قصة قصيرة

كيف تعدم اربع مرات في يوم واحد!!

 

 الدكتور محسن الصفار  

ذهب سعيد الى مؤسسة الكهرباء  لكي يتابع طلب وصل كهرباء لبيته الجديد وكانت هذه هي المرة العاشرة التي يراجع فيها دون الحصول على جواب معين لطلبه فتارة يقال له ممكن وتارة أخرى غير ممكن لأسباب تقنية !ويوم المدير مجاز ويوم آخر المهندس مجاز !!!.

في ذلك اليوم قرر أن يحسم هذا الأمر بأي طريقة  فلم يعد بإستطاعته أن يحصل على إجازات زمنية لمتابعة الطلب وبدأ المدير ينظر إليه شزراً كلما راجع بطلب إجازة زمنية وآخر مرة قال له:

- أخي ما شاء الله إنت كل يوم مجاز! شنو رأيك تحدد الأيام اللي تريد تشغل بيها حتى نغير دوام الدائرة على مزاجك؟!!

بلعها سعيد وهو يقول في سره أمري لله إن شاء الله تفرج قريباً.

وصل سعيد الى مؤسسة الكهرباء وهو عازم ان يحسم امر هذا الطلب اليوم باي ثمن  دخل وذهب الى الطابق الثاني حيث غرفة المدير فوجد الفرّاش يقف أمام الباب كي يمنع أي احد من الدخول فخاطبه سعيد:

- لو سمحت أخي إبتعد شويه حتى أقدر أدخل.

أجابه الفرّاش مستهزئاً:

- ليش عيني شايفني خراعة خضرة؟ واقف هنا أشم هوا؟ لو يجوز واقف أنتظر جنابك حتى أفتح لك الطريقّ؟

- والله انت حر شتريد تسوّي سوّي بس إفسح لي المجال لاني مستعجل  وحاول إزاحته عن الطريق برفق

إنتفض الفرّاش وأخذ يصرخ:

- هاي شنو تمد ايدك عليّه؟ تريد تضربني؟ يا ناس تعالوا شوفو!!

- يا اخي أني ما مديت ايدي عليك بس حاولت أفسح الطريق

- ها أني يعني قاطع طريق!! هم تضربني هم تتهم عليّه ؟

وبدأ صوته وصراخه يعلو وبدأ الناس يتجمعون حولهم وهنا خرج المدير  من غرفته وسأل:

- هاي شكو هنا؟ شصاير؟

بادر الفرّاش بسرعة بالقول:

- أستاذ اني واقف على الباب بامان الله, الأستاذ إجا يدخل قلت  له بكل أدب وإحترام لو سمحت إنتظر لحظة حتى أستأذن من الأستاذ!! دفعني وضربني وشتمني وقال  حذائي عليك وعلى المدير!!!

جنّ سعيد وطار صوابه من هذا الكذب فقال:

- يا أخي ليش تكذب؟ حرام عليك اني ما سبيتك ولا ضربتك ولا شتمت الأستاذ!

تظاهر الفرّاش بالبكاء وخاطب المدير قائلاً :

-  شتم حضرتك استاذ وانت رئيس الدائرة, يعني إهانتك إهانة للسيد المدير العام شخصياً أي أستاذ لعد شلون!!

أجابه المدير:

- اي معك حق والله واحنا ما نرضى إن السيد المدير العام ينهان إتصل بالشرطة خلي يجون ياخذوه

أخذ سعيد يتوسل ويقول للفرّاش:

- يا عمي هاي راسك ابوسها وإعتذر الك انت والأستاذ المدير والسيد المدير العام  دخيلكم ما ظل غير تقولون اني سبيت السيد الوزير شخصياً!!

وحاول الضحك لتلطيف الجو المتشنج ولكنه أدرك خطأه عندما لاحظ النظرة الرهيبة على وجه المدير الذي قال بصراخ:

- يا كلب يا حيوان انت تستهزأ بالسيد الوزير وتنكت عليه؟ لا يا قذر يا حقير يا....

وفي هذه الأثناء وصل رجال الشرطة وسأل أحدهم المدير:

- خير أخي شصاير؟ شنو المشكلة؟

أجابه المدير:

- هذا المراجع داخل الدائرة وتهجم على الفرّاش وعليّ شخصياً وسبّ المدير العام وإستهزأ بالسيد الوزير!!

قفز  سعيد وسط كلامه وقال:

- سيدي والله كذب اني لا سبيت ولا تهجمت ولا قلت أي شي.

نهره الضابط قائلاً:

- إخرس يا كلب اني أعرف شلون أربيك إذا أهلك ما عرفوا يربوك يا سافل!!

 إقتاد رجال الشرطة سعيد الى المخفر مكبلاً ووصلوا الى هناك حيث رموه بالزنزانة مع بقية المجرمين واللصوص جلس سعيد وهو يدعو ويصلي أن يفرج الله عنه هذه المصيبة التي وقع بها سأله احد الموقوفين:

- ليش جابوك هنا؟

- والله حاولت أدخل من الباب!!

- انت غشيم؟ اكو واحد  حرامي يدخل من الباب ليش ما فتت من الشباك؟

- اني مو حرامي أخي اني ردت أفوت على مدير الكهرباء بس منعوني و..

إنتفض اللص ورجع خطوة للوراء وقال:

- ها انت مخرّب!! ردت تغتال المدير!! يا جماعة طلعوه من هنا قبل ما يجيب لنا مصيبة!! احنا ناس حرامية على باب الله ما إلنا دخل بالسياسة!

وفجأة نهض جميع الموقوفين وتجمعوا حوله وإنهالوا عليه ضرباً وهم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا رئيس حتى سالت دماءه وتكسرت عظامه ورجال الشرطة يتفرجون ويضحكون حتى إذا أغمي عليه فتحوا الباب ودخلوا وأخرجوه وهو يترنح وإقتادوه الى غرفة الضابط الذي كان يتكلم بالهاتف ويقول بحماسة :

- نعم سيدي مخرّب كمشناه وهو يحاول يعتدي على مدير إحدى الدوائر الرسمية ولما كمشناه بدأ يطلق شعارات سياسية ويشتم السادة المسؤولين!!

حاول سعيد أن يقول شيئاً ولكن قواه خانته وسقط أرضاً ولكنه سمع صوت الضابط يقول:

- يا عريف إتصل بالمخابرات العامة خلّي ياخدوه وهمّه يعرفون شغلهم وياّه.

إستيقظ سعيد فوجد نفسه في غرفة مظلمة وضوء قوي مسلط عليه حتى كاد يعمي عينيه وهو مقيد الى كرسي وفجاة سمع صوتاً يخاطبه ويقول:

- ها صحيت يا مخرب يا جبان يا عميل يا قذر يا ابن..........

-  سيدي اني مو عميل اني موظف محترم وخريج وجيولوجي

- ولك تتباهى بعشيرتك جيولوجي!! أنا ما أخاف اني بعد خفاجي!!

حاول سعيد أن يفهمه معنى جيولوجي ولكنه قرر أن لا يفعل إذ يبدوا أن كل ما يقوله يزيد سوءاً وإكتفى بالقول:

- والنعم سيدي

- أريدك تعترف منين جبت المتفجرت اللي كنت تريد تفجر بها مؤسسة الكهرباء؟

- يا متفجرات؟

- ولك كلب حقير لا تحاول تكذّب عليّه اني أمثالك عاجنهم وخابزهم وراس السيد الرئيس لا أخليك تعترف بكل شي! منو رئيس التنظيم مالك؟

- التنظيم السكاني ؟

- يا سكاني؟؟ ياحيوان التنظيم الإرهابي اللي انت عضو بيه 

- سيدي أنا مو  عضو بأي شي لا تنظيم ولا حزب حتى المسبح ردت أصير عضو بيه بعدين بطّلت!!!

- ها انت عضو بتنظيم إسمه السرّي المسبح؟

- سيدي يا سرّي  يا علني؟ مسبح! سباحة! ماي !طش طش !! وأخذ يقلد صوت الماء بيأس وعصبية

- ها يعني انتو تنظيمكم يريد يسوي عمليات برمائية وأكيد مقركم الأصلي بالأهوار فهمت عليك يا مخرب يا كلب.

- سيدي يا أهوار يا برمائية؟ اني رجاّل مسكين ما دخلني بالسياسة

- كذاّب ومخرّب وراح تشوف مصيرك

وصرخ قائلاً

- يا عريف ابدى التعذيب الى أن يعترف بكل شي.

 وقّع سعيد على كمية من الأوراق لم يعرف حتى مضمونها فقط كي يتخلص من التعذيب والإهانة بعد أن أخذت منه الخوازيق كل مأخذ وألقى به في الزنزانه حتى موعد محاكمته أمام محاكم الثورة

مرت الأيام لم يعرف سعيد عددها وفي يوم جاءه الحرس بعد وقال له أحدهم

- قوم يالله على المحكمة

إقتادوه الى قاعة المحكمة حيث جلس رجل في الوسط هو القاضي وآخر هو المدعي العام تلفت سعيد حوله فلم يجد اثرا لاي محامي يدافع عنه نهض المدعي العام  وبدأ يقرأ من الورقة:

- أنه وبعد التحقق من كل البيانات الواردة فقد تبين أن المخرّب المجرم سعيد فريد حميد كان يخطط لتفجير المؤسسة العامة للكهرباء كي يحرم المواطنين من نعمة النور وكذلك كان يخطط لاغتيال عدد من المسؤولين ومنهم السيد وزير الكهرباء شخصياً وقد أقرّ المتهم بكل التهم المنسوبة إليه بكامل إرادته وبدون أي ضغوط !!!

سأله القاضي:

- عندك دفاع؟

هم سعيد بالكلام وقال:

- سيدي اني..

فأحس بالجندي ورائه يضربه بكعب البندقية ويقول له

- إخرس يا حيوان

وهنا قال القاضي:

- بما ان المتهم قد قبل جميع التهم المنسوبة إليه فقد حكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت وليخسأ الخاسئون ويحيا السيد الرئيس.

أغمي على سعيد من هول الصدمة ولما أفاق وجد نفسه على منصة الاعدام وأحد الجلادين يلبسه كيساً أسود ويضع حبلاً حول عنقه, نطق بالشهادتين في سره إذ أن صوته كان قد إختفى وكان آخر ما سمعه هو نفّذ  .هوت الكوة وتدلى منها سعيد معلقاً بحبل المشنقة

أحس سعيد أنه يسمع أصواتاً فخيل له أنه قد مات وهذه أصوات منكر ونكير ملائكة القبر ولكنه أحس أنهم ليسوا كذلك عندما سمعهم يسبون ويشتمون

- ها لإيا ابن ال... مثل القط عنده سبع أرواح ما مات بحبل المشنقة اني صرت عادم الآلاف المخربين هاي أول مرة تصير وياي إذا المسؤول عرف راح تصير مصيبة سمعتي كلها راح تروح بشربة ماي.

فرد عليه زميله

- لا تخاف نحطّه في حفرة  وندفنه ونخلص منّه

حمله الرجلان وخرجا من الباب الخلفي ووضعاه في صندوق السيارة وذهبا الى الصحراء وحفروا حفرة ووضعاه فيها وبدا  بدفنه عندما قال أحدهما للآخر:

- إفرض واحد عثر عليه تصير مشكلة

- والعمل؟

- خلينه ندير عليه بنزين ونحرقه حتى ما أحد يتعرف عليه إذا عثر عليه بالصدفة

- فكرة جيدة بارك الله بيك!!!

سكبا عليه البنزين وأشعلا النار وهما يضحكان

وكأن النار ولهيبها أعطيا سعيد قوة فجأة نهض من الحفرة وأخذ يركض في الصحراء والنار مشتعلة فيه ويصرخ

أخرج الرجلان مسدساتهما وأخذا يطلقان عليه النار حتى خرّ صريعاً ومضرجاً بدمائه التي إختلطت بالنار والبنزين والتراب .

 وهكذا أُعدم سعيد شنقاً  ودفن حيا وحرقاً ورمياً بالرصاص بعد ن أكل حوازيق المخابرات لأنه دفع الفراّش في مؤسسة الكهرباء!!

 * هذه القصة واحداثها خيالية ولاتمت باي صلة لاي بلد عربي واي شبه بين احداثها مع مئات الالاف من الاشخاص الاخرين هو محض صدفة لا اكثر !!! 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com