|
قصة
كوابيس تهم بالرحيل....قصة قصيرة
سلمى كاظم فرج آل ياسر 31-12-1986 بابل - العراق إستيقظتْ مرتعبة فزعة ، فقد سرقها النوم .. الحلم . لم تمض سوى نصف الساعة منذ إن أخذ الصغير رضاعته . همت بالإستيقاظ ، لكن خدعها الدفء . هاهي الساعة تصرخ ست صرخات ، النجوم لا تزال مشرقة ، القمر وهالته يودعانها من نافذة المطبخ ... لا وقت لديها لتسريحة الشعر . الرعب يبدو حالة مستديمة لم تعد تذكر تاريخها ، أهي من زمن الولادة ؟ أم من زمن الإمتحانات المدرسية ؟ وضعت (القوري) على النار ، سلقت بيضا ، غسلت رضاعات الصغير ، حضرت أقداح الحليب ، جهزت الحفاظات وقدور الغداء لأطفال الحضانة وقدر آخر لتلامذة المدرسة . القمر وهالته يؤججان في نفسها أسى مريرا لأيام حلوة مضت . سأرتدي هذا اليوم بدلتي الرمادية وأعتمر قبعتي ذات الفراء الأسود مع حذائي الأسود الجديد وأن بقي وقت سأضع شيئا من أحمر على وجهي أو أكتفي برشة عطر. أستيقظ الصغير معلنا ثورة وانقلابا وبسرعة فائقة تلقفته واضطجع نظيفا محفضا يمتص رضاعته وبين الفينة والأخرى يبعدها ليناغي أخوته الذين وصل صخبهم السماء ولغطهم لا ينفك يردد : الأحمر قلمي وأنا ايضا قلمي أحمر هذه مبراتي لا .. انها لي . ماما .. ماما أخذ مبراتي .. سأخبر بابا عن وقاحتك في المدرسة . سيف الأب الوهمي يستل ويغمد .. إكتملت الأناقة . - هيا يا أولاد لم يبق لنا وقت .. قدر غدائكم هذا ، لا تنسوا أن تأكلوا جيدا . إياكم والنار والكهرباء .. احذروا .. تيقضوا ..! تلقي كلماتها العاجلة هكذا كل يوم ، والأطفال لا تهمهم سوى مطاليبهم التي لا تنتهي ، وهي تؤكد لهم تنفيذها حال عودتها من الدوام ، فيجبروها أن تقسم وتحلف لهم انها ستنفذ كل ما يريدون من طلبات تعجيزية ، والأولاد لا يصدقون كل وعودها ، لكنها والوقت يجري مسرعا عبدة لكل كلمة يقولونها كي يمر يومهم بسلام ، ولا يعاندون فيلعبوا بالسكين ، أو يأخذوا دراجاتهم ويتسابقوا في الشارع ، وما دامت مجرد وعود فليأخذوا منها ما شاؤوا ، عدا أن يؤذوا أنفسهم . والأولاد يعرفون جيدا أي الوعود تنفذ لهم وأيا ً منها مجرد كلام ، فيعيدونها كرة أخرى ، وكل يوم عسى أن تُذلل لهم ، مع هذا هم لا يريدون أكثر من اللعب بدراجاتهم أو الشطرنج ويتجاوزون في احيان أخرى فيطلبون ورقا من دفاتر أبيهم أو أقلامه واصباغه المائية .! - اسمعوا لا تنسوا أن تغسلوا وجوهكم وانوفكم جيدا ، عندما تدق الساعة الحادية عشرة بدلوا ملابسكم . وسط الوصايا والتوجيهات يأست في البحث عن الحذاء الأسود الجديد فقد التهمته أرجاء البيت . - يا أولاد أما رأيتم ...؟ - لا ندري ... الوقت يركض وهي تركض ولا أثر لمكمل الإناقة ، اذ ليس أمامها سوى الحذاء الأبيض لكنه لا يتلائم والألوان الشتائية وهذا الحذاء بدون كعب . - ويلاه .. ذهبت إناقتي سدى .. بعد كل ذلك التفكير والتأمل ! تركت الصغار عند دار الحضانة يصرخون وقد تعودت صراخهم هذا كما تعودت الرعب والركض . همت مسرعة الى عملها ، مهمومة.. مصبحة ً على وجه بغيض ، سيسيل لعابه من زوايا فمه ولسانه وهو يدرج اسمها في قائمة المتأخرين ، فيفرح ومسؤوله من أنهم استطاعوا أن يضبطوا منتسبي المعمل إلا هي ، فيؤشر اسمها في القائمة – تعاقب- والعقوبة لا تهمها معنويا ، عدا انها تلعب دورا بالراتب الزهيد قليلا . وهي تفارق الوجه البغيض أعلن الراديو تمام الثامنة . تمشي بهدوء .. تسكت وشوشة دماغها . عمل ودوام لا ينتهي والحذاء المفقود حتما ستجده أمام عينيها حالما تعود للدار . الأطفال في الحضانة والبقية من الأولاد تركتهم في البيت سيقلبون أفرشته ويغرقونه بقصاصاتهم الورقية ، ليفعلوا ما شاءوا ، دعهم يعيشون ويكبرون بسلام . داهمها وحش فراقهم ، قلق إعتصر قلبها ، أطفالها كل حياتها التي لم تكسب منها سوى التعب والأرهاق وراتب أقرع مجنون ، خوف مميت دائم حتى من أن يخدش أحد أطفالها .
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |