|
قصة قصيرة جزاء الطمع
غدير رحيم الحلي
تحت ظل شجرة الصنوبر الكبيرة كانت القطة الأم ترضع صغيرها وتلعقه بلسانها بكل حنان، فما أن انتهى القط من رضاعته ذهب المشاكس ليلعب قليلا فقالت له أمه:لا تبتعد كثيرا، ولا تقترب من بائع الحليب. فقال لها:لا عليك يا أمي لن ابتعد. وركض مسرعا وبينما هو يلعب رأى بائع الحليب فقال في نفسه: لماذا لا اذهب واشرب الحليب ريثما يتكلم البائع مع الرجل فما أن خطى خطوة حتى أن رآه الكلب بوبي فقال له: لكن أمك حذرتك وطلبت منك أن تبتعد عن البائع وسيارته فأجابه الهر: حسنا هي لن تعلم و لن يؤثر ذلك على البائع إن شربت القليل من الحليب . وقفز القط إلى السيارة ولم يصغي بالاً للكلب ، وبدأ بشرب الحليب وهو يقول: هذا يكفي سوف انزل ثم يجيب نفسه ويقول لا لا لن يحصل شيء إن شربت القليل بعد ، وهكذا ظل يشرب و يشرب حتى انه لم يدرك أن البائع صعد في السيارة وبدأت بالمسير ، أما الكلب فصار ينبح حتى جف حلقه ، ولم يكترث الهر الصغير بنباح الكلب لأنه لم يفهم معناه فقد كان مشغولاً بشرب المزيد من الحليب. وفي المساء بدأت القطة الأم بالبحث عن صغيرها لكنها لم تجده فأدركت انه لم يستمع إلى كلامها ، أما القط فوجد نفسه في مكان لا يعرف عنه شيء فنزل من السيارة بعد أن رماه البائع منها وهو يقول له أيها الشره من يراك لا يعلم بان هراً صغيراً مثلك يشرب كل هذا الحليب . فنظر الهر إلى الأرض وهو يتحدث مع نفسه قائلا: والآن ماذا افعل وكيف سأرجع إلى حضن أمي الدافئ ، كل هذا لأني لم استمع لكلام أمي ولم أصغي لما قاله لي الكلب. وبعد أشهر كان القط قد أصبح كبيرا وقويا وبينما يسير في الطريق رأى سيارة لبائع حليب وكأنه رآها من قبل فقال أنها هي السيارة التي ركبتها عندما كنت صغير لا بد إن لحقت بها سوف أجد أمي ، فصار يركض خلفها ثم رأى طريق كان رآه من قبل وبعد تعب وإنهاك وصل فنظر إلى شجرة الصنوبر فلم يجد أحدا وذهب إلى المكان الذي كان يربط فيه الكلب فوجده نائما فصاح :بوبي استيقظ ، لكن الكلب لم يعرفه وبدا بالنباح عليه،فقال له الهر مهلاً الم تعرفني؟ فقال الكلب بوبي: ومن أنت فانا لم أراك في حياتي؟ فأجابه الهر: معك حق، أنا القط الذي أضاع أمه أما عرفتني؟ فقال الكلب: وكيف لا سامحك الله ماذا فعلت بقلب أمك؟ فسأله: وأين هي الآن فقد اشتقت لها؟ فأجابه : أنها قرب باب الحظيرة تجلس تنتظر فريسة. فشكره ، وذهب ليرى أمه فهو يحلم أن تلعقه بلسانها وتحضنه وتضمه بحنان ، لكن كما نعلم أن القطة الأم عندما يكبر أطفالها ويتعدى عمرهم 3 أشهر تتركهم بعد أن تكون علمتهم الصيد ليعتمدوا على أنفسهم، وعندما ذهب إلى أمه وجدها جالسة نظر إليها وهو يشعر بتأنيب الضمير لأنه لم يستمع لكلامها ، فذهب إليها وهو يسير ببطء شديد فوصل إليها وقال أمي فنظرت إليه وقالت: من أنت أنا ليس لي ابن فهو ضاع منذ أشهر طويلة. فأجابها: لكن أنا ابنك وقد صعدت إلى سيارة بائع الحليب وتهت والآن عدت هراً صياداً ماهراً، أيعقل انك لم تعرفيني! فقالت له :ألا تعلم قوانيننا ؟ ربما لأني لم أعلمك إياها فأنت عمرك الآن أكثر من 4 أشهر وكما تقول انك صياد ماهر، فلا دخل لي بك ، وأنسى أن عندك أم . لم يعرف القط ما الذي سيفعله فقد استدار ونظر لأمه النظرة الأخيرة نظرة الوداع ولم يعد يلتفت خلفه وقال آه هذا جزاء طمعي ولا ألوم أمي على شيء فأنا المخطئ ، وتمنى لو أنه لم يعد وظلت صورة الأم الحنونة في ذاكرته و قلبه.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |