قصة قصيرة

الصعود الى الهاوية: ترديات ابو مصعب الزرقاوي .. الحلقة الاولى  والثانية

  

ميادة العسكري

 تمهيد 

رن جرس هاتفي الجوال، كان الصباح رماديا في العاصمة الاردنية عمان التي اصبحت ملاذ لي منذ عام 1999، نظرت الى الرقم، لم يكن من الارقام التي اعرفها، ولبرهة ترددت في الاجابة ، فعمان لا تنهض من فراشها قبل التاسعة صباحا، فما خطب المتصل في صباح يوم جمعة لا ينهض فيه الناس قبل الحادية عشر استعدادا لصلاة الجمعة والتي يتحول فيها البلد الى سجادة صلاة كبيرة في الشوارع والجوامع؟

غطيت راسي بوسادتي وكنت اهم ان اغلق الجوال وعوضا عن الكبس على زر الصامت ، كبست الرد ، وسمعت صوت رجل اجنبي، وحتى بين طيات النعاس رددت على مضض.

صباح الخير؟ اسمي اوليفر هارفي، ارسلني مايكل سمكن من لندن

وما ان سمعت اسم سمكن حتى جلست وقلت

مايكل؟

قال نعم، اعطاني رقمك وقال ان بامكانك مساعدتي

سالته من اي صحيفة هو، او تلفزيون؟

قال انا من صحيفه الصن اللندنية

 اشتاط بي الغضب على مايكل

فاليوم هو الجمعة صباحا، ويرسل لي صحفي من اسوا الصحف البريطانية، والمعروفة بقصصها الفضائحية وموضوعاتها التي غالبا ما تؤدي الى المحاكم ...

قلت: يبدو ان مايكل لم يرسلك الى الشخص المناسب، ما رايك لو حولتك الى احد معارفي من الصحفيين، ربما يستطيع مساعدتك

رايت هارفي يبتسم بخبث عبر صوته قائلا : كلا يا ملاكي، انا بحاجة الى مساعدتك انت في موضوع لن تستطيعي رفضه ، اذا كان كل ما قد ذكره مايكل صحيحا بشان ما قمتما به في بغداد عام 1996 !!!

وهنا طار النعاس تماما، فمايكل سمكن جاء الى بغداد عام 1996 وعملت معه في اعداد ست حلقات لقناة التلفزيون الرابع البريطاني بعنوان "الحرب من اجل الخليج"

وكان مايكل قبل ان يطرق باب منزلي في بغداد قد لاقى الامرين في مقابلة اي مسؤول عراقي من اجل الاعداد للبرنامج، وكنت في وقتها ادير مكتبا ومطبعة تنشر الممنوعات الدينية، وكان في المنزل انذاك ما لا يقل عن 2000 كتاب من كتب مفاتيح الجنان الممنوعة والتي تنتظر النقل الى النجف.

جاء مايكل حاملا رسالة لوالدتي من صديق بريطاني اخر هو الكاتب والصحفي باتريك سيل يطلب في الرسالة ان تعين مايكل في مقابلة عدد من الوزراء العراقيين من الذين تعذر عليه مقابلتهم على مدى شهر كامل قضاه هذا الصحفي والمنتج في فندق الرشيد. وكان مايكل على وشك ان يغادر العراق، بسبب الجدران العصية التي اصطدم بها الى ان اتصلت فيونا مكدونالد من البي بي سي بباتريك كونه سكن في بيروت والشام فترة طويلة من حياته كدبلوماسي وكاتب، فقال لها: ليذهب مايكل الى سلوى وهي ستساعده، الا ان والدتي كانت قد غادرت العراق من قبل غزو الكويت.

فتحت ام عزيز الباب وادخلت مايكل الى غرفة المكتبة ونادتني.

كان مايكل في تلك الايام خجولا، ويعمل افلام وثائقية ومسلسلات سياسية من ارض الواقع، ولربما كان من اوائل الانكليز الذين سمح لهم بالدخول الى العراق بعد فرض الحصار الاقتصادي عليه. قال: هذا فاكس من باتريك سيل لك، نظرت الى الفاكس - الرسالة فوجدتها معنونة الى والدتي، اعتذرت له وقلت بانها ليست في العراق،وبانها في الاردن  فقال، اذهب اليها الى الاردن اذن. قلت ولم الاردن ونحن نستطيع ان نكلمها الان؟

جلسنا وطلبت والدتي في المعهد الدبلوماسي الاردني حيث كانت تعمل كمستشارة

ورد علي عامل البدالة وقال بانها في محاضرة، وبانها ستنهي عملها بعد 15 دقيقة

بسيطة نصبر ... رن الهاتف وكانت امي على الخط، اعطيت السماعة لمايكل سمكن والذي راح يشرح لها قضيته. وبعد ان اتم موضوعه، اعطاني الهاتف، قالت لي ساتصل بمكتب طارق عزيز وعبد الرزاق الهاشمي وسعد قاسم حمودي وسلطان هاشم وربما وزير النفط عامر السعدي واساليه ان كان هذا كافيا؟! استدرت نحو مايكل ونقلت له ما ذكرته والدتي فوجدته كطفل صغير تقول له امه بان في الفرن "كيكة شوكولاته" ستجهز عما قريب.

وكان ما اراد مايكل مع تفصيلات رهيبة ليست في صلب موضوعنا اخذتنا الى مكتب علي حسن المجيد في المنصور والى عزة الدوري وانتهى البرنامج بمقتل حسين وصدام كامل، ولعل السير على شفير المخاطر من الامور التي كنت اجد نفسي في خضمها دائما فقد عملت مع مايكل في كل تفصيلات البرنامج ووضعت الاسئلة ورافقته في كل مقابلاته من دون استحصال الموافقة من المخابرات العراقية وعندما طلب مني ان يزور النجف وكربلاء، اخذته الى براني الشيخ بشير النجفي ونطق مايكل بالشهادتين ليتمكن من دخول الحضرة الحيدرية الشريفة.

اما اولفر هارفي فقد كانت حكايته مختلفة تماما، واما الموضوع الذي جاء به من لندن الى عمان فقد كان يدور حول شخصية ابو مصعب الزرقاوي. وبدات فصل عجيب مع اوليفر في اقتفاء منبع هذا الارهابي الذي قضى عليه الامريكان غير ماسوف عليه، وكرر اوليفر الزيارة الى عمان 3 مرات، غطينا فيها كل جوانب حياته من طفولته الى كبره وعمله في بلدية الزرقاء ومنزله في حي معصوم وبت اعرف دهاليز الزرقاء وازقتها المتهدمة، والسجن الكائن على مرتفع يطل على سائر المدينة والذي يعرف يسجن كفكفا ، ومن هناك باتجاه الطفيلة في جنوب الاردن حيث سجن سواكه للاحكام الطويلة الذي كان ابو مصعب الزرقاوي يديره بكاريزميته العجيبة، الى حد ان الحرس هناك دخلوا  في اتفاق غير موثق معه لادارة شؤون السجناء والذين كانوا لا يستمعون او يتبعون الاوامر من غيره!

وعبر هذه الحلقات سنتعرف على هذا الرجل ونذهب الى اماكنه، الا ان نصل الى مسك الختام في الموضوع كله وهو ما حصلت عليه من معلومات من احد الذين شاركوا في وضع نهاية من كان يعتقد ان الجهاد الاسلامي يجب ان يتخذ من جماجم اطفال العراق وشيوخه ونسائه سلما يفضي به الى الجنة القابعة في مخيلته المريضة.

رجل توشحت ذراعاه برسوم للافاعي والخناجر لانه كان في يوم ما "فتوة" الزرقاء و"الشلاتي" الذي يخافه الناس، والذي صحى (ويا ليته صحى على الصحيح)، ليسير في درب المهالك والارهاب

 

الحلقة الثانية

 كل الدروب التي تحمل المغادر خارج العراق اختزلت، واغلقت ولم يبق الا درب واحد متاح، يمر بالنقطة الحدودية في طريبيل، والتي كثيرا ما كنت اشعر بانها مصفاة كبيرة، تمرر من تسمح له بالمرور وترجع المكتوب عليهم المزيد من المعاناة التي كتبت اساسا على العراقيين منذ عام 1986 عندما استلم حزب البعث السلطة في العراق، وبصورة اكثر تركيزا عندما صار صدام رئيسا غير شرعي ولا منتخب على رقاب العراقيين عام 1979 من تموزه الحزين.

بدات النقطة الحدودية في طريبيل تمارس عملها الذي كان شبه متوقفا عام 1980 عندما بدا صدام حربه غير المبررة على ايران، ونشطت تلك النقطة الحدودية عندما توقف استخدام مطار بغداد بسبب الحرب، ومر بدورات صعود وهبوط. الا ان النشاط المكثف الذي شهدته طريبيل بدا بعد عام 1990 وفي صيف اب اللاهب عندما خرج صدام في جولة صحراوية، يريد بها ان يقصم ظهر الامة. واضحى دكتاتور العراق يكشر عن انيابه ويقول للبشرية جمعاء، ساعود الى المربع الاول، حيث يقتل الاخ اخاه، حيث قابيلها وهابيلها.

ومن طريبيل الصحراوية حيث يقال ان اسمها جاء من مقطعين (طر-الابل) اي نحرها على ما يبدو،  الى رويشد الاردنية مسافة قصيرة لم اجد وصف ابلغ لها من ذاك الذي ساقه القاص العراقي عبد الستار ناصر عندما قال:

(المسافة بين (طريبيل) والرويشد لا تزيد على تسعمائة متر وربما أقل، لكن المواطن العراقي كان حين يعبرها يشعر فوراً أنها أطول من ذلك مئات المرات، فهي قطعة أرض تفصل بين الرعب والطمأنينة، بين الهلاك والأمان، بين الذل والكرامة، مسافة أمتار هي حقاً، لكنها بالنسبة لمن أراد النجاة من الظلم والديكتاتورية وجمهورية الفزع تبدو أطول من المجرات وأبعد من الشمس وأكثر عمقاً من المحيط الهندي )

وقد مررت بتلك النقطة الحدودية عشرات وعشرات المرات ما بين 1991 و1995 متجهة الى منزل والدتي في عمان ذهاباً، وايابا الى منزلها في بغداد مع طفليّ، في حركة بندولية اجد فيها كل مرة قصة تحتاج الى مجلدات من الشرح المستفيض حول ما وصل اليه حال العراقيين في تلك الفترة العصيبة من الحصار الجائر الذي فرضته الامم المتحدة، او مخلب القط الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد المواطن العراقي البسيط طيلة 13 عاما، والذي كان القصد من ورائه تركيع الحكومة العراقية وعلى راسها صدام. ولكن الذي حدث ان صدام اصبح مقاول لقصوره وترفه السفياني، بينما مات العراقيين جوعا.

وفي كل سفرة كنا نمر بالزرقاء في بكورة الصباح ان كنا متجهين الى عمان، ونغادرها قريب المغرب عندما نعود الى العراق. ولم اكن لاتصور باني في يوم ما ساعرف ازقتة وحواري الزرقاء.

الا ان اوليفر هارفي جاء ليغير نظرتي السطحية الى الزرقاء تماما.

كان اوليفر قد نزل في فندق الانتركونتيننتال الكائن في الدوار الثاني في عمان، واتفقنا على ان نلتقي هناك بعد الساعة الثالثة، وفي تلك الاثناء اتصلت باحد معارفي من الاردنيين وطلبت منه ان يحدثني عن العشيرة التي ينتمي اليها أحمد فضيل نزال الخلايلة والذي صار يكنى باسم ولده الصغير مصعب فيما بعد.

 يقول لي محمد العدوان : دشري هالسيري (يعني اتركي الموضوع) ترا هذول شرانيين ومحدش بيحب يقرب منهم!!! استغربت قوله، فالدولة الاردنية دولة قانون، وليس من السهل ان تذهب الى مكان ما وتتعرض للاعتداء الا اذا دخلت وانت تبحث عن من "تتعارك" معه.

طلبت منه ان يخبرني عن عشيرة الزرقاوي والتي كنت اعرف بطبيعة الحال بانها من العشائر العربية الفلسطينية الكبيرة في المنطقة، وفهمت من ابن العدوان بان قبيلة بني حسن عددها أكثر من 250 الف شخص، جاءت الى الأردن من شبه الجزيرة العربية ومن سورية في العهد العثماني. وطئت أقدامهم الأردن، وكوّنوا تآلفاً عشائرياً عريضاً لإغراض الحماية والسيطرة على المراعي. وبنو حسن تجمع عشائري يضم عشائر بني هليل والزيود والخوالدة والخلايله التي ينتمي اليها ابو مصعب الزرقاوي، وعشائر الثبة وهم العموش، والمشاقبة، والخزاعلة، وآخرون.

شكرت محمد ورحت افكر، ثم تذكرت الدكتور فواز سكجها والذي اعرفه من احدى الجامعات الاردنية، طلبته وقال بانه "فاضي ومعنديش اشي، اتفضلي".  

 سالته عن ما يعرفه تاريخيا عن قبيلة بني حسن ، ضحك وقال: عراقية تسال عن بني حسن، اذن الموضوع يتعلق باحمد فضيل نزال الخلايلة! قال، الغريب في الموضوع ان هذه القبيلة قد وقفت تاريخياً ضد الفكر السياسي المتطرف، خصوصاً محاولات إدخال الفكر السلفي في أوائل القرن الماضي، ولاحقاً ضد خطر المد الشيوعي، مع أن عدداً من رموزها انخرط في الأحزاب القومية الفلسطينية والعربية.

وتسكن عشائر بني حسن على امتداد 70 قرية تنتشر من محافظة المفرق وصولاً الى الحدود مع العراق وسورية مروراً بالزرقاء ومحافظة جرش.

 والخلايلة العشيرة الأشرس داخل القبيلة. وقد قتل احد الضباط الانكليز على سيل الزرقاء بيد أحد أبناء تلك العشيرة، بعد مقتل شاب كان يرعى اغنامه قرب النهر، لتسجل تلك الحادثة بأمر من غلوب باشا، المندوب السامي البريطاني، على أنها أخذا للثأر، تماشياً مع عادة القبيلة وقتها.

مقبرة منطقة الكسارات في حي معصوم الشعبي

 خرجنا من عمان باتجاه الزرقاء او الزركا كما يسميها اهلها، وجلس اوليفر الى جوار ابني علي في الخلف، وجلس المصور وهو السير ارثر ادواردز الى جواري، والمصور كما علمت لاحقا هو احد المصورين الخاصين بالملكة اليزابيث الثانية وقد حصل منها على لقب سير بناء على جهوده في الذود عن حياض الوطن في معركة القادسية الخالدة- "ها؟ آسفة اختلط علي الامر، عبالي بعدنا هناك والشفية يوزع انواط يمنه ويسرة"-

عمان جميلة ولكن كلما اخذنا الطريق نحو الزرقاء، كلما تغيرت المناظر المحيطة بنا، وضع علي يده على كتفي وقال: ها؟ صعدت الكآبة لو لا؟

قلت له :صعدت من يوم ما عرفنا شيء اسمه الزرقاوي بالعراق..

مضى على اوليفر في الاردن يومين زرنا خلالها الزرقاء عدة مرات، وصور السير ارثر مواقع عدة، اما اليوم الاحد، فقد كان يوم دوام اعتيادي اي نستطيع ان نلتقي بالناس الذين يعرفون ابو مصعب عن كثب. وكنا بالامس قد ذهبنا الى محل وسط الزرقاء اسمه الكرنك، وقال لنا احد العاملين فيه ان ابو مصعب اوشم يديه بصورة لسكين وثعبان وبانه كان من زعران الحارة (اي من شلاتية المنطقة من الذين يعملون جماعات وياخذون اتاوات من اصحاب المحلات)  

لم يكن أبو مصعب الزرقاوي معروف على مستوى العالم في السنوات الماضية. في بداية شبابه عمل في بلدية الزرقاء، كان مبنى البلدية على الطريق، دخلت الى الفرع الداخلي وتوقفت، راح السير ارثر ذا العدسة المستديرة يلتقط الصورة اثر الاخرى، هنا كان يعمل قاتل "بن بغزلي" البريطاني الذي ذبحه الزرقاوي بيدة وبسكينة شبه عمياء وسط صرخات تثير الفزع لدى المستمع. واتسائل، اذا كان ديننا يوصينا بحد السكين عند ذبح الدجاج والخرفان، فكيف بالبشر؟ أهذه تعاليم مذهبك يا من اشتعل مذهبك الذي هو من اختراعك من اساسه بكل جرمه – فلو كنت مؤمنا كما كنت تدعي لعلمت بان قتل المسلم عمدا جزاؤه النار.     

ويقولون عن الزرقاوي رجل "عنيد وصعب المراس" ولا يختلف عن طباع شباب عشيرته.

اما انا فاضع مليون علامة استفهام وراء اسمه، ولا اظن ان احد يستطيع ان يعرف ما هو ولماذا واين وكيف الا في يوم الحقيقة، عندما نعرض على الرحمن صفا.

وكل هذا التمهيد ما هو الا لغرض ان نصل سوية الى الربط الاهم وهو كيف تم القبض عليه، وكيف تعاون الناس من داخل حلقاته وخارجها لكشف مكانه لغرض القضاء عليه. 

في المكتب الإداري التابع لبلدية الزرقاء، جلس عبد الله الخلايلة رئيس قسم مجمع الزرقاء، هو أحد أعمام أحمد فضيل الخلايلة. و يتذكر عبد الله الأيام التي قضاها مع أحمد في العمل لاوليفر بقوله: "كنا موظفين في بلدية الزرقاء في قسم الزراعة، كنا نعاني من الأوضاع المادية السيئة جداً، ولم يكن أحمد كما هو الآن". ويستطرد قائلا: " كان الفقر عنوان حياتنا، ولم يقتصر فقط على عائلة أحمد إنما كل عشيرتنا؛ فرواتبنا في تلك الفترة لم تزد عن الـ65 ديناراً، ولك التقدير بأحوال شاب يعيل عائلته بهذا المبلغ".

 يطلب اوليفر صورة لمحدثه، ولكن عبد الله يعتذر..

اسال احد الموجودين في الشارع: اين كان يسكن ابو مصعب الزرقاوي؟ فيقول لي : تعودون الى الشارع وتسيرون الى ......الخ"

انظر الى علي والذي بدوره يغمز لي بعينه ويقول : لو سالتيه عن الطريق الى المستوصف، هل كان سيدبر ارشادك الى مكانه بهذا الوضوح؟"

ضحكت، علي الذي جاء الى الاردن طفلا صغيرا وصار عندهم رجلا، يفكر بعقلين، عقل العراقي وعقل الاردني، ويعرف نفوسهم ايضا، وعندما يتكلم معك مستخدما لهجتهم تخاله من السلط ابا عن جد . ترى هل ستجعل هذه الازدواجية غير المهمة بتفصيلها الواقعي من علي رجل افضل ام ماذا؟!!! ونتجه الى حيث دلنا الاخ الذي سالته في الشارع الى حي معصوم فتواجهنا مقبرة كبيرة، مقبرة منطقة الكسارات ، اذن كان ابو مصعب يصحى وينام على منظر القبور ويامر "ربعه من المجاهدين " بحصاد رقاب المتعاونين مع الاحتلال الامريكي من باعة الفجل والمعدنوس في اسواق الصدرية وجميلة والعورة ومريدي- "عمي يقينا،  لو هكذا الجهاد لو ملازم، لا بد من القضاء على ام ستوري وحمدية ام الطماطة وحسنين ابو اللبلبي لكي لا يزودوا جيش الاحتلال الامريكي بمعلومات لوجستية مهمة كسعر البطاطا والسمك والشلغم"-

الى يسارنا حي معصوم وحي الغويرية أكثر المناطق المعدمة في مدينة الزرقاء المزدحمة بالسكان وبالفقر. وفي حي معصوم هذا وبإحدى مداخله الضيقة المطلة على مقبرة الحي، تسكن غالبية كبيرة من عشيرة الخلايلة، وفي إحدى منافذ الحي يقبع بيت الزرقاوي، الباب الخارجي حديدي وصبغ باللون الازرق الغامق جدا، الفرق الوحيد بين بناية منزل احمد الخلايلة هو انك ما ان اقتربت منه حتى يصير كل من في الشارع ينظر اليك مباشرة ومن غير خجل.

ضربت الباب الحديدي بيدي عدة مرات وخلت نفسي في البيوت الكائنة خلف سوق الكسرة، جاء صوت رجل من الداخل: فش حد في الدار ، اذهبوا حيث اتيتم، لا نريد ان نرى صحفيين.

طلبت من الرجل ان اراه على الاقل، قال انتظري في الخارج نصف ساعة

استدرت لاعود ادراجي الى السيارة حيث الفرسان الثلاثة علاوي واوليفر هارفي والسير ارثر ، يجلسون كالايتام بانتظار ان تعود لهم امهم بالطعام، الا ان احدهم كان يقف خلفي، فزعت وطارت حقيبة يدي وانتشرت الاوراق والاقلام وسائر التفاصيل داخل الحقيبة واستقرت على القارعة المتسخة، نزل علي من السيارة وصار هو والرجل الذي كان سبب فزعي يلمان اغراضي ويعيدانها الى الحقيبة.

قال الرجل: انتو عراكية ، آه ؟

قال علي:  وانتِ يا ابن عمي فلسطيني، مش آه؟ 

ابتسم الشابان لبعضهما وكأن انتمائهما لهذا البلد وشقيقه الجريح مد جسر ود بينهما

ووقفت بينهما اضحك من قدرنا العجيب

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com