العراقيون لم تحركهم الدعوات لرفع الدعم عن أسعار الأغذية والوقود


عندما جفت المضخات في محطات تعبئة الوقود في العراق قبل سنتين دمدم سواق السيارات الساخطون بأن الأميركيين يسرقون الوقود ليشغلوا به دباباتهم. ولكن عندما حدث الشيء نفسه في نهاية هذا الأسبوع ردد السواق أن الحكومة تحاول أن ترفع الدعم عن أسعار البنزين خلسة وعلى مراحل .
يأتي هذا التحول في نظرية المؤامرة، من الإفتراض المستبعد جداً إلى افتراض أقرب إلى المنطق المقبول نسبياً، في وقت يقوم فيه قادة العراق الجدد بشن مسعى يحاولون من خلاله إيضاح أن الإقتصاد وليس الجيوبوليتيكس هو الذي يكمن وراء الشحة المستمرة في الوقود والكهرباء في البلد . ففي الطوابير عند محطات التعبئة، وفي المجالس في البيوت، وعلى شاشات التلفاز يتجادل العراقيون حول ما إذا كان دعم أسعار الأغذية والوقود يخدم الفقراء حقاً أم يعيق الإقتصاد. . آخر جدل حول هذا الموضوع أثير عندما اختفى فجأة النوع العادي من الوقود، الذي يباع في المحطات بأسعار مدعومة بقوة هي 1 - 2 سنت للتر الواحد، ولم يتبق سوى النوع الثاني " المحسن " وسعره 4 سنتات للتر.
يقول مسؤولو النفط الحكوميون أن هذه الشحة مفتعلة وأنها جاءت نتيجة استجابة السواق المتوترين للشائعات وإقدامهم على شراء كل الكميات المطروحة من ذلك الوقود. ولكن العديد من سائقي السيارات البغداديين عندهم قناعة بأن الحكومة تسحب الوقود الرخيص من السوق عن عمد .
يقول السائق سمير عبد الخالق: " هي بالنسبة لهم مجرد استراتيجية يقصدون منها رفع الأسعار شيئاً فشيئاً . " والحكومة العراقية من جانبها لا تخفي هي الأخرى رغبتها في رفع الدعم عن الأسعار. فمن أصل ميزانية الدولة لعام 2005 البالغة 25 مليار دولار يذهب أكثر من 11 مليار دولار لدعم أسعار الوقود والأغذية ومنح المساعدات لشركات الدولة التي لا تحقق سوى الخسائر. على مدى الأشهر الأخيرة كان المسؤولون الحكوميون يحاولون إبراز حجم الضرر الذي يلحقه دعم الأسعار بالإقتصاد - فالمواد الغذائية المستوردة للحصة الشهرية تقلل الطلب على المنتجات الزراعية المحلية والوقود الرخيص يشجع على التهريب وهو الذي يؤدي إلى الشحة في محطات التعبئة وهم يطرحون إلى جانب ذلك حجة أن العجز في واردات الحكومة يلحق أذى مباشراً بالمواطنين، و يشيرون كمثال على هذا إلى ما أصاب وزارة الكهرباء من عجز مالي حال دون شرائها وقود الديزل لتشغيل مولداتها، الأمر الذي ساهم في استمرار الإنقطاعات في التيار الكهربائي. ولكن مسؤولي الدولة يقولون أيضاً أنهم لن يتخذوا مثل هذه الخطوات القوية في رفع الدعم عن الأسعار حتى يتأكدوا من أن احتياجات الطبقة الأفقر من المواطنين قد تمت تغطيتها. وقد صرح ليث كبة، المتحدث بإسم الحكومة العراقية، قائلاً : " على الحكومة أن تتصدى لمعالجة هذه الأمور في أقرب وقت، ولكن علينا أولاً أن نطمئن إلى أن هناك شبكة اجتماعية قوية ونظاماً للتأمين الإجتماعي ومتى ما تحقق لنا ذلك كان بإمكاننا أن نتحرك بتصميم أكثر. " هذه الحجج تبدو مقنعة لبعض العراقيين فمحمد علي، وهو صحفي شاب من بغداد، أخذ يبذل الجهود مؤخراً لطرح قضية رفع الدعم عن الأسعار على زملائه. وهو يقول: " على المواطن أن يتحمل نصيبه في سبيل دعم اقتصاد بلده، عندئذ سوف يكون في وسعك أن ترى التحسن في الاقتصاد في ظرف سنة أو سنتين . " إلا أن زميله زياد طارق ليس مقتنعاً بهذا الرأي حيث يقول معقباً على ما قاله صاحبه: " الناس في بلدي منهكون وليس في وسعهم تحمل مزيد من الأعباء، ولكن متى ما حصل هؤلاء الناس على دخول تماثل دخول الأوروبيين حق عليهم أن يدفعوا أسعاراً تماثل الأسعار التي يدفعها الأوروبيون.

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com