بيان رئيس الجمهورية بمناسبة ثورة الرابع عشر من تموز

 

سارة الطائي / بنت الرافدين:

وجه رئيس الجمهورية بيانا بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز هذا نصه:

"تحل اليوم الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز المجيدة. ومع هذه الذكرى يستعيد العراقيون شريط الأحداث التي تعاقبت على البلاد، والنتائج التي تمخضت عنها، والعبر والدروس، التي أغنت رصيد التجربة التاريخية للحركة الوطنية بكل مكوناتها وفصائلها وأحزابها.
وكما توحدت الإرادات الوطنية، عشية الثورة وإبانها وفي أيامها الأولى، حول هدف نقل البلاد إلى مرحلة تأسيس دولة القانون والحريات والمؤسسات وحقوق الإنسان، واستطاعت بذلك تحقيق منجزات وطنية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية بالغة الأهمية والخطورة، فإن اختلافها وفرقتها والتباينات في تقيميها لطبيعة المرحلة ووجهتها وأهدافها، قوضت الآمال، وألحقت بالثورة وقواها خسائر وأضرارا جسيمة. كان من آثارها الخطيرة، تمزيق نسيج الحركة الوطنية وتدمير البنى السياسية الايجابية رافعة أي تحول ديمقراطي، ودفع البلاد إلى النفق المظلم الذي شكل انقلاب 8 شباط 1963 بوابته الدموية وقاعدة ارتداده نحو سلسلة من التراجعات والانتكاسات، والتصفيات الدموية التي مهدت السبيل لتسلط حزب البعث العربي الاشتراكي العفلقي وتكريس السلطة الشمولية المطلقة للطاغية صدام حسين وزمرته الإرهابية.
إن القيمة الحقيقية لهذه الذكرى الوطنية تتجسد اليوم في دلالاتها السياسية، بوجهيها، الايجابي والسلبي، وفيما تقدمه من عبر ودروس، وتشيعه من مناخات تعزز إرادة الوحدة والمصالحة الوطنية، والاحتكام إلى لغة العقل والحكمة، وتغليب منطق العمل السياسي المستند إلى قاعدة الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة سلمياً، في مواجهة المغامرات العسكرتارية والإرهاب المنفلت، ونزعة التكفير والإلغاء والمصادرة والتهميش واحتكار السلطة، والفتنة الطائفية.

لقد أطلقت الثورة مع انتصارها، الطاقة الخلاقة للشعب، وأفرزت قيما ومنجزات وطنية رفيعة، وأشاعت الآمال في الإمكانات الكامنة، لإعادة خلق عراق ديمقراطي مستقل، كلي الإرادة في تجسيد مقدرات شعبه وتوظيف ثرواته لصالح تقدمه وتطوره وتعزيز دوره ومكانته في جميع المحافل العربية والإقليمية والدولية.

ومن بين أهم التوجهات التي كرستها ثورة تموز، إرساء أسس " جنينة " للحريات والمساواة بين المواطنين. والإقرار بحقوق المرأة وحماية الطفولة، وإعادة الأرض والكرامة للفلاح، وضمان حقوق دور الفئات والشرائح الاجتماعية التي هضمت حقوقها وفي مقدمتها العمال وذوي الدخل المحدود والفئات المهمشة اجتماعياً واقتصاديا والمقصّية سياسياً وثقافياً.

كما كان من بين أبرز ما أكدت عليه الثورة والدستور المؤقت الذي صاغته، تكريس شراكة العرب والأكراد في الوطن، وضمان الحقوق القومية والوطنية لكل الأقليات والتجمعات الاجتماعية والثقافية وإطلاق الحرية النقابية والحزبية والصحفية في العراق الجديد.

إن هذه القيم والمنجزات والدلالات التي تجسدت في ثورة تموز، كانت هي السبب الرئيس في استهدافها وتعبئة كل القوى الارتدادية للإجهاز عليها وتصفية منجزاتها وجرها إلى ما آلت إليه في ظل نظام الطاغية الفرد المستبد.

ليس بالغريب أن تعيد القوى الوطنية رغم اختلافها في الرؤى والمواقف إبان الثورة، الاعتبار الوطني لثورة تموز وقيادتها. بل إن القوى التي كانت في أساس التأمر عليها أجبرت، نفاقاً، ولكسب ود قطاعات جماهيرية واسعة على الاعتراف بالثورة ودورها التاريخي المجيد في مسيرة العراق المعاصر.

إن البلاد وهي تواجه خطر الانزلاق إلى مخاطر الفتنة الطائفية المقيتة، حرية باسترجاع عبر ثورة تموز، والتصدي بشجاعة وجرأة ونكران ذات للمهمة المباشرة التي تواجه الجميع والمتمثلة بإفشال المخطط التكفيري الصدامي الظلامي الهادف إلى الانحدار نحو هاوية الحرب الأهلية الطائفية، وذلك بإقامة جبهة وطنية ديمقراطية تستوعب كل المؤمنين بالعراق الجديد والتواقين لإقامة نظام ديمقراطي اتحادي توافقي تداولي بالاحتكام إلى العمل السياسي السلمي والانخراط في العملية السياسية الديمقراطية الواعدة.

إن هذه المهمة الوطنية السامية لا تتحقق بأنصاف الحلول والمواقف بل تتطلب إدانة صريحة للإرهاب والتكفير، والذين يحتكمون للسلاح بدلاً من العمل السياسي السلمي الدؤوب وان تنخرط كل القوى والأطراف التي تعلن مثل هذا الموقف، في النشاط العملي المباشر في ملاحقة الإرهابيين وتصفيتهم، وتجفيف مصادر نشاطهم والدعوة للتعبئة الشعبية العامة ضدهم.

إن على الجميع استعادة المغزى العميق للثورة المغدورة التي نستعيد ذكراها اليوم، والتمعن في ذكرياتها المفجعة، حيث أكلت الثورة بفعل الأخطاء والخطايا التي ارتكبت أبناءها وقواها وقياداتها، الواحدة تلو الأخرى.

ونحن إذ نسترجع ذكريات ثورة تموز بوصفها محطة أساسية في المسيرة السياسية لبلادنا، ليس بوسعنا إلا الإشادة بدور زعيمها عبد الكريم قاسم الذي صفي بوحشية وغدر والذي برهن بعد رحيله المفجع على عصاميته ووطنيته ونزاهته، ونظافة يده ودفء قلبه، دون أن يخلف وراءه شروى نقير.

لنتوحد جميعاً، لكي لا نكرر مأساة تأريخ كان يمكن أن يكون نقطة انطلاقة مضيئة واعدة لشعبنا ووطننا.

لنتوحد، ولنعمل معاً لإنجاح مبادرة الوحدة والمصالحة الوطنية متضامنين مع الحكومة وقيادة البلاد.

لنتوحد.. ففي هذا التوحد،.. ضمان انتصارنا على الإرهاب والتكفير والفتنة الطائفية المقيتة.

لنتوحد إذ بهذه الوحدة، نصون وحدة شعبنا ومستقبل وطننا، ونضعهما على طريق التقدم والديمقراطية

المجد لتموز ومآثرها الوطنية الخالدة.

الذكرى العطرة لقادتها الشجعان وضباطها الأحرار وعلى رأسهم الزعيم عبد الكريم قاسم

جلال طالباني

رئيس الجمهورية

14 – 07 – 2006 "

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org