|
قصة قصيرة
قليلٌ من الرز
عبدالكريم يحيى الزيباري - هيا ألن تأتي إلى المطعم؟ - لم تغرب الشمس بعد. - لكنني جائع جداً، فاتني الغداء. - وأنا فاتتني السيارة اليوم فاضطررت إلى دفع ثمانية آلاف دينار لآتي إلى العمل هذا اليوم. - هههههههههه أنت أيضاً فاتتك السيارة ههههههههههه. - لم تضحك في هذا اليوم النحس. - هههههههه أنا أضحك…صدقني إذا قلت لك بسبب خوفي من الثالثة، فاتتني السيارة في الأولى وفاتني الغداء في الثانية ولا بدَّ أن تأتي الثالثة. اتصال هاتفي، مزعج، ثلاث مرات ردد كلمة نعم، والرابعة قال:- حالاً سأذهب، التفت لزميله: - أين سنجد هذه السيارات اللعينة؟ - ما دامت اليوم قد غادرت الساحة فلم تذهب بعيداً. بدءا عملية البحث في الساعة العاشرة صباحاً، وفي الثانية بعد الظهر عثرا على السيارات الخمس، وبعد أن أكملوا معاملات الحجز، توجها إلى المطعم، ليجدا أن الطعام قد نفذ، بقيَ زميله هادئا، أمَّا هو فاستشاط غضباً على الطباخ الذي أجابهما ببرود إنكليزي: - لكنك يا سيدي المشرف أنت من وضع التوقيتات وقلت من الساعة الثانية عشر إلى الساعة الثانية بعد الظهر موعد الغداء، ومن يأتي بعدها لا غداء له. - أيها الأبله هذه التوقيتات وضعناها للموظفين ولا تتناسب مع طبيعة عملنا، فنحن في أية لحظة قد نغادر في مهمة خارج الساحة. - آسف. - هل تعني أنَّه لم يبقَ لديك أي شيء ولو قليلاً من الرز. اضطرا أن يذهبا إلى المطعم السياحي، أسعاره واحدة للمواطنين والأجانب، وجبة الغداء المتوسطة تصل إلى خمسة دولارات. يومٌ نحس، الأول من نيسان، بدأ التوقيت الصيفي أضافوا ساعة إلى الوقت، ولم يعلم هو ولا صديقه، وفي ظل أزمة البنزين اضطرا للذهاب إلى النقليات الخاصة حيث كلفهما النقل خمسة دولارات أخرى لكل واحد منهما، يا له من نحس. - لا يهم فالعشاء تشريب قوزي. - هيا لنذهب قبل أن يعلن الكلب نهاية الحفلة. كان يستلذُّ بالأكل بشكلٍ غريب، ولقد عوضه الطباخ عن الغداء الذي فاته بأن وضع له قطعتي لحم كبيرتين، وليس قطعةٌ واحدة مما لفتَ انتباه جميع الموظفين، وقبل أن ينهي أكله، جاء الطباخ ووقف على رأسه قائلاً وهو يبتسم: - هل تريد قليلاً من الأرز. - ههههههه هههههههه قليل من الأرز هههههههه أيها الخبيث ألم تقل لي أنَّه لم يبقَ لديك أي شيء لما سألتك. - كلا يا سيدي لم تسألني عن الأرز. - هههههه هههههههه عن ماذا سألتك إذن عن خالتك؟ - أرجوك سيدي لا اسمح لك أن تسبني. وبصوتٍ عالٍ وغضبٍ شديد - اخرس أيها الكلب وإلا …… أكمل غداءه وهو يكلم نفسه ووجهه يزداد احمراراً، طلب الشاي، شرب الأول بسرعة كبيرة رغم حرارته، وكان يرى زملاءه الذين يخفون ضحكاتهم ويتغامزون بشأنه، طلب شاياً آخر. وصل الشاي قال للساعي: - أين الطباخ فليأت في الحال. - نعم سيدي. وصل الطباخ وبدا عليه الخوف، والارتباك، فأجلسه مكانه رغم رفضه المتكرر، واعتذاره عما حصل. - كلا لا تأسف أنا آسف لأنني غضبت وتفوهت بكلمات مشينة بحقك. - لا عليك يا سيدي فالذنب ذنبي. وبهدوء سكب الشاي الحار على رقبة الطباخ، انتفض واقفاً وهو يصرخ، وانهمك الموظفون في الضحك،د وغادر الطباخ مسرعاً وهو يهدد الموظفين بأنه سينتقم منهم جميعاً وليس من المفتش وحده، ولكن الموظفين ازدادوا ضحكاً، ومنذ ذلك اليوم لم يرَ أحدٌ الطباخ، وجميع من حضر هذه الحادثة مات بصورةٍ غامضة أقرب إلى القتل، وكان أولهم المفتش، ولم يبق منهم إلا أنا، ورغم إنني لم أضحك البتة لكنني أشعر بخوفٍ شديد ……
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |