دراسة جديدة لتقييم حرية المرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا

 

بابل/ بنت الرافدين

أصدرت مؤسسة فريدوم هاوس اليوم أول دراسة مقارنة لحقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتقدم الدراسة تحليلا فريدا وهاما لوضع المرأة في أحد أكثر أقاليم العالم تعقيدا وأهمية. 

وقد وجد التقرير الذي يحمل عنوان "حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المواطنة والعدالة" قصورا كبيرا في حقوق المرأة في الستة عشر دولة ومناطق السلطة الفلسطينية الخاضعين للدراسة. وتعاني المرأة بشدة في كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع: نظام العدالة الجنائية والاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية والإعلام. 

وتأتي الدراسة في أعقاب القرار الأخير الذي اتخذه برلمان الكويت بشأن منح المرأة الحق في التصويت وترشيح نفسها في الانتخابات الوطنية والمحلية، وهو تطور جدير بالذكر في إقليم يتم به حرمان المرأة بصورة متكررة من حقوقها السياسية.  

وتصنف الدراسة الدول وفقا لمقياس رقمي، حيث يعد ذلك التصنيف هو الأول من نوعه فيما يتعلق بوضع المرأة في المنطقة. ويستمد منهج الدراسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد حققت ثلاثة دول فقط - تونس والمغرب والجزائر - نقاطا أعلى من المتوسط في بعض مجالات حقوق المرأة. وحققت المملكة العربية السعودية أقل معدل من النقاط. 

ووفقا للدراسة، تواجه المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فجوة منتظمة بين الجنسين وينتج ذلك إلى حد كبير عن القوانين التي تميز بين الجنسين والافتقار إلى تطبيق بعض القوانين التي تكفل المساواة والمعاملة العادلة بشكل فعلي. ورغم تحقيق المرأة في المنطقة لمكاسب كبيرة في مجال التعليم، إلا أنه لم تفي أي من الدول الخاضعة للتقييم بالمعايير العالمية المعترف بها لحماية حقوق المرأة.  

وقد صرحت جنيفر وندسور المديرة التنفيذية لمؤسسة فريدوم هاوس قائلة "أن هذه الدراسة سوف تكون بمثابة أداة لتنسيق ودعم الجهود الوطنية والدولية لتمكين المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسوف تدعم جهود هؤلاء العاملين في المنطقة لصالح حقوق المرأة وتساعد على تحديد المجالات الهامة التي تكون في حاجة إلى الإصلاح."  

يمكن الحصول على هذه الدراسة بما في ذلك التقارير القطرية وعمليات التصنيف والمنهج عن طريق شبكة الإنترنت على العنوان التالي: www.freedomhouse.org/research/menasurvey 

سوف تعلن مؤسسة فريدوم هاوس نتائج الدراسة خلال مؤتمر صحفي بالمنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن يوم السبت الموافق 21 مايو بمركز مؤتمرات الملك الحسين بن طلال بالبحر الميت فيما بين الساعة 2:00 إلى 2:30 بعد الظهر.  

ووفقا لما تكشف عنه الدراسة، تتفاقم عدم المساواة بين الجنسين داخل نطاق الإقليم من خلال ارتفاع معدلات محو الأمية بين النساء وعدم اهتمام الحكومات وانتشار التقاليد الذكورية، وجميعها عوامل تتضافر معا ضد المرأة مما يجعلها غير واعيه بحقوقها وغير مؤهلة للنضال من أجل الحصول على تلك الحقوق. 

ويتألف جوهر الدراسة من تقارير سردية متعمقة تصف التحديات التي تواجه حقوق المرأة والتقدم الذي تم تحقيقه في ذلك المجال في: الجزائر والبحرين ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا وتونس والإمارات العربية المتحدة واليمن وفلسطين (السلطة الفلسطينية/ الأقاليم التي تحتلها إسرائيل). وتتناول الدراسة التطورات الجارية حتى نهاية عام 2003. 

وتعد الدراسة التي أجرتها مؤسسة فريدوم هاوس بمثابة ذروة البحوث التي تم إجراؤها على مدى 20 شهرا من قبل فريق يتألف من 40 متخصصا ومتخصصة وخبراء ومحللين في مجال حقوق المرأة وقد تم أيضا إجراء اجتماعات ومشاورات مع نشطاء حقوق المرأة في العديد من الدول. وقامت لجنة من المتخصصين في الدراسات الإسلامية وحقوق الإنسان والقضايا القانونية والاجتماعية والسياسية المحيطة بحقوق المرأة بصياغة منهج الدراسة. 

وقد ذكرثمينة نذير مديرة الدراسة قائلة "أن هذه الدراسة المقارنة الأولى من نوعها تقدم معلومات جديدة هامة حول الفجوة بين الجنسين في الإقليم وتضع سلسلة من التوصيات الخاصة بالسياسة من أجل تطوير حقوق المرأة." وأضافت "أن نتائج الدراسة تؤكد على أهمية الاستثمار في مجال تعليم المرأة باعتباره مجالا يحقق الكثير من التقدم. وقد تحسنت معدلات تعليم الفتيات والنساء وتتزايد فرص توظيف المرأة، ومع ذلك، توضح الدراسة أن المشكلات الهيكلية المتعمقة لا تزال تحول دون تقدم المرأة في معظم مجالات الحياة." 

تحدد الدراسة العديد من العقبات الرئيسية التي تمنع المرأة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من التمتع بكامل حقوقها القانونية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها:

· التمييز القانوني الذي يضعها في منزلة أقل من الرجل: رغم أن 16 من بين الدول السبعة عشر الخاضعة للدراسة تقر مفهوم المساواة في الحقوق ضمن دساتيرها (باستثناء المملكة العربية السعودية)، تواجه المرأة أشكال مختلفة من التمييز القانوني المنتظم الذي يتخلل كل مناحي الحياة. وتتعرض المرأة في بعض الدول لعقوبات أشد قسوة من العقوبات التي يتعرض لها الرجل في بعض الجرائم.

· التمييز في قوانين الجنسية والمواطنة: لا تتمتع المرأة بنفس حقوق المواطنة والجنسية التي يتمتع بها الرجل في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا تستطيع المرأة التي تتزوج من أجنبي أن تمنح مواطنتها وجنسيتها إلى زوجها ولا تستطيع أيضا في معظم الدول أن تمنح مواطنتها إلى أبنائها.

· العنف المنزلي: لا يوجد لدى أي دولة بالإقليم قوانين تحظر بوضوح جميع أنماط العنف المنزلي. ويتم إلقاء عبء إثبات ممارسة العنف على عاتق المرأة الضحية بالكامل في حالات العنف المرتكز على النوع الاجتماعي والذي يحد من قدرة المرأة علي الإبلاغ عن الجرائم. كما أن هناك قوانين تساند بعض أنواع العنف الموجه ضد المرأة مثل تلك القوانين التي تلغي العقوبة على الرجل الذي يتزوج من المرأة التي اغتصبها.

· الافتقار إلى المعلومات وغياب الصوت: لا تكون المرأة في الإقليم على دراية بحقوقها إلى حد كبير ويرجع ذلك بصفة جزئية إلى ضعف التعليم وإخفاق الحكومات في المشاركة في حملات التوعية العامة. ولا يتم توعية الطلاب - وخاصة الفتيات - بحقوق المواطنة. وتخفق وسائل الإعلام أيضا إلى حد كبير في تغطية أوجه الظلم التي تعاني منها المرأة. وترى الإتجاهات الثقافية مطالب واحتجاجات المرأة بصفة عامة أيضا على أنها تتعارض مع دور المرأة التقليدي الخانع.

· التمييز في قانون الأسرة الذي يضعها في منزلة أقل من الرجل: تواجه المرأة في جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريبا تمييزا قائما على النوع الاجتماعي في قوانين الأسرة. وباستثناء المغرب وتونس، تحيل قوانين الأسرة المرأة إلى منزلة أدنى في إطار الزواج والحياة الأسرية. ويحظى الزوج بالسلطة على حق زوجته في العمل والسفر ويستطيع أن يطلق زوجته في أي وقت من الأوقات دون أي سبب وبدون الحاجة إلى اللجوء إلى المحاكم. ويتطلب القانون من المرأة أن تفي بشروط محددة من أجل المطالبة بالطلاق من خلال المحاكم.

· الافتقار إلى آليات الشكوى: بخلاف مصر، لا توفر حكومات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آليات تتقدم المرأة من خلالها بالشكوى ضد التمييز بين الجنسين. 

قامت مؤسسة فريدوم هاوس في إطار الدراسة التي تجريها بعقد جلسات لمجموعات الاهتمام مع قطاع عرضي من الرجال والنساء في مصر والكويت والمغرب. ورغم أن أوجه عدم المساواة التي يتضمنها القانون تمثل عقبة كبرى تحول دون حصول المرأة على حقوقها، فقد كشف المشاركون في مجموعات الاهتمام أن الافتقار إلى المعرفة والمعلومات والتحيز المجتمعي من قبل الرجال والنساء ضد المرأة وبعض تفسيرات العقيدة الدينية تعد من بين التحديات البارزة التي تواجه المرأة.  

وذكرت الآنسة وندسور قائلة "رغم أن العالم على دراية كافية بأن قضية عدم مساواة المرأة بالرجل تمثل مشكلة رئيسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن هذه الدراسة تلقي الضوء على المصادر والتبعات المتنوعة لهذه القضية. وتلعب المرأة دورا أساسيا في تطبيق الديمقراطية في مجتمعات الشرق الأوسط. ونظرا لتزايد الضغوط من أجل التحول الديمقراطي في المنطقة، ينبغي أن يتم تناول قضايا عدم المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة  والتعامل معها بصورة هادفة، كما شهدنا في الفترة الأخيرة في الكويت حيث حظيت المرأة أخيرا على الحق في التصويت. وينبغي أن يتم اعتبار افتقار المرأة إلى حقوقها بمثابة عقبة رئيسية تحول دون تحقيق الإصلاح الديمقراطي." 

تتولى الدراسة تقييم الدول وفقا لخمس فئات: عدم التمييز وإمكانية تحقيق العدالة، واستقلال وأمن وحرية الفرد، والحقوق الاقتصادية وتكافؤ الفرص، والحقوق السياسية وصوت المواطن، والحقوق الاجتماعية والثقافية. وقد تم استغلال المعايير العالمية للمقارنة - التي تعتمد بصفة جزئية على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - في تصنيف أداء الدول.  

ويتم التصنيف وفقا لمقياس يتألف من خمس نقاط (1-5) حيث يشير رقم 1 إلى أضعف اداء بينما يعكس رقم 5 الأداء الأكثر قوة. ويعكس رقم 3 في أي فئة من الفئات الالتزام غير الكامل بالمعايير العالمية المقبولة للحقوق. ونادرا ما تحصل الدول على 3 نقط في أي من الفئات الخمسة وتحصل بعض الدول على نقطة واحدة فقط.  

ومن بين التوصيات الرئيسية للدراسة:

· ينبغي أن تتمتع المرأة بمنزلة مساوية لمنزلة الرجل بموجب القانون في كافة جوانب الحياة.

· ينبغي أن يتم مراجعة قوانين الأسرة من أجل ضمان تحقيق المساواة في الحقوق في إطار الزواج والأسرة.

· ينبغي أن يتم اعتبار العنف المنزلي جريمة خطيرة في جميع الأحوال.

· ينبغي إزالة العقبات القانونية والتقليدية التي تحول دون مشاركة المرأة في السياسة والحكومة والقطاع الخاص.

· ينبغي أن تزيد الحكومة من إنفاقها على التعليم وأن تضمن إمكانية التحاق جميع النساء بالتعليم وأن تلغي القوانين والممارسات التي تميز ضد المرأة في مجال التعليم.

· ينبغي أن تتخذ الحكومة خطوات إيجابية من أجل القضاء على العقبات القانونية والاجتماعية التي تحول دون تحقيق المساواة الاقتصادية للمرأة.

· ينبغي أن تبادر الحكومات بإصلاح وضع العاملات المهاجرات من أجل ضمان عدم استغلال العاملات بالمنازل أو التمييز ضدهن.

· ينبغي أن تعمل الحكومات على القضاء على التقاليد الاجتماعية التي تتطلب من المرأة أن تحصل على موافقة أحد أقاربها من الذكور من أجل تلقي العلاج الطبي لصحتها العامة أو الإنجابية. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org