|
قصة قصيرة رحلة الى عالم الحيوان مريم المدحوب / البحرين السكون يخيّم على الفتيات في الفصل، ولا صوت يُسمع إلا صوت الأستاذة وهي مسترسلة في شرحها لدرسها، وبينما الوضع هكذا، وإذا بطارقٍ يطرق الباب فيقطع على المدّرسة حديثها العلمي، تتوقف قليلا.. لترى من الطارق .. ـ السلام عليكم ـ وعليكم السلام ـ معلمة، المشرفة تريد الطالبة وسناء حيدر .. ـ اذهبي وقولي للمشرفة أن وسناء لديها درس مهم ولا تستطيع مغادرة الفصل الآن، ولكن بعد دقائق يدق الجرس معلناً بدء الفسحة المدرسية . ـ حسنا .. غادرت الطالبة المكان، ولكن الأفكار أخذت تغدو وتروح في فكر وسناء .. ترى ما الذي تريده المشرفة مني ؟ الله يستر .. ! وما مرّت إلا لحظات، وإذا بوسناء تجد نفسها بين يدي المشرفة .. ـ مرحبا سيدتي، أرسلتِ في طلبي قبل قليل، تفضلي .. ـ نعم، نعم، تفضلي اجلسي على الكرسي.. ـ شكراً لكِ . ـ وسناء، لماذا أرى وجنتيك ذابلتين ولونكِ مصفراً هكذا ؟؟ هل تناولتِ إفطارك هذا الصباح ؟ ـ نعم مشرفتي .. تناولته .. ولكني قلقة من أمر الإستدعاء هذا.. ـ آها.. إذن أنتِ خائفة ! تعالت قهقهة المشرفة في أرجاء الغرفة .. وصاحبتنا وسناء غرقت في عالم التساؤلات .. ـ لا تقلقي يا فتاتي.. أنتِ فتاة مؤدبة وممتازة .. فتأكدي انه لن نرسل في طلبكِ إلا لما هو خير إن شاء الله . ـ الحمد لله .. لقد أطمأن الآن قلبي. ـ انظري يا عزيزتي.. عندما قمتم بزيارة حديقة الحيوان، كان يتوجب على كل واحدة منكن كتابة تقرير لهذه الرحلة العلمية، ومعلمة ليلى _ مدّرسة العلوم_ قد أُعجبت كثيرا لما كتبتيه في تقريرك وقد عرضته عليّ .. ورأيت أنه معها حق في إعجابها به، فأنتِ الفتاة الوحيدة التي فكرتِ بهذه الطريقة المميزة. هذا وقد قرّرنا أن ننشره لكِ في مجلة العلوم المدرسية. ـ لقد سررت لسماع هذا الخبر "الحلو". ـ الله يسعدكِ .. همّت وسناء لتوديع المشرفة وإخبار صديقاتها، ولكنها استوقفتها قليلا قائلة : تريثي قليلا يا وسناء .. فأنا أوّد إخبارك بأننا سنكرم غداً جميع الفتيات المشاركات في أسبوع العلوم في الطابور الصباحي، وستكونين من ضمن هذه الفتيات، فاحرصي على الحضور مبكراً كعادتكِ. وفي صباح اليوم التالي .. جاء الوعد الموعود .. بعد ما تسلمت الأستاذة ليلى الميكرفون .. ونادت بصوتها الجهوري ( وسناء حيدر ) .. غمرت السعادة قلب وسناء، وخرجت من بين الصفوف متوجهة لتستلم شهادة التميّز والجائزة من يد مديرة المدرسة. انتهى الطابور المدرسي، ودخلت وسناء صفها، كانت تنظر إلى زميلاتها في الفصل وتقرأ تساؤلاتهن المرتسمة على جباههن .. تعلم أن هناك سؤالاً ما يدور في مخيلتهن.. لماذا فازت هي من بين فتيات الصفوف الثلاثة؟ في هذه الأثناء دخلت الأستاذة ليلى الفصل وسلّمت، وكعادتها قبل البدء في شرح الدرس تطلب من فتياتها قول رواية أو حديث مروي عن أهل البيت عليهم السلام.. ولكنها في هذه المرة خصت وسناء بالطلب.. وعندما وقفت وسناء .. قالت لها : اليوم أرجو منكِ أن تطرحي على مسامع زميلاتك القصة التي أتحفتي تقريركِ بها فكانت سبباً للتمييز. ابتسمت وسناء وبدأت حديثها بالحمد والثناء لله تبارك وتعالى الذي وفقها وسدّدها في كتابة التقرير .. بعدها أعربت عن مدى فرحتها وحبورها لإعجاب أستاذتها بعملها البسيط_كما عبّرت عنه_. ثم وجهت نظراتها إلى زميلاتها قائلة، أعلم أن جميعكن بانتظار هذه اللحظة، فكل واحدة منكن تتساءل في داخلها عن سبب اختيار تقريري من بين تقارير قرابة الستين طالبة.. وهذا من حقكن .. فأنا نفسي لم أتوقع هذا الأمر .. حتى أنني كنت خائفة وفرائصي مرتعدة عندما قدِمت الطالبة وقالت أن المشرفة تريد وسناء حيدر .. ولكن الأمر بسيط جداً .. و هو أنني ذكرت شعوري الحقيقي وقت الذي مررنا على جثة ذلك الكلب الميت، وجميعنا تأذينا من رائحته الكريهة النتنة، فتذكرت قصة حدثت للنبي عيسى عليه السلام عندما كان يسير في الطريق مع جمعٌ من أصحابه ومقربيه وكان هناك كلب ميت ذو رائحة كريهة، وقد قال أصحاب النبي عيسى عليه السلام بعد ما استنشقت شعيرات أنوفهم تلك الرائحة " ما أجيف رائحة هذا الكلب الميت" ! فقال لهم عليه السلام " وما أنصع بياض أسنانه" ! فسلام الله عليه أراد أن يعلم أصحابه كيف ينظرون إلى الأشياء نظرة إيجابية ويبتعدون عن السلبية.. فعندما شاهدنا ذلك الكلب أخذت أنظر إلى أسنانه فكانت كأسنان ذلك الكلب الذي رآه نبي الله عيسى عليه السلام.. وقلت حقاً يجب علينا أن ننظر نظرة ايجابية لكل شيء في هذه الحياة ونبتعد عن السلبية لنرى كل شيء جميلا وممتعاً فنعيش حياة سعيدة طيبة . هذا واشكر لَكُنّ حُسن استماعكنّ لي.. وأتمنى أنني أجبت على ما يدور في خلدكنّ من تساؤلات. أما الأستاذة فراحت تسأل الفتيات.. ها ما رأيكن الآن ؟؟ أتستحق التميّز أم لا ؟ فكان الرد التصفيق الحار وكلمات التشجيع و التبريكيات .. وفي نهاية الدرس .. قالت الأستاذة .. بما أن سلوككن في تلك الرحلة كان مهذباً، قررنا أن نصطحبكم في رحلة جديدة.. ولكن لن أخبركنّّ بالمكان .. لتكن مفاجأة .. المهم أن تتهيأن لها .. * * *
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |