|
قصة قصيرة جداً
قصص قصيرة جداً خالد يونس
1- البيت محاصر خطر على بالى فتفجر قلبي بالشوق، ذهبت إلى مسكنه في آخر مساكن الضاحية المحفوفة بالحقول.مضى عمر على آخر زيارة ، ولكن جئت في وقت مناسب. قال ذلك وهو يشير إلى خوان قصير، وضعت عليه صينية بالعشاء المكون من سمك مشوي وزيتون مخلل وخبر ساخن. ودعائي للعشاء فجلست. وما كدنا نبسمل حتى ترامي إلينا صوت من مكبر يصيح " سلم نفسك". وثب إلى مفتاح الكهرباء فأغلقه ، فساد الظلام، وسرعان ما انهال علينا الرصاص من جميع الجهات كالمطر. وقلت لنفسي وأنا ارتعد من الرعب " سعيد من يستطيع أن يسلم نفسه".
2-أسباب أمنية دعوت للفوضى وأنا دون السابعة . ذهبت ذات صباح إلى مدرستي الأولية محروسا بالخادمة. سرت كمن يساق إلى سجن. بيدي كراسة وفي عيني كآبة. وفي قلبي حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقي شبه العاريتين تحت بنطلوني القصير. وجدنا المدرسة مغلقة، والفراش يقول بصوت جهير : بسبب الظروف الأمنية السيئة لا دراسة اليوم أيضا. وأقفلت الجسور والشوارع غمرتني موجة من الفرح طارت بي إلى شاطئ السعادة ومن صميم قلبي دعوت الله أن تدوم الفوضى إلى الأبد
3-إطلاق سراح غص البهو بطلاب الحاجات. جلسنا نتبادل النظر في قلق، ونمد البصر إلى الباب العالي المفضي إلى الداخل المغطي بجناحي ستارة عملاقة خضراء.متى يبتسم الحظ ويجئ دوري؟ متى أدعى إلى المقابلة فأعرض حاجتي وأتلقى الرجاء الباب مفتوح لا يصد قاصدا، ولكن لا يفوز باللقاء إلا أصحاب الحظوظ. على ذلك تمضي الأيام، فأذهب بصدر منشرح بالأمل ثم أعود كاسف البال وخطر لي خاطر: لماذا لا أختفي في مكان في الحديقة حتى إذا أنفض السامر وخرج الرجل لرحلته المسائية رميت بنفسي تحت قدميه. لكن الخدم انتبهوا لتسللي ، وساقوني إلى القسم، ومن القسم إلى السجن، فألقيت في ظلماته عبثا حاولت تبرئة ساحتى كيف أذهب طامعا في وظيفة شريفة ، فينتهي بي المآل إلى السجن؟ وانتهى إلينا التهامس بأن الرجل الجليل سيزور السجن، ويتفقد حاله، ويستمع إلى شكاوي المظلومين. عجب أن تيسر لي في السجن ما تعذر في الحياة. وهذه حاجتي إلى عطفه تشتد وتتضاعف وأحنيت رأسي بين يديه وقصصت قصتي لم يبد عليه أنه صدق ولم يبد عليه أن كذب قلت بضراعة: كل ما أتمنى أن يسمح لي باللقاء بعد الخروج من السجن. فقال بصوت هادئ وهو يهم بالسير: بعد الخروج من السجن.
4-شاطئ النهر في دوامة الحياة المتدفقة جمعنا مكان عام في أحد المواسم من تلك العجوز التي ترنو بنظرة باسمة؟ لعل الدنيا استقبلتنا في زمن متقارب. واتسعت ابتسامتها فابتسمت رادا التحية بمثلها . سألتني : ألم تتذكر؟ فازدادت ابتسامتى اتساعا قالت بجرأة لا تتأتي إلا للعجائز. كنت أول تجربة لي وأنت تلميذ. وساد الصمت لحظة ثم قالت : لم يكن ينقصنا إلا خطوة ! وتساءلت مذهولا : أين ضاعت تلك الحياة الجميلة!
5-حديث من بعيد في حارتنا بيت مسكون لا يقربه أحد، فهو مغلق الباب والنوافذ، مستسلم لعوامل البلى. أمر به فلا أصدق عيني وأقول لنفسي : ما هي إلا أسطورة من أساطير الأولىن. وفاجأني المطرب يوما وأنا أمر أمام بابه، وأسخر منه كعادتي ، وإذا بصوت يتهادى إلى هادئا. إن كنت في شك بت ليلة في البيت يأتيك البرهان بلا وسيط. ركبني الرعب وانعقد لساني. وتذكرت ما قرأت عن عالم الأرواح فقال الصوت: كن مع العقل وإلا تعرضت لتجربتنا القاسية. واشتد المطر ، فسكت الصوت وكأنما قد ذاب فيه.
6-الدرس كنت منطلقا مهرولا لأشهد حلقة الذكر مررت في طريقي بعجوز رث الملبس تعيس المنظر وهو يبكي . صرفت نفسي عن الاشتغال به أن يفوت على قصدي. ولما احتل الشيخ مكانه وسط حلقة الذكر نظر فيما حوله حتى وقع بصره على فأومأ إلى لأقترب منه ومال على أذني هامسا. أهملت العجوز الباكي فأضعت فرصة للخير لن تحظى بمثلها باستماعك إلى درسي اليوم.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |