قصة قصيرة

التابوت

صبيحة شبر

sabiha_kadhum@hotmail.com

اخذ يمشي جيئة وذهابا، وكل مرة يبدأ في التفرس في وجهي، وكأنه يعرفني منذ أمد طويل، لم اذكر أنني قابلت هذا المخلوق في مكان ما، ولعلي قد تعرفت عليه في زمن مضى، ولكن المشاغل التي تواجهنا بها الأيام، ربما تكون قد أنستني من يكون، وأنا في حيرة من أمري، اخبروني انهم بحاجة، الى بعض الأجوبة، لأسئلة لا يعرفون جوابها، وأنني يمكن ان أعينهم في ضالتهم هذه، بدا لي أنهم صادقون هذه المرة، وان كنت قد سمعت من أناس كثيرين ميلهم غير المبرر إلى الغدر، ولكن لم لا انتظر ؟، عسى الساعات القليلة القادمة تضع حدا لحيرتي المتفاقمة

يطيل الرجل ذرعه للأمتار القليلة، التي تتكون منها الغرفة، وكل جيئة وذهاب ينظر الي بتمعن، ولم اعد بقادر على الاستمرار، في هدوئي المصطنع ذاك، انا رجل مشغول، وقد كنت في طريقي الى المنزل، حين استوقفوني، طالبين مني ان اصحبهم لأمر هام، يستمر لحظات، وأنني حتما سأعود الى منزلي، كالعادة تماما، وأتناول طعام الغداء مع أسرتي....

اسمع صراخا يأتي من بعيد، أفكر ان اطرح سؤالا عن الأمر، على الرجل الذاهب العائد بخطوات رتيبة، لا تستقر على قرار، يريحني ببعض الكلمات، يدخل الغرفة اثنان مسرعين

- جلبنا الشخص، سيدي

- اتركاه هناك

يشير بيده الى الغرفة المقابلة

يستمر الرجل في سيره المتواصل، وتستبد بي الحيرة، وتذهب بي في كل جانب، وقد تفاقم إحساسي بالجوع، بعد عمل مضن قضيته هذا اليوم، وانا مشتاق لرؤية الزوجة، ومعرفة كيف قضت نهارها ؟ نصحها الطبيب بالراحة الطويلة، حفاظا على الزائر الحبيب، الذي انتظره من وقت طويل

يقف الرجل أمامي معاودا النظر لي بتلك الطريقة المستكشفة، المستفزة، التي لا أستسيغها أبدا

- سوف تقدم لنا خدمة بسيطة،ثم تعود الى المنزل

- هل انت متزوج ؟

- نعم

- - نعلم هذه الحقيقة، ونعرف ان زوجتك مريضة ومتعبة، لكنك صادق، سوف تجيب عن أسئلتنا، وتعود.

 يواصل الرجل المسير في الغرفة ذهابا وإيابا،وأنا انظر الى حركاته المتوترة، وأرجو من أعماق قلبي، وابتهل الى الله، ان يجعله يفعل شيئا يبدد حالة القلق التي يعيش تحت نيرها، أو ان يطلق سراحي، لأعود الى منزلي

زوجتي متعبة كثيرا، ترهقها كل حركة مفاجئة، وعلي ان أكون رفيقا بها

يضغط الرجل على زر موضوع بجانبي، ينطلق منه صوت عال، يأتي على إثره احد الشخصين

- ها توه هنا

 يدخلان معا، وقد أحاطا بمخلوق، تنبعث الدماء من أنحاء متفرقة، من جسده، يمشي بصعوبة واضحة، وقد عصبوا عينيه، بقطعة قديمة من القماش الممزق ...

يجلسون ذلك المخلوق على كرسي بجانبي، يتهالك وقد بدا عليه الإعياء والتعب واضحين

- هل تعرف هذا الرجل ؟

 لم أجد رجلا أمامي، بل مخلوقا بائسا ممزقا، تظهر عليه علامات ضرب مبرح، وقد تمزقت ملابسه .

- لا، لا اعرف هذا الرجل

 يبدو الغضب على محيا السائل

- كيف لا تعرفه ؟ يبدو انك سوف تكذب علينا، أصدقنا القول، واذكر الحقيقة، وعد أدراجك.

حقا إنني صادق، لم التق بهذا المخلوق أبدا .

- اتق شر من أحسنت إليه، كنا محسنين معك، اجب عن هذا السؤال البسيط وعد إلى منزلك.

- احفر في ذاكرتي وأنقب، علي اعثر على جواب يريحني، وتطمئن له نفوسهم، فيبادرون الى السماح لي بالذهاب الى المنزل الدافيء الذي احن اليه .....

 يضغط الرجل على زر آخر موجود أمامي، فيقدم شخصان بيديهما تابوت ضخم .

- اسمع، أنت تعرف هذا الشخص، لماذا تنكر ؟ لا نود ان نستعمل العنف

 ضدك.، قد تكون نسيت، يمكن ان نرسل في طلب زوجتك لتعينك على التذكر

 لا، ليس هذا، ولكن ماذا بمقدوري ان افعل، وانا لم يسبق لي رؤية هذا المحطم الذي وضعوه هنا .

 إنهم جادون معي، وأنا لا اعرف كيف أجيب عن أسئلتهم، لأنال رضاهم عني، ويدعونني أعود الى منزلي، لقد عشت حياة بسيطة لم تدع الى غضب احد من الناس، او تثير نقمة مخلوق ما، وأنا اعتز بحياتي الهانئة، وأود المحافظة عليها، لو كنت اعرف الشخص هذا حقا، لأجبت بصراحة، فليس من عادتي التكتم، وماذا يفيدني بشيء ان انكرت معرفتي ؟ زوجتي مريضة، نصحني الطبيب بالعناية بها،

-الجنين متعب، مما يسبب مرض الزوجة، كن رفيقا بها حانيا.

ينطلق الصوت بغضب وقوة :

- الاترغب بقول الحقيقة ؟

- ولكني لا اعرفها .

- كفى ادعاء.

 يشير الرجل بيديه، يأتي الشخصان الى التابوت، يدخلان البائس الجالس قربي،، فلا يجدون مقاومة،، المسكين شبح يثير الشفقة، وهم قوم اعتادوا ان ينفذوا تهديداتهم،يشرعون في دق المسامير، لإغلاق التابوت.

- الا تحب الحقيقة ؟ نحن لا نمزح.

 أسقطت زوجتي عددا من الأجنة، كلما قامت بمجهود بدني متعب، تجهض،وقد عملت الفحوص الكثيرة، و أحب الاحتفاظ بطفلي. هذه المرة، لهذا احرص على اراحتها، من الإجهاد او القلق ..

 يواصل الشخصان دق المسامير في التابوت، يمسك الرجل منشارا، ويشرع بقص الألواح الخشبية، ينطلق صوت صراخ مرعب،تموت قدرتي على الرؤية الواضحة، وتهرب الكلمات مني، ولم اعد قادرا على التفكير بشيء مما يحصل معي.، يسيطر علي منظر واحد، لا يفارقني، رجل تسيل الدماء من أنحاء جسده المعذب، وقد ادخل رغما منه في تابوت ....

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com