القوات الإيطالية .. بعد ثلاثة أعوام من تواجدها في ذي قار

 

 

طالب خيون كاظم الموسوي / الناصرية / بنت الرافدين

بعد أكثر من ثلاثة أعوام من تواجد القوات الإيطالية في ذي قار ضمن القوة المتعددة الجنسيات ،   تبدأ تلك القوات انسحابها المقرر منتصف الشهر الحالي ، لتتسلم محافظة ذي قار الملف الأمني منها ، وتكون ثاني محافظة في العراق بعد السماوة التي تسلمت ملفها الأمني في السابع من الشهر الماضي .

وكانت القوات الإيطالية قد تسلمت من القوات الأمريكية الملف الأمني لمحافظة ذي قار في 30 حزيران من عام 2003 ، أي بعد ثلاثة اشهر من سقوط النظام السابق ، وتألفت قواتها من 2900 جندي ، تقلصت فيما بعد إلى   1600جندي ، وهي تمثل رابع اكبر قوة منتشرة في العراق .

وجرت في المحافظة استعدادات لاستلام الملف الأمني كان آخرها إبرام اتفاقية عسكرية بين القيادة العسكرية الإيطالية والقوات العراقية بداية هذا الأسبوع تم بموجبها تسلم اللواء الثالث من الجيش العراقي في المحافظة تسلم مهمة تدريب القوات العراقية وعملية انخراطهم في دورات تدريبية مستمرة لإكمال جاهزيتها لاستلام الملف الأمني .

وخلال فترة تواجدها في الناصرية ، تعرضت القوات الإيطالية إلى هجمات عديدة ، كما خاضت معارك ضد ميليشيات مسلحة في المحافظة ، أبرزها جيش المهدي ، وبلغت خسائرها خلال ثلاثة أعوام 31 جندي ، منهم 19 جنديا قتلوا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة نفذته القاعدة عام 2004.

ومارست القوات الإيطالية مهام مختلفة توزعت بين الملف الأمني وملف إعادة الإعمار في المحافظة ، وبين راض وساخط على وجود قوات أجنبية تتولى هذه المهام ، تبقى المبررات التي يطرحها كل طرف هي التي تكشف عن أهمية الدور التي قامت به تلك القوات في مجالات عديدة في المحافظة.

يقول رئيس مجلس محافظة ذي قار إحسان الطائي ، " أن  تسلم الملف الأمني  مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأجهزة الأمنية في المحافظة بالدرجة الأولى ، كما هي مسؤولية الجميع من أبناء المحافظة."

وأوضح في تصريح  ل(بنت الرافدين)" لا يخفى الدور الذي قامت به القوات الإيطالية عبر ثلاثة أعوام لاسيما في ظل الفراغ الأمني الذي شهدته المحافظة بعد السقوط .. بقيامها ببرامج التدريب التي تلقاها عناصر الأمن والجيش العراقي التي أدت إلى جاهزية تلك القوات لاستلام الملف الأمني للمحافظة وإدارته بكامل المسؤولية ." 

وقال " إنها مناسبة يسجلها تاريخ المحافظة تستلزم تظافر كل الجهود وتعاون القوى والأحزاب السياسية والإسلامية وكافة أطياف المحافظة في سبيل إنجاحها."

وقال نائب المحافظ احمد طه الشيخ " الملف الأمني في المحافظة هادئ بشكل أكثر منه في محافظات أخرى ، وقد ساعدت القوات الإيطالية على المحافظة على هذا الملف من خلال تعاونها مع أجهزة الأمن العراقية وقيامها بأعمال أمنية مشتركة ."

وأشار إلى" إن ملف إعادة الإعمار كان احد المهام التي أشرفت عليها القوات الإيطالية من خلال المنح التي تقدمها تلك القوات إلى المحافظة لإقامة مشاريع مختلفة ."

من جانبه ، قال العقيد عبد الحسين ثجيل معاون مدير شرطة ذي قار ل(بنت الرافدين)" لعل ابرز ما قدمته هذه القوات إشرافها على تدريب الجيش والشرطة في المحافظة وتزويدهم بالمهارات القتالية التي تضمن امن المواطن ، إذ تم تدريب حوالي 12 ألف عنصر من أجهزة الأمن والشرطة ، فضلا عن تحقيق جاهزية اللواء الثالث من الجيش العراقي في الناصرية."

وأضاف " كما عملت القوات الإيطالية على تامين حماية المواقع الأثرية ، حيث شكلت قوة خاصة لحماية الآثار في المحافظة قوامها 150 جندي."

وحول ملف إعادة الإعمار ، ودور القوات الإيطالية في هذا الجانب ، قال المهندس ثجيل علي رئيس لجنة الإعمار في المحافظة" إن القوات الإيطالية في الناصرية نفذت العديد من المشاريع أبرزها مشاريع الري والزراعة ومساعدة الجمعيات العراقية وتأهيل البنى التحتية ،فضلا عن المساعدات في مناطق الأرياف."

وأضاف " كما إن هناك منح قدمتها القوات الإيطالية ضمن مشروع تسريع إعادة الإعمار ويجري العمل بها في المحافظة وتشمل إكساء الشوارع وبناء الأرصفة ومجاري مياه الأمطار في إحياء مركز المحافظة."

وذكر " أن الفريق الهندسي التابع إلى القوات الإيطالية قد قام بالعديد من المشاريع في المحافظة أبرزها تنفيذ 30 قناة أروائية لتنسيق عمليات ري المناطق الزراعية في المحافظة بكلفة تبلغ حوالي 900 ألف دولار، وقد ساهمت في تنظيم عمليات الري التي تعاني مشاكل كثيرة في المناطق الريفية."

من جانبهم ، عبر مواطنون لوكالة أنباء أصوات العراق المستقلة عن مشاعرهم برحيل القوات الإيطالية عن المدينة .

وقال المواطن كامل عزيز (58سنة) ،"لا يمكن بأي حال من الأحوال نكران الدور الكبير الذي قدمته القوات الإيطالية لحفظ الأمن في مدينة الناصرية خاصة في الأيام الأولى لسقوط النظام الدكتاتوري وقبل أن يتم تشكيل قوات الجيش والشرطة العراقية"

وأضاف " لم يقتصر دور الإيطاليين على حفظ الأمن فقط بل تعداه إلى المحافظة على المواقع الأثرية في المدينة التي تعرضت للسلب والنهب بعد الفوضى التي عمت البلاد ، وقد دفع الإيطاليون لخدماتهم هذه ثمنا باهضا عندما قدموا العديد من دماء الجنود في حادث التفجير الانتحاري الذي طال موقعهم في وسط المدينة "

وأوضح " لقد قامت القوات الإيطالية بالعديد من المشاريع الإنسانية التي انعكست بشكل ايجابي على حياة المواطن ، مثل تأهيل المستشفيات ومحطات ضخ الماء وبناء المدارس وغيرها من المشاريع."

ووصف الكاتب والمخرج المسرحي  ياسر البراك مساهمة القوات الإيطالية في تفعيل المشهد الثقافي في المحافظة بأنها " موضع احترام وتقدير النخب المثقفة التي كانت تبحث عن مكان لها في ظل غياب الدعم الحكومي ."موضحا  " كانت المنحة الكبيرة التي قدمتها القوات للثقافة عبر إنشاء المركز الثقافي في الناصرية بادرة كبيرة عززت احترام النخب المثقفة لهذه القوات."

وكانت القوات الإيطالية قد باشرت بإنشاء مجمع المركز الثقافي المحافظة الذي لا يزال العمل به جاريا يحتوي على قاعات للمسرح والموسيقى والنشاطات الفنية الأخرى .

 وتابع البراك من جانب آخر  " كما لعب الإيطاليون دورا كبيرا في لجم الميليشيات المسلحة التي أرادت العبث بأمن المدينة واستقرارها ، وتعاملت معها بطريقة عقلانية بعيدة عن العنف الشديد الذي تتعامل به بقية القوات مثل الأمريكية والبريطانية مع تلك الميليشيات."

وخلص إلى القول "لاشك أن وجود هذه القوات في المدينة يعتبر صمام أمان لأمنها واستقرارها ، ونعتقد أن انسحابها حاليا يخل بأمن المدينة لأننا نرى عدم قدرة القوات العراقية على معالجة المشاكل الأمنية الحالية ما لم يكون لها إسناد من قبل هذه القوات ."

ويشاركه الرأي ، مواطن فضل عدم ذكر اسمه بقوله " أن عناصر الجيش والشرطة هم عبارة عن ميليشيات تنتمي إلى أحزاب مختلفة لايمكن لها أن تدير امن المحافظة بعيدا عن صراعاتها ومصالحها ."

وأوضح " وجود قوات أجنبية تشارك في إدارة الملف ضرورة ملحة في هذا الوقت ، لأنها تستطيع أن تمنع انفراد بعض الجهات بالقرار الأمني."

أما المواطن جاسم خضير ممثل مكتب الشهيد الصدر في حي أور ، فقد أبدى ارتياحه لرحيل القوات الإيطالية ، وقال " أنها قوات محتلة يجب عدم التعامل معها شانها شان القوات الأمريكية التي تسرق أضعاف ما تنفقه من دعايات كاذبة لأعمال تقوم بها في خدمة المحافظة كما تدعي."

وأوضح " لقد سبق وان فضح نائب محافظ ذي قار السابق المشاريع الوهمية التي كانت تقوم بها القوات الإيطالية بملايين الدولارات ، ولا ننسى العمل الذي قامت به تلك القوات بتسريب حقن طبية تحتوي على فيروس الإيدز إلى مستشفى الولادة وهو الحادث الذي تم التستر عليه من أعلى المستويات ."

وقالت السيدة هدى عباس ، مسؤولة العلاقات العامة في تحالف منظمات المجتمع المدني بذي قار " إن عودة السيادة إلى العراقيين في كل مكان هي فرحة ومناسبة تاريخية ، لاسيما ونحن مقبلون على استلام كافة الملف الأمني في نهاية هذا العام ."

وأضافت " نحن نطلب من كافة الأحزاب والمسؤولين أن يحافظوا على الأمن والاستقرار بعيدا عن تدخلات قوات الاحتلال ويثبتوا كفاءتهم في هذا الميدان ."

ومع اقتراب بدء الانسحاب النهائي للقوات الإيطالية من الناصرية تظل صورة المشهد الأمني والاجتماعي والسياسي في المحافظة رهن الدور الذي تقوم به قوات الشرطة والجيش في المحافظة ، فضلا عن الأحزاب والقوى التي تمسك بزمام الإدارة فيها ، لكنها تظل مفتوحة على أكثر من تحليل ورؤية ، منها هي ما يوجزها  محلل سياسي ، فضل عدم ذكر اسمه ل(بنت الرافدين)" بأنها مقدمة لفدرالية الجنوب ، فالملفات الأمنية خطوة في تحريك هذا الملف الرئيسي الذي يجعل كل مقدرات المحافظات الجنوبية خاضعة للجهات التي تنادي بالفدرالية والتي تمتلك سلطة القرار في تلك المحافظات الآن ومستقبلا ."

ويوضح " إن الملف الأمني عصب الحياة لنجاح مسعى الجهات الداعمة لمشروع الفدرالية ، في هذا الوقت بالذات الذي يتزامن مع الدعوات لإقامة مثل هذا المشروع ، لكي يتسنى لتلك الجهات أن تمارس تثبيت عوامل نجاحها منذ الآن ، في طريق التكامل المؤسساتي لدولة الفدرالية."

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org