وكانت غرفة العريسن غرفة لجميع المدعوين! وفي منطقة الاعظمية كان المصور هيثم زهير، وهو صاحب اكبر استوديو للتصوير في تلك المنطقة، يستقبل كل يوم العرسان وخصوصا في هذه الفترة. ويقول ان الاعراس زادت ولم تنقص. ويعتقد هيثم ان السبب وراء ذلك هو التحدي الذي يعيشه العراقيون وبحثهم المستمر عن صور للبقاء. ويرى الكثير من العراقيين ان صورة البقاء تكمن في الزواج وقد حصلت الكثير من حالات الزواج الثاني لهذا السبب او لأسباب اخرى كثيرة. لكن المهم ان العراقيين سيواصلون الحياة وان كان الموت بالقرب منهم.

الصور عند هيثم زهير المصور لم تكن غير صور زين بها محله الكبير الذي يواجهك بالعرسان في أركانه وقد أخذت كل تلك الصور في زمن الحرب والخوف والسيارات المفخخة.

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com