|
قصة قصيرة رد فعل صبيحة شبر
اخذ صراخه يعلو ويشتد، يمسك برأسه، ويضربه با لجدار، يمزق قميصه بعصبية، لم تكوني عارفة، ما الذي يجعله، ثائر الأعصاب، وكأنه طفل صغير،، أخذت لعبته العزيزة، الجديدة منه، وهو ما زال راغبا بها، ولم بأتيه الملل منها بعد، كنت في البداية، تمسكك الحيرة، ويستبد بك الفكر، وتتساءلين، ما الذي فعلت؟؟، فأثار غضبه اللاهث هذا، وما الذي جرى منك، لثور لديه الأعصاب، لم تعتادي على هذا التصرف، الرجال الذين عرفتهم، وهم الأب والأخ والعم، يمسكون أنفسهم عند الغضب، لم يكن صوتهم يرتفع عند الحديث مع النساء، وكانوا يقولون دائما : ( رفقا بالقوارير ) ولكن هذا الذي ارتبطت به، ظنا منك انك اشتعلت به حبا، واحترقت فيه هياما، بعد ان اشتعل قلبه حبا لك، وجاءك، ليقدم فؤاده هدية جميلة مدى الحياة، صدقت دعواه، وبادلته مشاعره، وكنت تظنين ان تلك المشاعر، خالدة لك، فلم ترغبي بالجاه والمال، وجمال الشكل، وحلاوة اللسان، طلبت عاطفة الحب، تظل متوهجة، طوال الحياة، ولم تبالي بشيء آخر، ولكن الذي أثار حيرتك، انك لا تعلمين سبب غضبه المفاجيء، وان صوته يرتفع بدون توقع، ولا يدع مجالا لك للرد،، او الدفاع عن نفسك، تتساءلين، لماذا يتصرف هكذا، وما الذي يقلقه، ويدعه يشعر ان أمرا ضروريا، مفقودا، وانه يصرخ، ويتعالى صوته، للتعويض عن ذلك النقصان، تنازلت عن كل شيء، من اجل ان تبقى جذوة الحب بينكما، كل شيء يصدر منه، تجدين له المبررات، حتى أصبح غضبه ذاك،، من التكرار بحيث لايمكن الصبر عليه، تستطيعين الصبر والاحتمال،، من اجل بقاء مشاعر الحب، ولكن ان ذهبت تلك الجذوة، ما الذي يدعوك الى الصبر،، ضرباته على رأسه تتوالى، وأنت تشفقين ان يحدث له مكروه، ان يشج رأسه، ان تسيل الدماء غزيرة، دون انقطاع، ويسألوك حين حدوث الضرر، ماذا جرى؟؟ هل حدث خصام؟؟ يستوجب ضرب الرأس بالجدار؟؟ بما ذا يمكنك ان تجيبي، لأنه مخبول مثلا؟ او لا يحسن التصرف، هو يقول دائما انه طفل، فهل هذه الحجة مبررة، يمكن ان نرتكب أشنع الخطايا في حق الآخرين، ثم ندعي أننا أطفال صغار، لم نبلغ الحلم، مع أننا تجاوزنا سن الكهولة منذ أمد طويل ... - انتم لا تفهمونني أردت ان تسألي، من المقصود ب (انتم ) التي يكررها على الدوام، وكيف يمكن ان نفهم من يصرخ، ويعلو صوته طالبا من الجميع الصمت وأنت لم تعتادي على الصراخ والعويل، اعتدت على الهدوء وعلى المناقشة المستفيضة، حين تطلبين أمرا، لا يوافقون عليه، ثم تنجحين في إقناعهم، فيلبون طلبك بسرور، مع هذا المخلوق،، الوضع انقلب، ما ان يجد اختلافا بسيطا في وجهات النظر، حتى يأخذ بالصراخ العالي، ولطم الخدود وشق الجيوب، وكأنه يفرض عليك الصمت، تسكتين على كره منك، وأنت دائما تعيشين نهبا،، للهواجس،،، تتقاذفك الأفكار المتصارعة، والآراء المتناقضة، هل تحاولين إرضاءه، ام تعملين ما ترينه صحيحا، وما تعلمت انه الصواب، واستقر ذلك في عقلك، وإدراكك، أضحيت حائرة في مفترق الطرق، أيهم تسلكين؟؟ وأحلاها لديك أمر من العلقم، وأسوأ من السوء، وأقسى من الموت، ولكن لا تتوتري، خذي الآمر ببساطة متناهية،، ابعدي الأفكار السوداء عن ذهنك،، وابتسمي، نعم ابتسمي،، ارسمي ابتسامة كبيرة على ثغرك اليابس،، واجعلي عينيك الحزينتين،، متألقتين بالسعادة التي تكاد تهرب منك، لا تدعيها تهرب، امسكيها، من أذيالها، ولا تسمحي لها بالإفلات منك، لماذا أنت متوترة؟؟ وماذا حل بك؟؟ أجاءتك اللعنة أخيرا؟؟ ووقفت ببابك لاتريم؟؟ ان صرخ، او ارتفع صوته، لماذا يأخذك الألم بعيدا وأنت تفكرين، أتراه مريضا، او استبد به الالم؟ ولماذا يصرخ بهذا الشكل الغريب؟ اتركي التفكير به، واهتمي بصحتك، صراخه الأصم هذا لن ينفعك، ولا يعرف الرأفة بحالك، مهلا،، ومهلا استرخي، ولا تسمحي للصعاب ان تحيط بك، وان تخرج لسانها ساخرة منك، هذا الصارخ باستمرار، يهزأ منك، يجعلك أضحوكة، يرفع صوته صارخا، وأنت تلبين له ما أراد، حتى لو حفرت الأرض، منقبة عن ما لذ وطاب، لن يجعله عطاؤك يسكت عن الصراخ، هو يستمر على عويله، وأنت صاغرة تلبين له ما يشاء له نزقه من أمور، لا تضخمي الأشياء،، كل الأمور هينة، دعيه يصرخ، ماذا يمكن ان يحدث،، لو بقي على صراخه، لن تزدد الدنيا ظلاما، ولن تكفهر السماء، ولن يزيد رعدها، ويرتفع برقها، لماذا أنت متوترة، أتخشين ان لم تنقذي طلباته ان تعمق غربتك، وان يولي الجميع عنك، لماذا أنت حائرة؟ ماذا يمكن ان يحدث لو أمطرت السماء،، قنابل سوداء، وحلت اللعنة في الأرض الخضراء،، ويبست الضروع،، وجفت المياه، ستسير الحياة، كما هي عادتها واهنة بطيئة لامتع بها ولا ملذات، دعيه يصرخ ما شاء، وانزعي عن فكرك هذا العناء انه يتهمك، كلنا متهمون،، بعدد أيام حياتنا الآفلة، بعدد أحلامنا المغلفة بأثواب السراب، نبدد التهم عنا حينا، ونسكت أحيانا، لأنها من شدة الافتراء أقوى من قدرتنا على الرد،، لماذا ندافع؟؟ والتهم مغروسة في دمائنا، ترتوي من عرقنا، وتشرب من آمالنا الخائبات، دخلت غرفة جدتك المقفلة، وجدتها مفتوحة، لحظة من الزمان،ترحب بك، أرسلوك إليها لتجلبي حاجة من هناك، وأنت يستهويك الغموض، تبحثين عما وراءه من حكايات، تتوقين الى إماطة اللثام عن الأسرار الدفينة،، رأيت كيسا صغيرا، قد أغلق بإحكام،،، تتساءلين ماذا يمكن ان يكون به، وآنت في عجلة من أمرك، تضعين الكيس في جيبك وتخرجين، أهي ثروة كبيرة حلت عليك؟ ولم تكوني حينذاك تفكرين بالثروات، تختبئين في مكان بعيد، تفتحين الكيس المقفل، مجموعة من حب الرقي النيئ،،، موضوعة فيه ما زال يصرخ، يمسك الأكواب ويرميها على الأرض،، ماهمه وأنت من يشتري ويدفع النقود، ولماذا تسكتين؟ كل صراخه المتواصل وأنت خرساء تصمتين .. تخبئين حب الرقي في جيبك، تلمحك عمتك : - من أين لك هذا؟؟ تستجوبك بإلحاح منقطع النظير، وكأنك عثرت على كنز، هذه الثروة الطائلة التي هبطت عليك فجأة، ما مصدرها؟؟ يحلو لك في ان تنزعي الحب عن قشره، حبة بعد حبة، يتجمع على بعضه، يصبح ملء كفك الصغيرة، يلذ لك التهام تلك البذور، وأنت ممتلئة بشعور من الانتشاء، مضت تلك الأيام، شيء صغير قادر ان يمنحك الفرحة المستعرة .. - من أين أتيت بهذا الكيس؟؟ تقشرين الحب، تبعدين عنه القشور،، تنهمكين في ذلك العمل اللذيذ، وذلك العناء الجميل،،تحصلين بعد المثابرة على وجبة شهية ... لماذا أنت متوترة؟؟ماذا يصيبك ان وجهت لك التهم؟؟كلنا متهمون،،في كل ساعة من ساعاتنا الجديبة، ونبقى ثابتين،لماذا تزعزعك تهمهم الظالمة؟؟ - من أين أتيت بهذا الكيس،؟؟ - أرادت ان تسلبه منك وتعطيه لابنتها، التي هي في مثل سنك،، يشق على نفسك الاتهام الباطل، تتمنين لو كنت كما يتهمون، كيف يمكنك ان تجعلي التهمة حقيقة؟؟وأنت تعيشين في قلعة، عصية على الجميع اختراقها او الخروج منها،، ترين بعض النقود موضوعة على الطاولة،، وأنت تعرفين لمن تكون؟؟ تضعين عليها يدك، لتكن التهمة حقيقة ... - من أين لك با لنقود؟؟ تتوالى عليك التهم،، مالك النقود يرأف بحالك،، ينبئك أنها لك، وانه يشقى من أجلك، وانك يجب ان تخبريهم انك أخذت مما تملكين .. لماذا أنت متوترة؟؟كلنا متهمون،، تتوالى علينا،، التهم من كل جهة،، ونحن ثابتون،، نتظاهر بالثبات ونرسم ابتسامة واثقة على ثغورنا اليابسة،، التي بعد عهدها بالنعيم ....لماذا أنت متوترة؟؟ صراخه يعلو، ما ان يجدك مشفقة عليه، حتى يتمنى ان تستولي عليك الخشية من اجله، اتركيه،، ليصرخ الى المدة التي يشاء،،ليتوقف به عصب من الأعصاب ترغمه على الهدوء .... تخرجين في نزهة قصيرة، تعودين موردة الخدين، كما يعود عادة من كانت بمثل سنك،، تواجهك المستفهمة نفسها بتلك الاتهامات،، تمسك منديلا ابيض، وتمرره على وجنتيك وخدك المورد، يعود المنديل ابيض كالثلج، تدافعين عن نفسك بجملة تثير غضبها، فلا تغفر لك - لست عجوزا مثلك - لماذا أنت متوترة؟؟ تتجهمين باستمرار،، ماذا يجري لو شكوا بك، كلهن يضعن الأصباغ، لماذا تبتعدين عنها لإرضائهم وهم يشكون، جربي، وتبدئين بوضع المساحيق، لماذا يتهمونك، رغم بياض المنديل؟؟ وأنت تحرصين على إرضاء الآخرين، تفقدين ذلك الإصرار، وتستمرين على الصباغة، حتى تجدينها تفقدك الرونق والبهاء ... - الصراخ يعلو، وكأنه آلة قد شغلت، ثم نسي المفتاح، لماذا تتوترين؟؟ وتسوء حالتك، التهم تحيط بنا كالسوار، وأنت تتأثرين من أي كلمة تسمعينها،، يعلو الصراخ ويشتد، تفارقك الحيرة، اتهاماته كثيرة - ما زلت عاشقة لمن مضى التهمة تضحكك، أصحيح ما يقول؟؟ كيف تبددين تلك التهمة؟؟ وكل ما فيك يسبح بحبه، الدماء بك تبتهل الى الله ان يحفظه سالما، أيحزنك اتهامه انك عاشقة؟؟ وهل يوجد أجمل من هذا الاتهام؟؟ لماذا أنت متجهمة؟؟ خذي الأمر ببساطة، كلنا متهمون، ولكن كيف تحققي الاتهام؟ وهو بعيد عنك، البحار تفصل بينكما والمحيطات ... انه يوالي الصراخ، لم يجد شيئا أمامه غير مكسور، اتركيه، لا تبالي باتهامه،،لا تتوتري،، خذي الأمر ببساطة متناهية،، ماذا يحدث لو اتهموك،، تتمنين لو تهرعين إليه مفتوحة الذراعين.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |