العراق .. بلدٌ خالي من الأوكسجين!!

 

ذكر الفريق الدولي بوضوح أن بغداد في حالة سيئة وهذا أول شيء لاحظته عندما كنت هناك مؤخراً،ولا اعني بذلك تأثيرات القنابل والانفجاريات ولكن اعني أنها تبدو العاصمة الأكثر فقراً لدولة غنية بالنفط وقد بقيت بالنسبة لي كمدينة في جنوب شرق أسيا او أفريقيا اكثر من كونها كانت عاصمة ولعدة عقود ومن اكبر المصدرة للنفط في العالم. وقد قام صدام بتشييد القصور له وهي ما تزيد عن 50 قصراً بما فيها قصره في تكريت والذي يضم ما يزيد عن 250 بناية. وقد تأكد بوجود طرق جيدة حتى يتحرك الجيش بسهولة في البلاد ولكن لا يوجد شاهد قوي على وجود ثروة النفط في المكان الذي يتواجد فيه. أن حكمه المدمر خلال فترة 13 عاماً من العقوبات، وثلاثة حروب والتمرد كل هذا جعلت انك حقاً تملك بلداً مدمراً. ان التجوال في المدينة وملاحظة المنازل والتي علق عليها هافارد جوزيف قائلاً "أن الأمن كالأوكسجين"وأضاف انت تتطلع لذلك ولا تلاحظه حتى تبدأ بفقدانه." وذات مرة قد يحدث ذلك ولا يوجد شيء أخر تتطلع إليه". في العراق اليوم كل شخص يتطلع الى الأمن، وهناك حقيقة الأمريكيين والغربيين الآخرين وأي شخص يشترك مع الحكومة العراقية والتمرد يستهدفهم تحديداً وبشراسة. وفي الأسبوع الذي كنت متواجداً هناك قتلت سيارة مفخخة عامل الإغاثة الأمريكي مارلا روزيكا، والتقيت بشخصان مع ان رئيس الوزراء اياد علاوي والقائد السني مشعان الجبوري قد تعرضا الى محاولتي اختيال استهدفتهما. وقبل يوم من مغادرتي تم أطلاق النار على ثلاثة من منازل الجيران الذين تلقوا تدريبات في الأمن وكانوا متخصصين بذلك على الطريق المؤدي الى المطار. ويعد الامن الهم الأكبر للعراقيين فهم لا يواجهون تهديدات كبيرة من المتمردين وكانت بعض أهدافهم المدنيين الشيعة، وهؤلاء المتمردين يتواجدون في مناطق خارجة عن القانون وتنمو فيها المجرمين والعصابات. وقبل عدة أيام من وصولي ذكر احد حراس الامن العراقيين ان هناك أشياء خطرة قد تعرضت لها عائلته ( والده، والدته، وشقيقته ) إثناء مغادرتهم العراق الى الأردن، وقد تم إيقافهم في الطريق السريع وسرقوا جميع ممتلكاتهم.

يعد النقص في توفير الأمن هو احد المعوقات في طريق التقدم في العراق، وقد تراجعت جهود أعادة الأعمار ومؤسسات البناء وفشلت محاربة الفساد التي ركزت عليها الحكومة بعد الحرب. ففي السنة الأولى من التمرد أصرت الولايات المتحدة ان تكون معالجتها له بشكل واضح وبالوسائل العسكرية. وذكر جورج بوش 2003 " نحن نملك القوة اللازمة للتعامل مع الوضع الأمني "، وان وجهة نظر الإدارة كانت ان العنف هو العمل الذي تمارسه بعض الجماعات الصغيرة التي ترغب بالموت.فيما بعد زعم مسؤلون من أن الإرهاب يدعمه عدد من الإرهابيين المتواجدين في الخارج يرفضون الموافقة بان يكون هناك أي بعد سياسي للتمرد وهم يغذون غضب السنة الذين يرون انه قد تم استبعادهم عن السلطة وكذلك تسريح البعثيين. لقد أدركت الولايات المتحدة ان الطريق الصعب هو استخدام الوسائل العسكرية لوحدها، فقد ساعدت رئيس الوزراء المؤقت اياد علاوي الذي يرتبط بعلاقات سياسية معها والذي قام بإجراء بعض الاتصالات مع المتمردين، وان هذه الإستراتيجية عملت تفتيت التمرد ودحره في الفلوجة وسامراء من بين الأماكن الأخرى.ويمكن ملاحظة العلاقة وبوضوح بين الوضع السياسي والعنف في الاحداث الأخيرة، فقد أدت العملية الانتخابية الى نزعة متناقصة في العنف حيث كانت هماك رغبة في الاختراق السياسي وبصورة خاصة عند السنة والتي أعلنت انها ستمنح القادة السنة مراكز مهمة في الحكومة الجديدة ولكن المفاوضات التي حصلت في الشهر الماضي قد أخفقت وذلك بدخول السياسيين السنة في محادثات حول تطهير العسكرية وان السنة قلقين بخصوص المستقبل، والعنف أصبح اكثر شراسة. ولسوء الحظ فان العنف كان قد فقد النتشاره وان السنة التحقوا بالحركة السياسية ذات التيار المحافظ وان هذه الطبقة المهمة حثت السنة على الالتحاق بالجيش والقوة السياسية، وصرحت بعض الأحزاب السياسية انها ستشارك في الانتخابات القادمة.

ان انتشار العمليات الانتحارية والتي غالباً ما تسببت في قتل العراقيين العاديين جعلت من المتمردين ان يصبحوا اقل واقل شعبية ز وجهت الولايات المتحدة رسالة الى الحكومة الجديدة تضمنت توجيهات، وقد مارس دونالد رامس فيلد الضغط على النظام الجديد عندما زار بغداد الشهر الماضي. وابلغني اياد علاوي انه ليس بالآمر السهل لحد ألان إدخال السنة في الحكومة والسياسات المهمة التي تتبعها، وان كان هناك اقصاء للبعثتين من الوزارات وبعض الحركات فلن يكون ذلك في الوزارات السنية وعندئذ ستكون غير موثوق بها. ان الولايات المتحدة لها سيطرة محددة على الحكومة الجديدة اكثر مما يدركه العراقيين. ذكر حسين الشهرستاني احد السياسيين الشيعة المهمين رداً على نصيحة رامس فيلد " شكراً لكم يعرفون اكثر منكم ما الذي يفعلونه. " وقد أطلعني احد المسؤلين الأمريكان في بغداد " ان الخوف الأكبر ان الحكومة الجديدة قد تعلمت من أخطائها السابقة " واضاف " من الأفضل ان تتعلم منا ".

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com