|
قصة قصيرة مطارق تمفصلات عبدالكريم يحيى الزيباري أ- العنوان: صعب × سهل / نفترق × نلتقي بين الصعوبة والسهولة طريقٌ طويل، وبين الفراق والتلاقي طريقٌ أطول، وبين هذين المتوازيين قصة قصيرة جدا، وكما قال الشاعر ابن أبي البشر الصقلي: فَوَصَبري لآخُذَنّ بثاري من ليالي الفراق يوم التلاقي ب-الشخصيات: ذكرٌ وأنثى. عمر + إنجي ت- الأحداث: حب + اكتشاف + فراق + ندم من جانبين. ث- الأفعال: تحبه/يخدعها/يهجرها/تتوسل إليه/يرفض/يندم/يتوسل إليها/ترفض. هذه الأفعال تتكرر دوماً مع تبادلٍ للأدوار، وهو لا يهجرها ولن يفكر في هجرها ما لم يكن قد حصل على مناله من وصال وبسهولة، فإن امتنعت ظلَّ راكعاً تحت قدميها بخنوع الذليل الفقير، ولكن تمنحه كلَّ شيء، ولا تحتفظ لنفسها بشيء، فهي الخاسرة الوحيدة، أول ما خسرت نفسها وكما يقول سيدنا عيسى عليه السلام(ماذا ينفعك لو ربحت العالم كله وخسرت نفسك)وعليه السلام ربح نفسه، وكان شعاره(أباتُ حيث أمسي أتوسد يداً والتحف الأخرى)وهو كذلك إن باع نفسه فلا بدَّ أنَّ الأنثى ستبحث عن ذكرٍ آخر، لأنَّ الرخيص السهل يُملُّ بسرعة منه ولا كان له غير الزبالة، ونحنُ في زمنٍ مع الأسف لا مكان فيه للرجولة ولا للنساء، ذكورٌ وإناث فقط في هذا العالم الذي يفيض بشكاته إلى السماء، ذكر وأنثى فقط في قصة قصيرة، ملخصها(أنَّه يخدعها ثم يندم يطلب أن تسامحه فترفض) هذه قصة صعب أن نفترق، عنوان للكاتبة المصرية انتصار نادر، قرأتها من على موقع بنت الرافدين، وعنوان الموقع قد يدل على أن الموقع لا يهتم سوى بالأدب النسوي، رغم تشكيك بعض النقاد بمصطلح الأدب النسوي، ولكنه موقع ثقافي شامل ومحترم، نشر نصوصاً تهيبت مواقع أخرى من نشرها. 1- عتبة العنوان: إنذار بصعوبة الافتراق الذي لا بدَّ أن يأتي برحيل بعد اللقاء، يرحل الأول فيثكل الثاني، والثَكلى لا عيد لها، ويرخص في عينها الغالي، وترى القدح نصف الملآن نصف فارغ. 2- خطاب البداية: مهم وخطير جداً، عتبة ثانية لتشويق القارئ واجتذابه، واستدعاء خياله، وتهيئة ذهنه لرهبة الحضرة الفنية واللغة الشعرية، وكانت عبارة استهلال القاصة لنصها هي(حد البكاء كانت تود أن تعرف , إن كانت نائمة أم يَقظة، ها هو طيفه يمتد في ذاكرتها , ووجه يضئ في براءة مرعبة!..)كانت تود أن تعرف، إذن فهي لا تعرف، أي جاهلة، بكينونتها الأنوية، المتأرجحة بين اليقظة والنوم، وهي مسألة فلسفية قديمة جدا، فهناك من يعتقد جازماً من الفلاسفة بأننا نيام، وقولٌ للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم(الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا)وهل البراءة مرعبة، نعم حين تخفي خلفها ناب ذئب سعران، في عصر رعب البراءة، تصيرة الإدانة شيءٌ أليف ولطيف يجب أن نفرح به كوسام نفتخر به على صدورنا، لأننا دائماً ندين الضحية التي لوثت كَمَّ قميص الوحش، والقاعدة القانونية(المتهم برئٌ حتى تثبت إدانته)صارت(المتهم مُدان حتى تثبت براءته)والتي من المستحيل أن تثبتها لوحشٍ يقول لك لن تقنعني ولو أقنعتني، وتكون في عملك كمن يغسلُ اسوداً حبشياً يريد تبييضه. 3- تقنية السرد: ضمير الغائب(هي)فالقاصة أنثى، والبطلة أنثى، ولا يوجد اختلاف وحيثما لا يوجد اختلاف لا توجد صعوبة، وكلُّ ما في الأمر هو الاختلاف الذي أبحث عنه كناقد، ويبحث عنه المتلقي كقارئ. ولكنها في حركة مفاجئة تنتقل في السرد بضمير الأنا على لسان إنجي، لمباغتة القارئ ببعض الحقائق الداخلية، وإلى ضمير الأنا بلسان عمر النادم. 4- المركز: تتمركز القصة حول عبارة واحدة، وهي خيانة الرجل، ووفاء المرأة، وهذه المسألة قد طرقت كثيراً، بأساليب سردية متنوعة في تراثنا القديم وأدبنا المعاصر، سواء بالعكس كما في ألف ليلة وليلة، أو بالتساوي، هكذا تقول بصورة مباشرة وواضحة وصريحة لا تورية فيها ولا غموض(تمضي ويمضي معها إحساسها الضائع نحو أحلامها التي تبددت، عندما أحبت بصدق إنساناً لا يستحق قلبها الكبير.. كل ما رآه فيها ما تملكه من ثروة وجاه، لم ينظر لقلبها الذي أحب بصدق، لم ينظر لمشاعرها) هي اسمها انجي واسمه عمر، والقاصة غير كلية العلم ولاتقد تقريرا فيه جملة حقائق بل تقد احتمالات(شعر عمر أنه ودع شيئاً من أنفاسه، ربما عاتب نفسه كثيراً)ثم تتمركز القاصة حول حزن عمر وحزن إنجي، وبما أنَّ الاثنان حزينان فلا مجال للغدر الذي أوحت به للقارئ، فالغادر لا يحزن، وإن حزنه دال على ندمه، وندمه على توبته، وتوبته تنفي غدره، والحزن بعد الفراق طبيعي لا غرابة فيه، ولكن الغرابة في صورة(كانت إنچي تضع يديها على وجهها وحين ترفع يديها , تجد عمر أمامها) كذلك الثكلى والمبتور لا يصدق إلا بعد فترة طويلة أنَّ ميته لن يعود ثانية. هل للنظرات لغة خاصة، وإن كان لها لغة خاصة فهل من السهل ترجمتها إلى لغة الحروف(كانت نظراته تنظر إليها متوسلا أن ترحمه، لكنها تنظر له وفي عينيها عتاب الدنيا كله)ومن ثم تنتقل بنا القاصة إلى مناجاة عمر لحبيبته التي اكتشف متأخراً حبه العميق لها، وترد عليه إنجي بمناجاة العاشقة الرافضة بسبب فقدان الثقة، يا لمفدرة الحب المسكينة كم حملوها من جرائم وأفعال شنيعة. 5- أخطاء لغوية: أخطات في الإشارة إلى الحب بقولها(كنت أسمع عنها وأضحك وأقول كان يا ما كان)والصحيح أن تقول كنت أسمع عنه، وكذلك في الإشارة إلى كلامه المعسول بالتي(تذكرت ضحكته وكلامه المعسول التي أدركته كذباً). (وذات ساعة ليست بصباح ولا بمساء ,حيث كان الغروب)الصباح صباح والمساء مساء هكذا عهدنا بهما، ولا مجال للخلط بينهما، والغروب مساء ولا علاقة له بالصباح، لكنها قد تكون لعبة لغوية، وإنَّ من الأحرف المشبهة بالفعل، تنصب الأول وترفع الثاني، بينما القاصة فعلت العكس( أما الآن أدركت إنني دونكِ جسداً بلا روح)والصحيح أن تقول(إنني بدونك جسدٌ بلا روح) وكذلك نفس الخطأ في عبارة(كان يهيئ لي أنه مخلصاً ولكنه خانني)يخيل لي أصح وأجمل، وأنَّه مخلصٌ وليس مخلصاً، وهي تعني الاسترجاع والاسترداد حين قالت(سأرد بها كرامتي)لأن الرد يعني إعادة الكرامة إلى عمر الذي انتهكها ولا تعني استرجاعها منه.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |