قصص قصيرة جداً

حكايات من (كري عزير)

صلاح حسن رفو

• بملابسهم الممزقة التي تفوح منها رائحة الفقر اجتمع ما تبقى من أطفال القرية ليتكلم أكبرهم :أتعرفون ان أصدقائنا الذين رحلوا سيحصلون في تلك الدنيا على حلويات كثيرة ودراجة هوائية وكرة للعب .....فقاطعه اصغر الأطفال قائلا :باليتنا كنا معهم .!!

• كانت (خه فشي ) تبكي بحسرة وهي ترى أشلاء الأجساد في حين كنا نبحث عن زوجها الضائع .... رجوناها بالسكوت لكنها كانت تتكلم بلغة الواثق : انها أشلائه... فنظرنا اليها نظرة تسال .... لقد أرتنا يدا مقطوعا مضرجة بالدماء وقالت : هذا خاتم زواجنا المنقط .... أيعقل ان يتعرف الإنسان على حبيبه بخاتم زواج؟!.وبدات بالنوح

• لم نتعب كثيرا لإيجاد جثة الطفلة اليتيمة (محبت)لكوننا وجدنا دميتها الصغيرة التي لم تفارقها يوما.
• للمرة الأولى في حياته لم يستطع (ميرزا)تلبية طلب صديقه (الياس)بحمل جثث أخواته الثلاثة وابنه الرضيع لكون الأول مشغول بجمع أشلاء الجثث الإحدى عشر لعائلته.

• اخبره الطبيب المسعف بان إصابته طفيفة ويمكنه المغادرة ....لكننا رأينا الشاب يذهب الى الساحة الخلفية للمستشفى ليأخذ معه سبعة جثث هي حصيلة يومه المتعب.

• رجع الجميع الى شنكال متعبين بعد عمل شاق لإخراج الجثث من تحت الأنقاض الا ان (وفاء)مازالت تبحث تحت الجدران الطينية المهدمة لبيت عمها عن جثة خطيبها المفقود.

• كان يخبر الجميع بان إصابته بسيطة وانه قادم للتبرع بالدم لكنه فارق الحياة حال وصوله الى المستشفى لوجود نزيف داخلي في جسده.

• اليوم وبعد دفنهما علم الجميع لماذا سمي (إبراهيم وحياة)طفلهم الوحيد باسم (بي كه س).
• رغم طغيان اللون الأسود على سماء تلك القرية المنكوبة ورغم خوفنا ونحن نبحث عن الجثث او الأشلاء ألا أن ثلاثة حمائم بيضاء اللون لم تغادر سماء القرية بحثا عن عش امن .

• لم يتبقى من (مام رشو)حتى الأشلاء ...لكن الغريب ان ابتسامته لم تغادر ظل ذلك الحائط الطيني اليتيم .

• تنازل (سعيد)عن أمنياته المتواضعة بدخول المدرسة المقررة ان تبنى في القرية في السنة القادمة وقرر البحث عن جثة والدته وأخواته تحت الأنقاض وبقايا ذكريات من صور لوالده المفقود إبان الحرب العراقية الإيرانية
• انهمرت الدموع من عيون موظف الصليب الأحمر الذي لم يسمح له (مام مراد)بالمغادرة الا ان يتعشى معه في خيمته الصغيرة لكون (مام مراد)لم يتعود ان يأكل لوحده في حياته.
• لن يحرق لفافة تبغ أخرى ...ليس لكون يديه قد أبترت .....لا ...بل لان قلبه احترق.
• أكد لي جهازالــــ (compressor)الذي تعطل من الحفر الشديد في البحث عن ناجين باقين اذ قال:أني نشيط جدا في الحفر في القير والإسفلت والكونكريت لكنها المرة الأولى التي اثقب أجساد بني ادم حتى أجدهم!!
• تصوروا يا سادتي .....حتى خيال (حافظ باشا)رايته يبكي ونحن ندفن المئة وخمسون شخصا معا.!!؟؟
• وأخيرا تنازل استرهان (رشو وخنسي) عن دور البطولة في سهرات أهالي (كري عزير)اذ نشأت خلال هذا الأسبوع مئات القصص التي تفوق مأساة ابنهم (رشو)وأحزان ابنتهم (خنسي).
• مازال الطفل (ازاد) يبكي على الصورة المفقودة للاعب (هوار)وهو يلوح بالفوز للعراق التي كانت تزين حائط منزل والده المهدم .
• كل مساء وحينما يعود اهالي قرية (رمبوسي) المجاورة لـ(كري عزير)مع فرق الإنقاذ إلى بيوتهم يبكون ويرددون :كم كان الظلم عادلا لو كانت الشاحنة الثانية لنا وليس لإخواننا......

• تعلم (حجي)من كليته(الزراعة)النبش ...فهاهو يحفر بكلتا يديه لإنقاذ ما تبقى من عائلته .....لقد أنقذ ابنته الصغيرة في المهد من تحت الأنقاض وسارع مع نفسه لتغيير رقم ضحايا عائلته من (14)الى (13).......لقد تركني (حجي) كالمجنون لينبش من جديد!!.
• كان(دلشاد)مصرا على انه سيكون مدرسا ناجحا لمادة الفيزياء حال تخرجه من الكلية لكون القرية بحاجة الى هذه الخدمة الا ان إصراره اصطدام بثلاث شظايا صغيرة دخلت إحداها الصدر والأخر الى البطن والثالثة المجنونة ...استقرت في الرأس.
• كبكائنا بكت الشظايا التي جعلت من جسد(حمو)أشلاء صغيرة بعد معرفتها انه أب لستة أطفال مجهولين تحت الركام.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com