قصة قصيرة

لـص

علي السباعي / الناصرية

اختار داراً قديمة حيث الشقوق تعتور جدرانها المتداعية، دخل متلصصاً تحمله رؤوس اصابع قدميه داخل المنزل، جال فيه متفحصاً الاشياء الغارقة في الظلام والصمت، وكأنه طائرٌ خلق ليعيش في ظلام الكهوف، رفع احد الابواب ثم ولج داخل الغرفة ينام فيها زوجان فوق سرير حديدي عالٍ عن الارض بشكل لافت للنظر،طفلٌ رضيع ينام في مهده هادئاً، حمل الطفل الى خارج الغرفة كأنه يتحرك في عالم شفاف لامرئي، مخافة ان يصحو، وسط عالم مجهول يطل على حركاته الرشيقة الحذرة، ساد صمتٌ حجري الغرفة، راح يلملم ما يصادفه من حاجيات في كيس قماشي، بين انهماكه في لملمة ثمين الاشياء، اطلق الطفل عقرته باكياً، بخفة وكيسه بيده انبطح تحت السرير الحديدي، استيقظت الام على بكاء ولدها، لكزت زوجها مرعوبة (اسيقظ يارجل، ابنك يبكي خارج الغرفة!) سألها بصوت مرتبك: (ماذا يامرأة؟) اجابته خائفة وهي تصرخ (ابنك يبكي في باحة الدار!!) لم يعطها الطفل مجالاً للتفكير، بكاؤه يصم الاذان، هرعا الى الخارج لتحمله امه بين يديها خائفة تسأل زوجها (من حمله؟) لم يمنحهم الوقت لاكمال سؤالها، ارتفعت القعقعة تصدر السقوف البيت يهتز من جذوره كأن زلزالاً ضربه، تهشمت جذوع الاشجار التي تحمل السقف، تصدعت الجدران ليتساقط التراب بكثافة.

تتخاطف الخفافيش مذعورة في كل اتجاه قبل ان يهبط السقف ساقطاً وسط ذهول الزوجين وسط الضجة، خرج سكان الحي على صوت تحطم البيت، وصراخ المرأة يتعالى اللغط، وترتفع التساؤلات تغزو الزوجين.

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com