قصة قصيرة

الزوجات الاربع ......

علـي محسن حسانـي

كان لتاجر غني أربع زوجات . وكان هذا التاجر يحب زوجته الرابعة أكثر من زوجاته الاخريات ، فهو يخلع عليها أجمل الحلل والملابس ولا يبخل عليها بالعطف والاهتمام أبدا .

وكان أيضا ، يحب زوجته الثالثة حبا جما ، ويفخر بها أشد الفخر أمام أصدقائه ومنافسيه بالرغم من خوفه الدائم من انها قد تتركه يوما وتهرب الى رجل أخر !

أما الزوجة الثانية ، فكان يحبها لانه يعرف تمام المعرفة بأنها مستودع أسراره والمنقذ له من كل مشكلة يقع فيها ولنصحها ومساعدتها له في الاوقات الصعبة .

لكن الزوجة الاولى كانت أكثرهن ولاءا واخلاصا للتاجر والاحرص بينهن على ثروته وتجارته وممتلكاته مع انه لم يكن يحبها أو يعتني بها .

وفي أحد الايام ، مرض التاجر مرضا شديدا أيقن منه بدنو أجله . فجلس مع نفسه يفكر بحياته الماضية والمسرات التي عاشها وقال لنفسه : " أنا أمتلك أربع زوجات ، وبعد موتي سأكون وحيدا ". وصار يخاف من هذا الهاجس فأرسل في طلب زوجته الرابعة ، الاثيرة لديه ، وقال لها : " لطالما أحببتك وفضلتك على زوجاتي الاخريات . فأذا مت هل ستأتين معي الى الدار الاخرة ؟!" قالت لا وتركته .

أحس التاجر كما لو أن جوابها شطر قلبه بسكين حاد وأرسل في طلب زوجته الثالثة وسألها :" هلا رافقتني يا زوجتي الحبيبة بعد موتي ودفني ؟" لكنها أجابت :" طبعا لا ، فالحياة جميلة وليس بوسعي تركها وسوف اتزوج ثانية بعد موتك !"

وكان هذا الجواب أشد وقعا عليه من سابقه .

أضطر التاجر الحزين أن يتوجه الى زوجته الثانية بطلبه وتوسل اليها أن لا تتجاهله وهي التي وقفت معه في كل صغيرة وكبيرة ، الا أن جوابها كان مخيبا أيضا :" ليس بوسعي أكثر من مرافقتي اياك الى القبر وبعدها سنفترق ."

لم يتحمل التاجر المحتضر خيبة أمله بزوجاته الاثيرات وأجهش بالبكاء حتى قطع عليه وحدته صوت قريب منه قال له :" أنا سأرحل معك وأرافقك حيثما صرت ولن أتخلى عنك بأي حال ". عندها رفع التاجر رأسه فوجد زوجته الاولى بالقرب منه وكانت هزيلة عجفاء يحسب من يراها أنها مصابة بسوء التغذية من فرط اهماله لها ، فلم تزده الا هما على هم وحزنا على حزن وقال لها :" أنت من يحتاج الى العناية ولست أنا ، فما الفائدة من مجيئك معي ؟!".

هل عرفتم من هي تلك الزوجات ؟

في الحقيقة ان لكل أمرئ منا أربع زوجات :

فالزوجة الرابعة هي أجسامنا التي مهما بذلنا من جهد في تنميتها واظهارها بمظهر لائق ، سوف تفارقنا بعد أن نموت .

والزوجة الثالثة هي ممتلكاتنا وثرواتنا التي ستنتقل الى الاخرين بعدنا .

والزوجة الثانية هي أهلنا وأصدقاؤنا وكل ما يستطيعون فعله تجاهنا بعد موتنا هو ايداعنا القبر .

أما الزوجة الاولى ، فهي الروح ، روحنا التي أهملنا صقلها وتغذيتها وهي الحقيقة الوحيدة الباقية معنا أينما أنتقلنا ومهما طال السفر ....

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com