|
قصة قصيرة
اغتيال أنديرا غاندي قصة: يوبامانيو شاتيرجي ترجمة: صالح الرزوق ألقى بوني كأسه بطريقة فلسفية على الجدار، فتحطمت إلى أجزاء كبيرة قبيحة. أحدها سقط على رأس رانديب. قال: " من الأفضل لنا أن نكون حذرين. الحرف الميت يميل إلى العنف ". تخلى بوني عن نظاراته. كانت عيناه محمرتين جدا. " ناولني كأسا " انصاع له شاشي. أما بوني فقد جرعها كلها وألقاها ببطء إلى أعلى نحو المروحة السقيفة. ولكن رامناث تلقاها. " توقف عن ذلك، أيها الحرف الميت ". " لا تذكرني باسم الحرف الميت أبدا ". جهز ميرزا لبوني مشروبا آخر " يا لهؤلاء الهندوس الملعونين، إنك لجذر حرف ميت فعلا ". ضحك لذلك الجميع ثملين. " أشعر بالدوار ". وضع بوني نظاراته وتابع يقول " ليس من التوعك، إنه الدوار فحسب ". قال رامناث " تقيأ في الحمامات. وليس هنا ". " لم ليس عندنا نساء? لقد مللت من مجتمع الرجال. أريد شيئا من الجنس ". قال شاشي: " الروم قبل المغيب، تلك هي المشكلة. لقد بح صوتي وأنا أقول دعنا نشرب بيرة ". نهض بوني بتباطؤ من الأرض. كان بقميصه الخفيف بلا ياقة. رفس رامناث وتلمس جيوبه ثم قال " سأغادر. لدي بطاقة عودة إلى البيت. أين هي المفاتيح?. سأدع الدراجة معك. ولكن لا تنهكها ". في الخارج، دراجة نارية صاخبة جدا مرت من أمامه. رفع بوني الستائر وفتح النافذة. كان ضوء بعد الظهيرة المتأخرة في نهايات تشرين الأول مرابطا هناك، مع ضجيج الأبواق والسيارات المسرعة. تحدث مع هذه الزحمة المرورية قائلا " إنني مريض حتى خصيتي من دلهي. أنا كلب في المدينة. إنها أشبه بشانديغارة (1) ". تأمل بوني الغرفة من الداخل ثم أعاد الكرة، ونظر إلى الخارج.. " يا للقرف ". كانت ركبتاه وكاحله الأيمن يؤلمونه برفق. " كلا أيها الصامت. هذه رحلة غير موفقة. احصل على بعض الماريغوانا وقليل من النوم، وستشعر بتحسن ". " كلا، بل أنا كلب حراسة أصابه القرف ". ربما أعجبته العبارة، لذلك حك رأسه وقال:" في حزيران المقبل سوف أكون في شانديغارة وحيدا ومنتعظا ". الشراب يفتح شهية بوني على الثرثرة. " الكبار الذين يفحون بأصواتهم يسمون شانديغارة شاندي. مجرد طوب أحمر وساحات فارغة ". تجول في الغرفة، ومال بقامته عبر باب الحمامات وشاهد شاشي يتبول. " بولك أصفر مثل زيت الخردل.؟ ربما أنت مصاب باليرقان ". عند المنضدة سكب لنفسه مقدارا من الروم " في هذه الأيام أنا أقذف بسرعة. ذكرى من أيام الشقاوة في المدرسة، أقصد تلك المنافسات الحمقاء ". " شراب لي من فضلك أيها الجذر الميت، شكرا ". خلع بوني نظاراته وعلقها بحذر على مقبض باب الخزانة، وقال " احرص يا رانديب على ترتيب مسألة تواجدي مع كابيلا. ربما أعود في غضون شهر وما شابه. وداعا للجميع". ثم وضع نظاراته مجددا وغادر. شمس تشرينية برتقالية اللون، ولكن بوني كان على قدر قليل من الإحساس بها. لقد كان ثملا، دون أن يفقد السيطرة على نفسه. كان كئيبا أيضا، وإن لم يلحظ ذلك. كان بوني في الثالثة والعشرين، ومتحفظا بكلامه وصامتا في المواقف الصعبة. ارتدى خوذته المعدنية ولم يحزم أشرطتها. ثم انطلق بسرعة البرق. تمهل في زحمة جسر معلق ليتأمل، تحت الإضاءة المعتدلة، المرور والمراهقين الذين التفوا حول بائع المرطبات. قال لنفسه لو أن هناك رتلا عند منفذ التذاكر، ولو من ثلاثة أوغاد، لن أفكر بالعودة إلى البيت. انطلق مجددا. ولكن لم يجد غير واحد فقط. وهكذا حجز مقعدا في الحافلة الليلية إلى موسوري (2). من محطة الباصات، ذهب إلى الحلاق. عند إشارات المرور، وفي أماكن حيث توجب عليه أن يتمهل وأن يتوقف، شعر بوني بالدوار الشديد. وقد عزى ضعفه إلى قلقه، وللمشروب وقلة النوم، وطقس دلهي التشريني المتقلب والمبهم، وإلى الطريقة التي يعيش بها حياته. غير أن النقد الذاتي لم يكن من صفاته العملية. لقد قضى حياته بتهور وسار وراء أهواء شخصية ذات طبيعة عشوائية. في الصالون وأثناء الانتظار قلّب من غير تبصر في مجلة سينمائية. في الصالونات دائما يتذكر حلاقة شعره الأولى في دار جيلنغ (3)، وذلك منذ حوالي ثماني سنوات، وابتسامة الحلاق وحماسته. لقد كتب رسالة إلى أبويه حول هذه الأحاسيس. هو لا يكتب رسائل على الإطلاق لأن صياغة العبارات صعبة بالنسبة له، ولكن توجب عليه أن يمهد لهما مسألة العودة إلى البيت. لقد عارضا ذلك بقوة. وحتى الآن إذا استبد الغضب بوالده يناديه أيها السيخ الهرطوق. على نحو مفاجئ شعر بالضيق. تخلى عن فكرة قص الشعر. وامتطى دراجته عائدا إلى البنسيون. كان رأسه يؤلمه. أيقظ صديقه يودهفير. " ليس هذا وقت ننام فيه ". " كم هو الوقت?". عينان حمراوان من المسكرات وشعر منفوش، كان يودهفير يشتعل بالغضب. " في حدود السادسة. ابتعت لنفسي تذكرة في حافلة الليل إلى البيت. اعتن لي بالدراجة ". " حسنا ". " وتدبر أمر كابيلا بشأن الحضور. سأنام بدوري أيضا. وسوف أوقظك فيما بعد لتقودني إلى الحافلة". يحب بوني حافلات الرحلات الليلية. تكون المقاعد مريحة جدا، وبمقدوره أن ينام، أنى شاء. حتى أن الاهتزازات تهدهده قليلا، ولكن خلال الرحلة، إذا استيقظ تكون ركبتاه متصلبتين وتسببان له الألم. لم يكن، على الأرجح، مغرما بوالديه. إنهما يبعثان في صدره الملل. لم يكن البيت مكانا مثيرا. ولكن بمقدوره أن يخرج من غمده هناك، أن ينام تحت أشعة الشمس، وأن يلتهم الطعام بمقادير مناسبة. فتحت أمه الباب. لم تدهشها رؤيته. هو يعود إلى البيت دائما في أوقات غير منتظرة. قالت له " هيئتك فظيعة. هل أنت مريض?". " ينتابني الشعور بالإنهاك فقط. لا بد أنها الطريق". ذهب إلى حجرته مع حقيبته. تحوقل والده حين مر من غرفة الأبوين. همهم له. استجابة لذلك أتت الوالدة إليه مع ملاءتين. كانت الساعة السادسة صباحا. نام بوني مكدودا حتى التاسعة، وبعد العاشرة غادر السرير. كان والده في الحديقة. في سرير أبيض بلون قصب السكر. " ماذا?. هل كلية الحقوق مضربة عن الدوام من جديد ". " أجل ". كذبة بسيطة، تناسب كل الأوقات، لقد وجد بوني صعوبة في إخبار أبيه أنه يشعر كما لو عاد إلى الديار، جلس. كان للحديقة الصغيرة شكل مثلي غريب، والسور الخشبي أبيض براقا. وراء السور، تنحدر الهضبة باتجاه الدرب الضيق ومشرب الشاي، والأكواخ التي تبيع نماذج تاج محل والعكازات الخشبية، والتيبتيين ذوي السترات الغليظة. ثم إن الهضبة تستمر أبعد من ذلك إلى الطريق الرئيس. وبعد ذلك الوادي الشاسع الذي يحيط به سفح في إثر سفح من هضاب جرداء. في الأيام المشرقة، بمقدور المرء أن يشاهد في الوادي بيوت ديهرادون (4) التي تشبه نقاطا وفواصل. وفوق ذلك سماء شاحبة لا نهايات لها. حتى العاشرة صباحا تكون بانتظار الشمس. ظهرت أم بوني بقميص مع سلوار (5) وبلوزة فضية اللون " تعال. الإفطار جاهز ". لم يرغب بوني أن يبدي حراكا ليأكل. " فيما بعد ". " ماذا. هل يجب أن أحضر لك الطعام إلى هنا?". " كلا. لا أرغب بالطعام حالا، الآن ". صعدت إليه أمه. نظر إليها بوني باستسلام، ولاحظ من جديد انعكاس وجهه في قسماتها. " هل تشعر بتحسن؟". وضعت يدها على كتفه. تمالك نفسه قليلا. " أنت تبدو متهالكا". قال السيد كايرون، وهو يحدق في بوني من وراء نظاراته الطبية المقربة. تاريخ السيخ كان على الطاولة. بقلم رصاص دفع شعرة رمادية كانت في العمامة. " لقد أصابك الهزال وفقدت لونك. لا تبدو معافى ". " هل نستدعي الطبيب?". " كلا. أظن أنني سأتحسن في غضون يوم وإثنين ". " ولكن هل تشعر بالمرض يداهمك?". تداعت أمه إليه وانحنت نصف انحناءة لتفحص وجه بوني. بعدئذ انهارت مقاومة بوني. " نعم. ربما يجب استدعاء مالفيا. شعر بالتحسن قليلا. إن الاعتراف بالمرض، فحسب، قد حمل إليه الراحة، وسمح له باستنشاق أنفاس وصلت إلى أعماق صدره. غادرت والدته. ثم قال والده: " ما الخطب? هل من أعراض?". " هزال. انعدام الشهية. هذا كل شيء".نسي الألم الخفيف في ركبتيه، ومنذ الآن، في بعض الأحايين ظهره. زم السيد كايرون شفتيه حتى لامست شفته العليا أنفه وبدا ينفث أنفاسا خشنة فوق شاربيه. لقد كان كليشيه من رجل، شغل منصب ضابط في يوم ما. طويلا، بظهر صلب، وهو الآن في قمة عنفوانه بعد التقاعد. وقد وظف قواه في تنسيق حديقته وفي الخروج بنزهات سيرا على الأقدام لمسافات طويلة عبر المرتفعات، ولقراءة الكتب التثقيفية. لم يكن أكاديميا ولا صميميا، وإنما مع مرور السنين أمعن على نحو متزايد في عزلته. نوبة قلبية واحدة خفيفة حولته إلى متدين، وهو الآن خلال طقوس يومه يرتل من الغرانت صاحب (6). ذهب بوني إلى الداخل ثم عاد مع سرير مخيم. أرهقه جره على الأرض بشكل لا يصدق. استلقى عليه. هزاله شجع إطلاق سراح أفكار بغيضة فعلا. وقد سمح له ذلك برؤية خيالات كئيبة عن شاديغارة وعن محامي المحاكم والسجلات القانونية والاغتراب والانحرافات المهنية والضياع المكاني في بلدة ميتة. " حمى? ". " كلا ". " ألم في المعدة. أليس كذلك?". " أوه. أجل ". فيما بعد أشرقت الشمس وبثت الدفء في حناياهما. في مكان ما من البيت، استطاع بوني أن يسمع أمه توبخ الخادمة. كان لأمه صوت رخيم سار. ولكن ليتفادى أسئلة أبيه، تظاهر بوني أنه في غفوة. كان السيد كايرون فخورا بقسمات ابنه الساحرة، ولكن بوني غالبا ما خيب أمله. من جهة لم ينخرط الجيش. ومع أن السيد كايرون اعترف أن الشعر القصير يناسب ابنه، فقد ثار غضبه لأن بوني لم يستأذنه قبل أن يقصه. الآن وهو يراقبه نائما في الشمس قال " آمل أن لا يكون مرضك خطيرا ". سمعا صوت البوابة وشاهدا ظهور الدكتور مالافيا نظيفا، نضرا، ومهموما. لم يحب بوني الأطباء لأنهم ينقلون إليه شعورا بانعدام السلامة. واقفا فوق بوني صرح الدكتور مالافيا مباشرة " هذا يرقان يا كيرونجي. ماذا، يا بني بوني، هل شربت كثيرا?". فحص عينيه والبنكرياس وكبده واستنطقه عن الويسكي الذي يتعاطاه وعن بوله، ثم طلب اختبارا للدم، ونصحه باتباع حمية خاصة مع كثير من الراحة، وغادر. يرقان. تساءل بوني بسره: لو تبين أن في الأمر ما هو أسوأ، وتقريبا من غير تردد أكد لنفسه إمكانية ذلك. كانت تتردد في زرقة السماء نغمات قوية. غيوم خفيفة مثل القطن المندوف فوقه تماما، مع أمشاج رفيعة وطويلة من الضباب عند الأفق، وموجات أصغر من الغيوم البيضاء، تتدافع مثل رمال الصحراء، على يساره، ثم الشمس الدافئة. حين لا يلح والده باستمرار حول تشتته وبئر الإهمال الذي لا يخرج منه، بمقدور بوني أن يسمع أصوات طيور مختلفة، في الفسحة وبين الأشجار البعيدة. ومع أنه لا يلم بأي معلومات عنها، لكن أصواتها تطربه وتسره. في الحديقة الخارجية مر الوقت بسرعة دون أن يحس به. أكل بوني قليلا وشرب بعض العصير. السيد كايرون، بفعل أسف محتمل على ما بدا منه من صد عنيف، سأله إن هو يشعر بتحسن. رد بوني قائلا أجل. ثم رن الهاتف. استجابت له السيدة كايرون، بعد ذلك صدرت عنها شهقة عبر النافذة البيضاء الواسعة. قالت " من نيويرك !". همهم السيد كايرون يقول " راجوانت ". ثم هرع إلى الداخل ومد يده ليرد على المكالمة. " هنا ". انقلب بوني على جانبه ومحضهما بنظراته. لم يعتقد أن شقيقته تستحق الجهد الذي يستدعي التخلي عن سرير المخيم، باعتبار أنها أخت تزيد عنه بالعمر تسع سنوات، كانت بعيدة عنه، مثل بقية أعضاء العائلة. شاهد ظهر والده ينفتل بدهشة وسمع هتافا مرتفعا " ماذا !". عاد بوني إلى السماء. بعد دقائق أسرعت أمه إلى الخارج وزعقت " لقد قتلت أنديرا غاندي. إثنان من حراسها فعلا ذلك. كلاهما من السيخ. وفي داخل دارها بدلهي ". كانت السيدة كايرون تنقل بصرها فيما حولها بقلق مبهم. لم تؤثر الأخبار على أعصابه. " ماذا تقول راجو أيضا?". " إنها تسأل عن تفاصيل، تصور. ليس لدينا علم بالموضوع، ولكنها تقول إنه في نشرات الأخبار الأمريكية كلها، حتى في البي بي سي وإذاعة راديو أستراليا. لقد نقلت إلى المستشفى وهناك ماتت على الفور. حدث ذلك في الصباح حوالي التاسعة والنصف". شهقت السيدة كايرون ثم اتخذت مجلسا لها. فكر بوني: إنه الحظ فقط. أن أغادر مدينة الكلاب لحظة وقوع أحداث مثيرة وذات معنى. عاد والده إلى مقعده، وميض في العينين، وبحركة مباشرة أدار زر الترانزستور. سألت السيدة كايرون " هل ستتلفن راجو ثانية?". " نعم. ما أن تسمع مزيدا من الأخبار ". كانت كل محطات الإذاعة تعزف الأغنية الجنائزية ذاتها " لا يمكن لها أن تموت. لو أنها ميتة، لن نسمع نغمة واحدة ولاحتى قرع طبول وإيقاع طبلات (7) ". " ولكن لا بد أن شيئا ما حصل، المحطات كلها تعزف الموسيقا ذاتها". قال السيد كايرون وهو ينظر بعيدا نحو الوادي: " هذا فظيع ". لم ينبس أحد ببنت شفة. تقلب بوني ليدفئ عظام ذراعه اليمنى وكتفه. قال السيد كايرون " خرج السيخ في نيويورك إلى الطرقات ابتهاجا، وبدأوا بتوزيع حلوى الميثاي (8). لم تذكر راجو ذلك. ولكن على ما يبدو ان مانجيت بين المحتفلين ". مانجيت هو صهره. هبطت على وجهي السيد والسيدة كايرون دهشة، صدمة أولية، وشعور يقيني بالخطيئة العرقية. تأمل بوني الأرض الخضراء المشوبة بألوان بنية كالحة، وقبضة من الأعشاب الضارة بين الحشائش. لقد اشتاق إلى هذه الأخبار، ولفترة وجيزة شغلته عن ذاته. على خلفية من سور أبيض ومساحات شريطية محصورة من السماء، تصور بوني الدم يصبغ الساري والقامة الأنوثية التي تنهار وتتداعى. ربما قالت شيئا لقاتليها ولمن هم بمحاذاتها. نهض السيد كايرون وقال " سأتلفن إلى دوغال". وذهب إلى الداخل، ولكن الأغنية التي كان يشدو بها الترانزستور لم تتوقف. رجع السيد كايرون وقد استعاد تماسكه " يقول دوغال الإذاعة تؤكد أنها تلقت طلقات نارية، وصرحت البي بي سي عن موتها منذ فترة طويلة. القتلة من السيخ، لا شك في ذلك ". قالت السيدة كايرون " يا للعار ". كان الغداء مبتورا وصامتا. وصل دوغال بعدئذ لم يتحرك بوني ليرحب به. قال دوغال " مرحبا يا باولونيدر. متى أتيت?". لم يكن بوني على انسجام مع دوغال لأنه يدعوه باولونيدر، ولأن دوغال ذاته يغار من مظهر بوني الوسيم، ومن قصة شعره، والجينز الذي يرتديه وقميصه الخفيف. ولم يأبه دوغال بحقائق بوني المرضية. رشف من كأس شايه بصوت مسموع وقال " سوف يصيبنا هذا بمصاعب جمة ". ردت السيدة كايرون تقول: " موت تعوزه الكرامة. هذا الرحيل لا يليق بشخص له هذه المكانة". " ولكنه لم يكن مفاجأة. لقد حرضت عليه بذاتها ". نظر بوني إلى دوغال بعينيه مع دهشة واحتقار. يا له من مغرور أحمق. هذا ما خطر له. في ذهن دوغال المرسوم بالأبيض والأسود، الألم والعدم، ربما حتى اليرقان، عبارة عن أحكام عقابية. أنت تحصد ما بذرته يداك، حتى لو كان الحصاد رذاذا من رصاصات غير متوقعة، ومرضا منهكا. فكر بوني بماضيه الشخصي ولكنه لم يستحوذ على صورة مقنعة ليبرر بها رأي دوغال. آه، حسنا. والداه ودوغال تابعا الكلام. تناوم بوني قليلا ليضبط أعصابه، وليعبر عن عدم موافقة نهائية ولكن مهذبة. في أواخر بعد الظهيرة ذهب دوغال والسيد كايرون للحصول على تقرير اختبار دم بوني. لقد لاحظا، وبالأحرى تخيلا أنهما يلاحظان، تطورا طرأ على الدروب الضيقة بموسوري. اعتقدا أن جمهور إجازات شهر العسل بغاية الشرود. وهنالك عدد أقل من السواح غير المبالين، وإن عددا كبيرا من الحوانيت قد أغلق قبل الأوان، هناك أضواء أقل أيضا. أكد اختبار الدم يرقانا واضحا، بعد أن رافق السيد كايرون دوغال إلى العيادة السنية، توقف من أجل حساء وخبز. قال له البقال بشجاعة ظاهرة " كايرون صاحب، لا يتوجب على شعبك أن يفعل ذلك". ورفع التسعيرة قليلا. لم يخطر في ذهن السيد كايرون أي شيء يدافع به عن نفسه. حينما استيقظ بوني، كان الألم في ركبتيه وكاحليه أشد. لا بد أنه بسبب الهزال، هذا ما تبادر إلى ذهنه. وجد صعوبة في العودة إلى داخل البيت. مع كل خطوة حتى باطن قدميه كان يؤلمه. فجأة لم يعد لدى بوني يقين فيما يخص قدرات جسده لتأدية أصغر الأفعال. أعلن أبوه وهم يحسون الشاي: " غدا في الصباح سوف أتلفن لبامي. لأعلم ماذا يحدث في دلهي ". في الساحات المعشوشبة أصيب السيد كايرون بتشنج، بردة فعل. وهكذا فقد الأب وابنه الثقة وهدوء البال في وقت واحد. في السادسة ذكر التلفزيون أخيرا أن أنديرا غاندي ماتت. هذا التأخير في إذاعة النبأ حفز السيد كايرون على الثورة والغضب. قال بصوت كأنه شخير " سمعنا هذه الأنباء لأول مرة بمكالمة هاتفية من نيويورك، يا لهذا الهراء ". سار بوني بحذق وحذر إلى الهاتف حتى لا يكشف عن آلامه " ألو. هل أستطيع أن اتحدث مع الدكتور مالافيا?.. ألو، هذا بوني.. الآن ركبتاي وكاحلاي يؤلمانني بشدة.. لا أعلم، ربما حوالي أسبوع على ما أعتقد ". طلب الدكتور مالافيا من بوني ألا يقلق، وأن لا يتعاطى المسكنات. وقد فسر الأوجاع بإنهاك بوني وهزاله". لا بد أنك رقدت في أوضاع غريبة نهارا. وربما لم تتأقلم مع برودة موسوري، فأنت قادم من دلهي ". عقب بوني بقوله " حيث الأمور تفور وتغلي ". لقد أجبر الدكتور مالافيا على الضحك وأربكه. سأل السيد كايرون والشك يتناوشه " هذا الألم؟". لقد رفع عينيه عن التلفزيون لهنيهة. " آه. لا شيء ". راقبت الأم بوني وهو يسير بتمهل نحو غرفته. رغبت لو سنحت له فرصة تواصل أوسع. لقد وضعت في حجرته مشعاعا للتدفئة. من النافذة الشمس الآفلة للمغيب بذرت الكآبة في صدره.. كانت الغرفة صغيرة، وبسرير واحد. ملاءات السرير كانت هدية من راجوانت في زيارتها الأخيرة. وعليها فوق خلفية صفراء جثم تنين أحمر ضخم. نظر بوني إلى الشمس وقال لنفسه: كلا، أنا لم أنته. أغلق الباب واستلقى ببطء على الأرض ليؤدي بعض التمرينات. في الضغطة الثالثة كأن الأرض اندفعت إلى أعلى وصرعته بضربة واحدة. لقد فقد الوعي للحظة واثنتين. حينما أفاق انتبه أنه يضع خده الأيسر بطمأنينة ويسر على الإسمنت البارد. ونملة كانت تسعى على بعد بوصتين من عينه اليمنى. تناهض إلى السرير بحذر، وجر اللحاف حتى رأسه وانتظر أن يشيع به الدفء. لقد شعر أنه خاسر، وأجوف، والآن يبدو له الغسق هادئا مثل لهب يخبو. مرت لحظات استنشق خلالها الهواء بعمق. حاول جاهدا وبغفلة من الزمن أن يشغل نفسه بأفكار حول أنديرا غاندي، ولكن كما هو بقية العالم، كانت حتى هذه باردة وبعيدة. إنه يشترك معها في هدوء الموت. تحت الفراش حاول بوني أن يتلمس ركبتيه واجتهد في تحريك كاحليه. كان الألم هو القوة الوحيدة التي تقوده بعيدا عن الخواء. سمع في الخارج أصوات والديه، والتلفزيون، والإذاعات الأجنبية التي تنقلها الراديو. تلك الأشياء الثلاث كانت لا تهدأ ولا تمل من الحديث عن أنديرا غاندي. بعد قليل من الوقت دفعت أمه الباب بيدها وفتحته. " نائم?". " كلا ". " ماذا قال لك مالافيا عن أوجاعك؟". أجاب بوني. وتساءل في نفس الوقت لم تريد أمه هذه المعلومات. إن ألم المرء الشخصي هو من شأنه فحسب، سرد غير قابل للتداول، ولا يمكن الكلام عنه. إن أوجاع امرئ آخر موضوعات حساسة، وسبب للملل، والتوتر. كان المرضى دائما معزولين، يحتضنون آلامهم. " من الأفضل لو تستعين بكيس ماء ساخن". " حسنا ". أوصد والد بوني الباب باكرا. حوالي السابعة. ثم تأكد من سلامة مسدسه. من الحديقة كانت الهضاب والوادي تظهر بشكل كتلة سوداء تنذر بالخطر، يتوزعها الضباب وتتوج هاماتها غيوم السماء الليلية. هدوء موسوري بالعادة يحمل له السعادة، ولكنه الآن شحنه وسبب له ضيق الصدر. ما من ضحكة عابرة رنت أصداؤها في مشارب الشاي تحته، ما من خفقة ضوء في حنايا التلال القريبة. فقط برد المساء، والضباب الكثيف، ومن ورائه الظلام، وصمت قاع المحيطات. تعبت أعصاب السيد كايرون، وتذكر على نحو فوضوي اضطرابات التقسيم وحروب الـ 65 و71. في الداخل التوتر كان سيد الأجواء، ومن ورائه سبب وحيد هو كآبات مرض بوني. العشاء كان موجزا، قضم بوني شيئا في السرير. ثم طلبت منه أمه أن يترك الباب مفتوحا لينادي عليها حين الضرورة. في تلك الليلة دخل بوني في طور عالم كابوسي خاص. ركبتاه وكاحلاه التهبا باللون الأحمر وتضاعف بالحجم. أما جلده فقد احترق بالحمى. ببطء شديد كابد ليستوي جالسا في سريره. لامس ركبته اليمنى فشعر بالألم كأنه قيد يكبله. نظر إلى ساقيه، دون أن يستوعب الرعب الذي يمر به. ثم سمع بوني رنين الهاتف. لقد رن بإلحاح، عاليا ومفزعا. في النهاية التقط أبوه السماعة. " آه، بامي. أهلا... ماذا، لدي أمل... آه، كلا... يا إلهي... كلا?.". سمع بوني من طرف والده هذه الأصوات الغريبة فقط. ثم انضمت إليه السيدة كايرون " ماذا، ماذا حدث?". وضع بوني بتبصر وسادتيه تحت الركبتين. لم يتمكن من الصراخ لأنه غير مستعد للتعبير عن آلامه ولاستجداء المساعدة من شخص آخر. رعبه ويأسه دفعا الدموع لتسيل من عينيه. أما وجهه فقد انهار. ومع ذلك استفاق من غير صوت. محولا رأسه من ناحية إلى أخرى، وقبضتاه تعصران ثنيات اللحاف، قرر أن يخوض معركته وحيدا وبصمت. تحرك السيد كايرون في المكان من غير إرادة وقال " تفجر العنف في دلهي. جروا السيخ من الحافلات وقتلوهم. أشعلوا النيران ببعضهم. هذا مهرجان حقيقي لتلعب فيه بالنار. هاجموا البيوت ونهبوها. مئات لقوا حتفهم بالتو ". لم يصدر صوت إلا عن احتكاك خف السيد كايرون بالأرض. سألت السيدة كايرون " وبامي?". " ما من مشكلة في تلك المنطقة حتى الآن ". تابعت عينا السيدة كايرون السيد كايرون، ثم سألت " والبنجاب?". " ما من أخبار. الأخبار هناك محظورة". بالنسبة لبوني وهو في تلك الحالة المتهالكة، كانت فوضى العالم تعكس أزمته فحسب. حاول أن يتحرك مجددا، تطور الألم حتى وركيه وظهره. جلسا من غير حراك لمدة اعتقد أنها استمرت لعصور. ثم بدأ بوني يتفهم وبالتدريج ولأول مرة ما يتوجب عليه أن يتأقلم معه لاحقا، إن ذلك الألم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. بعد فترة أصبح نوعا من المجاز، بل حتى إنه تحول إلى فروض مملة. وهكذا في السرير، غرق في سبات خفيف قليلا، إلى أن أيقظته حركة منبهة. في عالم اليقظة سوف يعاني، سيثقل كاهله الملل، ولكنه عاد إلى نوامه حتى يستيقظ فيما بعد من جراء لمسة أخرى. أخيرا وعبر النافذة من ورائه سمع زقزقة العصافير وشعر بالفجر الجديد. لقد قدم بوني لوالديه مصدر قلق آخر غير أنديرا غاندي. وهكذا فحص الدكتور مالفيا قلب بوني وقال، محاذرا من عيني السيد كايرون، إنه عدا اليرقان، ربما لدى بوني روماتيزم وعائي. طلب الدكتور مالفيا مزيدا من اختبارات الدم مع صور شعاعية (إي سي جي) (9). فيما بعد سوف يبهظ الروماتيزم الوعائي مشاعر السيد كايرون، ويرعبه ويسبب له القرف. إنه ليس مرضا لائقا بالشباب السيخ الأقوياء مهيبي الطلعة. حينما صعدت الشمس عاليا قاد معه ابنه إلى الحديقة. في الكوخ المشمس الذي ابتاعه مقابل أغنية، يشعر السيد كايرون الآن أنه مهيض الجناح ومعزول. لقد انقطع عما حوله، وضاع في مكان باهت، بينما الأحداث الجسيمة تجري في مكان آخر. نظر إلى بوني، الذي تمدد هناك مع ذراعين مضمومين وعينين مغلقتين. لقد نظر إليه بارتباك. في الخارج، تحت الشمس، كان بوني أقل ذعرا. لقد شعر بالأمان البيتي، والبعاد والاغتراب. إنه يعيش مع أناس يحسنون الظن به، ولا يلحقون به الضرر أبدا. إنه البيت. مع أن البيت لا يعني ذلك لكل شخص. ردد هذا في سره، وهو ينظر إلى البرتقالي المشمس الذي أصبح تحت جفونه، وأضاف: أقصد، انظر لما حصل مع أنديرا غاندي. أحضرت السيدة كايرون إلى الخارج جهاز تلفزيون أبيض وأسود صغيرا. هدية أخرى من راجوانت. شاهدا السيدة غاندي ممددة بمهابة. أولا شعروا جميعا بالكبرياء. قال بوني " لا تزال تبدو شماء ". ثم خفض بصره وتأمل لياقته. بعدئذ عاود النظر إلى أعلى حيث أنفها المعقوف في ذلك الوجه الرمادي الذي تحيط به الزهور، خطر له، إنها مجرد امرأة عجوز. صرحت السيدة كايرون بتعبيرات مبهمة عن الحزن كلما أصبحت السيدة غاندي في مرمى البصر. ولكن أصاب التعب بوني سريعا من هذا، وعاد إلى تقلبات السماء اللامتناهية. كانت حبوب مالفيا جيدة المفعول. لو أنه استلقى هادئا سينسى آلامه لفترة وجيزة. النساء المتباكيات في التلفزيون نقلوا إليه شعورا بالشرود والقرف. راقبهن وهن يلطمن صدورهن ويعولن فوق الأكتاف. ولكن، بلا شك، الدموع أغلى من ذلك، هكذا فكر بوني، وهو يتذكر دموعه الشخصية فقط. استمر التلفزيون في تركيب مفردات عن اللوعة، ولكن سرعان ما تلاشت المعاني منها. عاد دوغال مرة ثانية فيما بعد ظهيرة ذلك اليوم، كان هادئا ومسرورا لسماع أنباء مرض بوني الجديد. تحادث هو ووالدا بوني بشكل متقطع عن السفاحين القتلة، وأحداث الشغب، والبنجاب، وقرار أناندبور صاحب وخاليستان (10) وتريلوكبوري. قال السيد كايرون " هذه مذبحة إقليمية "، وكان في نفس الوقت يستطلع الرطانة الإخبارية المنشورة في صحف وصلت للتو. " الاضطرابات كانت أيضا ضد الهيمنة الاقتصادية للسيخ في دلهي ". " سوف يعلنون عن انتخابات عاجلة والمجرم سوف يفوز بها ". " بعض الشباب السيخ يحلقون شعورهم، وسوف يكون لهم منظر بوني ". رحب بوني بهذه المناقشات التي تجري من خلفه وبالجمل القليلة التي بلغت مسامعه. وقد تساءل بتكاسل كيف ستبدو خالستان. كان مدهوشا قليلا من حمى الكهول. كان الدين عنده خرافة. وهو يفضل موقفه هذا من غير جذور ولا تاريخ. مع ماضيه القبيح ومستقبله المشوه لن ينال منه شيء. عاد الدكتور مالفيا من جديد. " ستعاودك الحمى والانتفاخ سيتوقف في بحر ثلاثة أسابيع. فيما بعد سوف تحتاج إلى معالج فيزيائي?. في الأيام القليلة اللاحقة زارهم بانتظام. " يجب أن نبقى متيقظين، يا بوني يجب أن لا نسمح للألم بالوصول إلى راحتيك وأصابعك، وإلى ظهرك. لا داعي للجهد، راحة تامة ". " يجب أن تتناسى الكحول إلى الأبد، وتقريبا إلى الأبد. اليرقان سيمر، ولكن الأوعية ستستمر". أحيانا تنتاب الدكتور مالفيا نوبات فلسفية " يجب أن تتعلم كيف تتعايش مع الألم في حدود. أن تتعلم كيف تعيش.. هذا ما اسميه جائزة إلهية، يا بوني. لا تفكر به كثيرا، ولا تتكلم عنه كثيرا مع الآخرين. سوف يكون بحوزة الجميع نظريات خرقاء. أليست لديك هوايات، وشيء ما من قبيل ذلك لتشغل أوقاتك?". رد بوني بالنفي. قال كلا. إنه لا يقرأ أبدا، وليست لديه أذن تصغي إلى الموسيقى، إنه لا يتجاوب مع أي شيء. حتى أنه غير معتاد على التفكير التأملي. مثلما توقع الدكتور مالفيا عاودته الحمى قوية. ثم حينما كانت الوالدة تسأله على مدار الساعة إن هو يشعر بتحسن، لم يكن بمقدوره ولا إرسال إشارة إليها لأنه كان يشعر بالإرهاق قليلا. أحيانا كان يضغط بيديه على قلبه، بقوة، ويقول: أنت صامد. أحيانا كان يشمئز بالأخص حين تنتابه الذكريات القديمة عن دلهي، هو يعتقد أن المشاكل كانت تصيبه بسوء. الآن أيضا، أحيانا سوف يحدق بعينيه دون أن يتعرف على أمه وهي أمامه، لأنه وجد في شخصيتها، ما يثير ضغينته. أحيانا كان يعمد إلى تضخيم قيمة آلامه، ولكن الألم كان مملا وأنت بحاجة إلى تعزية نفسك عنه. في 2 و3 آذار تشرين الثاني من عام 1984، استسلمت أنديرا غاندي في محفل رسمي، وكانت دلهي، مثلما ذكرت الصحف، تحترق بالنيران. في الرابع منه أحرقت، ولكن في الحادي عشر منه أطلق سراح رمادها فوق غانغوتري (11)، مكان ميت وبارد. في التاسع عشر منه صادف ذكرى ميلادها. وهكذا مرت الأيام على بوني، وكان في كل يوم يرى على التلفزيون الصورة ذاتها. على غير توقع كتب له رانديب رسالة. " عزيزي بوني، من أين أبدأ?. لا أستطيع أن أصدق ما أراه فعلا والذي أزمعت على أن أصفه لك..". لا أستطيع أن أقرأ هذه التفاهات، قال بوني لنفسه، ودعك الرسالة ثم رماها بعيدا. ساعات من التأمل بعثت فيه الشعور بالحب والحنين لنفسه فقط. شعرت أمه بذلك وهي تراقبه ينفق ساعات وعينه على السماء " أتمنى لو أن أناسا آخرين بعمرك هنا، يا بوني ". لقد خرقت رسالة رانديب شرنقة من الإشمئزاز، ليس بوسعه العودة إلى هناك. بوني يمقت ماضيه، لم يحصد منه غير المرض، وهو لا يثق بمستقبله، فالتعويض ليس بواسطته. بعد أول عدة أيام استحم بوني بمعونة من كرسي ألومنيوم. كان الجلد في قدميه رقيقا ومجعدا. وظهرت أصابع قدميه مثل أعواد الزنجبيل. وانتابته الفكرة التالية: لقد كنت في السابق بريئا ومعافى، ولو قدر لي أن أعود كما كنت، سوف أتمكن من الجري دون أن ينتابني الإعياء. و تساءل السيد كايرون ذات مرة، في يوم مشرق، مجددا وهو يجرع الشاي في الحديقة " بوني، حينما تصبح محاميا هل ستطيل شعرك? وترتدي العمامة؟ من أجل خاطري ومن أجل شانديغارة ". لم يعلم السيد كايرون ما هو الدور الذي يجب أن يؤديه سيخ متحرر، سيخ وطني، وما يدعوه دوغال سيخ حقيقي. قال بوني نعم على الفور. عليه أن يقول نعم بعد أي رغبة يبديها، لم يكن ذلك مهما. ما زالت أمامه شهور قبل شانديغارة، وكما أن المرض والاغتيال قد أكدا له أن العالم مكان غير مستقر على نحو يثير فيك الإحساس بالتهيج، وإنه عرضة لوقوع أي حدث. الحادثتان وضعتا الغطاء فوق عطالة وخواء بوني. على المرء أن يجلس بانتظار الأحداث المجنونة، هذه هي المسألة. أين هو اليقين?. في السماء والشمس?. أنت لا تجد إجابات على هذه الأسئلة، هناك الحياة فقط، وهي حياة واحدة ولا مزيد. أما الطموح فهو محض عبث، أمامك أشياء كثيرة تنجزها ولكن الوقت ضيق إلى أبعد الحدود، كم هو المشهد العام عديم من المعنى. انظر إلى أنديرا غاندي، هكذا اعتاد بوني على أن يذهب مع شتات أفكاره، وغالبا ما يبتسم حينما يستعيد الذكريات في ذهنه.
الشاعر في سطور ــــــــــــــ يوبامانيو شاتيرجي: مولود في بانتا، بيهار، عام 1959. درس في دلهي، ثم علم اللغة الإنكليزية لعام واحد في كلية القديس اصطيفان في دلهي. عمل في دائرة الخدمات الهندية منذ عام 1983. يهتم بالتاريخ الهندي ورياضة السير على الأقدام. حاز على منحة كاتب مقيم في جامعة (كينت ـ بريطانيا) عام 1990. منذ عام 1998 شغر منصب مدير اللغات في وزارة تطوير الثروة البشرية في الهند.له عدة قصص منشورة في (مجلة لندن ـ لندن ماغازين)، وفي (ديبونير ـ الهند). وقد نشرت هذه القصة عام 1985 في مجلة لندن، عدد حزيران. يكتب الرواية أيضا. وقد صدرت له: آب إنكليزي (1988) وتحولت إلى فيلم، العبء الأخير (1993)، صدر الدولة الغنية (2000) وهي الجزء الثاني من روايته الأولى، وفيها بحث عن طبيعة الهند الأرستقراطية الجديدة. * المصدر الأصلي لهذه القصة هو: * The Assassination Of Indira Gandhi, by: Upamanyu Chatterjee,In: 1986 Best Short Stories, ed.: Giles Gordon and David Hughes, Heinemann, London, 1986, p.p. 39-51.
* ملاحظات من المترجم: 1 – شانديغارة Chandigarh: مدينة في شمال الهند. 2 – موسوري Mussoorie: بلدة صغيرة في مرتفعات الهملايا، تابعة لمنطقة أوتارانشال في شمال غربي الهند. 3 – دار جيلنغ Darjeeling: بلدة في شمال شرقي الهند. تابعة لمقاطعة البنغال الغربية. 4 – ديهرادون Dehradun: مدينة في شمال الهند. وهي عاصمة مقاطعة أوتارانشال. 5 – سلوار: بنطال فضفاض حتى الكاحلين. ترتديه نساء شمال الهند والباكستان. 6 – غرانت صاحب Granth Saheb: مهرجان تحييه طائفة السيخ في ذكرى شهداء العقيدة. وفيه تتم تلاوة من كتاب السيخ المقدس " الغرانت صاحب ". 7 – طبلة الدهولاك: طبل صغير ينتشر في جنوبي آسيا. 8 – حلوى الميثاي: وجبة حلويات تقدم بعد الطعام في جنوبي آسيا. 9 – إي سي جي: صور إلكترونية شعاعية. 10 – خالستان Khalistan: مقاطعة يهيمن عليها السيخ. ومنها خرجت جبهة التحرير العسكرية لخالستان. 11 – غانغوتري Gangotri: موقع فيه معبد مقدس بالهند.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |