قصة قصيرة

الصياد والحورية في واقعة بغداد الجديدة

زينب بابان

إنها الساعة الثانية عشر وتأخر الصياد عن حبيبته التي تنتظره بحكاية جديدة.. انتظرته وقلبها مقبوض على الطفولة التي تذبح والبراءة التي تعذب .. ذهبت تلعب بالماء تسلي نفسها اختفت بين الأمواج

... ولمحته من بعديد قد أتى نادته حبيبي تعال نلعب بالماء .. وجدته تعبان .. هرولت له هل أصابك شيء؟ لا حبيبتي لكن أتعبني حال الطفولة بالعراق ... أها كنت أود أن أحدثك عم ما حصل في بغداد الجديدة من مجزرة ...أنها الساعة العاشرة صباحًا حيث دخلت قوات الاحتلال الأمريكية مسرعة برتل يتكون من أربع عربات من طراز همفي, وثلاث أخرى من طراز همر, تحمل حسب ما يقول الحاج محمد الساعدي والد الطفل حسين الذي قُتل في الهجوم والذي تكلم وقال: 'دخل حسين مسرعًا إلى الدار وصاح على إخوته - الراقدين الآن في المستشفى والذين جرحوا في الانفجار - أن أسرعوا لأن القوات الأمريكية توزع الحقائب الدارسية والحلوى ولعب [البوكيمون] المعروفة, فخرج الأطفال إلى الشارع, ووجدوا العربات الأمريكية وهي تحاول سحب أكبر عدد ممكن من الأطفال إليهم لتوزيع الهدايا, بينما انشغل عدد من الجنود بسياره من طراز 'كيا' صالون زرقاء اللون قالوا: إنها مفخخة'.

ويتساءل الوالد المفجوع: 'فهل يعقل أن تكون سياره مفخخة قربهم وهم يوزعون الهدايا على الأطفال بجوارها, صِحت على أبنائي أن ادخلوا إلى المنزل, إلا أنهم وبسبب دلعهم الزائد رفضوا طلبي واستمروا بالوقوف عند الجنود للحصول على هدايا أكثر وأكبر, حتى إن قوات من الجيش العراق كانت تقف في نهاية الشارع حاولت منع أطفال من الشارع الثاني بعد سماعهم بنبأ توزيع تلك الهدايا, إلا أن الجيش الأمريكي طلب من عناصر الجيش العراقي السماح لهم بدخول الشارع للحصول على الهدايا, مؤكدين لهم أن معلومة السيارة المفخخة بلاغ كاذب, ولا يوجد فيها شيء.

بعد ربع ساعة تجمع عشرات الأطفال على الرتل الأمريكي وجنوده لنفاجأ بحركة سريعة من قوات الاحتلال, وحرّكت معداتها وأسرع الجنود بالصعود بعد أن رموا اللعب والحلوى بشكل كوم وسط الشارع, تاركين الأطفال يتعاركون عليها, بحيث أدت سرعتهم واستعجالهم في الخروج من الشارع إلى دهس أربعة أطفال بينهم ابني محمد, وما هي إلا ثوانيَ حتى انفجرت السيارة التي كانت متوقفة من طراز 'كيا', والتي قال عنها الجنود: إنها غير مفخخة وإنها بلاغ كاذب, مؤكدًا أن أحدًا من جنود الاحتلال لم يصب بأذى على خلاف ما أعلنه جيش الاحتلال من مقتل أحد جنوده وإصابة آخر, وكل ذلك من أجل محاولة إثبات الكذبة'.

أما قطاع مرور نجدة بغداد الجديدة حيث مكان الانفجار, فقد ذكر ملازم مرور طلب عدم الكشف عن اسمه أن قوات الاحتلال خرجت مسرعة من ذلك الشارع بشكل جنوني وانفجرت السيارة بعد أقل من دقيقة من خروجهم من الشارع, بحيث لم تعد إلى مكان الانفجار, وإنما واصلت مسيرها مسرعة إلى خارج المنطقة.

فيما أكد نقيب في قوات الإطفاء لمراسلنا - والذي رفض هو أيضًا الكشف عن اسمه - أن الانفجار كان قويًا جدًا وخلّفحفرة في الأرض, وهو ما لا يحدثه انفجار بقية السيارات المفخخة بسبب كون العبوات التي يضعها المسلحون في السيارات هي من مادة 'TNT' روسية الصنع التابعة سابقًا للجيش العراقي, وكل العسكريين السابقين يعلمون ما تخلفه تلك المادة, حيث إن عصفها أثناء الانفجار يكون إلى الأعلى وليس إلى الأسفل, وهو ما دفع قوات الاحتلال إلى منع تصوير مكان الانفجار في أماكن محددة بسبب عدم تخطيطها المسبق للعملية, وفي سؤال لمراسلنا حول فحوى كلامه وهل يتهم قوات الاحتلال؟ قال: 'تم فصل مدير قطاع مرور المنطقة أحمد كمال بسبب تصريحه بعد الانفجار بساعة واحدة أن قوات الاحتلال تقف خلف الانفجار, وهو ما اعتبر تصريحًا غير مسؤول منه بسبب فقدان توازنه وعدم السيطرة على نفسه بعد الحادث, وكونه سنيًا لا يريد أن يعترف أن

ما يحصل في العراق إرهاب'.

وللجواب حول سؤال يمكن أن يطرح نفسه عن غاية الاحتلال الأمريكي في العراق من تلك العملية وما تهدف إليه, فإنها كعادتها تهدف إلى تشويه سمعة المقاومة العراقية لكي تعطي لنفسها الغطاء بحجة قتال من تسميهم الإرهابيين, ولتقوم بتدمير مدن بأسرها مثل القائم وتلعفر والرمادي.

والسؤال المطروح هنا: هل سيكون هناك أطفال ونساء آخرين في القائمة الأمريكية الملطخة بالدماء لتنسبها إلى المقاومة؟! أم أنها خاتمه لتلك الأعمال بعد أن افتضح أمر تلك اللعبة الأمريكية القذرة من قبل العراقيين, ولكن ليس من مسمع لأصواتهم بعد أن أخرست تلك القنوات؟ الله يعين العراق وأهل العراق لمخططاتهم الخبيثة ربي أجعل كيدهم في نحرهم... أنك سميع الدعاء؟!!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com