|
قصة قصيرة "قصة زهراء" مريم المدحوب / البحرين _1_ "البداية " - الشعور بالإثم من دون محاولة التوبة، إدانة في فراغ - الحفاظ على الطهارة الداخلية النابعة من الفطرة ، والإيمان الصادق بالمبدأ، والعمل المخلص من أجله، تعطي الذات قوة عظمى لا يقتصر تأثيرها على الزمن المعاصر، بل تتدفق في الأزمنة اللاحقة أيضاً. - الصدق مع النفس يعطيك الحقيقة.. والحقيقة تعطيك القوة .. والقوة تعطيك الانتصار. - مع الأيمان لا مجال للحزن ، والكآبة. أو الشعور بالنقص، والهوان. - الغضب لله يرافقه التواضع، لأنه نتاج العبودية. أما الغضب للنفس فيرافقه التعالي، لأنه نتاج الكبرياء. متى نذكر الله؟ أفي مناسبات الفرح أم في مناسبات الحزن ؟ أم في كليهما؟ وأيها لها الأولوية في ذلك ؟ يبدو لي أن مناسبات الفرح أولى بذكر الله تعالى من مناسبات الحزن _ وان كانت كل الأوقات هي مناسبة لذكر الله تعالى _ ذلك لأن كل إنسان يذكر ربه مجبراً عند الكارثة. ويتول إليه في رفعها ، ثم ينساه بعد ذلك .. ولكن القلة هم الذين يذكرون الله على نعمة، عندما تترى عليهم .. كما يذكرونه عند سلبها منهم. ولا شك أن الله _ تعالى _ يحب أن نذكره في حالات الصحة أكثر مما يحب أن نذكره في حالات المرض، وفي حالات الغنى أكثر من حالات الفقر، وفي حالات الأمان أكثر من حالات الخوف . ألا يقول الحديث القدسي: ( يابن آدم.. اذكرني في الرخاء، أذكرك في الشدة). فلماذا ترى البعض يحزن كثيراً، ويعاتب ربه إذا فقد عزيزاً، ولكنه لا ينبس ببنت شفة شكراً لربه، وعندما كان نفس ذلك العزيز حياً وفي صحة جيدة ؟ وصلت إلى هذا المقدار من المقولات الرائعة_ التي يسطرها سماحة السيد هادي المدرسي في كتابه القيم طرق مختصرة إلى المجد _ و توقفت عن القراءة ! أوه لقد أنستني هذه العبارات العظيمة العهد الذي قطعته لبلقيس ! فطرحت الكتاب جانبا فوق ذلك المكتب الخشبي الذي تجلس خلفه.. وهمت بلبس حجابها وعباءتها .. أرتدتهم وهي على عجلة من أمرها .. توجهت نحو السلم وهي تفتح جوالها .. تستلم رسالة نصية على الفور .. لاشك أنها بلقيس ! " وينج يا معودة .. هلكت وآني اخابرج .. هل نسيتي الموعد .. " تحاول الإتصال ببلقيس .. - الو .. بلقيس سلامٌ عليكم .. - وعليكم السلام .. صباح الخير .. صار لي أكثر من ساعة وأنا أحاول الاتصال بكِ . - نعم ، اعذريني .. لقد كنت منشغلة بالقراءة فأغلقته لئلا يزعجني. - شكراً جزيلا .. الآن نحن صرنا مزعجات ها ! - لا يا بلقيس .. على كل حال اعذرينا .. - حسنا .. هل أنتِ جاهزة الآن ؟ - نعم .. انتظر مجيئكِ . - رنة واحدة واخرجي عند الباب . - إن شاء الله يا ستي .
_2_ " في السيارة " - مرحبا بالعزيزة .. - لا أتحمل لسانك يا زهراء ! تعرفين كيف تصلحين أخطائك .. - هههههههه - طيب .. لا تخافي غداً سأوصلك إلى أم رضا أيضا .. لا داعي للمجاملة يا زهرتي . - بلقيس .. تتوقعين بماذا تتحفنا في هذه الليلة ؟ - لا اعلم .. ولكن أم رضا .. إبداع دائم .. وتألق مستمر . - الله يحفظها . - هيا تفضلي لقد وصلنا .
_3_ " في منزل أم رضا "
وصلت زهراء وصاحبتها بلقيس إلى المنزل .. وكان المجلس مكتظاً بالحضور الشبابي .. والأمهات.. والأطفال .. فأخذت أقدامهما باختراق الصفوف المؤمنة إلى أن استقر بهما المكان في وسط الجمهور. همست بلقيس في أذن زهراء معاتبه " لقد تأخرنا كثيراً في الحضور فلم يتبقى شيء على انتهاء المحاضرة". أحست زهراء بالذنب .. فقالت ولكن القراءة الحسينية لم تنتهي بعد . - حسنا فلنستمع إلى هذه الرواية التي بصدد ذكرها السيدة الآن . - حسنا . وأما الروايات الواردة في الترهيب من ترك اخراج الخمس فهي كثيرة .. اكتفي في هذه الليلة بذكر رواية واحدة لنعرج على كربلاء ونذكر مصيبة زينب لقضاء الحوائج . ورد في كتاب الوسائل عن محمد بن زيد قال: قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس؟ فقال: ما أمحل هذا امحضوننا المودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منكم في حل. نستفيد من هذه الرواية انه يستحيل أن يسقط الخمس عن الإنسان العاقل البالغ، فها هو الرضا عليه السلام يقول لهؤلاء القوم الذين حضروا إليه يودون لو يحلهم من الخمس أي يسقط عنهم هذا الفرض الواجب .. فماذا كان جوابه عليه السلام ؟ قال ما أمحل هذا .. أي أن هذا الأمر يستحيل أن يكون . التفتن لي جيداً أخواتي العزيزات .. فإذا كانت في مجلسنا هذا فتاة قد طافت التاسعة من عمرها ولم تخمس فلتبادر الآن إلى قضاء ما في رقبتها من حقوق وواجبات لله .. فهذا الحق الشرعي لابد من إخراجه .
_4_ " في طريق العودة "
- زهراء هل تعتقدين بوجود فتاة في هذا المجلس لا تخمس ؟ - عفواً .. ماذا قلتي ؟ - ما بكِ ؟ - لاشيء .. ولكن ثمة أمر ما يشغلني .. وقد سرحت وأنا أفكر فيه .! - حسناً.. كنت أتساءل إذا كان في حضور هذا المجلس فتاة واحدة لا تخمس !؟ - نعم .. نعم .. أنا أقول لاشك انه يوجد ولو فتاة واحدة .. - لا اعلم اشعر أن الفتيات اللاتي يحضرن لأم رضا فتيات مؤمنات لسن بحاجة إلى توعية كهذه ! - أنا لست معكِ .. عدم التزام الفتاة بالخمس لا يعني أنها فتاة غير مؤمنة .. بل قد يكون الجهل بالحكم الشرعي هو من منعها عن إخراج ما في ذمتها من أموال . - لعلك على حق من يدري ؟ - بلقيس .. برأيك ِ من المخطأ ؟ الفتاة أم الوالدين ؟ - في عدم تعليم فتاتهم أمور دينها ؟ - نعم .. نعم . - الاثنين معاً .. العتب الأكبر يقع على الوالدين .. ومن ثم يأتي دور الفتاة .. فهي الآن أصبحت يافعة عاقلة بإمكانها البحث والإطلاع على المسائل الدينية .. كما تبحث عن الأمور الأخرى التي تريدها. - معكِ حق .. .. - تفضلي يا آنسة زهراء وصلنا بحفظ الله ورعايته . - شكراً لكِ .. تفضلي اجلسي معنا قليلا . - لا شكراً .. والدتي تنتظرني . - ابعثي سلامي لها .. رافقتكِ السلامة . - مع ألف سلامة .
-5- " في المنزل "
السلام عليكم يا أهل الدار .. يبدو أن أمي لم تعد من الجمعية بعد .. فلأصعد داري وارى لنفسي حلاً قبل فوات الأوان .. ! صعدت زهراء دارها .. اطفأت الضوء .. وأشعلت لها شمعة كانت موجودة على الطاولة الصغيرة الموضوعة قرب السرير .. ثم جلست القرفصاء في احد زوايا الدار .. وأجهشت بالبكاء ! الهي .. العفو .. العفو .. العفو .. العفو .. العفو .. إلى أن انقطع نفسها ... إلهِي أَتَراكَ بَعْدَ الإِيْمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي، أَمْ بَعْدَ حُبِّي إيَّاكَ تُبَعِّدُنِي، أَمْ مَعَ رَجآئِي برحمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي، أَمْ مَعَ اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي؟ حاشا لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُخَيِّبَنِي، لَيْتَ شِعْرِي، أَلِلشَّقآءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي، أَمْ لِلْعَنآءِ رَبَّتْنِي؟ فَلَيْتَهَا لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي، وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي؟ وَبِقُرْبِكَ وَجَوارِكَ خَصَصْتَنِي؟ فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي.(1) سيدي .. أنا أحسست بالإثم وها أنا تائبة عائده لك .. كفكفت الدموع المنهمرة لخشية الله بيدها .. وبادرت بفتح النور لتتصل بصاحبتها بلقيس علها تجد لديها ما تريد ! ولكن دون جدوى فالهاتف خارج منطقة التغطية ! فتحت جهاز الكمبيوتر لعلها تجدها جالسة على المسنجر .. وبالفعل .. - الو .. بلقيس .. - أهلا .. - يا هلا فيكم .. - بلقيس .. هل لديك رقم هاتف احد رجال الدين ؟ - نعم - هل من الممكن أن تعطيني إياه ؟ - لماذا ؟ - لأمراً خاص.. لا استطيع أن أقوله لكِ .. اعذريني .. - حسنا .. حسنا .. - هذا هو الرقم ( ............ ) - شكراً جزيلاً . أغلقت بعدها البرنامج .. وتنهدت قائلة .. يا الهي ها أنا صادقة مع نفسي .. وسأخرج الحقوق الشرعية التي لم أخرجها طوال الأعوام الماضية .. فزودني يا مولاي بالقوة .. لأنتصر على شيطان نفسي .. الهي انك تعلم ما في نفسي .. أنا لم أشأ أن افضح نفسي عند صاحبتي فلا تفضحني .. وأنت الستار الغفار .
ــــــــــــــــــــــــــــــ (1): مناجاة الخائفين للإمام زين العابدين.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |