|
قصة قصيرة قصتان قصيرتان مامند محمد قادر / كاتب وشاعر عراقي كوردي 1. القرين منذ زمن بعيد أكاد لا أتذكره تماماً وأنا أسعى جاهداً للمسك بذلك الطيف الذي قد يعيش في مخبأ بداخلي ، وعلى الرغم من انني لم أفهم قطعياً ماهية ذلك الوجود اِلا اِنني أحس به أحياناً براءة تمطر في رأسي بتحديقاتها الطفولية كثلج ناصع البياض وأحياناً يصبح وحشاً جامحاً يخصّب في دمائي بيوض اِرادته الجحيمية. وبعض أحيان أخرى يترائى بشعره المجعّد وأنيابه النجسة على هيئة انسان وتلتصق به يدان ورجلان. يعيش فيّ للأبد ذلك الضيف المجهول ليبادلني العبودية والألوهية. فمنذ ان وجدت وأنا مع قريني هذا نتناول على سفرة واحدة. نتمدد في مضجع واحد ، نحدّق.. نبكي ونتبادل هيئاتنا. قرين ليس له حدود وأهداف وألوان مميزة. وقد شاب رأسي وأنا أسعى دائباً لتأنيس ذلك الوجود الغريب – المألوف.
2. الأنقلاب
قد يبدو غريباً للوهلة الأولى اِن قلت بأنني كنت وحشاً في صبايَ ، بل وكنت أكثر رعباً ورهباً بذيلي الطويل وجلدي المشعّر وأنيابي من تلك الوحوش التي تشاهد في حدائق الحيوانات. ولكن صوري العائدة لأيام طفولتي والتقارير الطبية فأنّ جميعها أدلّة قاطعة لأثبات هذه الحقيقة. ذلك أنّ أحاسيسي المضطربة وقبح مظهري قد دفعا بيّ لألتجأ الى خبراء مختصين لبتر ذيلي والأزالة الكيمياوية لشعر جلدي وتكييف أنيابي مع نوعية غذائي الجديد. بأختصار فاِنّ الجهود الدؤوبة للأطباء والخبـراء قـد تمكنت وفـي وقـت قـيـاسي مـن تـبديـل مظهري الوحشي القديم بهيئتي البشرية الحالية التي تغطيني الان كقناع ، ومع تحوير جيد لرغباتي لأختيار نوعية الغذاء واللبس والنطق والتكيف.. الخ. لا يخفى بأنني أعترف حقاً بجميع تلك الجهود والمساعي التي تمكنت من نحت جسد بشري من وحش. ولكن واسفاه فلم يُقدر على اسئصال غرائزي الوحشية ، تلك التي تترسخ جذورها في دمائي ودماغي. أسفاً فلحد يومي هذا حينما تسقم في أعماقي اراداتي الوحشية فأنني وكسابق عهدي أغدو وحشاً بذيلي وجلدي المشعّر وأنيابي.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |