رئيس الوزراء يلقي كلمة في المؤتمر العام لشيوخ العشائر

 

احمد الهنداوي / بنت الرافدين:

القى السيد رئيس الوزراء  نوري كامل المالكي كلمة  في المؤتمر العام لشيوخ العشائر للمصالحة والحوار الوطني هذا نصها

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

"ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".

 

   أيها الإخوة

زعماء وشيوخ ووجهاء عشائر العراق المحترمون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

   يطيب لي أن أخاطبكم وأن أقرأ في وجوهكم الشمائل الكريمة للقبيلة العراقية والعربية حيث الكرم والشهامة والنخوة والحمية ، وحيث تأريخ العراق المجيد وهويته الذي كتب ومازال يكتب بدماء وسواعد أبناء القبائل والعشائر من الذين بذلوا ومازالوا يبذلون الغالي والنفيس من أجل العراق ، وهاأنتم تجتمعون اليوم في لحظة حاسمة من تأريخ وطنكم ووطن آبائكم وأجدادكم.

   أيها الإخوة إنكم تجتمعون اليوم تحت عنوان المصالحة والحوار الوطني ، وهي المبادرة التي أطلقتها ومازلت أصر على تفعيلها وإنجاحها وتعني في جوهرها أن لايبقى أحد من المواطنين خارج ورشة إعادة بناء الوطن سياسياً وإقتصادياً وعمرانياً فالعراق في هذه المرحلة بحاجة غلى كل أبنائه ، والعراق لكل أبنائه لافرق بين عربي وكردي وتركماني وكلدوآشوري ، ولافرق بين سني وشيعي ، على أن لايعني إننا لانختلف في الرأي ، نعم نختلف ، والإختلاف حالة صحية ، ولكننا نختلف ونلجأ إلى الحوار في حل هذه الإختلافات دون أن نحتكم إلى السلاح ، فالسلاح لايحل خلافاً أو مشكلة وهو بين الأعداء وليس بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد ، ولايمكن أن نبني العراق عبر العنف إنما بناء العراق بالسلم والأمان ومن خلال المصالحة وعبر الحوار الجدي نصون وحدتنا الوطنية التي هي رمز قوتنا ، ونقطع على الأعداء والإرهابيين والغرباء الذين يريدون تهديد وحدة الشعب والوطن عبر إثارة الفتن الطائفية وعبر عمليات القتل والتخريب الذي يستهدف الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ ، ويستهدف البنى التحتية للوطن والدولة.

   إن تحرير الوطن من أي نفوذ أجنبي وقطع يد الأعداء الذين يريدون شراً بالعراق وأهله لايمكن أن يتم دون وحدة وطنية وإجماع وطني ، هذه الوحدة التي صانها آبائنا وأجدادنا عبر عشرات بل مئات السنين ولايجوز لنا بأي حال من الاحوال أن نفرط بما بناه أسلافنا الكرام ، وهنا يأتي دور العشائر التي تمثل نسيجاً إجتماعياً متماسكاً رغم الإختلاف بين أبنائه ، فليس سراً أن تجد العشيرة الواحدة من عشائر العراق تجمع السني والشيعي وإختلافهم المذهبي لم يفرق أخوتهم وإنتمائهم القبلي.

ثم أن العشائر العراقية بما تمتلكه من نخوة وغيرة على الوطن ، وبما تمتلكه من قوة وشجاعة وعزيمة الرجال ، وبما تمتلكه من إنتشار على مساحة العراق وثغوره لابد أن تلعب دوراً في مواجهة الإرهابيين والمخربين والمتسللين من خارج الحدود ، وتقطع الطريق على كل الذين ينفخون بنار الفتنة الطائفية.

   أيها الرجال الوطنيون:

إن هذا الوطن العزيز يراد له أن يحترق ويحترب أبناؤه وتتمزق أشلاؤه ، ولايخفى عليكم التدخل الخارجي والأوضاع الصعبة التي نمر بها ، ورغم أن العراق والعراقيين إعتادوا أن يضحوا من أجل الشقيق والصديق ويفتح قلبه للجميع إلا أنه اليوم يجازى جزاء سنمار ، وإذا كنا ننتظر العون من الاشقاء فإننا نؤكد لهم أن العراقيين كلما شعروا بمحنة وطنهم إلتفوا على بعضهم وتعاضدت رجالهم وتناسوا خلافاتهم وكلهم يشعرون بالخسارة الكبرى التي لن يربح بها أحد إذا أضيم الوطن ، فكرامة المواطن من كرامة وطنه ، وإستقراره بإستقراره ، ومستقبل أطفاله مرتهن بمستقبله.

خير العراقيين خيرهم لوطنهم وشعبهم ، وخيرهم من يعمل لحماية وحدته الوطنية وتماسك الأخوة بين أبنائه ، وخيرنا من يقدم مصلحة العراق على مصالحه الشخصية والحزبية والقومية والطائفية.

خيرنا من يشمر عن ساعد الجد والعمل والتحدي لعناصر التخريب والإرهاب الذي يريد أن يمزق وطننا عبر حمامات الدم والقتل ، ومواجهة من يريد العراق ساحة لأهدافه وعقائده المنحرفة التكفيرية ، ومساحة لتصفية حساباته الداخلية والخارجية على حساب مصالحنا الوطنية.

لقد تصدينا بحزم وصلابة للإرهابيين وفتحناها معركة شاملة معهم وتمكنا والحمد لله ونحن نستمر في بناء أجهزتنا الأمنية والعسكرية أن نضربهم ضربات موجعة وأثبتت لهم أن إرادتنا أقوى من الإرهاب وإن بلدنا لن يكون مقراً وممراً للإرهابيين وسيكون مقبرة للأفكار الفاسدة وللإرهاب وللإرهابيين. وإن من توهم من أركان النظام الصدامي إمكانية العودة إلى الحكم فقد خدع نفسه ، بعدما إكتشف العراقيون وحدتهم وقوتهم وطريقهم إلى الحرية والديمقراطية ، ولن يعودوا بعد اليوم إلى الدكتاتورية والقمع.

مهما عكست وسائل الإعلام من صور الفاجعة ومهما بلغت حد القتل الوحشي للأبرياء يظل العراق يسير في طريق الإنتصار فالحرية السياسية والإعلامية والإقتصادية ، والدولة التي تستند لأول مرة إلى دستوردائم كتبه الشعب وصوت عليه ، والتطور الإقتصادي والمشاريع الكبيرة التي تتجه الدولة لتحقيقها ، والجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الحديثة التي تقوم على أسس قانونية تحمي الوطن وتحترم كرامة المواطن والعلاقات السياسية الخارجية المستندة إلى إحترام الآخر وعدم التدخل في شؤون الآخرين كلها نجاحات أنتجت حكومة الوحدة الوطنية عبر مجلس النواب الذي يجلس تحت قبته كل شرائح الشعب العراقي.

إن مسيرتنا السياسية والعسكرية تسير بخطوات ثابتة نحو إستلام الملف الأمني وإستعادة كامل الإرادة والسيادة في وقت زمن قياسي.

الإرهابيون والصداميون يقتلون الأبرياء ، يخربون المؤسسات ويضربون أبراج الكهرباء ويفجرون أنابيب النفط ، وهذا كله يزيد في معاناة المواطنين ويدفع الوطن إلى الوراء من حيث الرفاه والعيش الكريم.

   أيها الأخوة :

العراق لكل العراقيين وثرواته لهم وأساس لوحدتهم وسلامة وطنهم ، ولن يذهب المال العراقي بعد اليوم إلى التآمر أو الحروب على دول الجوار ولن يذهب المال لشراء الذمم والأقلام المأجورة ، وسيظل المال مقاتلاً ضد الإرهاب وضد الفساد ويعمل لمواجهة تحديات الإعمار والبناء وتطوير الإقتصاد.

   أيها المؤتمر الكريم

المصالح الوطنية باب واسع نفتحه أمام كل من يريد أن يشترك في بناء الوطن ، والمصالحة فرصة لمراجعة المواقف والأفكار ، ولاتعني البحث عن توفير أفضل الفرص لمحاصرة الخلاف والصراع ، وهي فرصة للإحتكام إلى المنطق والعقل ، وتشكل أفقاً للتسامح والعفو وتغليب لغة الأخوة على منطق العنف.

لقد جرب من فكر بعقلية طائفية ومارس سياسة الإلغاء والتهميش المذهبي والقومي والسياسي للآخر ، وسقط آلاف الشهداء جراء سياسة الإلغاء والتفرد ، والنتيجة ظلت فكرة الوطن الواحد شامخة وفكرة الشراكة الوطنية أساساً ، وإرتفع بشكل رائع منطق الوحدة الوطنية ورفض الحكماء لغة التهميش وعادت الأمور إلى طبيعتها التي تستند إلى فكرة المساواة بين أبناء الوطن في الحقوق والواجبات ولاتمييز بين المواطنين الذين يحملون هوية الإنتماء إلى العراق لاغير.

وإيماناً منا بدور العشائر العراقية كان المؤتمر الأول من مؤتمرات المصالحة الوطنية هو مؤتمر العشائر ، فالعشائر لابد أن تكون في الصف المتقدم لصون العراق أرضاً وشعباً وإن إجتماعكم اليوم أيها الأخوة ليس إجتماعاً عابراً إنما هو بداية إنطلاقة عمل نحو المصالحة الوطنية ولكم أيها الإخوة أعراف وسنن في المصالحة وأعاهدكم أن إخوانكم وأبناؤكم في مؤسسات الحكم والدولة يضعون أيديهم بأيديكم لما فيه خير العراق وخير العراقيين جميعاً دون إستثناء أو تفرقة.

وأعلن لكم إنني مع كل جهد طيب على هذا الطريق وأبوابي مفتحة لكم ولكل أبناء العراق على طريق الخير والبناء .

إن العبء كبير والمسؤولية ثقيلة ، والعبء الثقيل لاينهض به إلا أهله فمعاً على بركة الله...

"وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

                                                                         نوري كامل المالكي

                                                                 رئيس وزراء جمهورية العراق

26/8/2006

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org