كلمة رئيس الجمهورية بمناسبة يوم الاستقلال الأمريكي
 

بنت الرافدين / بغداد

بمناسبة يوم الاستقلال الأمريكي، ألقى رئيس الجمهورية جلال طالباني كلمة في حفل اقامته السفارة الامريكية في بغداد، هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة سفير الولايات المتحدة الأمريكية

الصديق العزيز زالماي خليل زاد المحترم

سعادة الجنرال كيسي المحترم

أيها الحفل الكريم

السلام عليكم

في مناسبة تاريخية هامة أسهمت في تغيير مجرى التأريخ نحو الحرية و إنهاء الاستعمار و تقدم الحضارة البشرية ونشر قيم الديمقراطية و حق الشعوب في تقرير مصيرها ، في هذه المناسبة وهي إعلان الاستقلال الأمريكي بعد تحرير أمريكا من الاستعمار ( وكان ذلك أول شرخ في صرح الاستعمار العالمي ) في هذه المناسبة السعيدة أتقدم باسم جمهورية العراق حكومة و شعباً بالتهاني القلبية الحارة إلى شعب الولايات المتحدة و رئيسه السيد جورج بوش المحترم و إلى القوات الأمريكية و جميع الأمريكان العاملين في العراق ، متمنياً لهم جميعاً مزيداً من التقدم الاقتصادي و الحضاري و الفلاح في الانجازات الثقافية و العلمية وفي شتى نواحي الحياة.

لقد كان إعلان الاستقلال الأمريكي إيذانا، بمرحلة جديدة من تأريخ الإنسانية و بميلاد أمة جديدة عظيمة تتألف من القوميات و الأديان المختلفة، من الهاربين من الاضطهاد و الظلم و من المتطلعين إلى الحرية، الحرية السياسية و الاقتصادية و العلمية. وهكذا تكونت الأمة الأمريكية في العالم الجديد ، في أمريكا ، من مهاجري العالم القديم و الساعين وراء التحرر و التقدم و الحياة السعيدة.

لقد أسهمت هذه الأمة الأمريكية الجديدة إسهاما كبيراً في التقدم الحضاري و العلمي و الثقافي و السياسي في العالم و في الخدمة الإنسانية بانجازات التقدم العلمي والتكنولوجي و الثقافي و نشر مبادئ إنقاذ الإنسانية من شرور الطغيان و الحروب وذلك من عندما هبت هذه الأمة الأمريكية الجديدة – البعيدة عن ميدان الحروب – إلى إرسال قواتها المسلحة إلى أوروبا في الحربين العالميتين الأولى و الثانية و إلى آسيا في الحرب الثانية للإسهام مع القوات السوفيتية و الأوروبية و الصينية في إنقاذ الإنسانية من الطغيان الاستعماري ومن ثم الطغيان الفاشي و النازي و الغزو الياباني. حيث قدمت عشرات الألوف من أبناء قواتها المسلحة قرابين على مذبح الحرية و التحرر للشعوب . فعلى أيدي القوات الأمريكية و بالتعاون مع قوات الحلفاء تم تحرير ايطاليا من الفاشية و فرنسا و أوروبا الغربية من النازية ، كما تم تحرير آسيا (اندنوسيا والفيليبين و برما و الملايو و غيرها ) من الاستعمار الياباني.

لقد أصبح تقليداً إنسانيا للشعب الأمريكي إسهامه في مقارعة الطغيان و نصرة الشعوب و نشر مبادئ الحرية والديمقراطية. كذلك مساعدة أوروبا بمشروع مارشال الشهير على إعادة بناء اقتصادها و صناعاتها و حياتها الديمقراطية و الحضارية و الثقافية و العلمية الخ.

و معلوم أن الإسهام الأمريكي في إنقاذ العالم من شرور و طغيان القوى الاستعمارية القديمة. قد أسهم في تشجيع شعوب شرقنا على المطالبة بحقوقها وفق مبادئ الأربعة عشرة التي أعلنها الرئيس الأمريكي ودرو ويلسون و منها حق الشعوب في تقرير مصيرها.

ففي عراقنا وجهت المرجعية العلمية الفاضلة من النجف الاشرف نداءاً إلى الشعب الأمريكي في بداية العشرينات ناشدته إلى مساعدة الشعب العراقي على التحرر من الاستعمار و الاحتلال و في كردستان عراقنا كان الأحرار يستشهدون بمبادئ ويلسون في المطالبة بالتحرر و الحرية حق تقرير المصير وكان الإسهام الأمريكي بجانب القوات الحليفة في دحر الفاشية و النازية عاملاً مهماً في إنقاذ شعوب شرقنا من شرورهما. لذلك فقد كانت الشعوب تتطلع دوماً إلى الولايات المتحدة لمناشدتها في نصره قضاياها العادلة. كما كان الإسهام الأمريكي في التحالف الأوروبي عاملاً هاماً لتحرير شعوب يوكوسلافيا و أفغانستان من الطغيان و الأنظمة الاستبدادية و المغرقة في الرجعية.

أيها الحفل الكريم.

وعلى تقاليد أحرار العالم – و العراق منه – ناشدنا نحن قوى المعارضة العراقية المناضلة ضد الدكتاتورية الصدامية المجرمة التي خانت الشعب و الوطن وجرت عليها كوارث الحروب العدوانية ضد الجارتين إيران و الكويت وضد شعب العراق من الجنوب و كردستان و حفرت المقابر الجماعية لمئات الألوف من العراقيين المسالمين الأبرياء و استعملت أسلحة الإبادة الجماعية ضد الشعب العراقي في كردستان و الجنوب، ناشدنا أمريكا لمساعدة الشعب العراقي.

وقد تجاوبت الولايات المتحدة معنا فأصدرت قرارات الإدانة و الاستنكار لاستعمال الأسلحة الكيماوية ولأساليب القمع الوحشي للانتفاضة الشعبانية المجيدة و للثورة العراقية المندلعة في جبال كردستان . ثم أصدر الكونغرس الأمريكي قانون تحرير العراق استجابة لنداءات أحرار العراق وجهود المعارضة العراقية المؤتلفة في المؤتمر الوطني العراقي.

وكان قيام الولايات المتحدة بالدور الرائد و إسهام قواتها بجانب القوات الدولية و الجيوش العربية المصرية و السعودية و السورية و المغربية و الخليجية في تحرير الكويت و تقويض شوكة عدوان الدكتاتورية الصدامية عاملاً هاماً من تعزيز و تشجيع نضال المعارضة الوطنية و الدينية و التقدمية في العراق.

أيها الحفل الكريم.

لقد ناضل شعبنا العراقي نضالاً باسلاً متواصلاً وقدم مئات الألوف من الشهداء لتحرير العراق من الدكتاتورية الصدامية التي أجرمت بحق الشعب و الوطن مما أدى إلى إضعافها و فضحها و نخر كيانها وبالتالي تسهيل مهمة إسقاطها من قبل قوات التحالف في أسابيع ثلاث. هذه القوات التي أنجزت مشكورة مهمة الشعب العراقي و قواه المناضلة في تخليص البلاد من أبشع و أفظع دكتاتورية. و بعد التخلص من الدكتاتورية فتحت الأبواب على مصراعيها لإجراء انتخابات ناجحة ثلاث و انتخاب المجلس النيابي الممثل لجميع أطياف و مكونات الشعب العراقي و من ثم انبثاق مجلس الرئاسة الذي تتمثل فيه المكونات الأساسية للشعب العراقي و حكومة الوحدة الوطنية التي تجسد وحدة صفوف القوى الفاعلة والأساسية في العراق. وكان إعلان الدستور و موافقة الشعب العراقي بغالبيته عليه انجازاً مهماً تاريخيا في عهد التحرر من الدكتاتورية.

ويتحتم علي القول بأننا نشعر بالشكر و العرفان بالجميل لجميع الذين ساعدونا على تحقيق هذه الانجازات التاريخية التي لا مثيل لها في تأريخ العراق و منهم الأصدقاء الأمريكان الذين نحتفل اليوم معهم بعيد استقلالهم الذي عمت خيراته جميع شعوب العالم و منها شعبنا العراقي.

ونحن نتطلع إلى المساعدة الأمريكية في عهد حكومتنا الرشيدة حكومة الوحدة الوطنية في مقارعة الإرهاب التكفيري الإجرامي الذي يشن حرب إبادة على شعبنا بتكفير الشيعة وهم الأكثرية من شعب العراق و تخوين الكرد وهم القومية الرئيسية الثانية من العراق و وصف العرب السنة بالمرتدين. حكومتنا تشن حملة أخرى ضد عصابات الاغتيال و الاختطاف المنفلتة من عقالها والتي أصبحت خطراً ثانياً على الأمن و الاستقرار من البلاد.

و ختاماً فإنني أهنئ مجدداً الشعب الأمريكي و رئيسه السيد جورج بوش و قواته المسلحة و جميع أبنائه العاملين في العراق بهذا العيد السعيد الذي دشن عهداً جديداً في تأريخ الإنسانية كلها.

و أتمنى للصداقة بين الشعبين الأمريكي و العراقي المزيد و المزيد من التطور و التوسع.

و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org