تجارة الكهرباء: المواطنون يبتكرون الوسائل البديلة


ينصح الناس بعضهم هذه الايام باللجوء الى شراء الكهرباء من المولدات الكبيرة التي تبيع الطاقة في الاسواق والاحياء السكنية. وتشهد بغداد ومدن العراق الاخرى ظاهرة واسعة تتمثل بانتشار محطات تغذية تعمل بتجارة الكهرباء، حيث يتسنى للعوائل القريبة الاشتراك فيها على اساس سعر”الامبير “ الواحد الذي يكاد يكون بخمسة آلاف دينار في معظم مناطق بغداد،
فاذا اخذت هذه العائلة ثلاثة امبيرات يعني انها تدفع خمسة عشر الف دينار شهريا، واذا استأجرت عشرة امبيرات يعني انها ستدفع خمسين الف دينار وهكذا.
ويلمس المواطنون ان محطات التغذية هذه تنتشر بسرعة، يدفعها تأييد الناس وحاجتهم، وبالرغم من انها كانت موجودة منذ مدّة طويلة الا انها تكاثرت في الشهور الاخيرة بشكل ملفت.
وبقدر ماتعنيه الظاهرة من رغبة المواطنين على توظيب احوالهم وترتيب متطلباتها، وهو امر يبعث على الارتياح، الا انها تعني من ناحية اخرى تدهور الثقة بمقدرة الحكومة على توفير الكهرباء، وهذا امر يبعث على مزيد من التأمل.. والخوف.
ويقول عدد كبير من المواطنين ان الحكومة ليس بوسعها الآن توفير الكهرباء، على تقدير انها لاتملك العناصر والامكانيات الكافية، وانما لانها اثبتت بالدليل القاطع انها لاتفعل ماتقول، او بعبارة اخرى انها فرّطت كثيراً بوعودها السابقة في ايصال التجهيز الى اكثر من 18 ساعة يومياً، بالرغم من ان وزارة الكهرباء قد حملت هذه الوعود على متون تصريحات رنانة، ومؤتمرات صريحة وكلام مفهوم.
وتبدو مشكلة الكهرباء في عهد الوزارة الجديدة ذات حجم كبير، واشكالات معقدة لاتسمح بخلق قناعة كافية لدى العراقيين بأن حلولها قريبة، سيما وان الكهرباء اصبحت هدفاً ارهابياً، مايدعو الى التفكير بالطريقة نفسها التي يفكر بها المواطنون وهو ايجاد بدائل اسهل.ويرى كثيرون ان افضل البدائل هو اشاعة المحطات الصغيرة التي يملكها القطاع الخاص، بالنمط الذي تظهر عليه في الشوارع والازقة والاسواق العامة، اذ تنتج هذه المحطات مقدارا مناسبا من الطاقة يغطي ساعات الانقطاع الطويلة.
ويجد المواطنون في قدرة تلك المغذيات الصغيرة مايحث على ان تتبنى الحكومة، او وزارة الكهرباء، زيادتها والمساعدة على شيوعها، بل يرون ان تقوم الوزارة بالاشراف على محطات موقعية او متنقلة قادرة على تقليص ساعات القطع، وقد يصبح افضل من ذلك لو انها نصبت مولدات ذات سعات كبيرة بالتنسيق مع القطاع الخاص، وربما فكرت الوزارة باستثمار شركات صغيرة لتوفير تلك المولدات وتشغيلها والاشراف عليها.
ويشير المواطنون الى ان وزارة الكهرباء اصلح قطعاً من الاشخاص، فاذا كان هؤلاء الاشخاص قد ابتكروا البدائل البسيطة فان الوزارة تمتلك من الامكانيات المادية والفنية مايجعل هذه المبادرة قادرة على تأمين حجم مناسب من التيار.
ولابد من الاشارة الى ان الكهرباء”الوطنية “ تتراجع كلما تقدم الصيف، ومع تراجعها يبحث المواطنون عن حلول، غير ان وزارة الكهرباء لن تضمن ثقة الشارع وولاءه، اذا ما استمرت تعالج المشكلة في اطار البحث والتخطيط ورسم النوايا وابداء الوعود، وعند ذاك سوف تتحول هذه الثقة المفقودة الى فجوة سياسية بين الحكومة وقواعدها الشعبية، وسينتج عنها ضرر بالغ يؤثر حتما في قدرة الحكومة على اقناع الناس لقبول مشروعاتها الكبيرة.

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com