|
قصة قصيرة على ضفاف شارع المتنبي خالد شاتي هناك حيث امتزجت احبار الكتب مع الدماء واختلطت الثقافة بالدم وانتشر الخراب ليطول هذه المرة شارع المتنبي ذلك الشارع الشاعر الذي وفدت اليه كل ابيات الثقافة والفكر لتجعل منه كرنفالا يستمد صيرورته وبقائه من خلال تلك المكتبات الفخمة لامهات الكتب ورجالات الثقافة والتنوير. هناك حيث دوي انفجار هائل جعل من المثقفين والمرتادين لهذا الشارع في مهب الريح وسط ظلامات دخان الانفجار وهناك كان جمعة عبد الله المطلكَ يقف في ركن قصي ينظرالى كل تلك الخرابات التي خلفها ذلك الصوت والدوي الهائل بنظرةكانه ينظر الى جنازات حملت بين اعوادها كُتبا وناس؟! هناك حيث كان الدم مدادا قاتما يخط بين صفحات تلك الكتب القديمة قصةاغتيال لحضارة امتدت لقرون خلت على ايدي غربان الجهل والخطيئة؟ هناك تطايرت الاحرف والكلمات مع العيون والافئدة لتكون شاهدا على الظليمة والجرم مع سبق الاصرار والترصد،وكأني عندما فجرت مقدمة الشارع كانه استئصال لرأس الحكمة وعين المعرفة ،انها رسل الجهل ترسل الينا رسلها وغربانها الناعقة بالهدم والقتل؟ هل ياترى تلك الشموع المضيئة التي اوقدها المفوجعين في قلب شارع المتنبي تنير الظلام ذاك الذي استحوذ على المكان فاحاله هشيما تذروه الرياح؟ وما افصح موقفك يابن المتنبي عندما انتزعت قميصك الفاجعة لتحرقه قربانا للموت فما عاد للستر مكان فكل اجسادنا مستباحة للضياع وكل اقلامنا للحرق والشهادة انه الطوفان الذي لا منجى منه وانت يامن وضعت الصندوق فوق راسك المفجوع انه قفص للفكر وحاجز تختبىء خلفه العيون حتى لا ترى الدمار ورائحة الدم المحروق فلما تستهدف الكتب ولما يستهدف المثقف العراقي ولما يُهدد الاديب وهل يمكن ان نتصور ما يكون حال عراقنا الجريح اذاما اغتيل الكتاب ووجل المبدع فانزوى في ركن بيته تعطلت ما كنته الابداعية ليختار الرحيل في وطنه المهجر الذي ما انفك عنه يهبه من قلقه وخوفه ودمائه التي اريقت في ذلك الشارع الفذ؟ ايـه ايها الشارع الذي ما بخل علينا يوما من ورود ينابيعه المترعة التي روت رجال العراق الافذاذ؟ ايـه يا نهر الدم الذي لم يك احمرا هذه المرة بل وازرقا ايضا ليرسم نهرا من شهادة فتية نبكي عليها بدل الدموع دما؟ ايـه يا فاتك الاسدي تُبعث من جديد لتغتال المتنبي مرة اخرى لا لشي فقط لتستشري الخطيئة بثوب العفاف ولتنال قصب السبق في قتل (المتنبين) في زماننا هذا الذي تفشت فيه ادوات القتل والرذيلة لتهدد بها الكلمة والحرف وتستهزء بكل القيم والاعراف التي عرف بها ابناء عراقنا الجريح ،ورحم الله الشاعر المتنبي حيث يقول:- واياً شئتي ياطرقي فكوني--------- نجاة او اذاة او هلاكا هذه طٌرقنا نمشيها على كل حال ولن نحيد عنها سنكتب ونقول ونعمل وسيكون الكتاب علمنا الذي يرفرف فوق رؤسنا ونحن نعلم ان هناك سلالات تفرعت وغربان تولدت لتقف لنا في قارعة الطريق تغتال كلماتنا وتذبح ابياتنا وتستنكر قصائدنا وقصصنا؟ وسيبقى شارع المتنبي ينثر روائح الكلم على مرتاديه ومريديه ليبدد ذلك الدخان الاسود ويجعل من اشلاء ابنائه منارات (تُدلي التائه) الى دروب الاحرار والمبدعين؟
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |