|
قصة قصيرة
استغاثة طبيبة عراقية عبد الرزاق الربيعي
استغاثة طبيبة عراقية: * اريد من يساعدني على قول كلمتي قبل ان افخخ او اذبح على الطريقة الاسلامية *اود الموت باي طريقة الا الذبح، لانه قاس جدا.. الذبح قاس وبشع!
يحمل لي البريد يوميا العديد من الرسائل , وبالامس وصلتني رسالة بغدادية لم اتمالك نفسي من البكاء خلال قراءتها , لما تحمله من الم وخيبة , الم مما يحصل الان في بلدنا وخيبة جراء سقوط الكثير من احلامنا الكبيرة...الرسالة من صديقة كنت مليئة بالحيوية والمرح تعرفت عليها خلال سنوات دراستها الطبية وكانت تكتب الشعر بروحية فيها الكثير من المشاكسة وكنت اتوقع لها مستقبلا شعريا جميلا نظرا لاصرارها على الكتابة الشعرية رغم الظروف الاجتماعية التي كانت تحيط بها اضافة الى ظروف الدراسة , كانت تنظر الى الشعر كحل اول واخير للازمات التي تحيط بالعالم المضطرب وتفرقت بيننا السبل ,بعد سنوات الشتات جمعتني بها صنعاء ثانية عام 1996 وبالمصادفة اكتشفت انها ارتبطت بشخص تربطني به علاقة جميلة. بعد ذلك القاء انتقلت الى تعز ومن ثم انتقلت انا الى مسقط , وانقطعت اخبارها عني , قلت ربما وجدت منفى باردا عاشت في كنفه تحنو على اولادها ماتبقى من احلامها بوطن حر وشعب سعيد !! ويالسخرية القدر !! فلا الوطن اصبح حرا اما السعادة !!!؟ فحدث ولاحرج !!! بالامس وصلتني رسالتها الموجعة اما لماذا موجعة؟ ببساطة لانها على قيد العراق الجريح ساعرض عليكم مقاطع من تلك الرسالة لتروا الى الى درك وصلت احلامنا في تدحرجها السريع !!! تقول صاحبة الرسالة بعد السلام وماالى ذلك : " اتمنى انك ما زلت خارج الدوائر التي تحاصرنا في العراق وتكاد ان تتحول الى حلقات مشانق تجهز على ما تبقى من العراقيين، او على الاقل خارج العراق ليطمئن قلبي وافتحه على مصراعيه لترى بيت الخراب على حقيقته. ان قصائد "الحلم المجعد" المنشورة في العدد الاول من مسارات تشعرني انك قد زرت العراق قريبا، او انك في العراق ـ وسيكون هذا مخيبا لامالي جدا ـ، او لعلك كالسياب تحمله بين جنبيك حتى تكاد تراه وترى ساحاته الخربة!. كنت دائما اتمنى او احلم (وما اكثر احلامي الخائبة) ان اتواصل مع الاوساط الادبية، او على الاقل استطيع الذهاب الى مقاهي الانترنت للادلاء برأيي او باعجابي بما تنشر، او الحصول على كتاب اتصفحه باعتباري مثقفة او ارجو ان اكون كذلك فاشعر اني لازلت اقاسم الاحياء حياتهم، او المشاركة باي نشاط انساني خارج الحبس الانفرادي الذي مارسه القدر ضدي. ثمان سنين يمانية عجاف مرت وانا اعيش سباتا اجباريا بصحبة آلامي وبذلك اكون قد ارتقيت على الزواحف والحشرات التي تسبت دون ان يشاطرها سباتها الالم. ثمان سنين اصارع العوز والفاقة والمرض وسخرية العراقيين لاننا ـ اعني انا وزوجي ـ لم ندخر دولارا واحدا ولاسباب قاهرة وخارجة عن ارادتنا، رغم وجود اخي الجراح والثري والذي يبعثر نقوده على اصدقائه ورفيقاته او زوجاته الغربيات في اوروبا ووجود اقرباء اخرين بامكانهم مد يد العون، ولكن متى كان الاخرون يمدون يد العون لمن يؤمن بالكلمة والشعر وكل هذه التوافه التي لاتعني في العالم المادي الموغل في القسوة شيئا؟ لقد تكالبت علي اذرع المرض والمرارة حتى عدت فجر السادس والعشرين من تشرين الثاني لعام الفين وثلاثة الى العراق بتذكرة استجديت نصف ثمنها من جمعية هايل سعيد الخيرية ـ وبعد نضال طويل ـ والنصف الاخراستدانه زوجي لازال بعضا من هذا الدين لم يسدد و يؤرقنا حتى الساعة.. عدت ويا ليتني ما عدت ليتني مت كمدا وحسرة او فقرا وجوعا مع فلذتي كبدي ... هناك في اليمن لنجد ربما من يبكي علينا، ليت وديان جبل سمارة السحيقة المرعبة التي اجتزناها في طريقنا من تعز الى صنعاء ابتلعتنا او ضمت اشلاءنا بحنو قبل ان نصل الى المطار، ربما كان ذلك ارحم من القسوة والتمزق الذي استقبلنا به الوطن!. عدت وحيدة مع طفلين دون سن المدرسة في طريق موحش استوطنه قطاع الطرق والحنين بل اللاحل يدفعني لركوب الخطر والمجازفة.. تاركة زوجي يتصارع مع الديانة في اليمن!. اسالك مرة اخرى هل ما زال عبد الرزاق الطفل يستوطنك؟ ولاتغضب مني ارجوك فقد اصبح الشك يستوطنني، وقد كانت شوارب البعثيين المميزة علامة فارقة نستدل من خلالها عليهم ،اما الان فقد كثر البعثيون والقتلة اشباههم، الميزة الوحيدة التي تجمعهم هو قدرتهم العظيمة على القتل وبكل انواعه رغم ان ماركة الذبح بالسكين وعلى الطريقة الاسلامية هي المفضلة الان ولكن ادراك البعث الكامن في النفوس عادة ما يكون متاخرا جدا وثمنه الباهض حياتك او حياة اعز الناس اليك. هل انت داخل العراق؟ اني لا ارجو ذلك فانا اتوق بالفعل الى مخاطبة انسان خارج الدوائرالمغلقةـ المشانق التي عاودت حبسي من جديد بين اربع جدران اعادتني الى السبات الاجباري المؤلم والذي انديت جبيني وجبين زوجي كي اهرب منه في اليمن. بالله عليك ان تكون صادقا معي، فقد قال داخل حسن المطرب الريفي المشهور(ادور على الصدك يا ناس ضاع وبعد وين الكاه) قالها قبل اربع عقود ربما، فما تراه سيقول الان والصدق اصبح كالسكين يذبح بها يزيد الف حسين كل يوم؟. عمل زوجي مضطرا كمترجم للقوات المحتلة وهي فرصة العمل الوحيدة المتوفرة لمثقفي العراق ومتعلميه (باستثناء البسطية على الارصفة على ان تكون معرضا اضافة الى عصا البلدية الى التحول الى اشلاء مع السيارة المفخخة الواقفة قربك) ثم تركه لخطورته الشديدة ليعمل مراسلا صحفيا في اذاعة كافرة بالنسبة للارهابيين وهذا كاف لتعرضه للذبح مع تصويره وعرضه على الانترنت (تابع مواقعهم فقد يكون زوجي احد الكفار المقتولين بهذه الطريقة). اما انا فلم احصل على عمل منذ غادرت وحتى الان! ان هذا المجتمع المتداعي لم يعد يحترم المرأة الشريفة كما كان سابقا بل المرأة القادرة على الاتيان بالنقود وباية طريقة كانت والا فمصيرها الشارع والشارع يعني الموت والموت فقط كما قلت لك سابقا. ان الدعارة مهنة اجبارية لكل امرأة تضطرها الظروف لمقارعة الحياة والحصول على قوتها وقوت من تعيل، ربما يجد البعض مخارجا دينية واخلاقية لتمويه الحقائق ومواصلة العيش كيفما كان الامر، لكن الدعارة قائمة وبكل اشكالها ونحن راضون وخانعون رجالا ونساء لندفع ثمن الخلاص من الطاغية صدام واستبداله بملايين الصداميين الاسوء صورة والابشع!. قدمت على الدراسات العليا واكتشفت انها طريقة اخرى لممارسة الرذيلة المهذبة والعلمية والمتحضرة، فقررت سحب اوراقي لاني لا اريد لاحد ان يشكلني ويشكل ما امنت به ابدا من جديد. لم تجبني هل انت خارج العراق؟ خارج الدوائر؟ ان لم تكن!، فلن يكون هناك من حوار بل سلسلة من الاسئلة والاتهامات و ساستجوبك قبل ان تفعل:ـ هل انت شيعي ام سني؟ بعثي سابق ام وفاقي حالي؟ شيوعي سابق ام شيوعي عمالي؟، ان كنت شيعيا فهل انت من جماعة مقتدى الصدر ام انك مع السيستاني ام مع الحكيم او لعلك في قوات بدر ام .. ام.. ام ..ام الى ما لانهاية من الاسئلة المفجعة والموجعة. وان كنت سنيا فهل انت رجل امن سابق ترفع راية اياد علاوي حاليا ؟ اي هل انت وفاقي؟ ام انت ممن تمولهم سوريا وايران واسرائيل ليفخخوا ضحايا الفقر والتخلف والجوع الباحثين عن الخلود في الفردوس القادمين من وراء الحدود بعد تفجير انفسهم وسط اكبر جمهرة من العراقيين؟ ام لعلك في الحزب الاسلامي ترفض كتابة الدستور وتمول الارهابيين لقطع الكهرباء وتلويث المياه بالتايفوئيد وقتل الناس واستباحة الامن للوصول الى اقصى فشل للشيعة في ادارة دفة الحكم؟ هل انت.. هل انت.. هل.. هل.. هل.. هل..! ان الالم يدمي قلبي بل هو يطفو على بحيرة قيح يضيق بها صدري، اني احتضر ككل عراقي يعي حجم اللعبة الامريكية الراسمالية الاسرائيلية، حجم اللعبة المعولمة الى درجة تعسر تشخيصها او ايجاد مخرج لها. ان الشيخوخة تأكلني وانا على اعتاب الاربعين. اين احلامي الجميلة التي صورت لي يوما ان بامكاني ان الاعب النجوم واحتضن القمر؟ اين الابتسامة التي نسيت؟ والطراوة التي جفت؟. لقد هطلت عيني حتى اخالها قد غطت حاجة اليمن الظاميء الى الماء، بل وزادت عليها. اين تلك الفتاة الطموحة العابثة اللاهية الشاعرة التي تحلم انها ستحصل على جائزة نوبل على قصيدة واحدة تضاهي قصيدة انا باز؟ لقد طاردني رجال الامن منذ ان كنت في السادسة عشر من عمري الايام واستمرت المطاردة في الكلية وكنت المستقلة الوحيدة ربما التي اصرت على عدم الانتماء الى حزب البعث. لقد تخلفت عن اترابي ربع قرن من الزمان وانا في صراع مع البعثيين السفلة، لم اقرأ، لم اتطور لم اكن شيئا على الاطلاق! انا التي كانت احلامي تناطح المدى. حاولت ان امثل دور الزوجة المطيعة والام الحنون المضحية بكل امالها من اجل اطفالها، حاولت ان اكون لاشيء لان وراء هذه الادوار جميعا يقبع اللاشيء واللاجدوى واليأس والرتابة والموت، ان ارتداء ثوب الانوثة يعني بالنسبة لي الموت واللاشيء، اي هزء هذا الذي يمارسه القدر معي واي خيار مضحك؟ الموت في الشارع ممزقة بعبوة ناسفة لا تقتل الامريكان بل تقتلني انا العراقية التي حملت هموم وطنها بين اضلعها حتى تمزقت، او الموت داخل بيتي وانا ارى العراق يحترق، بل المحترق هو قلبي واني لاموت لحظة بلحظة في جلستي امام التلفاز متفرجة غير فاعلة لا املك من قدري ولا قدر موطني اي شيء. اني اقتات جراحي وقيح وطني الممزق! لا.. ان هذا التعبير ليس دقيقا في وصفه لما يحدث للعراق ولي ولكل شريف عشق تربة وطنه، لابد من مفردات اخرى اكثر دقة لابد من تعابير جديدة ومعاجم جديدة لاكون صادقة في وصف ما يحدث. فشلت ان اكون طبيبة لاني وبعد مرور تسع سنوات من التدجين داخل البيت لا اذكر شيئا من الطب الذي درست، والطامة الكبرى او القشة التي غالبا ما تقصم ظهر البعير اني لم اصبح شاعرة بالقدر الذي كنت احلم، اني لم اعد اي شي من كل شيء ذكرته، اني اثور في كل مرة و اناطح الجدران او اخربشها لعلي اغير من سير الاحداث، لعلي اكون، وكنت اخبو بعد كل ثورة! وعادة ما يكون الرماد بضعة قصائد ساخنة كثيفة الصور مرسومة بالوان خابية وريشة قديمة محطمة غير موزونة وليس في بنيتها من جديد وتعجز عن الارتقاء بي الى مستوى الشعر لان العوز ولسنين طويلة اقعدني حيث انا اراوح، ومنعني من مواكبة التطور الثقافي او الحصول مجرد الحصول على صديقي الحبيب الكتاب، حينها ولهذا السبب عرفت لم المرأة تعجز عن الابداع كالرجل وفي الواقع مذ كتبت اشعاري سرا وبعيدا عن اعين اهلي والاخرين وكأني ارتكب جرما ما، مذ بدأت انشر اشعاري باسماء مستعارة لان من العار على اهلي ان اكتب الشعر ومن العار على زوجي الارتباط بامرأة تكتب الشعر، اضافة الى خوفي من الذبح فانا اود الموت باي طريقة الا الذبح، لانه قاس جدا.. الذبح قاس وبشع!.. كيف اصبح لدين اشتق اسمه من لفظة السلام ان يقر الذبح؟ كيف؟ وهل هذا هو الاسلام الذي عرفنا؟ ام هو الاسلام الذي اقترحته امريكا على اسامة بن لادن عندما كانت تستخدمه في حربها ضد السوفيت والجيش الاحمر في افغانستان؟. اعيد القول ان الذبح قاس.. قاس جدا.. وهو يمارس كل يوم ضدي و ضد كل صاحب ضمير او ثقافة او يتوق لان يكون مثقفا او محبا للعراق! قد تسال نفسك لم اكتب لك هذا الان رغم اني اعرفك منذ اكثر من عشرين سنة حين اطلعتك على خربشاتي الشعرية وما ان رأيتها حتى قلت انت شاعرة قبل ان تقرأها نظرا للطريقة الفوضوية التي خربشت بها قصائدي، واجيبك ببساطة اني وللمرة الاولى وبعد جهد كبير استطاع زوجي ان يشتري لي حاسوبا! تصور ان لدي الان حاسوب انا التي لم اتمكن يوما الذهاب مثل كل المثقفين او مدعي الثقافة من زيارة شارع المتنبي، بل اني اجهل ولاني امرأة اين هو هذا الشارع! ثانيا هو امنيتي البالغة الشدة والانية انك ما زلت خارج الدوائر التي تحاصرنا وتحصرنا في زوايا عقيمة متعصبة ضيقة، فقد اتعبني الحوار مع الانتماءات المجدبة واتوق الى مخاطبة من مازال محافظا على عفويته وانسانيته وحدسي يقول انك انت الطفل عبد الرزاق المرتبك الخجول، ثالثا لاني قد خاطبت قبلك صديقا قديما بعد ان بحث عنه زوجي طويلا عبر الانترنت محاولا اخراجي من شعوري باللاجدوى واليأس والوحدة ولكن جليد السويد كان كثيفا وكان عسيراعليه فهم ما اقول او تحسس السعير الذي اندلق عليه هائلا عبر الانترنت، فهل انا مجنونة؟ او اتكلم بلغة الحلاج التي لا يفهمها احد؟ هل بامكانك ان تفهم ما اقول؟ بالله عليك ان تكون صادقا معي! وان تكون خارج الدوائر المحاصَِصة والمصطرعة التي لامعنى لها ابدا ولاجدوى حين نقول جميعا العراق. انا امرأة ياعبد الرزاق ومن الصعب علي ان اجد امرأة تخاطبني بنفس لغتي لاننا جميعا ربينا لنكون امهات وزوجات فقط، ولولا تمردي الذي لاحدود له لما اجتزت حواجز الانوثة التي اختطها لي المجتمع، وهذه فاجعتي ومصيبتي ببساطة شديدة انا وحيدة ومحبطة ومحصورة بين جدراني رغما عني وعن نضالي الطويل لتحطيمها ان ما في من طموح لايشبعه وقوفي في المطبخ وبالتاكيد ان غسل الصحون ليس بالامر الصعب بل ان معظم الطباخين المهرة من الرجال لان المرأة وبسبب كل القيود التي اكافح لتحطيمها تمنعها من الابداع في اي شأن من شؤون الدنيا وان كان طبخ الطعام اختصاصها الاوحد، انا ماهرة جدا في الطبخ وصديقة لاطفالي ولزوجي ، ولكني لا اريد لحياتي ان تنتهي عند هذاالحد فكيف الخروج من هذه الدائرة المغلقة، رتابة الانثى والزوجة والام كيف؟ وانا الطبيبة التي لم توفق حتى الان في ايجاد عمل لها، ولا تربطها بالاوساط الادبية اية علاقة بل لايشرفها ان تنضم لكذا تجمعات عفنة. اريد ان اكون دون ان ادخل الدوائر التي ارفض، دون ان افقد انسانيتي وحبي العظيم لوطني، فما هو الحل برايك لمثل هكذا فزورة ؟ قد فقدت ضحكتي وفتوة شبابي، فقدت قدرتي على المشي حين كنا -انا وشقيقك عادل -نقطع الطريق من نفق الشرطة وحتى الحرية مشيا على الاقدام محاولين توفير(الكروة) ولكننا ولان الطريق طويل جدا نجوع وناكل المثلجات التي غالبا ما يفوق ثمنها مبلغ الكروة التي نحاول توفيرها! اشعر الان وانا اكتب هذه السطور بذات الانكسار الذي تملكني حين قبضت راحتي على تذكرة هايل سعيد شبه المجانية، فقد بلغت الاربعين وانا استجدي الالفة والصداقة والرفقة في بلدي المقفر الموحش.. ومع ذلك ساكون صريحة جدا واقول خذ بيدي وارفق بي وبوحدتي الهائلة. اني اكتب الشعر مذ كنت تلميذة في الصف الثاني الابتدائي واخبيء قصائدي بعيداعن الانظار لانه من العار ان اكتب ..هكذا هي تقاليد اهلي الريفيين، وكم كانت دهشتي بالغة حين سرقت احدى زميلاتي دفتر اشعاري لتقرأها في رفعة العلم يوم الخميس.. لان الجميع قد صفق لها بحماسة شديدة، ولم اجرؤ ان اخبر معلمتي الست صفية ان هذه قصائدي المسروقة فقد كان احساسي بالعارمن قدرتي على كتابة الشعر يمنعني بالاعتراف حتى لنفسي اني صاحبة هذه القصائد، إذ كنت اضرب بشدة كلما اكتشفتني امي اقرا رواية ما او كتاب، كذلك يفعل اخي الطبيب الجراح في اوروبا الان لانه كان مؤمنا اشد الايمان وحتى هذه اللحظة باني غبية وانظر الى الحياة من زاوية عوجاء يشعر بالاحتقار الشديد ازاءها، وبالفعل اثبتت كل احداث حياتي انه المنتصر دائما والذي يستطيع ان يحوز على كل شيء اتمناه ولاابلغه، لاني انثى اولا ولان نظرتي الى الدنيا لازالت كما قال اخي ويقول عوجاء! ربما كان الضرب والقسوة الشديدة من اهلي بسبب اختلافي عنهم وحبي للاطلاع وتفضيلي كتابة القصائد او قراءة الروايات على غسل الصحون وممارسة الاعباء المنزلية الاخرى هي وراء اصراري على الاستمرار ولاكثر من ثلاثين سنة ان اكون غير ما ارادوا غبية تغسل الصحون والملابس وتجيد الطبخ وانتظار الفرصة اللعينة للانتقال الى بيت الزوج لممارسة نفس القدر المرهق والممل. ربما الان بلغت ثورتي اقصاها، وانا اكتب لك لم يتوقف دمعي عن الهطول وبغزارة ولم تتوقف الكهرباء عن الانقطاع لتقطع حبل افكاري وتكون هي والزمن علي وعلى كل عراقي، ولم يتوقف ولداي عن السؤال "ليش تبجين ماما" فهكذا يرون ماما دائما تطالب السراب ان يغدو حقيقة مؤجلة ظمأها الازلي حتى اللحظة المستحيلة التي يتحول فيها السراب الى حقيقة!. الحياة مازالت تنبض في عروقي وان كانت الغانغرينا قد اصابت بعض اجزائي، هذا لايهم كان السياب يكتب وهو مشلول وكذلك رشدي العامل وامل دنقل. اريد ان اقول كلمتي قبل ان يدركني مصير هؤلاء، اريد ان اصرخ ملء فمي ان القصائد التي قراتها السارقة الصغيرة هي قصائدي، واني اكتب منذ تلك اللحظة ومن حقي ان اكتب واكون كما اريد لا كما يريد اخي واهلي وكل من تخلى عني لاني لازلت مجنونة اكتب الشعر في زمن لم يعد فيه من يقرأ او يجد الوقت للقراءة، بلى انا العوجاء العرجاءلاني لا املك ثمن العملية التي تصحح اعوجاج رجلي التي كسرت في اليمن اريد ان اكتب واكون!، غير اني وبسبب كل ما ذكرت غير متمكنة من صناعة الشعر اني اكتب كلمات خرقاء وشعراعوج كساقي وكنظرتي الى الدنيا، تعوزني اللغة الجيدة والصقل والحوار مع غيري من المجانين الذين مازالوا يكتبون الشعرفي زمن العولمة. كيف لي السيطرة على التفعيلة والوزن الذي يفلت من بين يدي ؟ لاتعوزني الصورة الشعرية بل الشكل الاجمل والارقى لها لتكون شعرا بالفعل! اكتب لي ما يساعدني على قول كلمتي قبل ان افخخ او اذبح على الطريقة الاسلامية، اجبني على بريدي الالكتروني وسيأتي لي زوجي بما سترسله لي لاتواصل معك ان كنت راغبا بالطبع في ذلك، سافتح نافذتي لاشم نسيم مسقط عله غير ملوث بنفايا مولدات الكهرباء ومخلفات الحروب التي لاإنتهاء لها في بلدي العراق، علك فعلا في مسقط او اي مكان اخر لتراني بوضوح فالغبار هنا يعدم الملامح ويمحو القسمات.إن اجبتني سأرسل لك قصائدي تباعا لتعلق عليها بما يطور من قدراتي الشعرية التي علاها الصدء والغبار. اخيرا ايها الطفل الكبير اعلم اني تحت العلاج الدوائي بعد اصابتي بمرض الاكتئاب الانفعالي وهو احدث مرض اصبت به والحمدلله.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |