قصة قصيرة

بائــع العـلكــة


سحر حمزة

أحبتي،,أصحاب القلوب الرحيمة،,التي تشفق لطفل بكى من جوع، ودم هدر بظلم، وحال ساء لإهمال كبير,,تعلمون جميعاً أن الفقر واليتم،والحرمان،,قد يؤثر في كثير من الأسر والأطفال،,وقد يؤدي لسلوكيات مرفوضة في مجتمعنا،,وكلنا نرى في شوارع وطننا العربية طرق عديدة من أنماط السلوك التي تسيء لنا كعرب ومسلمين شعارنا التكافل الإجتماعي والإيثار ومساعدة المحتاجين، في حكايتنا اليوم قصة لطفل حاول أن يكسب رزقه بعيش كريم،وحاول أن يتحمل مسؤولية اسرته، لكنه ضاع بين الإزقة،,فهل سنكون رسل لإيصال حكاية سامي للمجتمع أم سنقرأها ونعبر عنها مر الكرام،,,تعالوا نتابع قصة سامي الذي بدأ صباحه كالعادة يجول الشوارع ، والأزقة بين الدكاكين ، يبيع تجارته الرخيصة ويحاول أن يجمع قيمة ما يحمله من العلكة ، ليشتري بها قوت أمه وافراد أسرته،,كان يحمل حبات العلكة في صندوق صغير هو أشبه بدمية بعلبة سحرية،,تتلون بالبالونات وصور الفتيات الصغيرات وقد خرج من فم كل واحدة بالون من علكته المتواضعة،, ، سامي مثل أطفال العالم يحب اللعب فهو ما زال طفلاً لم يتجاوز الثانية من عمره ، كان الذي يبيع العلكة في سوق إزدحم بالمارة والتجار ، لم يكن مهتماً للإزدحام في حركة المروروالسيارات ، وولم يابه للإصطدام بعشرات المنهكين مثله من يلهثون وراء أعمالهم ، كان همه الوحيد عرض ما يحمل من بضاعة هي أغلى عليه من كنوز الأرض ، وحتى من الذهب ،...الغالي الثمن ، غنى عبر الدروب كلها،,ورقص أمام بوابات المدارس،,وعند المراكز ، وصندوقه المتواضع ما زال ممتلأً,,,بدأ يشعر بالتعب لكنه أبى إلا أن يواصل عمله،,حتى إنتصف النهار ، وارتفعت درجة الحرارة ، ينظر فينة للأفق،,وتلفح جبهته العالية،,نسمات الهواء الساخن،,ويعود ينادي،,علكة،,علكة،,علكة،,,لم يأبه له أحد،,وسطعت الشمس بأشعتها،,,ازدادت حرارة الجو إرتفاعاً،,لكنه ما زال يحتفظ بحبات العلكة كما هي ، لم ينقص منها سوى واحدة ، تناولها بعد شعوره بالجوع الذي كان يؤلم معدته ، رغم ذلك لم يدخل اليأس وجدانه ، ولم يفتر من اندفاعه,,,فراودته فكرة قد تنقذه وتساعده في بيع العلكة،,فقرر أن يمشي حتى يصل مجمع السفريات ، حيث المسافرين الذين تعج بهم الشوارع،,أمام الحافلات من كافة المناطق والذين يأتون للعاصمة مشتاقين للشراءوجيوبهم ممتلئة،,ليسوا كفقراء منطقته وحارته المتواضعة،,, ، شاهد الناس تحمل معها أكياساً مليئة بما لذ وطاب من الأطعمة ، والحلويات ، والفاكهة التي نسي بعض أشكالها منذ زمن مضى،حين كان والده موجود،,وكان هو يذهب للمدرسة،,وينتظر أمه وهي تحضر طعام الغذاء مثله كباقي أطفال العالم،,.وما بين خياله الواسع والمشهد الذي أسدلت عنه الستارة من حياته،,,نظر إلى العلكة مره أخرى ، وقال في نفسه : ماذا بها ، إنها ألذ مما يحملون ، وأغلى مما يملكون ، ووقف في منطقة مكشوفة وسط المجمع ، وصار ينادي : علكة ، علكة ، حبه بخمس قروش وثلاثة بعشرة ، علكة ، علكة ، علكة بالنعناع الطيب ، كان صوته ضائعاً بين أصوات العابرين ، " وزوامير " الحافلات ، والسيارات ، وبدأ يشعر باليأس ، والاختناق فقال في نفسه : لمذا هذا الحظ السيء ؟ كيف سأعود لأمي وهي تنتظر بعض القروش ؟ من أين سأشتري الخبز الذي ينتظره أخوتي الجياع ؟ وجلس على ناصية الشارع واضعاً يده على خده صامتاً ، مذهولاً ،,,,وقد بدى منهكاً،,متشرداً حتى بدأ المساء يسدل بخيوطه الضبابية على المكان،,والعلكة ما زالت في يده،,محتاراً بأمره،,لا يدري أين يمضي،,فجأة هي دقائق من التفكير والحيرة،, استيقظ من شروده العميق،,,ليشاهد أمامه رجلين عملاقين يرتديان الزي العسكري ،,,يزجرانه بصوت عنيف،,يا ولد ماذا تفعل هنا،, حاول أن يقف ليرد عليهما،,فلم يجد نفسه إلا بين يديه وهما يقولان بإستهتار وسخرية،,ها قد أمسكنا بك يا ولد منذ أيام ونحن نبحث عنك ، فقال سامي بهلع أنا,,هاها أنا,, أنا’..وأكمل لماذا ؟ فصرخ به أحدهما : أصمت ،ألم تسمع بحملات التسول،,وبخطورة ما تقوم به،,أليس لك أهل،,أين أبوك،,,صمت سامي ثم صرخ،,أبي مات منذ زمن،,انا أبيع العلكة كي أحضر لأهلي الطعام بعد أبي،,,ضحك منه الشرطيان وقالا له ::أنت صيد ثمين،,, أنك موقوف بسبب هذه التجارة الباخسة ، يجب أن تبقى في ملجأ الأطفال بدل التشرد،,والتسول والكذب،,,، أنا لا أتسول،,والله لا أتسول،,أتركاني،,أتركاني،,,، أنا لي أم وأخوة جياع ، ينتظرونني في المساء ، أنا وحدي من سيطعمهم ، أرجوكم دعوني ، لست المقصود،,لم يستمعا له،,وبقي يصرخ،,حتى دوى صراخه في المجمع الذي يعج بأصناف مختلفه من البشرالتي عبرت أما سيارة الشرطة،,كأن شيء لم يحدث،, غيرمكترثة بنداءات الصغير واستغاثته ، وزج سامي في سيارة " الجيب " ، وضاع صوته بين ضجيج السيارات والحافلات،وبين متاهات وإجراءات مختلفة،,لحين عودته لأمه ولأسرته.

أحبتي في مجتمعنا العربي الكبير المعطاء قصص وحكايا مثل قصة سامي،هل يترى ستجد مشكلة سامي حلاً جذرياً ليكون مثل غيره،,ينعم بالآمان الأقتصادي ويحقق له التكافل الإجتماعي


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com