راية عُظمى تكاد تُعانق شغاف السماء..
رداء يتطاير مع نسيمات الهواء ..
حوافر فرس عربية أصيلة تنهب الأرض نهباً..
صهيلها مزمجرا كالرعد..
انتهى به المقام حيث أرض الكرب والبلاء..
هدوء خلّف ساحة المعركة الدامية..
ترّجل مدهوشاً وهو يتلفت يُمنى ويُسرى ..
رماح مكسّرة..
سيوف مخضبّة..
رؤوس مقطعة..
أجساد بلا غسل بلا أكفان بالتراب موسدّة ..
دماء مفجّرة..
خيام محرّقه..
غضب وزمجر ذلك الليث الغائب..
فهتف بصدى عبارة جدّه الحسين عليه السلام: ألا من ناصر ينصرني!!
ألا من يأخذ ثأر آل بيت النبي معي !!
أرتد الصدى من جديد فلم يكن هنالك لا انصار ولا أعوان..
أنكس رأسه بحزن وألم وثمة دمعة انحدرت من عينيه..
أسند ظهره على جذع النخلة فاسترعى نظره آثار القوافل المسبية مرسومة كالوشم على التراب تأبى الزوال وعجزت الرياح عن إزالتها ..
هتف بلا شعور وبصوتٍ عالٍ: ساعد الله قلبكِ يا جدتي الزهراء..
حينها خاطبه جبريل من سابع سماء: أيها المنتظر القائم ..
الله عزّ ثناؤه يقرؤك السلام ويقول إن كنت تبحث عن أنصار فاخرج عند بزوغ الفجر فإذا سمعت رجلاً يكاد صوت بكاؤه من خشية الله أن يلامس حجاب السماء مخترقا بوقعه العباب والسحاب .. فخذه معك!
وإذا سمعت آخراً يلّح ويشتاق ليكون من أنصارك وأعوانك .. فخذه معك!
وإذا رأيت أحدهم يكاد أن ينقصم ظهره من الصلاة منقطعا لله في العبادة .. فخذه معك!
ومن داوم على قراءة "دعاء العهد"أربعين صباحا.. فخذه معك!
وفي صباح اليوم التالي وبعد بحث ليلي طويل كست وجههُ غلالة من الحزن ؛ فلم يكن هنالك نموذجاً واحداً لأحد نماذج جبريل المذكورة..
فخاطبه مرّة اخرى : لا تحزن ايها المنتظر ؛!
قد تُصادف رجلا كمسلم بن عقيل يجمع أنصارك..
أو قد تصادف رجلا كالحرّ بن يزيد الرياحي فتُشهر بتّارك..
و آخرا كحبيب بن مظاهر فتأخذ بثارك..
أو تصادف شخصية كالعبّاس بن علي بن أبي طالب فيحمل الراية واللواء ويُخمد نارك ..
أصبر..لاتحزن..لا تأسى..
فهناك فئة انتظرتك ولن تتوانى عن نصرتك..
وكما دعوا الله أن يكونوا من أنصارك ؛ فاطلب من الله أن يرمي بهم القدر سريعا في طريقك ليذبّون عن لوائك ..