النـــــور الذي فقدت .....

الكــاتب أدي كن

ترجمة علي محسن حساني

كنت واقفا وسط دهليز مظلم عندما طرق سمعي الصوت الناعم اللامبالي  من الصالة :( اين انت ؟ تعال هنا) عندها هرعت نحو هذا الصوت الملائكي ولدهشتي ظهرت من وسط العتمة فتاة ذات عينين جميلتين متلألأتين كادتا تنتزعان روحي من جسدي لفرط جمالهما . وكقديس رفعت يدها ووضعتها فوق كتفي ثم قالت : ( اتبعني وسوف أنير لك دربك طول حياتك، وسأكون لك دوما) . اختفت بعدها بلمح البصر قبل أن تصدر عني أية استجابة فخلفتني وحيدا في الظلام كحالي قبل مجيئها . لكنني ، لجزعي ، صرت أركض في الصالة باحثا عنها دون جدوى . فجأة ، أحسست بضربة عنيفة مؤلمة سددت لوجهي وأنتقل تأثيرها الى جسدي كله وأحسست كما لو أنني علقت من أنفي الى هاوية . ويمكنني أن أحس الدم يتدفق منه بغزارة وكان المي عظيما . لم تكن لدي فكرة واضحة عن الشئ الذي أرتطمت به في الظلام ، فقد يكون الجدار هو الذي هشم أنفي وقد يكون أحد مقتنيات المنزل ومع ذلك فقد كان همي كله أن أجدها اذ كانت بالنسبة لي حينذاك ، الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من ادراك النور ثانية . ولهذا السبب ، استمر بحثي عنها ، عن هذا الشئ المبهم الذي داهم ظلمتي بنوره ثم اختفى قبل أن يزيلها بل انه زاد من فوضى روحي واضطرابها . لقد كنت جاهلا تماما ، وغير متأكد ان كانت أملا كاذبا أم شكا في محله وكان هذا الشغف الحبيس ، لسبب لاأعرفه ، يحترق في داخلي .

ثم برزت من جديد ، وسط هذا الاضطراب ، عيناها ، لكنها كانت هذه المرة مختلفة كما لو كانتا عيني شيطان وصوتها المفعم بالغضب والكراهية وهي تصعقني بسؤالها : ( مالذي تبحث عنه ؟ كبش فداء جديد ؟ ضحية جديدة ؟ ) عندها تراجعت وصرخت متجاهلا سطوة جمالها : ( لا .. اني أبحث عن النور الذي فقدته وبقيت بعده في ظلام دامس ) أجابت : ( ما أبعدك عنه . وهل تستحق النور بعد كل أثامك وشهواتك ؟ أنت لن ترى النور أبدا ) . وتلاشت بعد أن سمعت منها ضحكة بشعة زادت من وحشة المكان .

وقعت على الارض كمن أصابه دوار غارقا بدمي الذي نزفته ، بثقل الحقيقة ومرارتها .

لم أعرف كم من الوقت انقضى قبل استفاقتي ، قد يكون ساعات ، أيام ، أو سنين .. ومهما يكن الامر فلا زلت قابعا في الظلمة الحالكة أعرج اذا انتقلت من مكان لاخر مجسدا في حالي هذا نسخة متهالكة متهرئة لشخص كنته عارفا تمام المعرفة بأني سأموت قبل أن أرى النور ....