|
قصة قصيرة
السر المكنون
عبدالكريم يحيى الزيباري
سوف أدفنه معي، في قبري، سيستقر ويبقى بقربي، أحرسه وأصونه من كل متلصص أو فضولي، هذا السرُّ الدفين لا أحد يعرفه سوى أبي وأبنائي وإِخْوَانُيْ وَزْوجاتي وَعَشِيرَتي وزملائي في العمل وشريكي في تِجَارَةٍ خشيتُ كَسادَها فأخبرته بالسرِّ وَمَسَكِنٍ ارتضيته قبرا لي ولسري، وآخرين كثير لا يسعني ذكرهم فوقتي ضيق والموت يعالجني ويسرع ولا ينتظرني، في الحقيقة أنا لم أخبرهم بالسرِّ كاملاً، هل تعلمون لماذا؟ لقد أعطيتهم سؤالاً في ظرف يفتحونه بعد موتي بساعات، وهذا السؤال هو الذي سيوصلهم إلى السر، في الحقيقة الآن فقط أستطيع أن أقول إنني شفيتُ من كلِّ الأمراض، أو بالأحرى لم تعد تهمني وتقلقني كما كانت في السابق، فأنا أموت فما جدوى أن أكونَ مصاباً بالسكري أو بالقرحة أو بداءٍ عضال آخر، بعدَ واروني في التراب ذهبت إلى بعض الذين تركت لهم السؤال فوجدتهم يتهامسون حول سيئاتي دون حسناتي، وقال أعقلهم متبجِّحاً إنه مجنون، وأورد الحجج والقصص ليثبت دعواه، وورقة السر كانت آخر دليل، فأسررتها في نفسي، وشكوتهم للذي يعلم السرَّ وأخفى، ولكن لم أجد منهم أحداً قد وصل إلى السرِّ الذي أردتُ منهم أن يعلموه، فقال لي جارٌ في المقبرة التي دفنوني بها وكان قد مات قبلي بمئات السنين، لا تتعبْ نفسك فالناس نيام والنيام لا يفقهون الأسرار.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |