|
قصة
صياغة أخرى لرُ فاتٍ تناجي ملائكة السّلام
عبد الحكيم نديم الداوودي hakimnadim56@hotmail.com
(( ستبقى نافذة الوطن مشرعة لحين مرور ملائكة السلام لكل من ذهب مع ريح الحرب مفقودا ولا يملك إلى الآن, قبرا غير بطن الهوام ))
في تلك الفسحة الرطبة, وعلى امتداد العيون تنطق افواهٌ رافضةُ لرؤية الدم, وفي روحها ثمة حفرُ لقنابل عمياء, حشرجةُ تخرق سكون الأفقِ,
بين طعنات الأب المُجنّد قسراً صوب المعسكرات الأبدية! ينادونه بأبي فرحٍ من ينجو بالغَوَقِ من تلك الحروب الطويلة, فتلد في المطاف المرهق للروح, حضارة عقيمة لا, لا, تسوقوني للمجزرة كما تشتهيها التجنيد والنفوس. فأمي المجنونةِ مربوطةٌ للآن بإحكامٍ خلف شبابيك مرقد العباس، منذُ خروج أبي هيكلاً عضمياُ من قصر النهاية, طلباً لوقف هجمات جحافل انساب التتار, منْ أنا ..؟والى ايِ جيلٍ انتمي أنا...! أنا أؤمنُ في ذائقتي بطيور النحس فَسَمّوا من بعدي وليدي البريء بفوهة البركان, وبوجع الرفض كاطفال الحجارة هذا هو أوان سورة القارعة والرعد, و بعد يومين، شهرين, وبعد سنين من الكبتِ, ستنتهي أسطورة الإنذار الكاذبة في مساءات الجبهة المفتعلة وبعدَ شيب القلبِ من كثرة القصاص ونفضَ الغبارعن الأحذية اللّماعة, والتقيو من كثرة سقوط القنابل على الاجساد الطّريةِ مملنا ياربّ منَ الحرب ومن انحسار فُرص السِّلم ومن دق صفارات الانذار الكاذب ومن مفارز الرفاق ومن دنو أسراب الشر, الكل هنا يحصي على مضضٍ جلود المساكين الداكنةِ من نُدرة الماء ما يسمونه دجلاً بخنادق الشرف هنا يحصون كل ثانيةٍ من انقضاءَ العُمر بلا اكتراث فتمضي السّاعات من ربيع العمر بين السواتر المزركشة بألسنة اللهب وعلى عجل من البرقِ الجنرات من خلف السواتر المحصّنة من الموتِ يحصون قطع الأشلاء المتناثرة بفعل الصواريخ النمساوية المستوردة ببراميل سوق النفط, بحثاً عن الشهرة الفارغة,ونيل اوسمة المكارم, ويبصمون بالعشرة كي لا تنتهي أبداً نزيف شريان الحرب . وخلفَ جدار الموت نرهف الّسمعَ لبكائيةِ أمٍ تندب أكبادها الثلاثة, وبعْدَ حصادها المّر من كل هذا وذاك, شهادة وفاةٍ لا تصلح غيَر أنْ تًكنّى بين أهل المصائب بأم الشهيد, وذكرياتٌ ثقيلةٌ تقف بالعَبْرة الخانقة أمام منصّة الخيال الغابرِ كانوا بالامسٍ هنا في باحة الدّار، ووفوقَ بساط الروحِ، كانوا كالأسماك الناعمة يقفزون جذلا في بركة البستان أمسيات الصيف, قبلَ أن يبولَ جنرال الرُكنِ بالدّمِ كالحمار وقوفاً خلف مشاتل الأفراح, منَفِذاً واجبَ الخنوعِ لزُمرة العُرفاءِ والانتهاءَ من عملياتِ الأنفال, نقرأ في قفاهم الملوثة بصماتٌ لقروح قرانا المهجورة, وننفُر من لهاثهم العفنةِ ومن ريح القنابل, وفي القطار القادم من خط النار لحين أوان زمن الهروب, كم سخطنافي ذاتنا على الُمخبر الأملط، والمدّلل للسرية الخاصة، وهو يضبط بالآلة الصغيرة همس الجنودِ وعََدَّ دقات القلوب, وارتجاف الأجفان, فأي حوارٍ بليدٍ يا الهي! هذا الذي يجمع بين الصداقة المزيّفة وبين َقبض فاتورة المقصلة, رهطٌ متجانسٌ بين جيل رماد الحروب، وفي المقاعد الخلفية للحافلة الساخنة المنطلقةِ بلهيب الصيف وضجيج المسافرين، وعلى وَقع صوت الأغاني الريفية الجنوبية, وبكاء رضيع آلمه دخان السجاير المحلية, نسمعُ همسةً بينَ إَثنين يا ترى هل ستنتهي يوماً هذه النار المشؤومة؟, ومتى نحلم بالحياةِ الجديدة ورسمَ فنتازيات أحلامنا الوردية, فمنذ الأزل عوّدنا تاريخ الحروب المجانيةِ أن نحملَ منذ الصِغرتوابيتنا الخشبية، أليس هذا حال مهدنا الصغير والمصنوع من خشب غاباتنا المخضرة بالسكون! أليست مقابض فؤؤسنا الخشبيّة تذكرنا بمجازر قامات أشجارنا الباسقة, وكيفَ في طفولتنا النكدةِ سرقنا لذة نوم السحر من عيون أمهاتنا الساهرة رحمة لزعيقنا المتواصل طلبا للامان من وحشة المكان؟. وكم سهرنا من حدِّ الإغماء فوق سطح دارنا المرشوش بعرق نفوسنا الحائرة والمحرومة منذ نصف قرن من نعيم الكهرباء!. لا قيمة لإنسانية نوبل السلام أن تمنحَ كلّ عام لمن يجهل أنشودة السلام وبين الغصب والشرف، وقتل أطفال المدارس والبحث عن فتوى عندما يقتل خطئاً بعوضةً ولا يهمه جرائم عَبّاد الظّلام, لا مغلوب هنا يا أخي المنتفض برشقة الحجارة, وبأنهر من دم الشهادة, القدس تأبى جمع المال من المساجد والارتزاق باسم الاسلام والذائدون للشرف المعلى هم على مر التاريخ النقيّ اشهر من نار على علم, فالوطن عند الشّدائد ليس مكانه قمة اللسان, وحبهُ في زمن الدّجلِ مكرٌ لا يجيدهذا الفن غير لغة الإعلام, وشيءغامضٌ على العوامِ مطلسمٌ كعشق حبائل الشيطان, وفي الهزيع الأخير من الليل تنسدل الستارة ثانية على المسرحية الهزلية, ونقرأ بكل شجن بقايا الأضواء الساقطة على وجوهنا الباهتة, الاّ وجهٌ ملمعٌ ناكرٌ للقيم كوجه حذاء اللواء في الذّبحِ, ووجهٌ مقعرٌ مسخٌ من كثرة التحديق لمثلث الموخير., مجهشاً بينَ يديها بالبكاء مشتكياً حلاله طلبا للرعشة والسعادة الكاذبة, وينسخ التاريخ المخجل من تلكَ ألاشباه فصحيحٌ تلك المقولة إذنْ من قلة الخيل يُشذّ على الكلاب السّروج, تهنا في زمنِ الغرائب وتاهت الّربان والقراصنة بين عتمة الأمواج, وأنت للآنَ مرميّ بلا عنوان وعلى مقربةٍ من الشاطئ المسكون بحكايات الجان وانتظار عروس البحروعودة ذلك الغريب التائه بلا كيان, فمجرد وهمٌ وسرابٌ, ما يسمونه بنو الاقزام انما الأرضُ عوضَ السلام، والجزارالبشعُ يمتطي صهوة خنزير السلام, وبعد قرنٍ على غباء قادة الحروبنا,نسمعُ ترنيمة دامعة لرفات جمجمةٍ مجهولةٍ يا أصحابي علّموني طريقَ النجاة يا من تركتم جثتي في العراء, علّموني طريق العودة وقراءة مزج الألوان فأنا لا أطيق وحشة ارض الحرام, ولا عبء قيود المذلة والهوان, أتذكرُ جيداً حريتي وكرامتي وكيفَ خدعتُ بأدعياء الوطن وببريق الشعارات وحماسة الخطب, بالامس كان قلبي منبعاً للخير والرأفةِ لا للثار،بل واحة لأريج الأقحوان, أرجعوني، ارجعوني يا اصحابي حياً طليقاً واسقوني من جديدٍ كاس الحياة وكشف الحقائق, لا تحلفوا لي كذباً بالإنجيل والقرآن, الآن يا تجّار الدّماءعرفتم طريق السلام, بعدما ظللتم ملايين مثلي بالبطلالمغوار وإما الرّمي من الخلف والنعتَ بالجبان أرجعوني ، ارجعوني، وارجعوا قليلاً من ر فاتي للمسة أميّ ولمسقط رأسي و, وان لثمت رفاتي ثغر الارض واندثار آثار الزمان, لا أريد أي وصف بعدَ الآن ولا أريدُ ان ينعتني شاعر الخليفة والبلاط نفاقاً بمعسول القوافي والكلام. أرجعوني لجنة آبائي وأحلامي وفيها يمكن نسيان أحزاني, أنا يا ناس لا أطيق سماع الأناشيد ولا عيش الذل المطرز بالدّ ر والُجمان, فكل عام وعقلنا المّسكرِ بالخير, بالأمس وبعد طول النسيان تم تبادل رفات قتلى الحروب في البلدان الفائضة بالحرية وأداء الخدمة العسكرية والعلم ما دمتَ هيكلاً عضميّاً حّيا!فزغردة طويلة للعقول الجاهلة للتطور
ولهذا الحس الممزوج بالحنان!
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |