قصة قصيرة

تقلبات

 خالد شاتي

k_nebat@yahoo.com

أستبشر عبود كثيرا بعد موت السلطان حيث كان الاخير ينغص عليه عيشه ويحسب عليه انفاسه بسبب ولعه بالسرقة،فلم ينجو بيت من بيوت المملكة كلها من ملامسة انامله الخفيفة والعبث في محتوياتها؟
وبمجرد سماع عبود لخبر وفاة الملك اخذ يوزع العصائر والحلوى على اهل المملكة ووضع لافتات كبيرة وملونة على مقدمة بيته ترحب بولي العهد الذي كان منفيا بسبب معارضته للملك لما كان يتمتع به الاخيرمن بطش واستبداد بل تطرف عبود وذهب بعيدا بعد ان وضع لافتتة كبيرة كتب عليها انه وعائلته فداءا لولي العهد الجديد!
الامر الذي اثار دهشة ابناء المملكة الذين عرفواعبود وبُعده عن السياسة ولم يك مهتما قط بشؤون المملكة واقتصاره على السرقة ومعرفة اخر الطرق السريعة في نجاح مهمته ولم يفكر يوما في شؤون الرعية لانها في الاخر لاتاتي عليه بربح او غنيمة يستفيد منها!
اما اللافتات التي جعلت اهل المملكة يخشونه ويحسبون له الف حساب لانه بهذا العمل اصبح يُحسب على ولي العهد ومن رجاله، هذا الامتياز الذي وهبته له الاقدار لينتعش ويصبح في احسن حال الا ان ذلك لم يدم طويلا لان الاسرة الحاكمة لم تصوت لصالح ولي العهد واختارت ابناً اخرللملك المتوفي فذهبت لافتات عبود ادراج الرياح ولم تؤت اكلها.
وبعد ليلة ممطرة عاشتها المملكة،تنبه الجميع في صبيحة اليوم التالي ليشاهدوا لافتات اُخرى كتبت عليها نفس الشعارات الماضية عدا تغيير الاسم طبعاوهذه المرة تحمل اسما مختلفا لابن الملك الاخر،فلم يبدوعلى وجه عبود استغرابا او دهشة وهو يتكلم مع جيرانه ويدعو للملك الجديد بالعمر المديد فقد تحقق له ما يريد من احلام الثراءوالسعة والتي كانت مؤجلة بسسب ما اشاع عنه من سرقة واعمال اخرى كان يتبجح بها سابقا،وبسبب تملقه وتزلفه لحاشية الملك الجديد ودعوته لهم على موائد وولائم تحتوي على مختلف الاطعمة والاشربة حتى وافقوا على تعيينه سجانا لسجن المملكة لان مؤهلاته لم تسمح له باكثر من ذلك ،فاستقرت حالته واهابه الجميع حتى انه اجتهد في تحسين هيئته بشاربين كثين يضفيان عليه شيئا من الصرامة والشدة،هذه الوظيفة التي اغدقت عليه الاموال الطائلة من المخالفين وقطاع الطرق وبعض العصاة ممن لم تعجبهم احوال المملكة فاعتقلوا بتهمة العصيان والتمرد والذين هم من الزبائن الدائمين عنده،حتى ان بعض البقالين كانوا يرسلون له الاتاوة كل شهر خوفا من وشاية مع ان السجان لا دخل له بامور السوق واهله؟
وهكذا استمر عبود في عيش رغيد يحسده عليه مَن كانوا يمتهنون مهنته السابقة، وهم جالسون في حانة المملكة يضربون بايديهم الواهنة طرف المائدة التي يلتفون حولها حيفا وقهرا؟
وفي ليلة ما وبينما كان عبود في نوبة الحراسة المعتادة سمع لغط وهمس لاشخاص من وراء الزنزانة لم يرى وجوههم بفعل الظلمة التي كانت تعم المكان كله،حبس انفاسه وتقرب الى الجدار القريب منهم فسمع كلاما ما كاد يصدقه؟
ان هولاء المعارضين يخططون للهروب من السجن والاستحواذ على العرش في الساعة الاخيرة من تلك الليلة المشؤمة.
قطب حا جبيه وارتعشت يديه من الخوف والمفاجاة،فذهب مسرعا الى القصر ليخبر اصدقائه ممن كانوا مكلفين بحماية الملك ولما وصل لاهثا الى البوابة مُنع من الدخول فلم يدري ماذا يفعل تلفت خلفه فلم يرى احدا فما كان منه الا الرجوع الى بيته وفي خاطره من اين يجد محلا مفتوحا للاقمشة ليشتري لافتات جديده؟؟!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com