قصة قصيرة

للشخاط وصية

 رحاب حسين الصائغ

r.h_sag@yahoo.com

في تجوالها الكثير من أجل البحث عن لقمة العيش كانت تحاول صيد مكان لها على الرصيف الذي كثر عليه باعة السكائر والملابس القديمة وعلب الحليب من بقايا الحصة التموينية، خاصة وإنها تملك موهبة البيع والشراء، ولها حظ في مثلِ هذهِ الأعمال ولكنها منذُ ثلاث أيام لم تجد مكاناً تبيعُ فيه ما تحصل عليه لأن البلدية منعت الباعة المتجولين الذين على والذين يبيعون في بيوتهم، وقد سببَّ لها مثل هذا العمل من قبل البلدية الفاقة.

سقط البيت الذي كانت تسكنه منذ عدة أيام لقدمه الذي يناهز زمن حصار نادر شاه، وهي الآن تنام مع صغارها في أحد الجوامع القديمة، لذلك هي تحاول الحصول على مكان على رصيف لا تمر فيه البلدية.

وجدت المكان داخل ساحة لوقوف السيارات وأخذت تبيع السكائر والشخاط بالمفرد، و(…). وأطفالها الأبرياء لا تعرف ماذا تفعل بهم ساعات غيابها أثناء عملها المقيت هذا؟!

طلب منها رجل ثلاث سكائر. أعطته وهي تسرح في صحراء ملامحهِ، فوجدت بعض التآلف الذي تحتاجه لمشروعها.. وما أن عرضت عليه الجلوس حتى وافق، وكلما سألتهُ عن شيء أجابها

 بالنفي، وما أن انتهى من إشعال سيكارته الأخيرة حتى همَّ واقفاً يريد الذهاب. وفهمت أنّ لا فائدة منه فسلت عليه ورحل. وقد شغلها اقتصاده الشديد فلملمت بضاعتها عائدة إلى الجامع الذي تسكنه مع فلذات كبدها والتفوا حولها الواحد بالآخر كالقطط من الجوع والبرد. فرشت لهم الطعام على ورق الجرائد التي كانت معها فأكلوا ما قسمَّ الله لهم من رزق وناموا سعداء بوجودها.

سُحِقَ زوجها بعجلة لا تعلم من أدارها باتجاه عشهم الذهبي ولم تجرى لهُ مراسيم مرض وموت كالآخرين، أثر شظية قد قضّت عليهِ، وآخر كلماتٍ سمعتها منهُ(الأطفال) وهي تعمل بكل جهدها من أجلهم تنفيذاً للوصية.


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com