بيان في الذكرى السنوية السادسة عشر لتأ سيس الاتحاد التركماني

 

احمد الهنداوي / بنت الرافدين

بسم الله الرحمن الحيم

في شعبان الخير ومن الاجواء الروحية المفعمة بالامل وفي عشية ذكرى ولادة الامام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف ) في 15 شعبان المعظم وقبل ستة عشر عاما وبالتحديد في سنة 1991 انطلقت المسيرة المباركة للاتحاد الاسلامي لتركمان العراق وسط تحديات جمة وظروف سياسة معقدة وتصاعد الفعل الجهادي والنضالي للشعب العراقي بفعل الانتفاضة الشعبانية المباركة في الداخل التي زلزلت عرش الطاغية صدام وكادت ان تطيح به لولا التدخلات الاقليمية والدولية التي القت اليه بحبل النجاة لتنقذه وتفك الحصار عنه في اخر اللحظات بعد ان تم محاصرته اثر سقوط اكثر من اربعة عشرة محافظة في الجنوب و الشمال والشروع في الزحف نحو العاصمة بغداد , وكانت المدن و المناطق التركمانية من بين تلك المدن التي انتفضت و تحررت من الديكتاتورية لعدة ايام وجرى عليها ماجرى على غيرها بعد الانتفاضة من دمار وقتل جماعي وتشريد للأهلها وسكانها . و ان ثلة مؤمنة من الكفاءات والكوادر التركمانية الملتزمة والواعية لمسؤوليتها الشرعية ودورها التاريخي كانت حاضرة بقوة في الساحة السياسية العراقية وتعمل منتظمة في واجهات سياسية عامة ومن مواقع العمل تلك كانت تراقب عن كثب التطورات المتسارعة والمتغيرات المتلاحقة التي يشهدها البلاد في الداخل من انتفاضة عارمة بموازاة مع التحركات السياسية المحمومة للقوى الوطنية المعارضة في الخارج والتي بدأت لملمة صفوفها وتكتيل قواها وتوحيد جهودها في اطار نضالي مشترك وقد وجدت تلك الثلة التركمانية ان هناك غيابا تاما للصوت والعنوان التركماني الوطني والاصيل في الساحة وشخصت الخلل والفراغ والحاجةالماسةالى ذلك مما حفزها الىالتحرك السريع والامساك بخيط المبادرة واقتناص الفرصة التاريخية وعليه بادرت بالاتكال على الله وبثقة عالية بالنفس وحماس كبيرلملأ هذا الفراغ السياسي والاستجابة الواعية لتلك الحاجة ومعالجة الخلل في المعادلة السياسية العراقية والسعي لتحمل أعباء مسؤولية التمثيل التركماني الى جانب القوى الوطنية العراقية التي بدأت تتحالف في اطار المشاريع الموحدة وتلتقي في المؤتمرات الموسعة وتنسق جهودها ونضاله في لجان العمل المشتركة تمثل القوى الفاعلة والمعبرة عن مختلف اطياف الشعب العراقي . وهكذا انبثق الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق من رحم الواقع الذي يعج بالحركة ونسجت خيوطه اصابع كابدت انواع المحن والمعاناة وصنوف النضال المر والتضحية السخية وبدأ هذا الوليد المبارك يحث الخطى ويحتل موقعه في الساحة ويضع حدا للجهل بالتركمان وواقعهم الاجتماعي والسياسي كما وينهي مرحلة من التغييب والغياب التركماني . ومع ظهور الاتحاد على الساحةالسياسية العراقية والتركمانية بدأ مسار سياسي جديد للتركمان يختلف كل الاختلاف عن الصورة النمطية المعروفة به التركمان سياسيا لدى الاطراف المحلية والاقليمية والدولية والانطباعات الخاطئة لديهم عن توجهاتهم ودورهم وعلاقاتهم وطبيعة تعامل النظام معهم وقلة المعلومات عنهم الى درجة تكاد تكون معدومة اوعندهم تصورات بدائية لا تميز بين التركمان والاخرين. ان الاتحاد استطاع ان يحول المظلومية التي قوامها الدماء الزكية لشهداءنا الابرار والد موع السخية لارملنا وايتامنا والعرق الغزير لمجاهدينا وابطالنا والشعور الجارف بالتهميش والانسحاق لشرائح شعبنا الى قضية سياسية حية تتحرك وفق اهداف وغايات وعلى اساس خطاب ورؤية واضحة ويعبر عن حقيقة راسخة في الواقع الاجتماعي والسياسي والنضالي التركماني . وتمكن اتحادنا ان يقف على رجليه في وقت قصير ووسط ساحة تتنافس فيها القوى الكبيرة عندما تمكن ان يحدد موقعه في الاصطفافات السياسية منحازة الى جانب القوى الوطنية الاسلامية ومندكة في النضال الوطني المشترك بكل اوجهه ومجالاته من دون مهادنة النظام الديكتاتوري او الوقوف في الوسط او المجاملة السرية معه بل واصل النضال بكل اشكاله وصوره ضد النظام بلا هوادة او تردد للحظة .  وعلى ضوء ما تقدم لم يكن انطلاقة الاتحاد محض صدفة اوضربة حظ بل قرارا شجاعا وجريئا ومبادرة خلاقة , وان نجاحه مع قلة امكانياته كان بتوفيق من الله تعا لى وببركة دماء الشهداء ومساعدة القوى الخيرة في الساحة العراقية ودعم ومساندة الاحرار والمخلصين الذين استبشروا خيرا بهذ الوليد الجديدوالاستفادة من الظرف التاريخي وتوظيفه بشكل مبدع والالتحام السريع بالمسيرة النضالية للقوى الوطنية . . ومنذ البداية توفر للاتحاد نظرية سياسية واضحة المعالم واعتمد على خطط عملية وقواعد محكمة واختط لنفسه طريقا ومنهجا معتدلا وعقلانيا متوازنا في اطار الواقعية السياسية من دون تفريط اوتضحية بالعقيدة الحقة , وقد اثبتت الاحداث صوابية المنهج والرؤية الاتحادية على اكثر من مستوى وصعيد ودقة تشخيصه للامور وحرصه على هويته الاسلامية المتميزة . وان نظرة منصفة وموضوعية للمسيرة الاتحادية منذ انطلاقته والى يومنا هذا وتقييم عادل لدوره وانجازاته وما تحقق بفضل وجوده وجهوده للاسلاميين التركمان بشكل خاص وللتركمان بشكل عام يمكن الاشارة الى مايلي :-- 

1- استطاع الاتحاد ان يبلورة ويبرز قضية سياسية وطنية واضحة وصريحة للاتجاه الاسلامي التركماني عبر التوظيف الخلاق لتضحياتهم والتحرك السياسي والجماهيري والاعلامي الواسع والحضور الفاعل في المحافل والمنتديات ومشاريع ومؤتمرات القوى الوطنية العراقية .

  2- استطاع الاتحاد ان يكشف عن عمق الاتجاه الاسلامي في الوسط التركماني وانه اتجاه جماهيري قوي وفاعل له تاريخ نضالي وجهادي حافل ومشرف .

 3- استطاع الاتحاد ان يفرض حضورا قويا للاتجاه الاسلامي التركماني في الساحة السياسية العراقية بمواقفه الشجاعة ودفعه لقضية التركمان الى واجهة الاحداث وقلب الساحة .

 4- استطاع الاتحاد ان يجعل الحالة الاسلامية في وسط التركمان جزءا اساسيا وحقيقيا من المعادلة السياسية العراقية وقد كان هناك دوما مثلا عن الاسلامين التركمان في كل مشروع ومؤتمرولجنة تتشكل من القوى الوطنية والاسلامية . 

5- ان الاتحاد بنجاحاته اشاع اجواء ايجابية ومشجعة في الساحة التركمانية دفعت الى ظهور حركات وشخصيات اسلامية تركمانية عديدة ركزت جهودها على الوضع التركماني بالدرجة الاساس .

6- ان الواقعية السياسية التي ميزت منهج الاتحاد جعلت منه اليوم جزءا من تحالف عريض ومشارك في الحكومة وادارة البلاد وله حضور في اكثر من موقع في الدولة وقد ساهم ذلك في توفير فرص للقوى التركمانية المختلفة للاستفادةمن هذا الواقع .

7- تمكن الاتحاد ان يجعل الاتجاه الاسلامي صنوالاتجاه القومي قوة وحضورا وفعلا سياسيا وقد ادى ذلك الى اضافة نضالية وجهادية للقضية التركمانية واعطاءها زخما ودفعا قويا . اننا اليوم اذ نحي الذكرى السنوية لتأسيس هذا الرافد الاسلامي التركماني الكبير لابد ان نتذكر ان الطريق الذي قطعناها لم يكن معبدا وسهلا بل كانت محفوفا بالمخاطر وتطلب عملا دوؤبا وجهودا مضنية ومتابعة يومية ومستمرة وقدرة على اتخاذ الموقف والقرار السليم والتركيز على المهام والاهداف وحمل هموم الحركة والقضية ونذرنا انفسنا لها من دون التفكير بالعواقب اوالراحة .  ونعتقد بأننا لازلنا في بداية الطريق وان امامنا اعمالا ومهاما جساما ولم نحقق كل ما خططنا له ونصبو اليه من هنا ان تقوية البنية التنظيمية لاتحادنا تشكل اولوية لنا في هذه المرحلة في مواجهة التحديات والاستحقاقات المستقبلية.  وعلى الصعيد الجماهيري نتطلع الى ان نقدم افضل ما يمكن ونستطيع لجماهيرنا عبرالاستفادة من مشاركتنا في الحكومة وعلاقتنا الواسعة مع رجالات الدولة في مواقع مختلفة . ان الوضع الاداري للمناطق التركمانية والوضع الخدمي فيها لازالت تضغظ بقوة علينا ويتطلب منا العمل الجاد من اجل تحقيق وضع اداري عادل ومتوازن يكون للتركمان من ابناء تلك المناطق دورا اساسيا في ادارة مدنهم ومناطقهم بعيد عن الاستئثار او الاقصاء اوالاستفادة من ظروف طارئة . ان وحدة الموقف التركماني والعمل معا من اجل ايصال الرأي والموقف التركماني بقوة الى كل الاطراف من اولوياتنا في هذا المقطع التأريخي ونعتقد بالوحدة الواقعية المرنة التي تشاد على قاعدة وحدة الموقف من القضايا المركزية والمصيرية وليس على أساس الاطارالفضفاض والهيكل الجامد . اننا الى جانب تركيزنا على مشروعنا التركماني والذي يعد الاصل والاساس غير انه لا ينبغي ان ننسى باننا جزء لا يتجزء من مشروع وطني نتحمل مسؤولية نجاحه مع القوى الاخرى وان جل ما تحقق لنا كان بهذا الاعتبار وان ذلك ضمانة لاستمرار وديمومة مكتساباتنا والحصول على المزيد انشاء الله . ان قضية كركوك بالنسبة لنا قضية محورية تحوز على اهتمام بالغ في مجمل نشاطاتنا وتحركاتنا وخطابنا السياسي وسنجهد من اجل حل عادل لها ونعتقد ان صيغة متطورة من الادارةالمشتركة بين الاطراف الاساسية في المدنية من مختلف القوميات ينبغي ان يكون الاطار والقاعدة التي نتحرك منها للتعاطي والمقاربة من هذه القضية الحساسة محليا واقليميا ودوليا , وان حل هذه المشكلة الوطنية لايكون ميكانيكا محضا بل توافقيا سياسيا مرضيا من قبل كل الاطراف المعنية ,ولابد ان ندافع عن هوية المدنية التي تتشكل من الوان وخيوط كل الانتماءات القومية لابناء المدنية الاصلاء .  ان تقدم الاسلاميين الى واجهة الساحة التركمانية واحتلال الخط القيادي الامامي فيها لم يأتي اعتباطا ومحاباة بل كانت نتيجة جهود وفعل وحضور والقدرة على تفعيل الممكنات والاستفادة من التعاطي الايجابي من العهد الجديد وتعزيز التحالف مع القوى والجهات الساندة لحقنا وكان لاتحادنا الدور الاساس في ذلك , وان هذا التقدم يفرض علينا ان نعزز دور كل التركمان الخيرين والمخلصين لقضيتهم وفي نفس الوقت يقتضي منا في الاتحاد وكأسلاميين تركمان العمل على ايجاد قاعدة تنسيق مشترك بيننا وهيكلة نشاطاتنا عبر مكاتب ولجان مركزية وميدانية.  ان التحرك المشترك في اطار القضايا الاستراتيجية بين البرلمانيين التركمان ضرورة وحاجة ينبغي ان نهتم به وندفع بهذا الاتجاه بقوة خاصة وان هناك استخقاقات دستورية وتشريعات تتطلب موقفا وتحركا تركمانيا موحدا داخل البرلمان وخارجه كما ان هذا التنسيق هو المتاح مرحليا كاطار للوحدة في الساحة التركمانية,و ان في الدستور مواد تحتاج الى تشريعات وقوانيين وعليه لابد من العمل على تهيئة التصورات الاولية عن الرأي التركماني حول هذه التشريعات .  ان تحصين الوسط التركماني من الاحتقان الطائفي ومحاولة النأي بها بعيدا عن اجواء االشحن والتوتر التي يجري في مناطق اخرى مسؤولية كل الاتجاهات السياسية في الساحة التركمانية والتي عليه ان تراقب وتشدد الاجراءات بهذا الصدد وضرورة توجيه كافة المنابر والوسائل الاعلامية للتأكيدعلى الوحدة الاجتماعية للتركمان وحماية مناطقهم من الاختراقات والفتن والانتباه الى الدعايات المغرضة وتسلل الافكار التكفيرية الضالة . ان الاعلام التركماني لازال دون المستوى في التعريف بواقعنا والدفاع عن حقنا المشروع وعليه لابد من العمل على تطوير الاعلام التركماني بمختلف وسائله وتحديد الخطاب الاعلامي وثوابته والتأكيد على التعاون والتنسيق بين المنابر الاعلامية المختلفة في تبادل المعلومات والتقارير .  ان التعاطي الايجابي مع الوضع الجديد والتفاعل مع الحكومة توفر للتركمان مكاسب اكثر من الابتعاد والمقاطعة مما يجعلنا في المتن السياسي للبلد اما المعارضة في الاجواء الحالية سيدفع بالتركمان الى هامش الحياة السياسية والتأخر عن القافلة والركب واضعاف دورنا في رسم مستقبل وطننا , و ينبغي ان ننتزع مكاسبنا بايدينا ولاننتظر من يجود به علينا وان اي موقع في الحكومة والدولة ولوكان ادنى واقل مما ينبغي لنا ولكنه يبقى افضل من اكبر دور معنوي وسياسي في خارجه سواء كان ذلك بالسنبة لشعبنا او للقوى السياسية التركمانية .  ان الانفتاح على دول الجوار الاقليمي والتحر ك على دول القرارمن خلال المجموعة البرلمانية امر ينبغي الاقدام عليه لعرض وجهات نظرنا والتعريف بأنفسنا كمثليين شرعيين منتخبين لشعبنا التركماني .  اننا اذ نعيش في اجواء الخامس عشر من شعبان حيث تزدحم بالمناسبات العبقة والذكريات العطرة التي تترابط فيما بينها بخيط العقيدة والولاء , والتي منها الذكرى السنوية لتأسيس اتحادنا المبارك الذي عاهد شعبنا التركماني والعراقي على مباديء وقيم وثوابت لازال وفيا لها وامينا عليها وملتزما بها . واليوم اذ تمر علينا (16 ) عاما على الانطلاقة المباركة نعاهد ابناء شعبنا ان نكون معه والى جانبه في محنته وان يكون رائدنا الاول والاخير خدمة هذ الشعب الوفي والنبيل والمضحي وتخفيف معاناته ولاسيما المتضررين وعوائل شهدائنا وسنكون مع كل الخيرين في العراق سندا للمشروع الوطني العراقي وسنقف بحزم وعزم امام الارهاب والتكفيريين ووسندعم بقوة التجربة الديمقراطية الفتية ونعمل على انجاح جهود المصالحة الوطنية ونستبشر بها خيرا لشعبنا ووطننا في المساهمة في احلال الامن والسلام وتعزيز الوحدة الوطنية , وسنقف الى جانب حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ولن ندخر جهدا في انجاحها والدفاع عنها وتقويتها كواجب وطني وشرعي ومن صميم المصلحة الوطنية العليا, وسنتصدى لكل محاولةاجهاضية تقلب المعادلة القائمة وتعمل على الانقلاب على ارادة شعبنا ودستوره وخياره الحر الذي كلفه الغالي والنفيس. وسنلتزم بالتوجيهات الرشيدة للمرجعية الدينية العليا التي طالما وقفت الى جانبنا ودافعت عن الحق التركماني واحتضنت همومنا وشملتنا برعايته الابوية والتي تشكل صمام الامان للعملية السياسية وضمانة الوحدة الوطنية .  وسنبقى نعمل في خندقين متجاورين ومتداخلين الخندق الوطني والخندق التركماني لاعتقادنا ان احدهما يكمل الاخر.  اهلا وتحية لذكرى ولادة الامام المهدي الموعود والمنقذ المخلص (عجل الله فرجه) اهلا وتحية لذكرى الانتفاضة الشعبانية الباسلة وثوارها الابطال . اهلا وتحية لذكرى تأسيس الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق ولاعضاءه وانصاره الجنة والرضوان لشهداءنا الابرار وفي مقدمتهم للمرجع القائد الشهيد السيد محمد باقر الصدر( قدس سره) .

 العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org