|
قصة قصيرة طواف ألباب الخليفة جلستْ بأسف، تعصفُ بها رياح الخوف والقلق ...متكئة على حزنها وانكساراتها، مفترشة رصيف أمنية مغدورة، بعد طوافٍ طويل مسكون بهاجس ملّحٍ ... بتطهير هذا الكون ...حيث تعانقُ الفضيلة التقوى على سطح حبٍّ يباركُ لهما لحظة الخلق من روح الله ...! فرّتْ من عينيها دموعٌ حائرة، حيرة الوحيد في صحاري الحياة ... حيرة المنسي في دروب لا تُفضي سوى للتيهِ والضياع ... وهي تتذكّر وقت استوقفتها واجهة مطعم زجاجية يصطف خلفها المصطفون، يأكلون بنهمٍ أشياءً غريبة بَدَتْ تشبه اللحم ... بشكل غريب جداً ... من الواجهة نفسها تتمعن فيهم فتاة رثّة الثياب تعضُّ بأسنانها على كفِّها وتلعقُ لعابَ الوهم والانتظار ... تمتمتْ ..." أولئك الغرباء، يؤكدون أن الملعقة والشوكة لا تدلاّن على تحضّرٍ أبداً ...!!"، وراحتْ تفكِّرُ بالجيّاع في هذا العالم العجيب، وبأشياء أخرى مثل أكلة لحوم البشر !! ومثل النباتيين !!! تلفحُ وجهها نسمةٌ نديّة ... فيعبق المكان برذاذها ... نغمة يتسرّبُ شدوها في شرايين أحلامٍ تسربلتها ناذرة ألاّ يقرُّ لها قرار حتى تنفذّ في إيقاع النبض وعياً يؤازر حقيقة العدالة ...رسمتْ على تلك النسمة بسمةً رنّ صداها ... فرددتْ لها "...آه، لو تمرّين على وجوه البشر، فتوقظيهم من نعاس تلحفّوا به !!!..." تتحسسُ ألماً في رأسها ... يعود إلى لحظة ارتطامها ببناية شاهقة، فتشردُ بسؤالها ..." أثمة علاقة عكسية بين طول البنايات، وبين الإحساس المرهف ...!" بجنون العاشقات، تتركُ بابها مفتوحاً، مشحوناً،مادّاً ذراعيه للوجود ... بحكمة الحكماء تدركُ اغتيال اللحظات الدافئة ... وجفاف شفتيّ الأمل ؛فتخرجُ كما الفراشة من شرنقتها مكتملة الجمال، مرتعشة كقصيدة شعر، تلامس خرائب النفس فتحيلها بستاناً ورافَ الظلال،دانيَ الثمار... نقيّة كطفلة تُسنِدُ وجهها على يدها، تُلقي السلام على تأملاتها، على من تُصادفُ من أصناف البشر ... وحيث لا أحد يردُّ سلامها ... تلملمُ احباطاتها، وخيباتها، تُشعِلُ عليهم من لهيب محبتها فتخلّفُ جروحاً نازفة، تودعها قربة صبرها وتمضي ... تأخذها ذاكرتها لأطفال رأتهم في طوافها يلعبون في باحة مدرسة ... انجذبت نحوهم هامسة "...هناك من يجعل طفولته تكبر معه، وهناك من يكبر على أنقاضها، ترى أتعلّمهم مدْرستهم الاحتفاظ ببراءتهم النظيفة قبل أن تأخذها الغفلة ؟؟؟ !!!" الوحشة تتلبسها بغصة، تشعرُ بالفجيعة والانقباض، تستغرب كيف لا يلتقطها أحد، يحتضنها، يتشربها بلسماً أبدياً ...! وتلك القلوب الفتية سافرة القسوة، تعلَّقُ مشجب تساؤلاتها على مزاليج رؤوس محكمة الإغلاق، محظورة، يشيَّعها غرورها وصوت كفحيح الأفاعي ... تتآكل في سراديبها و لا تعي انحرافها شيئاً فشيئاً عن بساط الغفران وأجنحة الرحمة ... دهشتْ لقلوبٍ تتبتلُ في محراب العبودية للواحد الأحد ... لا يحيد حديث أصحابها عن فضاء الآيات وأعمدة السُوَر ... تبرقُ بصمة السجود في جباههم، والشفاه أبداً تبسمل بخفاء، يرتدون ثيابهم المخيطة بالاستقامة، بالبساطة، وزهد الأنبياء !!! تُحشَرُ الدموع في مقلهم خشيةً وخوفاً من رذالة الآثام وسيء الذنوب ... يدعون إلى سبيل ربِّهم ... ومنهم، من رؤوسهم تخرج الأفكار الشريرة ابتداء من قلوبهم الخاشعة ! ليزرعون الموت شظايا سيّما في دروب زوّار بيوت الله، يزرعونه قربةً وطلباً لدار آخرة هي خير وأبقى ! تسامياً في العدل ومرضاة الرب !!! ليغدو الطفل ضيف الله اللائذ بحرماته، ملاكاً ممزقاً متشبثاً بذراعٍ مقطوعة تشبه ذراع أمه ...ويغدو الموت جماعياً وحشيّاً لأحرار تشدّهم الصلاة في المقدّسات، عطاشى غرفاً وإصراراً _ما دامت الحياة _ لمنابع الخير والحقيقة !!! تطلقُ في الآفاق آهاتها ..." يا للقلوب المنفوخة بالغرور، لأصحابها المجوّفين المحتكرين الله والجنة، الحياة والفكر وكل شيء يسبّح باسم آمالهم المستحيلة !!!" جلستْ الفكرة الصالحة بأسف، متكوّرة على رماد مملكة المحبة بروعتها ترتعشُ كلما لامسها طيف تجوالها المعبأ بالعجب، الذي يصدم فيخلق تحديّاً قد يتمخض عن نصرٍ يضيف لأوراق الأيام ورقة بيضاء من غير سوء ... تنصع في صحيفة الإنسان بورع وبهجة !!! عن نصرٍ يأتي ببطء، لكنه يأتي ... أو عن هزائم تتلوها هزائم !!! وقالت أخيراً "... أنا الفكرة الصالحة أظلُّ أدور لم يلتقطني رأسٌ واحد، والأفكار السيئة تكاثرت في رؤوس كثيرة ولمّا تدر بعدْ !؟! ..."
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |