قصة قصيرة

الجســـر

مالك كاظم الخزاعي/ الناصريه/الفهود

ma777xx@yahoo.com

هاهو جسر الائمه الذي يربط شاطئي دجله محملاً بالحشود التي تسير بتثاقل وبطء بسبب الزحام الشديد0

(نعم زحام كنت اتمنى ان تراه....ذلك الاندفاع العفوي لاداء الشعائر...... الاتفكر في زيارة الائمه عليهم السلام .....؟)

 (ومن قال لكِ اني لم اقم بزيارتهم عليهم السلام...؟لماذا تحتكرين الأعتزاز بال البيت عليهم السلام...؟؟؟

 بدى الجسر فسيحا لها اول وهلةٍ ولكنها وبعد ان اجتازت الحاجز الكونكريتي الضخم الذي يقطع مدخل الجسر عرضاً

وبعد ان شقت طريقها بصعوبه بالغه وجدت نفسها في تدافع بشري لم تستطع بسببه العوده فالجموع البشريه لازالت تتدفق من الفتحه عنوةً مشكلَة ًًامواجاً بشريةً تدفعها الى امام وليس هناك في الامام سوى امواج بشريه اخرى اصاب بعضها اليأس من الخروج من هذه المحنه ويحاول الرجوع بينما كان البعض الاخر لايلوي على شيء وترك للتيارات البشريه ان تتلاعب به ألا ان الكارثه الحقيقيه بدأت عندما هتف احدهم ((انتبهوا ...هناك من يحمل حزاماً ناسفاً بيننا .... انتبهوا!!!)) هنا في هذه اللحظه فقط دب الذعر وبدأت المأساة

 ((طبعا مأساة وانا ارفض هذه العمليات جملةً وتفصيلاً))

 (( حسنا لنغلق الموضوع اذن)) (( الانتمشى في الساحة قليلاً؟؟))((كلا لا استطيع لان وقت المحاضره قد حان ... استأذنك...!!))

 الفتحه الثانيه في نهاية الجسر شبه مغلقه والأعياء بدى على الجميع لم تعد قادره على التدافع فتركت لجسدها ان تتقاذفه الحشود وكأنها تحت رحمة امراج بحر هائجه وحقيقيه.............. تساقط الاطفال... وكبار السن اولاً .. ثم عمت الفوضى والرعب وبدا البعض يتسلق البعض الاخر فيما بذلت هي جهداً مضنياً لتظل واقفه لانها لو سقطت سوف لن تقدر على النهوض مجدداً0

 ((حسنا اجلسي ))(( ليس لدي وقت كاف للحديث... اختصر ))((ماهذا يافاطمه الست زميلك ؟؟ لماذا اجدك في كل مره اود بها الحديث معك متذمره اتشعرين بالضيق من شيء ما ؟ ابسبب تلك المهاترات التي بيننا ؟))((

 وليد ارجوك لاتأخذ الامور على غير منحى ... نعم زميلي وزميلي فقط ))(( ماذا تعنين ب غلى غير منحى ؟؟ ها ؟))( 

لاشيء عن اذنك ))((انتظري )) 

 لم تنتظر ان تختنق رويداً رويداً او تسحق كالاخرين وهاهي بدات تشعر باقدامها تدوس على اجساد افترشت الجسر واخذت تحاول التقاط انفاسها قبل الغوص في البحر الادمي من جديد... تفجر المكان بالصراخ والعويل والنشيج المتواصل والبكاء الصريح لم تستطع استيعاب ماجرى ويجري راودتها فكرة شق الصفوف المتراصه كالواح سميكه ومن ثم الاقتراب الى الحاجز الحديدي للجسر كمرحله اولى ((كلا انا لا احرق المراحل بل اردت.. ))(( على رسلك ايها الصديق الشعور المشروع الذي تتحدث عنه لايلغي حقي في قبوله او رفضه ))لكنك لم تعطيني فرصه بعد لتعرفي نواياي السليمه وها انا ادخل من الباب وليس من الشباك كما يقولون وهذه هي الحقيقه))

الحقيقه هي الموت المحتوم فيما لو استمر الحال هكذا حيث بدات قواها تخور مدَت ذراعها نحو السياج الحديدي وقبضت عليه بكل ما اوتيت من قوه.. الجو اصبح خانقا حاراً رطباً..الاجساد لزجه..واخيرا استطاعت ان تسحب جسدها باتجاه السياج الذي يشكل باعمدته مايشبه النافذه ثم مالبثت ان وقفت وهي مشتته الذهن وفي هذا الاثناء خطف انظارها العشرات من الناس الذين اخذوا يقفزون من الجسر وهاهي العباءات تتهاوى كفراشات سوداء نحو الاسفل ثم حدقت بعيدا باتجاه غابه من السطوح والى اؤلئك الناس الذين هرعوا لنجدتهم.. وانحت فكرة الغرق جانبا وقفزت !!!! 0

 لم تكن تعرف ان للارتطدام بالماء هذه القوه وهذا العنف وبعد ان غاصت اخذت تقوم بحركات تشبه حركات رائد الفضاء في كوكب يفتقد للجاذبيه ومالثت الا قليلاً حتى امسكت بتلابيبها يد قويه جرتها بشده نحو الاعلى وكان مارداً قوياً خرج من قمقمه ليخلص الجميع , عند خروج راسها من الماء لاول مره حاولت التقاط انفاسها من جديد لكنها لم تستطع مره ... مرتين .. واخيرا استطاعت التنفس ولكن بمشقه كبيره بينما كان الشاب يسحبها ببطء ومعاناة نحو الشاطيء الامين

هاهي الان تستلقي مع الاخرين من الغرقى والاحياء الذين تم انقاذهم.. تنظر معهمبدهشه الى مايحدث خاصة الى اولئك الشباب الذين تسابقوا لانقاذ من يستطيعوا انقاذه.... و ............و هاهو معهم انه معهم.. انه وليد ...

 نعم وليد !! انه مع اولئك الغيارى من الشباب.. اشاحت بنظرها عنه وانسابت دمعه احست بحرارتها على وجنتها اللازالت مبلله

 ((حسنا لقد تحدثت مع ابي وامي وسوف نزوركم لكي نحسم الموضوع .. فاطمه ))(( كلا ارجوك اجل ذلك لما بعد الزياره القادمه اي بعد يوم الاربعاء ان شاء الله ))((حسنا الى اللقاء ))

 هاهو الجسر يضلل دجله وتمرق من تحته الزوارق وتعبر من فوقه الجموع ... يمتد من الشاطيء الى الشاطيء مثل ذراع كبيره لكائن خرافي يجلس عند قاعدته وتحت ظلاله شخصان عزما ان لا يلجا نقاشات من شانها ان لاتقدم شيئا في المسيره ومن شانها ان تؤخر كل شيء!! وقررا ان يلقيا كل شيء له علاقه بالماضي القريب او البعيد في بطن دجله .............وان يتحدثا عن المستقبل ....... والمستقبل فقـــــــط!!0

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com