قصة قصيرة

حكاية ليلي

غدير رحيم الحلي

هناك في مكان بديع الجمال، قرب الوادي الاخضر، منزل تعيش فيه فتاة تدعى ساندي، تُحِب كلَّ المخلوقات، وكان من أكثر أصدقائها قطة ٌ أسمها  ليلي، ربتها منذُ أن كانت صغيرة واحبتها وعاشت معها، وعندما كبرت أصبحت من أعز أصدقاءها، وفي أحد الأيام كانت ساندي ذاهبةُ لتزور صديقتها العزيزة ليلي، فطرقت الباب كثيراً لكنها لم تجب، فدخلت الى المنزل  فلم تجدها، ووجدت هراً صغيراً حديث الولادة فأدركت أنه أأابن ليلي فجلست بقربه وهي تنظر إلى أبن أعز صديقة لها، وبعد قليل جاءت ليلي

 فقالت لها: أنت هنا كنت ذاهبة لأخبرك بهذا النبأ السار. فقالت لها: مبارك لك يا صديقتي الغالية،ولكن ماذا سوف تسمينه ؟

فاجابتها: لا أعرف، وما الذي تقترحيه أنت ؟

فكرت ساندي ملياً ثم قالت: ما رأيك بجوجو!

فاجأبت: إنه أسم جميل، وعندما أنجب أختاً له سأسميها جيجي، لو أنك تعلمين كم اشتاق إلى إن يكبر جوجو .

فقالت: معك حق وانا أيضاً احب إن أراه يركض أمامنا وكيف يذهب ويزورني معك.

وبدأ جوجو يكبر ويكبر وهو يتعلم كل الأمور الحسنة، وكانت ليلي تحب هذا القط حباً شديداً ولا تتخيل الحياة من دونه، وماكانت بحياتها تضربه بل كانت تحضر كل ما يتخيل أو يطلب، كانت أماً رائعةً حنونةً كأمها لولو .

وذات يوم كان جوجو خارجا ليلعب عند ساندي، وبينما هو يسير لحق به ولد مشاغب يتسلى بقتل الحيوانات، فأمسك بحجر كبير ورما به على رأس جوجو الصغير فشعر جوجو بالدوار وبدأ بالركض وهو يتمايل يميناً ويساراً، فأسرع واختبأ في منزله الصغير الذي صنعته له ساندي حيث مات فيه دون أن يعلم أحد، ثم بينما كانت ساندي تريد تنظيف منزل جوجو، لأنها تعلم أنه كل يوم بهذا الوقت يأتي لعندها، وجدته ممداً على الأرض والدماء تسيل من رأسه فوجئت بما حصل، وأحست بالخوف تجاه ردة فعل ليلي عندما تعلم بالأمر، فقررت أن لا تخبرها وأن تتظاهر بأنها لم تره، فحملت جوجو الصغير وهي تبكي بألم ودفنته قرب منزلها وزينته بالورود وزرعت بقربه النباتات والأزهار الملونة، وبعدها جاءت ليلي وهي تقول: مرحباً ساندي كيف حالك، هل تسليت مع الشقي جوجو ؟

فصمتت ساندي ولم تنطق بأي حرف !

فسالتها ليلي: ما خطبك؟ لماذا لاتتكلمين؟ الم يحسن جوجو التصرف على غير العادة ؟

فأجابتها : لا، لكنني لم أره ظننت أنك لن تبعثيه لي اليوم .

فقالت ليلي: ما الذي  تقولينه يا ساندي أنا أخبرته بأن يأتي، وقد خرج منذ الصباح ولم يعد حتى الان، وتقولين انك لم تريه، يا الهي ما الذي حصل بصغيري؟

فأجابتها ساندي :لا تقلق ِ لابد أنه سيعود، فربما ذهب في رحلة طويلة دون أن يخبرك، فلم يتسع الوقت الكافي له كي يخبرك .

فقالت ليلي لها: لا أظن ذلك ياعزيزتي فليس ذلك من عادته .

وهكذا ظلت ليلي أياماً طويلة تأمل أن يعود ابنها جوجو إلى  حضنها الدافئ، حتى لاحظت صديقتها ساندي بانها تنهار أمام أعينها يوماً بعد يوم وخافت أن تفقدها أيضا، فقالت لها: ليلي إذا سمحت أريد أن أخبرك بأمر مهم يتعلق بجوجو،لكن تعالي معي .

فرحت ليلي لأنها ظنت إن ساندي عثرت على جوجو وهو خائف من أن تغضب أمه منه، فطلب من ساندي أن تخبرها، فأخذتها ساندي إلى قبره ووقفتا أمامه، فسألتها ليلي : والآن يا ساندي أين تخبئين جوجو؟

فأشارت ساندي بأصبعها إلى قبره وقالت : هنا .

نظرت ليلي إلى ساندي وقالت مالذي تعنينه،أهذ ما قصدته عندما قلت أنه ذهب في رحلة طويلة؟

فقالت لها :أنا آسفة حقا لأنني أخفيت عليك هذا الأمر المهم، وأخبرتها بكل ما حصل .

لم تتحمل ليلي هذا الأمر المحزن وبدأت بالبكاء،وفي اليوم التالي ذهبت ساندي لزيارتها لأنها لم تكن بصحة جيدة عندما أخبرتها فأرادت الأطمئنان عليها، لكنها عندما ذهبت وجدتها ميتة ملقاةَ على الأرض وقد تركت لها رسالة تقول فيها:

صديقتي الغالية إنًّ خبر موت جوجو كان مؤلماً فلم اتحمله وأنا أشعر بأن الموت اقترب مني وأرجوا أن نبقى اصدقاء حتى بعد موتي، وأنا قد اشتقت إلى جوجو وأريد رؤيته، وهذا الحل الوحيد، لذلك لم آخذ الدواء التي أعطيتني إياه، وداعا يا صديقتي العزيزة لن انساك ابداً وساشتاق لك، وانا أريد منك تدفنيني قرب قبر جوجو إذا سمحت .

فبدأت ساندي بالبكاء، وأخذتها ودفنتها قرب جوجو، وقالت لها:

 سوف نبقى أصدقاء بالتأكيد وأنا بالحياة وأنتِ بالموت، أنتِ الآن ياصديقتي حيث تريدين مع ابنك جوجو، فنامي بهدوء .   

هكذا حصلت ليلي على ما تريد فجوجو الآن يجلس في حضنها الدافئ وكل من تحب مازل عالقاً في ذهنها،و تذكر اللحظات التي عاشتها معه، وحتى لو تركت الواقع والحياة فهي ماتزال حية في قلب ساندي وذاكرتها. 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com